الغوراني

الغوراني
قرأت أن وجهاء الأغوار في الكرك، قد اجتمعوا انتصاراً لابنة لهم في مجلس النواب.

تلك منطقة لم تقرأ جيداً من الدولة أبداً، فهم بحاجة لقراءة عميقة ومتأنية جيداً كي تفهم كفاح هؤلاء الناس، والتحولات الاجتماعية التي طرأت عليهم.. والتي غيرت من وجه المنطقة وهويتها.

(الغوراني) الكركي تاريخياً، هو الشخص المرتبط بالأرض، والذي يفني حياته في الزراعة والرضا، وهو الذي يكتفي بالأغوار كمولد وكمستقر، والزراعة هي عنوانه، ومسار حياته.. لكن (الغوراني) في الكرك تغير تماماً.. فهو لم يعد ذلك المزارع البسيط، المهمش أحياناً.. والبعيد عن خطط التنمية، والمنسي في ملفات الدولة ووثائقها.

الغوراني الآن هو الطبيب والمهندس، هو المستثمر والقاضي، وهو أستاذ الجامعة... وهو الذي انتزع مكانته في المجتمع، بكفاحه ونضاله.. وبإقباله على العلم، لم ينتظر الدولة أن تنصفه، ولم ينتظر خطط التنمية أن تأتيه بل سارع... للاستثمار في تعليم أولاده، لهذا فحين تنظر إلى هذه الفئة تشعر بالإعجاب، وتشعر بأنهم حفروا حضورهم ووجودهم في الصخر ولا يحتاجون منة من أحد.

نظرة واحدة لأخي (سعد العشوش) الكركي وابن الأغوار الجنوبية والذي يعمل في الهيئة المستقلة للانتخاب، نظرة لأخلاقه وتفانيه، وتطوره في الوظيفة العامة وحجم الاحترام الذي يحظى به في مجتمع عمان والنخبة، تجعلك توقن بأن هؤلاء الناس أنقياء بالفطرة، وإرادتهم تشبه الصوان..

ربما يسجل للنائب الراحل (محمود هويمل)، الذي كان أول وزير (غوراني) في حكومة عبد الكريم الكباريتي، بعض الفضل.. في انتزاع هؤلاء الناس من نمط حياة واحد وإخراجهم لفضاءات الدولة، وللتطور المنطقي في الوظيفة والحياة.

(الغوارنة) قصة نجاح حقيقية في الدولة، وقصة كرامة.. والأهم أنهم قصة الصبر النقي غير المزيف، البعيد عن العنتريات.. عن الفوقية، وعن العصبيات القبلية... وهم يستحقون أن ترفع لهم القبعة..

أتشرف بأن أكتب عن إخوتي (الغوارنة) ولهم.. فالله وحده يعرف، كم تنتج قلوب هؤلاء الناس من الحب، والله وحده يعرف... أنهم الأنقى بيننا، وأنهم أهل الرضا وسادته.


تابعوا الوقائع على