القطاعات الخدمية في "الشمال": اهتمام "خجول" وغياب للمشاريع المشغلة
الوقائع الإخبارية: يؤكد سكان ومسؤولون في محافظات الشمال، أن غياب المشاريع الإستراتيجية والاستثمارية الكبرى في هذه المحافظات هو العنوان الأبرز في عهد الحكومة الحالية، فيما استمر نهج سياسة الأعمال الترقيعية للقطاعات الخدمية على ما هو عليه في سياسات الحكومات السابقة.
ويؤكد هؤلاء، أن جميع ما نفذ من مشاريع خدمية في محافظات الشمال لم يحدث فرقا في حياة الناس، والتي ظل العنوان الأبرز لمطالبهم، توفير فرص العمل والحد من ظاهرة الفقر المتفاقمة في مجتمعاتها المحلية.
إذ لم تشهد محافظة إربد خلال عهد الحكومة الحالية أي مشاريع تنموية من شأنها تشغيل الشباب المتعطلين عن العمل في محافظة يبلغ عدد سكانها زهاء مليوني نسمة.
وقال رئيس مجلس محافظة اربد الدكتور عمر المقابلة، ان المحافظة لم تشهد أي مشاريع استثمارية من شأنها الحد من البطالة والفقر وغالبية المشاريع التي يتم تنفيذها هي مشاريع رأسمالية خدمية.
وأشار إلى أن موازنة المحافظة خلال السنوات الماضية هي عبارة عن مشاريع لبناء مدارس ومراكز صحية وفتح وتعبيد شوارع وأخرى تتعلق بإنشاء شبكات مياه وصرف صحي.
ولفت المقابلة إلى أن قانون مجالس المحافظات لا يسمح بالوقت الحالي بتخصيص أموال من الموازنة لغاية استثمارها في مشاريع تنموية، من شأنها تشغيل المتعطلين عن العمل والحد من مشكلة البطالة التي هي بازدياد كل عام.
وقال المقابلة إن المشكلة الحقيقية في الوقت الحالي تكمن في الحفاظ على المصانع الموجودة في محافظة إربد سواء بمدينة الحسن الصناعية أو السايبر ستي، اذ إنها مهددة بالرحيل إلى مناطق صناعية في دول أخرى جراء الميزات الاستثمارية التي توفرها تلك الدول من البنية التحتية وتوافر العمالة المدربة ورخص المستلزمات وغيرها.
وأكد المقابلة، أن الوضع الاقتصادي في محافظة اربد في تراجع مستمر في ظل السياسيات الاقتصادية والضرائب والرسوم التي تفرض بين الفينة والأخرى، والتي تسببت بتراجع القوة الشرائية للمواطنين.
وأشار عرفات إلى غياب المشاريع السياحية في المحافظة التي تضم المئات من المواقع السياحية، حيث تخلو المحافظة من أي فندق 5 نجوم أو صالة ألعاب أو استراحة، مما يضطر السائح إلى الرجوع إلى العاصمة عمان للمبيت.
ولفت إلى أن محافظة اربد عبارة عن قرية صغيرة خالية في الوقت الحالي من أي مشاريع استثمارية حقيقية، مشيرا إلى أن هناك مشاريع صغيرة بجهد شخصي يقوم بها الشباب المتعطلون عن العمل ولكن سرعان ما تفشل جراء الوضع الاقتصادي السيئ.
أما رئيس بلدية اربد الكبرى المهندس حسين بني هاني، فأكد أن مدينة اربد لم تشهد أي مشاريع استثمارية حقيقية من شأنها تشغيل أبناء المدينة المتعطلين عن العمل، لافتا إلى أن البلدية كمؤسسة مستقلة ماليا وإداريا تجهد في البحث عن مشاريع تنموية لتنفيذها على ارض الواقع.
أما محافظة جرش فقد شهدت خلال فترة الحكومة الحالية أكبر تراجع في عدد المشاريع الاستثمارية والحيوية والتنموية، فيما تم إيقاف طرح عطاءات مشروع المدينة الصناعية والتي كان ينتظرها الجرشيون بفارغ الصبر، وكان من المتوقع أن توفر 4000 فرصة عمل، لعدم توفر مخصصات مالية للمشروع.
