إحالة معنفة رضيعتها للتقييم النفسي..ومختصون يؤكدون: الأطفال الأكثر عرضة للعنف

الوقائع الإخبارية: أوكلت رعاية الرضيعة التي تعرضت للعنف من قبل والدتها وهي في المستشفى وأشقائها، إلى جديهم، فيما تقرر إعادة عرض والدة الطفلة للطب النفسي، للتأكد من صحتها العقلية، بحسب مدير الأحداث والأمن المجتمعي في وزارة التنمية الاجتماعية، محمود الهروط. وكان مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي، يظهر رضيعة لا يتجاوز عمرها 6 أشهر، تتعرض لضرب شديد من قبل سيدة تبين لاحقا أنها والدتها، فيما قال مصدر أمني، إن القضية متابعة منذ السابع من الشهر الحالي، إثر شكوى تقدم بها الزوج على زوجته. وتتزامن قضية الرضيعة، مع إحياء الأردن ودول العالم لليوم العالمي لحماية الطفل من الإساءة، والذي يصادف اليوم، في وقت تظهر به أرقام مسح السكان والصحة الأسرية الأخير والصادر عن دائرة الإحصاءات العامة للعام 2018، عن تعرض نحو 81% من الأطفال في الأردن لأساليب التأديب العنيف. وقال الهروط إن "الأم بررت ضربها لطفلتها بتعرضها للعنف من قبل زوجها في أكثر من مرة ما دفعها لمحاولة الانتحار بتناول (دبابيس)”. وأضاف، أنه "تم تحويل السيدة للطب النفسي ولم يتم حينها رصد أي اضطرابات نفسية، وأن توصية لجنة مؤتمر إدارة الحالة للطفلة أوصى بإعادة عرض الأم مرة أخرى على الطب النفسي لاستكمال التشخيص لوضعها النفسي”. ووفق الهروط، "تم تسليم الرضيعية وشقيقيها (3 و4 أعوام) إلى رعاية الجدين، خصوصا أن الأب موقوف حاليا بشكوى عنف أسري تقدمت بها الزوجة”، مبينا أنه "تم إعطاء الأم حق مشاهدة للأطفال لحين استكمال دراسة الحالة”، فيما أشار إلى أنه "تقرر أيضا إخضاع كلا الوالدين لدورات تربية والدية وتأهيل ليتمكنوا من تقديم رعاية أفضل لأطفالهما”. وبالعودة إلى تقرير "مسح الإحصاءات العامة”، فإن 76% من الأطفال تعرضوا إلى نوع من العقاب النفسي، و59 ٪ تعرضوا لنوع من أنواع العقاب الجسدي، و13 ٪ تعرضوا لنوع من العقاب الجسدي الحاد، وبشكل عام، تعرض 81٪ من الأطفال إلى أي أسلوب عنيف للتهذيب”. في مقابل ذلك، تشير آخر الإحصائيات المعلن عنها من قبل إدارة حماية الأسرة، عن تلقي الإدارة نحو 9 آلاف بلاغ عن حالات عنف جسدي ضد النساء والأطفال خلال الشهور الثمانية الأولى من العالم الحالي، ونحو نصف تلك الحالات وقعت على الأطفال، في حين بلغ عدد حالات العنف الجسدي الواقعة على الأطفال والمحولة إلى القضاء 258 حالة فقط. وتؤكد تلك الأرقام، ما يقوله خبراء بأن "الأطفال مازالوا الحلقة الأكثر ضعفا وعرضة للعنف”، والذين دعوا إلى ضرورة تفعيل الإطار الوطني لحماية الأسرة من العنف وإقرار قانون حقوق الطفل بما يضمن حماية أكبر للأطفال من العنف. ويلفت هؤلاء الخبراء، إلى إشكالية المادة 62 من قانون العقوبات والتي تبيح الضرب التأديبي للأبناء من قبل الأباء، حيث أنه رغم الدعوات المتكررة لإلغاء هذه المادة، لكن لم يتم إجراء أي تعديل عليها في تعديلات قانون العقوبات الأخيرة في العام 2017. في مقابل ذلك، استحدثت مسودة قانون حقوق الطفل بندا قانونيا يمنع ضرب الأطفال، إذ تنص المادة المقترحة على "لا تشكّل صفة الوالدين أو الشخص الموكل برعاية الطفل عذرا لارتكاب أي فعل من الأفعال