خبراء: الملك يجدد توجيه البوصلة لدعم الريادة والشباب

الوقائع الإخبارية: على مدار السنوات الماضية والتطور التقني الحاصل، وتميز الأردن بموارده البشرية، كان للدعم والاهتمام الملكي بالشباب الدور الكبير في توجيه البوصلة نحو دعم الرياديين، والعمل على تطوير بيئة ريادة الأعمال الأردنية، لما للريادة من أثر طويل الامد في تحسين الاقتصاد، وجذب الاستثمارات وخلق الوظائف بعيدا عن الوظائف التقليدية في القطاع العام والخاص. ويؤكد خبراء ومسؤولون من بيئة ريادة الاعمال الأردنية، بأن رؤية جلالة الملك منذ توليه سلطاته الدستورية ورعايته واهتمامه بالشباب ولقاءاته المستمرة معهم، والحديث معهم وتسليط الضوء على انجازاتهم، كانت المحرك الدائم للحكومات المتعاقبة، وللقطاع الخاص، للتركيز على ريادة الاعمال وتطوير منظومتها في المملكة وخصوصا مع التحول التقني الذي يشهده العالم، والذي حفز الشباب لابتكار تطبيقات ومشاريع يمكنها غزو الاسواق الخارجية بأقل التكاليف، في الوقت الذي تظهر فيه الأرقام الرسمية بأن الشباب يشكلون نسبة 70 % من المجتمع مع بطالة بلغت نسبتها العام الحالي في الأردن حوالي 19.2 %. وجدّد جلالة الملك عبدالله الثاني يوم أول من أمس، توجيه البوصلة إلى ريادة الاعمال وضرورة العناية ودعم الشباب في كلمته التي ألقاها في منتدى "مبادرة مستقبل الاستثمار 2019″، والذي ينظمه صندوق الاستثمارات العامة السعودي في دورته الثالثة، حيث قال جلالته في كلمته: "لست خبيرا في قطاع الأعمال، ولكن باستطاعتي أن أدلكم على الاتجاه الصحيح. المستقبل يبدأ هنا، في هذه المنطقة، ومع شبابها الموهوبين والمبدعين الذين يتطلعون إلى الأمام والذين يشكلون 70 % من سكانه”. واضاف جلالته: في الواقع، إن شبابنا العربي أغلى ما نملك، ومفتاح مستقبل هذه المنطقة وهذا العالم. إنهم في انتظاركم….. أصدقائي، بامتلاكنا هذه الثروة الهائلة، ندرك نحن كدول هذه المنطقة، الحاجة إلى رعاية مواهب شبابنا وتسخير طاقاتهم، وعلينا بناء قدراتهم من خلال التعليم النوعي، وتمكينهم نحو النجاح. وقال جلالته: "إن بلدي يؤمن بذلك بشدة، حيث يبهرني الشباب الأردني بطاقاتهم وأحلامهم الطموحة. فمنهم المبرمجون والمبتكرون، والرياديون وقادة الغد. إن الاستثمار في مواهبهم التي لا تعرف الحدود هو استثمار في مستقبل مشرق لمنطقتنا وعالمنا……. بلدنا موطن للمشاريع التي يقودها الشباب، والتي تستمر في تغيير وجه الاقتصاد في منطقتنا وفي الخارج. ورغم أن الأردنيين يشكلون 3 % فقط من سكان العالم العربي، فإنهم يمثلون 27 % من أفضل الرياديين والمبدعين فيه. وبحسب الخبراء كان للقاء جلالة الملك عبدالله الثاني المعنيين في قطاع تكنولوجيا المعلومات قبل اكثر من 9 سنوات، وتوجيهه لهم بضرورة إطلاق صندوق لدعم ريادة الاعمال، والمشاريع الناشئة في الأردن، أثر كبير في تحريك ودعم وتطوير بيئة ريادة الاعمال في المملكة، والمساهمة في جعلها من الاكثر تميزا على مستوى المنطقة، حيث كانت الفكرة تسعى للتركيز على خلق شركات يمكنها ان تكرر قصة نجاح "مكتوب” التي استطاعت قبل اكثر من عشر سنوات أن تستقطب اهتمام شركة عالمية بحجم "ياهوو” وتنجز معها صفقة تعتبر من الأهم في المنطقة العربية في ذلك الوقت وبعشرات ملايين الدولارات. وقتها جرى اطلاق صندوق للاستثمار في الشركات الناشئة هو صندوق "اويسس 500” ساهم