"المياه" تعتزم الاستعانة بـ "طائرة بدون طيار" لمراقبة خط الديسي
الوقائع الإخبارية: ابتكار حلول متجددة توازي أهمية حماية مصادر المياه من مبتكري الاعتداءات ووفق طرق غير مسبوقة، صار واقعا مفروضا، عقب دمج منظومة تكنولوجية حديثة تتسق وإجراءات وزارة المياه والري في إحكام السيطرة على مصادر المياه، وعلى رأس هذه الطرق؛ تسيير طائرة بدون طيار لمراقبة خط الديسي قريبا.
وبين الفينة والأخرى، تصدر وزارة المياه والري – سلطة المياه تقارير حول ضبوطات حالات اعتداءات على مختلف مصادرهما، والمعروفة بسرقات المياه، ما ينبئ بتعاظم حجم خطورة تكرار تلك الممارسات خاصة في بلد يصنف بأنه ثاني أفقر دولة بالمياه على مستوى العالم.
ووسط ارتفاع حدة تحدي القضاء على ظاهرة سرقة المياه، رغم تغليظ تشريعات قانونية تجرم المعتدي عليها باعتباره معتديا على أمن مائي وطني، يعول على الوسائل التقنية المتطورة التي بدأت الوزارة – سلطة المياه بتجريبها مؤخرا باتجاه بدء الاعتماد عليها إلى جانب الإجراءات القانونية والتشريعية المعمول بها، لحماية مختلف المصادر المائية من الاعتداءات المتوقع تكرارها، رغم اتخاذ الإجراءات الرسمية وحملة احكام السيطرة على المياه.
مصادر مطلعة في وزارة المياه والري، فضلت عدم ذكر اسمها، قالت في تصريحات له إن الاستعانة بالطائرة المسيّرة، أو الطائرة بدون طيار، تأتي ضمن الحلول غير التقليدية التي تحاول وزارة المياه والري ابتكارها انسجاما مع حجم الضرر الواقع تحديدا على الاعتداءات على خط مياه الديسي ومراقبته، حيث يركز عمل تلك الطائرة، في مراقبة وحماية "عصب” المياه الرئيسي بالمملكة، من مختلف أنواع الاعتداءات التي ينذر بحدوثها مستقبلا، وتشعل بصيص أمل نحو إمكانية القضاء عليها جذريا ولو استغرق ذلك الوقت اللازم.
وتبين المصادر أن تبعات تكرار تعرض خط مشروع الديسي لأضرار جراء الاعتداءات الكبيرة الواقعة عليه خلال الفترة القليلة الماضية، لا تحمد عقباها، وتؤدي لحرمان مناطق كاملة من حصصها في المياه، عدا عن التكاليف المالية والوقت اللازم لاستعادة الوضع للاستقرار الكافي لعمليات الضخ، ما استوجب التفكير بحلول غير عادية.
وأكدت المصادر ذاتها أن وزارة المياه ترتقب الاستعانة بتلك الإجراءات، بما يتسق والتزامها بتحقيق النتائج المرجوة من حملة إحكام السيطرة على مصادر المياه والتي بدأتها الوزارة في حزيران (يونيو) العام 2013، الهادفة لحماية المصادر المائية وضبط المسؤولين عنها.
وأوضحت المصادر أن الوزارة – سلطة المياه تقوم حاليا بالإشراف على عدة اختبارات وتجارب أداء لعمل الطائرة المسيرة، ليتم البدء بالاعتماد عليها في مراقبة خط الديسي باستمرار، عقب التأكد من دقة ونوعية نتائج الأداء المرتقبة.
وفي التفاصيل، ألمحت المصادر أن الطائرة بدون طيار قد تصل كلفتها لنحو 65 ألف دينار، حيث ستعتمد عليها وزارة المياه والري بعمليات مراقبة خط مياه الديسي، وسيتركز عملها في الإشراف أو المراقبة على امتداد 40 كيلو مترا في منطقة الجفر، وعلى ارتفاع 2 كيلومتر، وفق المصادر.