ويرى الجرشيون أن حكومة الدكتور عمر الرزاز لا تختلف عن الحكومات التي سبقتها، فمحافظة جرش محرومة ومنذ زمن طويل من أي مشاريع حيوية وتنموية، اذ انها بدون مدينة صناعية او مصانع وشركات ومشاريع استثمارية او حتى جامعة حكومية، مشيرين الى انها ما زالت تعامل كلواء واحد، مما حرم ابناءها من آلاف الوظائف الحكومية.
بدوره برر رئيس قسم الإعلام في بلدية جرش الكبرة هشام البنا أن توقف طرح العطاءات في مشروع المدينة الصناعية بعدم توفر مخصصات مالية للمشروع.
ويرى البنا، أن المشروع يحتاج إلى أكثر من 8 ملايين دينار لغاية إيصال التيار الكهربائي وبناء شبكة لإعادة تدوير المياه فيها، وتجهيز شبكة طرق فضلا عن تكلفة المباني التي لن تقل عن 7 ملايين دينار تقريبا.
وأكد رئيس جمعية حرفيي جرش صلاح العياصرة، أن جرش محرومة وتفتقد للمشاريع الاستثمارية السياحية، رغم انها من أكثر المدن العالمية التي يدخلها سياح سنويا، اذ لا يتجاوز عدد العاملين في قطاع السياحة 120 شخصا يعملون كأدلاء سياحيين وتجار بالسوق الحرفي وبعض العاملين في المطاعم السياحية.
وأكد العياصرة أن فرص العمل شبه معدومة في محافظة جرش، اذ لا يوجد اي مشاريع سياحية فيها، مشيرا الى ان كل المشاريع التي تنفذ في عهد حكومة الرزاز لا تتجاوز تعبيد طرق أو إضافة غرف صفية أو شراء حاويات للبلديات، وهذه المشاريع بسيطة وروتينية ولا يمكنها ان تحدث فرقا وتخفف من مشكلة الفقر والبطالة.
وفي عجلون، يؤكد سكان أن المحافظة لم تشهد في عهد حكومة الرزاز أي انجازات ملموسة من شأنها تخفيف مستويات الفقر والبطالة، بل على العكس ما تزال تنتظر المحافظة تنفيذ مشاريع تنموية وخدمية وعدت المحافظة بتنفيذها.
ووفق رئيس مجلس المحافظة عمر المومني، فإن الكثير من العوائق ما تزال تقف أمام تنفيذ المجلس للمشاريع المقررة في مخصصات المحافظة، حيث تأخر طرح العطاءات وبالتالي عودة الكثير من المخصصات لدائرة الموازنة مع نهاية العام، مشيرا إلى حاجة المحافظة لمدينة صناعية طالما تم المطالبة بها.
ويقول النائب أحمد فريحات أن الحكومة أوقفت المشاريع المطروحة في أوقات سابقة، مثل طريق وادي عجلون كفرنجة بعد الإعلان عن المباشرة بالعمل بها على كافة المحطات الفضائية، كما "أننا ننتظر المباشرة بالعمل بمشروع التلفريك والمركز الثقافي في عجلون، بعد أن تم إحالة عطائهما”.
كما أن "المطالبات التي وعدنا بها ذهبت في أدراج اللامركزية والحكومة، فأصبح كل منهما يلقي اللوم على الآخر”، مؤكدا أن” المحافظة تئن فقرا وجوعا”.
ويقول منذر الزغول إن المشاريع الكبرى ما يزال ينتظرها المواطن في المحافظة ولم تر النور لغاية الآن وخاصة فيما يتعلق بالطريق الدائري للمحافظة وإكمال العمل بطريق الموت طريق وادي الطواحين، إضافة الى عدم بدء العمل بالمركز الثقافي وانتظار السكان لسنتين على موعد الانتهاء من مستشفى الإيمان.
ويقول مستشار برنامج إرادة في عجلون علي المومني إن التنمية في المحافظة تحتاج إلى عناية خاصة لعدة أسباب منها: صغر مساحة المحافظة وحيازة الدولة على حوالي 40 % من أراضيها وارتفاع معدلات الفقر والبطالة فيها.
وأكد أن ما تحقق من مشاريع فيها بعهد حكومة الرزاز، محدود لم يزد على 30 % من مخصصات المحافظة لمجلس المحافظة، بحيث "لم نجد تحسنا في تخفيف نسب البطالة والفقر، كما أن المشاريع الكبرى ما تزال وعودا باستثناء مشروع التلفريك والذي يقترب من التنفيذ ما سيخدم المحافظة”.