في تأسيسه صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وبعد تأسيسه دارت العجلة باتجاه نشر ثقافة ريادة الاعمال بين الشباب وخريجي الجامعات لإيجاد أفكار وشركات قادرة على التفوق والتميز والريادة واستقطاب الاستثمارات، وخصوصا مع دخولنا عصر الثورة الصناعية الرابعة، ومساهمة التقنية في دفع الشباب لابتكار تطبيقات ذكية تخدم كل القطاعات. وخلال السنوات العشر الماضية زاد الحراك والتركيز على ريادة الاعمال، وتكاثرت الشركات الريادية الأردنية التي يقدر عددها بالمئات والتي خلقت آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة، حيث بلغ عدد الشركات التي استثمر فيها "صندوق اويسس 500” وحده منذ انطلاقته في العام 2010 وحتى اليوم 161 شركة أكثرها يعمل في المجال التقني. كما وزاد عدد البرامج والمشاريع الداعمة والحاضنة لريادة الأعمال خلال السنوات الماضية في الأردن إلى اكثر من 200 برنامج ومشروع تتبع حوالي 120 جهة، فيما تظهر أرقام اخرى أن حجم الاستثمارات في الشركات الأردنية الريادية بلغت 56 مليون دينار العام الماضي، وفق تقرير لمؤسسة "ماجنيت”، كما وتشير أرقام اخرى أن شركات ريادية أردنية استطاعت أن تستقطب استثمارات بحجم 200 مليون دولار خلال آخر خمس سنوات. وفي مؤشر على تفوق الشركات الريادية الأردنية، كان الأردن الأكثر تمثيلا في القائمة النهائية التي اختارها العام الحالي "المنتدى الاقتصادي العالمي” بالتعاون مع "مجلس التنمية الاقتصادية في البحرين”، وضمت 100 شركة ناشئة واعدة من العالم العربي ستسهم في تشكيل الثورة الصناعية الرابعة في العام الحالي، حيث بلغ عدد الشركات الناشئة الأردنية ضمن هذه القائمة 27 شركة. وقال وزير الاقتصاد الرقمي والريادة مثنى الغرايبة، بأن التطور الذي حصل في ريادة الاعمال في الأردن كان بفضل توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني، للتركيز على دعم الشركات الناشئة والشباب وتوفير البيئة الملائمة لهم لإطلاق مشاريعهم الخاصة وتطويرها. وقال الغرايبة، كان لاهتمام جلالة الملك بالشباب وريادة الاعمال، ان استحدثت العام الحالي وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، وهي تعد أول وزارة من نوعها في المنطقة، لافتا إلى ان تشكيل هذه الوزارة التي حلت محل "وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات” جاء بعد لقاءات ثلاثة جمعت ما بين شركات أردنية ريادية في مجالاتها، وجلالة الملك عبد الله الثاني، كان أولها الاجتماع مع جلالته في المنتدى الاقتصادي العالمي الذي أقيم في البحر الميت العام الحالي، وتبعه اجتماعان آخران في نفس الشهر مع جلالته لبحث ومناقشة ضرورة وجود جهة ريادية مختصة بدعم الريادة في المملكة. وأكد بأن الاهتمام بريادة الأعمال يأتي بعد أن أثبت رياديو الأردن والرياديات تفوقهم على المستويات المحلية والعربية والعالمية، وقدرتهم على تحقيق النجاحات لما لهذا القطاع من قدرة على توفير فرص العمل وتطوير الأعمال، لافتا إلى أن هؤلاء الشباب تمكنوا من تحقيق هذه النجاحات رغم الصعوبات التي تواجههم. وتقدم الأردن 7 مراتب في مؤشر ريادة الأعمال العالمي في العام ليصبح في المرتبة 49، والذي انتقل من المرتبة 70 للمرتبة 50 على مؤشر تنافسية المواهب العالمية خلال 3 سنوات فقط. وأكد الوزير بأن وزارته ضمن محور ريادة الاعمال