الأردن يفرض حضوره الدولي في القطاع المائي وسط تحديات جسيمة

الوقائع الإخبارية: فرض الأردن حضوره في محافل دولية تترأس محاور عناوينها الأهمية الاستراتيجية لقطاع المياه وكفاءة الإدارة، وسط محاولاته لتجاوز تحديات مائية جسيمة تحيط به، إثر ظروف جيوسياسية وتغيرات مناخية كبيرة، في وقت ترزح فيه المملكة بالمرتبة الثانية على مستوى الفقر المائي عالميا.
وشارك الأردن، وعلى مدار أعوام مضت آخرها العام الحالي، في مناسبات دولية حظي خلالها بالاهتمام والتعاون والدعم التقني والمالي، منسجما من خلال سياساته والأهداف الدولية للتنمية المستدامة المتعلقة بالمياه والصرف الصحي، بالإضافة لاتساق خططه الاستراتيجية على مدار الأعوام المقبلة والسياسات الدولية المتعلقة بأهمية تطوير مصادر المياه والتوسع في شبكات المياه والصرف الصحي. ولاشك أن مشاركات قطاع المياه الأردني، ممثلا بوزارة المياه والري، كان لها كبير الأثر باستحواذ الاهتمام الدولي، خاصة ما يتعلق بالدعم عبر جهات حكومية ومؤسسات دولية مانحة وشركات عالمية من القطاع الخاص باحثة عن فرص استثمارية. وأكد أمين عام وزارة المياه والري علي صبح، خلال مشاركته في أعمال مؤتمر غرفة التجارة الأميركية (قمة ابتكارات المياه) المنعقد مؤخرا في العاصمة الأميركية واشنطن، دراسة إدارة قطاع المياه الأردني الحلول الممكنة لتنسجم والأهداف والاستراتيجيات في التعامل مع الواقع المائي، وسط ازدياد الطلب ومحدودية المصادر المائية. وقال صبح حينها، إن الحكومة الأردنية تبذل جهدها لتكون المياه أولوية وطنية عبر وضع الحلول والبدائل والبحث عن مصادر بديلة تقليدية وغير تقليدية على المستوى الآني والمتوسط والبعيد خاصة عقب توافد ما يتجاوز 25 % من سكان المملكة كلاجئين وتبعات ذلك على قطاع المياه. وبهذا الخصوص، انتهجت الحكومة الأردنية سياسات تفتح أبوابا استثمارية في المملكة، مع الإشارة لتوفر فرص رائدة في مجال الاستثمار بقطاع المياه. واعتبر مختصون في مجال المياه أن دعوة الأردن للمشاركة في تلك المحافل الدولية، إشارة إلى أهمية الالتفات للواقع المائي في المنطقة وخاصة الأردن الذي يواجه تحديات مائية كبيرة خاصة فقره بمصادر المياه المتوفرة، وضرورة لفت الاهتمام العالمي في ظل تقلبات المناخ وانخفاض كميات المياه المتاحة في الوطن العربي نتيجة للصراعات والهجرات المتتالية في منطقة الشرق الأوسط خاصة الأردن. ولم يوفر قطاع المياه الأردني، ممثلا بوزارة المياه والري، فرصا متاحة بهدف الولوج وتدعيم فرص الاستثمار في مجال المياه، وترويجها للدعم العالمي والدولي، إلى جانب اهتمامه بتطوير قدراته وإمكانيات إدارته انسجاما مع الاستراتيجيات العملية والتقنية الحديثة الرائدة والتي من شأنها تعزيز فرص وإمكانيات تعزيز مصادر المياه المتاحة وتطويرها.
ومن المحافل الدولية التي كان فيها للأردن خير تمثيل في قطاع المياه، مؤتمر لندن لدعم الاقتصاد والاستثمار في المملكة المنعقد مطلع العام الحالي 2019 في بريطانيا، حيث توازت فيه أهمية طرح مشاريع المياه الاستراتيجية ذات الأولوية للأمن المائي الأردني مع مشاريع النمو الاقتصادي المستقبلي للأدن.
وكان الأردن طرح حينها، خمسة مشاريع مائية ذات أولوية استراتيجية كبرى لديه بمشاركة ممثلين عن الدول السبع الكبرى والمانحة والصديقة للأردن، وعلى رأسها المشروع الوطني لتحلية مياه البحر الأحمر في العقبة. ويعد المضي بمشاريع تحلية المياه، الحل المستدام لمعضلة عجزه المائي وسط التحديات المالية الأخرى، لإنقاذ البلاد من أزمة مياه متوقعة في حال لم يتم التعجيل بتنفيذ الحلول في أسرع وقت ممكن. وضمن منظومة مشاريع المياه المقترحة وفق استراتيجية وزارة المياه والري، والتي تم طرحها خلال مؤتمر لندن 2019، والهادف لحشد دعم الدول المانحة والمستثمرين الدوليين للأردن، مشروع تحلية المياه الجوفية المالحة في آبار حسبان العميقة بطاقة إنتاجية تتراوح بين 10 إلى 15 مليون متر مكعب سنويا، وطرح مشاريع تقليل فاقد المياه في العاصمة عمّان، بالإضافة لمشروع التوسعة الإضافية لمحطة الخربة السمرا لاستيعاب 100 ألف متر مكعب إضافية، حيث من المخطط أن يتم رفع الطاقة الإجمالية للمحطة من نحو 365 إلى 465 ألف متر مكعب يوميا.
وضمن المؤتمرات الدولية التي كان للأردن فيها تأثير كبير، مشاركته بفعاليات أسبوع المياه العالمي في العاصمة السويدية ستوكهولم خلال شهر آب (أغسطس) من العامين الحالي والماضي. وجمع مؤتمر أسبوع المياه العالمي السنوي في ستوكهولم، قادة العالم وخبراء المياه والمهنيين في مجال التنمية وممثلي الشركات من جميع أنحاء العالم معا في ستوكهولم، خاصة في ضوء الإدراك المتزايد لتعرض البشر بشكل مرتفع لنقص المياه، والطقس المتطرف والاضطرابات الاجتماعية. وأدت عقود من النمو الاقتصادي والسكاني لم يسبق لها مثيل، والتحضر السريع والتغير المناخي لتأكيد النظم الإيكولوجية والضغط الشديد على الموارد المائية المحدودة، واستجابة لذلك، جدد المؤتمر تأكيده على المجتمعات أن تجد وتنفذ حلولا تعمل مع الطبيعة وليس ضدها.
ورغم أن الأردن قطع شوطا جيدا في تقليل الفاقد ورفع مستوى الأداء والخدمة المقدمة والمحافظة على نوعية مياه الشرب والمصادر المائية وخاصة الجوفية والسطحية وتوسيع قاعدة استخدام المياه المعالجة في محطات التنقية وتحلية مياه الآبار المالحة، إلا أن تلبية مختلف الاحتياجات ما تزال بحاجة لاستثمار العلاقات الخارجية القوية في استقطاب التمويل والدعم المالي والمنح لمشاريع قطاع المياه.