ناقوس خطر يدق حيال تنامي قضايا العنف ضد النساء والأطفال
الوقائع الاخبارية :تعكس ارقام حالات العنف والاعتداءات والتحرش خلال العام الحالي، التي وصلت الى عشرة الاف و527 حالة، وفق ما كشف عنه امس الاول مدير ادارة حماية الاسرة العقيد فخري القطارنة، واقعاً تعيشه نساء واطفال ممن يتعرضون للعنف بشتى اشكاله.
ورغم تفسيرات القطارنة لهذا العدد من الحالات التي تعاملت معها الادارة منذ بداية العام الجاري، والتي مفادها زيادة الوعي الاجتماعي لدى هذه الفئات بالعنف واشكاله وكسر حاجز الصمت من قبلهم والتبليغ عن ما يتعرضون اليه هم ومن يكتشف حالات عنف اخرى، الا ان هذا العدد من الحالات بات يدق ناقوس الخطر حيال تنامي قضية العنف وخاصة الموجه ضد الاطفال.
وكشفت احصائيات الادارة ان هناك 1196 حالة عنف جنسي بدءا من التحرش ووصولا للاعتداءات الجنسية، وهو عدد كبير لاطفال او نساء يتعرضون لمثل هذا العنف، وتضمنت هذه القضايا حالات للتحرش الجنسي لا تقل خطورتها وتأثيراتها عن الاعتداءات الجنسية خاصة للاطفال.
القطارنة اكد خلال مؤتمر صحفي عقد امس الاول اهمية دور الاسرة في الرعاية والمتابعة خاصة وان تحديد سلوكيات الاطفال والافراد يبدأ من داخلها، الا ان واقع الحال وتعرض اطفال لتحرشات جنسية لا يزال مستمرا في ظل تراخي دور الاسرة.
وتدلل كثير من الصور والمشاهدات على الاهمال والتراخي في الرعاية والمراقبة الاسرية، فاطفال في الشوارع لاسباب مختلفة كاللعب أو التسول.. الخ، لتأتي نتائج هذا الامر وخيمة عليهم، اذ يتعرضون لتحرشات جنسية من اخرين دون ان يتمكنوا من الافصاح عن الامر، ودون ان تتمكن الاسرة من ملاحظة ما تعرضوا اليه، وفي حال اكتشافه يكون الطفل قد مر بتجربة نفسية وجسدية سيئة.
اخصائية التربية وعلم النفس، أروى زيادة، اكدت خطورة هذه القضية بالمجتمع كونها تتعلق بحياة وتطور الاطفال بشكل كبير.
واضافت: «لا تزال هناك مفاهيم اجتماعية سائدة عند عدد من الاسر وخاصة بالاحياء الشعبية حول تربية الاطفال وضرورة اعتمادهم على انفسهم بتركهم بالشوارع لفترات طويلة او ارسالهم الى المحلات التجارية او المطاعم بمفردهم لشراء احتياجات الاسرة، مما يعني على ارض الواقع تعريض الطفل لمخاطر عدة منها التحرشات الجنسية».
واشارت زيادة الى ان الطفل في هذا العمر لا يستطيع التمييز بين الصواب والخطأ، وما ان تعرض لأي تحرش جنسي قد لا يتوقف كثيرا امامه، خاصة اذا كان الجاني ينتهج معه اساليب اخرى كالعطف او تقديم الحلوى وما شابه، كما انه قد يشعر بالخوف تحت وطأة تهديد من يقوم بهذا السلوك، فيلتزم الصمت ويبقى يعاني الى ان تكتشف اسرته هذا الامر الذي قد يحدث وقد لا يحدث بسبب جهل بعض الامهات او انشغالهن بامور اخرى لا تجعلهن يراقبن اطفالهن.
وبينت ان الطفل الذي يتعرض لمثل هذا الامر يبدأ بالشعور بالوحدة والانطوائية وقد يمتنع عن تناول الطعام ويضعف جسده اضافة الى تراجعه بالتحصيل المدرسي، وفي بعض الحالات يصبح اكثر عدوانية عن السابق، مشيرة الى ان هذه الاعراض قد يرافقها ايضا امراض اخرى تصيب الطفل، داعية الاسر لملاحظة اي تغيرات قد تطرأ على الطفل خاصة وان بعض الاسر لا تستطيع ايجاد سبب واضح لتغير سلوك اطفالها وتتجنب التفكير عما اذا تعرض الطفل لأي تحرش جنسي.
واكدت زيادة ان وجود هذا العدد من الحالات التي تعاملت معها الجهات المعنية من تحرش واعتداءات جنسية اصبح يتطلب اعادة التفكير بدور الاسرة والعمل على التوعية المجتمعية والاسرية حيال هذا الامر خاصة بالنسبة للامهات ودورهن في رعاية الاطفال.
وتشير احصائيات ادارة حماية الاسرة الى انه تم خلال العام الحالي التعامل مع 226 حالة عنف للاطفال، ما يعتبر مؤشراً على اسلوب تتبعه اسر عديدة مع اطفالها من خلال العنف الجسدي الذي يترك اثارا سلبية على حياتهم.
ويرى اخصائيون اجتماعيون ان تراخي دور الاسرة بالرعاية والمراقبة في تنامي مستمر، فقد اصبح الوالدين اكثر انشغالا عن ابنائهم وبناتهم ويفتقدون لغة الحوار معهم علاوة على سلوكيات خاطئة يرتكبونها بترك الاطفال بمفردهم سواء بارسالهم الى المحلات التجارية بمفردهم او اللعب بالشوارع لفترات طويلة.
واشاروا الى ان التحرشات الجنسية قد تحدث للطفل في مراحل الطفولة المبكرة حيث يستغل الجاني ضعف هؤلاء الاطفال وعدم وعيهم وعدم قدرتهم عن الافصاح لما يتعرضون اليه فيستمرون بهذه السلوكيات البشعة التي تترك اثارا سلبية على صحة الطفل النفسية والبدنية والفكرية.
وبالمحصلة فان التعامل مع 1196 حالة تحرش واعتداءات خلال العام الحالي رقم يستحق التوقف عنده، واعادة التركيز على البرامج التوعوية والاسرية التي لا تقف فقط عند حدود الاسر بالاحياء الشعبية، فغياب الرقابة والمتابعة الاسرية قد طال غالبية الاسر التي استبدلت الحوار وتعزيز الثقة بينها وبين ابنائها بالغياب الفكري والجسدي مع اختلاف انماط الاهمال وضعف الرقابة، فخروج الاطفال بمفردهم وتركهم مع الاخرين دون رقابة ورعاية ومتابعة سيصل بهم في نهاية المطاف الى التعرض لموقف تحرش قد يغير مسار حياتهم الى الأبد.