ستواصل العمل على خمسة محاور هي: وضع خطط تشجيع الاستثمار في الشركات الريادية الأردنية، وإزالة العوائق أمامها، ومساعدة الشركات الريادية الأردنية في الوصول إلى الاسواق وفتح اسواق جديدة امامها، ودعم الريادة المجتمعية بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، واعداد مشاريع القوانين والانظمة المتعلقة بتنظيم الاعمال الريادية في المؤسسات الحكومية، ووضع الخطط والبرامج اللازمة لتوافر المهارات والموارد البشرية اللازمة لريادة الاعمال بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة. وقال عضو مجلس ادارة جمعية شركات تقنية المعلومات والاتصالات الاردنية "انتاج” أحمد الهناندة، بأن الدعم الملكي وتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني، كانت الاساس في تطوير بيئة ريادة الاعمال وما وصلت اليه اليوم. وأكد بأن الاهتمام بالريادة جاء نتيجة وجود تحديات كبيرة تتعلق بالنسبة العالية للشباب في مجتمعنا مع نسب بطالة عالية، وتحديات اقتصادية، حيث تقود الريادة لتوجيه الشباب وتحويلهم من التفكير بالوظيفة التقليدية، إلى التفكير بإنشاء شركاتهم الخاصة وتوظيف أنفسهم وغيرهم. وقال بأن التطور التقني الهائل وثورة الانترنت سهل الامور والخطوات امام الشباب، لإنشاء شركاتهم الخاصة، وفتح آفاق واسعة امامهم للتفكير في ابتكارات ومشاريع تخدم القطاعات كافة، وتحل مشاكل يواجهها المجتمع بأقل التكاليف، كما اتاح هذا التطور التقني الفرصة لتصدير هذه الابتكارات والخدمات إلى دول المنطقة والعالم وبأقل التكاليف ايضا. وأكد الهناندة، ضرورة تنسيق وتجميع الجهود من قبل الحكومة والقطاع الخاص والجهات المعنية بريادة الاعمال لتذليل العقبات امام الشركات الناشئة، وفتح اسواق متعددة لها لصغر السوق المحلية، وتوفير التمويل اللازم لها وتطوير الاطار التنظيمي والاجراءات التي تسهم في تسهيل إنشاء الشركات الريادية، ونموها وتطوير المهارات ورأس المال البشري، وردم الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق ريادة الاعمال الأردنية. وأشار الهناندة إلى اهمية ما يتوافر للرياديين اليوم من صناديق استثمارية وحاضنات اعمال ومرشدين مع تأكيده اهمية التنسيق بين هذه الجهات لتوحيد الجهود وتوفير الدعم للرياديين في كافة محافظات المملكة. الشريك المؤسس في مؤسسة "تي تي تي” – المعنية بنشر ثقافة الابداع وريادة الاعمال” بلال أرسلان، أكد أهمية الاهتمام والدعم الملكي للشباب والرياديين على الدوام، والذي سلّط الضوء على اهمية الريادة ونجاحها، لما لها من آثار مباشرة وغير مباشرة في تحسين الاقتصاد، وخلق الكثير من الوظائف التي لم تعد الحكومات قادرة على توفيرها خلال السنوات الماضي. وأكد أرسلان بأن الاهتمام الملكي بالشباب خلال السنوات الماضية سلط الضوء على قصص النجاح الأردنية في مختلف القطاعات ودفع الشباب للتفكير من تلقاء انفسهم في ابتكار الافكار لحل مشاكل الاقتصاد، وانشاء شركاتهم الخاصة التي استطاع الكثير منها التوسع والنمو حتى خارج الأردن، واستقطاب الاستثمارات وتوظيف الشباب. واشار إلى اهمية توجه البرامج والمشاريع الداعمة لريادة الاعمال إلى المحافظات لان الريادة لا تقتصر على العاصمة عمان، وخصوصا أن الأرقام تشير إلى أن 70 % من البرامج والمشاريع الداعمة لريادة الاعمال في الأردن تتواجد في العاصمة عمان.