الأردن ضمن أفضل 20 دولة تتحسن في سهولة ممارسة الأعمال
الوقائع الإخبارية: تظهر التقارير الدولية السنوية مؤخرا تقدما ملحوظا للأردن في مراتبها بشكل يعزز البيئة الاستثمارية الكلية من وجهة نظر المستثمرين أنفسهم أو المؤسسات التي تقدم خدماتها للمستثمرين، فتقرير سهولة ممارسة الأعمال الأخير والصادر عن البنك الدولي وضع الأردن في قائمة أبرز 20 دولة شهدت إصلاحات أدت إلى تحسن مرتبة الأردن من بين 190 دولة يشملهم التقرير، في حين تقدم الأردن في تقرير التنافسية العالمي والذي يصدر بشكل سنوي عن المنتدى الاقتصادي العالمي بثلاث مراتب ليصل إلى المرتبة 70 في العام 2019 من أصل 141 دولة شملهم التقرير مقارنة مع 73 في العام 2018.
تاريخيا، حدث تراجع كبير في ترتيب الأردن في تقرير سهولة ممارسة الأعمال في العام 2011 بواقع 32 مرتبة ليصل إلى المرتبة 111 مقارنة مع المرتبة 80 في العام 2008 على الرغم من تنفيذ الأردن لما يقارب 12 مشروعا إصلاحيا خلال ذات الفترة، الأمر الذي تم عزوه حينها إلى التراجع في بعض المؤشرات الرئيسية وهي استخراج تراخيص البناء، الحصول على الائتمان، حماية المستثمرين الأقلية، دفع الضرائب. وما بين العام 2011 و2018 شرع الأردن بـ 8 إجراءات شملت بشكل رئيس التجارة عبر الحدود والحصول على الائتمان ودفع الضرائب الأمر الذي ساهم بتقدم الأردن للمرتبة 103 من أصل 190 دولة يشملهم التقرير. بالمحصلة، وصل عدد الإصلاحات التي قامت الأردن بإجرائها وصل إلى 20 إجراء إصلاحيا خلال الأعوام (2008 – 2019).
التقرير الأخير والذي وضع الأردن ضمن قائمة أبرز 20 دولة نظرا للإصلاحات التي أجرتها الأردن على 4 من أصل 10 مؤشرات وهي أولا : مؤشر الحصول على الائتمان بحيث تم توسيع نطاق الوصول إلى الائتمان بعد أن بدأ مكتب الائتمان (CRIF) في تقديم نتائج ائتمانية للبنوك والمؤسسات المالية الأخرى الأمر الذي عزز تحليل المخاطر في القطاع المصرفي، كما عزز الأردن أيضا إمكانية الحصول على الائتمان من خلال تطبيق قانون جديد للمعاملات المالية (قانون ضمان الحقوق بالأموال المنقولة)؛ ثانيا: مؤشر دفع الضرائب بما في ذلك الضرائب على العمل "الضمان الاجتماعي” والتي أصبحت بشكل أسهل من خلال نظام دفع الإلكتروني خاص به؛ ثالثا: كما تبنى الأردن قانون إعسار جديد يسمح بمواصلة العمل بعقود المدين الأساسية أثناء إجراءات الإعسار؛ رابعا: مؤشر حماية المستثمرين الأقلية بحيث تم توسيع نطاق الوصول والاطلاع على الأدلة قبل المحاكمة، وزيادة حقوق المساهمين ودورهم في قرارات الشركات، وتوضيح هياكل الملكية والرقابة.
في حين يعتمد تقرير التنافسية العالمي على 12 معيارا ويصنف الأردن ضمن دول المرحلة الثانية ” الاقتصادات المعتمدة على الكفاءة والفاعلية "، أبرزها معيار المؤسسات بالمرتبة 46 عالميا من أصل 141 دولة شملها التقرير مدفوعا بمؤشر الأمن، وفي المرتبة 58 عالميا في توفر المهارات ورأس المال البشري، وفي المرتبة 33 عالميا في النظام المالي، وفي المرتبة 45 عالميا في معيار الصحة، وفي المرتبة 61 معيار أسواق المنتجات مدفوعاً بتقدم في مؤشر التنافسية المحلية الأمر اللافت هنا هو تراجع الأردن في مؤشر الانفتاح التجاري الأمر الذي عزاه التقرير إلى تعقيد التعرفة الجمركية وانخفاض كفاءة التخليص على الحدود، في حين يبرز تحدي استقرار الاقتصاد الكلي والذي ساهم كثيراً بعدم تقدم الأردن كثيرا في التقرير حيث حصل الأردن في هذا المعيار على المرتبة 111 من أصل 141 دولة شملها التقرير لجمود الدين العام وارتفاعه.
يكمن التحدي في الحفاظ على هذه المكتسبات وضمان عدم تراجع الترتيب كون مخرجات هذه التقارير تعتبر الأسباب في القرار الاستثماري للاستثمار الأجنبي الذي لم يتجاوز 678 مليون دينار العام الماضي 2018 وهي المرة الأولى بالمناسبة التي يصل إليها الاستثمار المباشر لهذه القيمة منذ العام 2004، مدفوعا باستمرار حالة عدم الاستقرار الإقليمي وعدم اليقين تجاه إستدامة الأعمال في المنطقة برمتها إضافة إلى أن إجراءات تسهيل إقامة وحركة المستثمرين الأجانب كانت ولغاية إعداد التقرير في شهر أيار من العام الحالي غير منافسة مقارنة مع دول المنطقة والإقليم.
لابد وأن الإصلاحات المستمرة والمترابطة والبناء على الإنجاز هو أساس التقدم المستدام، وهذا ما أثبتته التجربة الإماراتية التي تتقدم التصنيف العربي وفي المرتبة 11 عالمياً مؤخراً مقارنة مع المرتبة 46 عالمياً و4 عربياً في العام 2009 والتي شهدت نمواً أيضاً في حجم تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر بما نسبته 800 % بين عامي (2009-2018)، في حين نما تدفق الاستثمار المباشر لتركيا والتي تحتل المرتبة 43 عالمياً في العام 2019 مقارنة مع المرتبة 59 في العام 2009 بما نسبته 51 % بين عامي (2009-2018)، والحال هو العكس تماماً بالنسبة لدول المنطقة التي تراجعت في الترتيب في تقرير سهولة ممارسة الأعمال الأمر الذي رافقه تراجع بشكل كبير في حجم الاستثمار الأجنبي المباشر لها.
للحفاظ على مكتسبات الإصلاحات التي تمت، فيقترح في هذا المجال الإسراع بتنفيذ النافذة الوطنية للتجارة والتي تقلل من الكلف والوقت وعدد الإجراءات اللازمين للتخليص على البضائع، مع ضرورة التأكيد على إعادة النظر وهيكلة التعرفة الجمركية، والإسراع بإقرار قانون المعاملات الإلكترونية وبما يشمل التوقيع الإلكتروني، وتنفيذ المقاصة بين ضريبة الدخل والمبيعات لتقليل حجم السيولة النقدية المقيدة، وإنشاء صناديق خاصة برأس المال المغامر، علاوة على ضرورة إيجاد تكامل بين السياسات والتوجهات الحكومية وبين ما يحتمه الواقع الاقتصادي والاجتماعي في الأردن فالهاجس الأمني يجب أن لا يطغى على الهاجس الاقتصادي.