الخوالده: المواقف لا تخلو من الدروس
الوقائع الإخبارية: قال الوزير الأسبق الدكتور خليف الخوالده في تغريدة عبر حسابه على تويتر: مرة أخرى أقول في مثل هذا الأمور، وأقصد المطالبات، الجلسة الأولى من التفاوض والنقاش بين الطرفين هي غالبا ما تحسم وتحدد مصير واتجاه الأمور..
ودور الحكومة وقدرتها تتمثل في هذه الحالة في أن تأخذ المطالب إلى حيث الممكن المعقول.. وبالتالي كان يُفترض بالحكومة، مع كل الاحترام، أن تضع كل المعطيات والدفوع على الطاولة مرة واحدة وبقوة وباستخدام كل الأدوات.. وأُذكر هنا أن تعليقي هذا على البدايات.. النجاح في ذلك يُرشد المطالبات وينقل النقاش إلى الممكن المتاح ويتنامى مع ذلك شيئا فشيئا شعور لدى النقابة القبول بما هو مطروح.. ولكن التفاعل مع الموضوع من طرف الحكومة في البدايات رغم أهميتها في هذه الحالات، برأيي، أعطى انطباعا وإيحاء للنقابة وللجميع ان الحكومة موافقة على مبدأ الزيادة وكأن الأمر انتقل تلقائيا إلى مرحلة بحث التفاصيل.. وهذا ما عزز موقف النقابة ودفعها إلى الإصرار على مطالبها ونشوء حالات مجتمعية من الدعم والتأييد..
عدم الاتفاق كان متوقعا.. فكما قلت سابقا أن أول جلسة تُعد كمرافعة تحسم إذا ما كانت قوية معظم الأمور وبالتالي الأصل أن يدخلها كل طرف ولديه ردود لكل ما يمكن أن يطرح بالحجج والدفوع المعززة بالحقائق والأرقام واستخدام مختلف وسائل الإقناع والتأثير.. ومن الأمثلة على ذلك استعراض مختصر وشامل لكافة الامتيازات الوظيفية للمعلم بالمقارنة مع بقية الشرائح الوظيفية.. هذا الاستعراض يشكل أرضية موضوعية تُبنى عليها مواقف أطراف النقاش حتى الرأي العام بهذا الخصوص..
ويتبلور في ضوء ذلك مدى الحاجة إلى إجراء أي معالجات وضمن أي نطاق تأتي: العلاوات، أم الحوافز والمكافأت، أم الامتيازات الأخرى.. ويتحدد سقف وحدود هذه المعالجات، إن وجدت، في ضوء الإمكانيات.. هذا وحده لا يكفي بل الأهم من ذلك إقناع الكافة بأن هذا النهج تتبناه الحكومة في كل المواقف والحالات..فربما حدوث حالة واحدة غير مستحقة يهز صورة الحكومة لدى الناس.. ليس كُرها بالحكومة ولا مناكفة لها..
فأنا لست ممن ينزلق إلى ذلك القاع.. إنما الحرص على الصالح العام هو ما يدفعني إلى النصح والنقد الإيجابي البناء.. وأعرف أن تفسير الرسالة لا يعتمد على نية مُصدرها وإنما على قاموس مُستقبلها.. وبأي سياق يفهمها.. أو حتى ربما يصل لحد، لا اتوقعه، التذرّع بها وتوظيفها في عملية التبرير وخدمة الحال.. أما نقابة المعلمين ومع تقديري لكل معلم، فحتى لو لم تلبى المطالب نهائيا لا نتوقع أبدا توقيف العملية التعليمية بأي حال من الأحوال..
بل تُبحث المطالب ضمن قنواتها وحسب تسلسل المرجعيات من الأمين العام إلى الوزير ومنه إلى رئيس الوزراء..
وربما مع بعض مظاهر التعبير والاحتجاج التي لا تصل لحد الإضراب فالمتضرر المباشر منه ليس طرفا في موضوع الخلاف.. وإن لزم الأمر طرح المطالب ومدى عدالتها في مختلف الوسائل ومحاولة كسب الدعم والتأييد من مختلف الجهات الرسمية والشعبية دون تعطل أو تعطيل لما هو ليس حق بل واجب.. الحرص على دقة اختيار الألفاظ والكلمات في التعبير والحديث.. حتى لو كانت حالة أو حالات محدودة أو بغير قصد.. فإن كان له من حق يصبح محقوق..
ولا ننسى أن الأجيال تتعلم من السلوك أكثر مما تتعلم مما يُدرس في الصفوف.. عموما، إضراب المعلمين وما تخلله من تفاوض ونقاش يمكن توثيقه كحالة دراسية أو دراسة حالة يستفيد منها طلبة مساق "مهارات تفاوض" في الجامعات خصوصا في الوقوف على ما حدث من مواطن ضعف وإخفاق في الحوار والتفاوض.. فالمواقف بطبيعتها لا تخلو من الدروس..
أننا في وطن كل منا عنه ومنه مسؤول.. فحتى إن أخطأ طرف ما.. فهذا لا يُعد مبررا يُخلي مسؤولية بقية الأطراف.. بل يحملها مسؤولية أكبر للمبادرة في معالجة وتجسير الفجوات..