وكانت الاعتداءات الأخيرة على خط مياه الديسي في منطقة الجفر خلال الفترة القليلة الماضية، تسببت بتوقف الضخ من هذا المصدر الرئيسي المهم، وعلى مدار أسبوع كامل، إلى جانب وقف نحو 55 % من حصة مياه العاصمة عمان والزرقاء، إضافة لبعض مناطق الشمال وبشكل مباشر، علما أن الطواقم الفنية التابعة للوزارة تعاملت مع 61 اعتداء على منظومة الديسي لغاية 30 حزيران (يونيو) الماضي.
وفي الوقت نفسه، ما تزال دعوات خبراء في قطاع المياه نحو تغليظ العقوبات المعنية بممارسات الاعتداءات على المياه أو أي مرفق من مرافقها، مستمرة، بهدف الحد منها أو التخفيف من حدتها، خاصة في الوقت الذي تشهد فيه المملكة اعتداءات متزايدة على المياه ومترافقة مع ابتكار طرق جديدة.
وتساهم كافة تلك العوامل في تجسيد أزمة المياه في بلد يعاني شحا شديدا في مصادره المائية، حيث كشفت آخر الإحصائيات الرسمية لوزارة المياه والري – سلطة المياه حول حجم الاعتداءات على المياه منذ شهر حزيران (يونيو) العام 2013 حتى نهاية آب (أغسطس) الماضي عن وجود 300 قضية منظورة في المحاكم فيما يتعلق بالاعتداءات على مختلف مصادر المياه.
وأشارت الأرقام الى قيام كوادر الوزارة خلال هذه الفترة، بحجز 71 حفارة مخالفة، وردم 1200 بئر مخالفة، بالإضافة لـ 18.750 ألف عملية إزالة لاعتداءات وقعت على قناة الملك عبدالله، وإزالة 2055 اعتداء على أراضي الخزينة في منطقة وادي الأردن، وضبط وتصويب أوضاع 45 ألف اعتداء على خطوط المياه الرئيسية والفرعية الناقلة، بالإضافة لضبط مئات الاعتداءات المنزلية في مختلف المناطق، بشكل شهري، على استخدامات مياه غير مشروعة داخل المنازل.
ويؤثر الاعتداء على أحد أهم المصادر الاستراتيجية المائية الوطنية، بوضوح على خفض حصة المياه المخصصة لعدة مناطق وحرمان مناطق أخرى من حصصها الكافية من مياه الشرب لحين أن تتم عملية الإصلاح.
وكانت وزارة المياه والري أكدت أنها لن تتهاون في القيام بواجبها بحق المخالفين، حتى وإن اختلف نوعه، داعية المواطنين الى ضرورة استنهاض الجهود لحماية مختلف المصادر المائية الوطنية الاستراتيجية بالمملكة.
وتعمل الوزارة المياه على إعادة تطوير بعض محاور وثيقة سياسة إدارة المخاطر والخطة التنفيذية، للفترة الممتدة على مدار العامين المقبلين، خاصة فيما يتعلق يتعلق بإدخال تطبيقات التكنولوجيا الحديثة، مثل أنظمة المراقبة الذكية من الكاميرات عالية الدقة، وتسيير طائرة بدون طيار، وذلك بهدف مراقبة أنظمة الإمداد المائي والحفاظ على أمنها وسلامتها.
ونوّهت الوزارة أيضا الى إدخال مؤشرات اقتصادية واجتماعية وأمنية وفنية، خاصة فيما يتعلق بموضوع تحديد المخاطر والتهديدات الأمنية.
وتتمثل رسالة ورؤية استراتيجية إدارة المخاطر، وعنوانها "بيئة عمل آمنة من المخاطر والتهديدات”، في ممارســــات فضـــلى في الإدارة والتخطيـــط لتفـــادي المخاطـــر والتهديــــدات والحـــد مـــن الآثــــار الناجمــــة عنهـــــا، لا سيما وأن تحديد احتمالية حدوث الخطر يعتمد أولا على مدى توافر معلومات سابقة حول الخطر، وبدورها تساعد في تحديد احتمالية حدوثه مستقبلا.
ورغم تغلیظ العقوبات القانونیة والتشریعیة على مرتكبي الاعتداءات على المیاه، التي تتسبب بضیاع وهدر كمیات ضخمة منها من أصل حصة الفرد، وتقدر بعشرات ملایین المترات المكعبة، ما تزال وزارة المیاه والري بسلطتیها المیاه ووادي الأردن، تواجه تحدي الحد منها، وتقلیص حجمها على أمل اقتلاع المشكلة من جذورها.