وزاد أن الآمال بمشاريع الصرف الصحي ما زالت تراوح مكانها، مؤكدا أن لسان حال أهالي عجلون يطالب بالمزيد من الإنجازات الفعلية.
وفي المفرق، يرى مراقبون ومهتمون أن نسبة البطالة والفقر في محافظة المفرق ما تزال مرتفعة ومن أعلى النسب في المملكة، مرجعين ذلك الى أن المفرق وعلى أرض الواقع تفتقر إلى مشاريع قادرة على خلق واقع إيجابي يساهم بتوفير فرص عمل وتحريك عجلة الاقتصاد.
ويقول الناشط الاجتماعي المهندس هايل العموش، إن المنطقة التنموية في المفرق تحتاج إلى إيجاد خطة واضحة المعالم لعملها حتى تتمكن من تحقيق هدف وجودها الرامي إلى تنمية المفرق، اذ لم تحقق حتى الآن الفرص الاستثمارية المطلوبة منها وبالشكل المطلوب.
ويدعو العموش إلى وقفة لإعادة النظر في المشاريع الاقتصادية التي تعثرت بالمفرق، إذ أن معظم المشاريع التي تم تنفيذها في المفرق هي مشاريع تطوير للبنية التحتية كالمدارس والطرق الزراعية وغيرها، مطالبا بتوفير نافذة استثمارية وتقديم تسهيلات للمستثمرين تشجع على نهضة اقتصادية، بعيدا عن الأساليب البيروقراطية التقليدية المنفرة للمستثمرين.
ويشير المدرس غير المتفرغ في جامعة آل البيت الدكتور عودة المساعيد إلى أن المشاريع التي تم تنفيذها في المفرق هي خاصة بالبنية التحتية، لكن وبالرغم من أهميتها، إلا أنه يجب الالتفات إلى تنفيذ مشاريع استثمارية تعمل على تحسين حياة السكان.
ويرى المساعيد أن محافظة المفرق ما تزال تفتقر إلى وجود مشاريع استثمارية تليق بموقعها المتفرد والرابط بين عدة دول، داعيا إلى التوجه صوب المشاريع الاستثمارية.
بدوره يؤكد رئيس مجلس محافظة المفرق محمد اخو ارشيدة، أن المفرق تحوي مشاريع استثمارية، غير أن المحافظة ما تزال تحتاج إلى أكثر من ذلك، وبما يساهم بالحد من نسبة البطالة في المفرق التي تعد الأعلى بالمملكة، خصوصا وأن الأيدي العاملة في محافظة المفرق باتت تشهد منافسة قوية بعد التواجد السوري الكبير في المحافظة.
ويوضح اخو ارشيدة، أن قانون اللامركزية بوضعه الحالي لم يوفر استقلالا ماليا وإداريا، ما يتسبب بالدخول في إجراءات بيروقراطية كبيرة حال تنفيذ مشاريع من خلال عدة وزارات ومؤسسات ومكاتب استشارية تؤخر وتعيق التنفيذ، الأمر الذي يدفع بنقل مخصصات تسديد قيمة المشروع إلى العام الذي يليه، فيما يفرض قانون اللامركزية سقفا لمخصصات المشروع لا تزيد على 200 ألف دينار داخل موازنة المجلس، وما زاد عن ذلك يعود إلى الوزارة المعنية.
ويبين رئيس اللجنة المالية في مجلس محافظة المفرق خالد الحسبان، أن نسبة الإنجاز للمشاريع بحسب مدتها تصل إلى 40 % فقط، فيما تبلغ نسبة الإنفاق الفعلي من موازنة اللامركزية 12،5%، منوها أن موازنة 2018 تبلغ 19 مليون دينار.
ويلفت عضو مجلس المحافظة الدكتور علي البقوم أنه تم تنفيذ مشاريع تتعلق غالبيتها بالبنية التحتية ضمن مشاريع اللامركزية خلال عهد الحكومة الحالية، مبينا أنه تم تنفيذ مشاريع شبكات مياه بكلفة تزيد على مليون دينار وطرق قروية وزراعية بكلفة 2 مليون دينار، فضلا عن تنفيذ مشروعات تتعلق بصيانة وإدامة عمل مراكز صحية وتربية وبناء مدارس في مناطق مختلفة.