القانوني قاسم: الحكومة استدرجت المحكمة الدستورية بشأن اتفاقية الغاز
الوقائع الاخبارية :أوضح خبير في القانون الدولي المحامي أنيس قاسم اليوم الأربعاء، سبب إقرار المحكمة الدستورية بأن اتفاقية الغاز لا تتطلب موافقة مجلس الأمة، مشيراً إلى إن سؤال الحكومة جاء بطريقة تستدرج جواباً محدداً من المحكمة.
وقال قاسم "صدر القرار التفسيري من المحكمة الدستورية حول سؤال موجه لها من الحكومة التي طلبت فيه من المحكمة "تفسير نص الفقرة (2) من المادة (33) من الدستور...". وجوهر السؤال كان مقتصراً على: هل كان يجب على الحكومة عرض الاتفاقيات التي تبرمها شركات مملوكه بالكامل للحكومة مع شركات اخرى على مجلس الامه لأخذ موافقته عليها؟ وجاء جواب المحكمة الدستورية بالنفي، وهو جواب سليم ولا يطاله العوار، ذلك ان الجواب جاء مطابقاً للسؤال وعلى مقاسه الضيق".
وأضاف، "ان الطريقة التي تمت بها صياغة سؤال الحكومة طريقة لا تخلو من الذكاء، ذلك ان صياغة السؤال جاءت تستدرج جواباً محدداً من المحكمة، وقد جاءها الجواب المتوقع بحيث تستطيع الحكومة الان ان تدّعي ان موقفها القانوني والدستوري من حيث عدم عرض اتفاقية الغاز الموقعة مع اسرائيل على مجلس الامه سليم ومحصّن بقرار دستوري".
وأشار، "الا ان الأمر يتسع لمناقشه قانونيه أوسع، ذلك ان السؤال الذي طرحته الحكومة ليس هو السؤال الذي يهمّ الرأي العام الاردني، لأن المادة (33/2) من الدستور تنص كذلك على ان "المعاهدات والاتفاقات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدولة شيئاً من النفقات او مساس في حقوق الاردنيين العامة او الخاصة لا تكون نافذه الا اذا وافق عليها مجلس الامه...". والسؤال الذي كان يجب ان يطرح هو هل سوف تحمّل اتفاقية الغاز خزينة الدولة شيئا من النفقات او تمس بحقوق الاردنيين العامة والخاصة؟ ولو طرح على المحكمة الدستورية مثل هذا السؤال، ربما جاء جوابها مختلفاً، ذلك ان السؤال كان يجب ان يذكر ان الحكومة كفيل لشركة الكهرباء الوطنية في اتفاقية الغاز، وكما هو مبين في الجدول (3) منها، وحيث ان الشركة ذاتها تستغرقها الديون لدرجة ان رأسمالها قد لا يغطي جزءاً يسيراً من مديونيتها، فان خزانة الحكومة ستكون مسؤولة عن اية التزامات لا تستطيع الشركة الوفاء بها".
وبين، " ان المادة (2) من الاتفاقية تنص على عدة شروط مسبقه منها "ابرام الحكومة الأردنية والحكومة الإسرائيلية اتفاقية كتابية تغطي عدة مسائل تتعلق بتدفق الغاز بين البلدين، بما في ذلك المسائل المذكورة في المراسلات السابقة بشأن الموضوع بين وزراء الطاقة المعنيين من الحكومتين..." وهذا يعني ان الامر ليس مقتصراً على شركات القطاع الخاص، بل يشمل حكومتي البلدين كذلك. كما ان العقد الذي وقعته الشركة مع شركات إسرائيلية ذو قيمه عالية تبلغ عشرة بلايين دولار ولمدة طويله مما يعني ان احتمال ان تتحمل الدولة نفقات اضافيه امر وارد، واذا حدث، فان الدولة سوف تغطي هذه الالتزامات بزيادة الضرائب والرسوم على الاردنيين مما يعني كذلك ان الاتفاقية تمس حقوق الاردنيين، مما كان يقتضي عرض اتفاقية الغاز على مجلس الامه".
ومن جانب آخر، تساءل قاسم "لماذا لم تطرح الحكومة سؤالها على اساس المادة (117) من الدستور والتي تنص على ان "كل امتياز يعطي لمنح اي حق يتعلق باستثمار المناجم او المعادن او المرافق العامة يجب ان يصدق عليه بقانون"، ومؤدى هذا النص ان منح الامتياز يجب عرضه على مجلس الامه لكي يصدر بشأنه قانون".
ومن الواضح ان شركة الكهرباء الوطنية تدير مرفقاً عاماً يشمل مناطق المملكة ( فيما عدا جزء من منطقة اربد) وذلك على سبيل الحصر، وجميع ما ينتج من طاقه يباع الى الشركة حصراً، اي اننا بصدد وضع "امتياز" منح للشركة، وهذا يقتضي اصداره بموجب قانون، اي يجب عرضه على مجلس الامه. ومن هنا يمكن القول ان العوار اصاب سؤال الحكومة من جانبين: الاول ان السؤال لم يذكر كفالة الحكومة لالتزامات الشركة واحتمال مساسها بحقوق الاردنيين، والثاني ان السؤال لم يعرض لمسألة الامتياز.
وحول عرض الاتفاقية على مجلس الأمة قال قاسم: "والرأي ان اتفاقية الغاز كان يجب ان تعرض على مجلس الامه لمناقشتها واصدارها بقانون اذا ما تمت الموافقة عليها، والمرجو ان لا تتم الموافقة عليها، ويكفي ان نشير الى قول رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي كان صريحاً وواضحاً حين قال ان تصدير الطاقة للدول العربية المجاورة هو "جزء من الامن القومي الاسرائيلي"، مما يعني ان الاردن سيكون معتمداً الى حد بعيد على الغاز الاسرائيلي وبالتالي سيكون رهينه للإرادة الإسرائيلية. وارتهانه هو من فحوى الامن القومي لإسرائيل".