التخصصات المشبعة تفاقم الفجوة بين التعليم والعمل
الوقائع الإخبارية: بعد إعلان مجلس التعليم العالي قبوله 58125 طالباً وطالبة في الجامعات الرسمية للعام الجامعي الحالي، جدد خبراء وتقارير منظمات مجتمع مدني التحذير من استمرار مشكلة تتفاقم عاما بعد عام، تتمثل في اتساع الفجوة بين مخرجات التعليم الجامعي وحاجات سوق العمل في ظل استمرار الاقبال على دراسة التخصصات المشبعة في الجامعات والتي لا يجد خريجوها عملا بعد تخرجهم.
ومع تكرار تأكيد هؤلاء بضرورة الابتعاد عن بعض التخصصات خاصة العلوم الإنسانية والطبية، فإن الاقبال عليها "ما يزال كبيرا بموازاة رفض الانخراط في برامج التدريب المهني، وهو ما يعزى الى عدة أسباب أهمها النظرة المجتمعية لهذا النوع من التخصصات وما توفره هذه التخصصات من شروط عمل لائق في حال الالتحاق بها.
مدير المرصد العمالي الأردني احمد عوض يؤكد انه في الوقت الذي تزيد أعداد طالبي الوظائف من خريجي النظام التعليم الأردني المائة ألف سنويا، فإن "سوق العمل لا يوفر أكثر من 60 ألف فرصة عمل سنويا لكل الداخلين الجدد له بما في ذلك خريجو الثانوية العامة والكليات”، عازيا عدم قدرة السوق على توفير المزيد من فرص العمل الى تراجع معدلات النمو الاقتصادي وتراجع حجم المشاريع الصناعية التي تعد المشغل الرئيسي للعمالة.
وإضافة إلى ذلك يشير عوض وجود اختلالات هيكيلية في سوق العمل، سببه عدم وجود علاقة قوية بين معدلات النمو الاقتصادي وبين تشغيل الأردنيين، ووجود فجوة واسعة بين حاجات سوق العمل ومخرجات التعليم الجامعي والفني والمهني، فحاجات سوق العمل لا تتواءم مع المعارف والمهارات التي يحملها الداخلون الجدد إليه من حيث نوع التخصصات ومستوى اتقان مهارات الخريجين في مجالات تخصصاتهم”.
وهذا ما تشير اليه أيضا الاستراتيجية الوطنية للتشغيل التي أكدت أن قطاع التدريب والتوظيف المهني والتقني "ما يزال ضعيفا ومشرذما، وأن القطاع الخاص لا يلمس تجاوب هذا القطاع مع احتياجاته، وليس بعيدا عن ذلك ما حددته الأجندة الوطنية لعام 2005 بأن هذا القطاع ينتج عمالا ضعيفي التدريب وغير ملتزمين، كما أن انعدام تعاون القطاع الخاص في مراحل التدريب كافةً وسع الفجوة بين توقعات القطاع الخاص والمهارات التي يتلقاها المتدربون”.
وبالرغم من أن مؤسسة التدريب المهني دربت حوالي 292 ألف متدرب من الجنسين منذ تأسيسها قبل 36 عاما وحتى نهاية 2010 في برامج تشمل عشرات المهن، إلا أن "دورها في رفد سوق العمل بحاجاته من العمالة الفنية والحرفية ما يزال موضع تساؤل من قبل العديد من الأطراف ذات العلاقة”.
تقرير صدر عن مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية يؤكد ان الإشكالية التي يواجهها سوق العمل تتمثل في حاجة قطاعاته المهنية المختلفة والمتزايدة الى مئات الآلاف من العاملين في عشرات المهن والحرف تكمن في عدم توفر بديل أردني للأيدي العاملة الوافدة (المهاجرة، الأمر الذي انعكس ارتفاعا بمعدلات البطالة خاصة بين فئات الشباب.
ومن العوامل التي فاقمت هذه المشكلة، التحولات السريعة في العديد من المهن وانتقالها من المكننة الى التقنيات الرقمية؛ فمن كان يعمل في مجال ميكانيك السيارات قبل عشرة أعوام- مثلاً- لا يستطيع مزاولة مهنته في الوقت الحالي بشكل ماهر إلا إذا خضع لبرامج تدريبية تعيد تأهيله وتمكنه من فهم التقنيات الرقمية التي تعمل بموجبها السيارات الحديثة بحسب التقرير.
وفيما يخص الإناث، يؤكد بيان صادر عن جمعية تضامن النساء ان إقبالهن ما يزال يرتبط بشكل كبير على التخصصات المشبعة في سوق العمل، ومنها على سبيل المثال تخصص التجارة والأعمال حيث بلغ عدد المقبولات العام قبل الماضي 5701 طالبة، وفي تخصص العلوم الإنسانية والدينية والآداب قبلت 5192 طالبة، وفي تخصص العلوم التربوية وإعداد المعلمين قبلت 3708 طالبات، وعليه فإن 42.1 % (14601 طالبة)، في الجامعات الأردنية يدرسن في ثلاثة تخصصات فقط وهي تخصصات مشبعة في سوق العمل.
وتضيف "تضامن” إن العدد الإجمالي لخريجي الجامعات الأردنية الحكومية والخاصة والإقليمية لمرحلة البكالوريوس للعام الجامعي 2016-2017 بلغ 61342 طالباً وطالبة شكلت الإناث 55.3 % وبعدد 33958 طالبة منهن 26842 من الجامعات الحكومية و 6353 طالبة من الجامعات الخاصة و 763 طالبة من الجامعات الإقليمية.
وتنوه "تضامن” الى أنه وبتوزيع الخريجات حسب التخصص نجد بأن 74 % من الطالبات وعددهن 25159 طالبة تخرجن في 8 تخصصات، حيث تخرجت 6342 طالبة من برنامج التجارة وإدارة الأعمال وبنسبة 18.7 % من مجموع الخريجات، تلاها برنامج علوم التربية وإعداد المعلمين وبعدد 4628 خريجة، وبرنامج العلوم الإنسانية والدينية والآداب بعدد 4585، وبرنامج الهندسة 2490، وبرنامج الرياضيات وعلم الحاسوب 2442، وبرنامج العلوم الطبيعية 1982، وبرنامج الشريعة 1502، وأخيرا برنامج العلوم الطبية المساعدة بعدد 1188 طالبة.
الدراسة التحليلية الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة والتي حملت عنوان "التعليم والعمل في الأردن 2016″ المستندة على التعداد العام للسكان والمساكن 2015، بينت أن العلاقة طردية بين الأردنيات العاملات ومستواهن التعليمي، حيث أن ثلاثا من بين كل خمس أردنيات عاملات يحملن شهادة البكالوريوس فأعلى.
وتشير تضامن” إلى أن هنالك فرقاً واضحاً بين الذكور والإناث عند النظر الى نسبة المتعطلين من حملة شهادة البكالوريوس فأعلى حيث كانت النسبة للذكور 25.2 % فيما بلغت للإناث 78 %. وفي نفس الوقت بينت النتائج أن 67.2 % من قوة العمل من الإناث كان مستواهن التعليمي بكالوريوس فأعلى مقارنة مع 23.8 % بين الذكور، وذلك حسبما جاء في تقرير الربع الأول 2019 حول معدل البطالة والصادر عن دائرة الإحصاءات العامة.