الواردة والتي حددتها المادة السابقة بالحالات التي تشكل تهديدا للطفل”، ويقصد بالأفعال "تعريض الطفل للعنف وإساءة المعاملة والاستغلال”. ويعتبر هذا البند بقانون حقوق الطفل حلا لإشكالية المادة 62 من قانون العقوبات، لكن الأمين العام للمجلس الوطني لشؤون الأسرة، محمد مقدادي قال في تصريحات سابقة” قال إن "القانون ما يزال عالق في مجلس الوزراء منذ نيسان (أبريل) الماضي، وذلك تخوفا من الكلفة المالية للقانون”. في هذا السياق، تؤكد مديرة مركز العدل للمساعدة القانونية، هديل عبد العزيز، أن المطلوب حاليا ليس تعديل أو إقرار تشريعات جديدة، إنما تفعيل التشريعات الموجودة، مشيرة إلى الإطار الوطني لحماية الأسرة من العنف. وقالت، "الواقع أن الإطار حاليا غير مفعل بالشكل اللازم، المطلوب هو توفير الموارد والمخصصات المالية لتفعيله من قبل الدولة بما يضمن تقديم الخدمات بكفاءة عالية للأطفال المحتاجين للحماية والرعاية”. ولفتت عبدالعزيز، إلى أهمية إيجاد قاعدة بيانات للأطفال ضحايا العنف، بحيث يتم تتبع هذه الحالات وضمان أيضا المتابعة اللاحقة لها. من جانبها، تبين مسؤولة برامج الحماية في منظمة إنقاذ الطفل، غادة أبو الروس، أن آلية الاستجابة للعنف باتباع منهجية إدارة الحالة تراعي المصلحة الفضلى للطفل من حيث الخطوات والنماذج التي تستخدمها المؤسسات كافية وتعتبر بحد ذاتها منهجية شمولية ومتكاملة، لكن لا يخلو الأمر من خلل في الممارسات الفردية للموظفين المطبقين لتلك الإجراءات. وعزت أبو الروس هذا الخلل، إلى "ضعف الخبرات والإمكانات وقلة الكوادر المدربة”، معتبرة كذلك أن الخدمات النفسية الضرورية للاستجابة لحاجات الأطفال من ضحايا العنف تعتبر في هذه المرحلة قاصرة وتحتاج لتطوير. وأشارت أيضا، إلى تدني عدد مقدمي الخدمة النفسية من مؤسسات المجتمع المدني وهي محدود للغاية، مؤكدة أن حدوث خلل في طرق الاستجابة عادة ما يؤثر سلبا على مسار الأطفال وصحتهم النفسية لاحقا وعلاقاتهم بأسرهم ومحيطهم. ووفق أبو الروس، "على العاملين في قطاع الحماية بالعموم التخطيط للتدخلات المناسبة على مستوى الأسرة وليس فقط على مستوى الطفل، فالطفل عادة ما يقع ضحية للعنف الأسري كنتيجة لضعف ديناميات الأسرة والخلافات اليومية التي تدور في المحيط، وضعف التواصل بين الأبناء والوالدين والعنف الموجه ضد أحدهم”. من ناحيته، لفت استشاري الطب الشرعي، الخبير في قضايا حقوق الإنسان والوقاية من العنف، هاني جهشان، إلى أن مواجهة العنف على الأطفال يجب أن يستجاب لها بالتنسيق بين الجهات المتعددة وهذا يتطلب أن يتجاوز العمل الاستجابات المخصصة المتعلقة بكل قطاع منفردا ليصبح نهجا شاملا متعدد القطاعات ومنهجيا ومطّردا تدعمه دعما كافيا وتسهله آليات مؤسسية متخصصة وقوية ودائمة”. وأضاف، "على الرغم من وجود فريق وطني لحماية الأسرة في المجلس الوطني لشؤون الأسرة ووضع أدلة إجراءات لكل قطاع ودليل إجراءات يضبط العلاقة ما بين القطاعات المتعددة، وأيضا عقد العديد من الدورات التدريبة على هذه الأدلة، إلا أن الإنجاز على ارض الواقع لا يزال ضعيفا جدا وللأسف، وهذا يتطلب تقييم واقع الحال ودراسة التحديات والفجوات ووضع الحلول المباشرة لها وهذا متوقع أن يتم من قبل الفريق الوطني لحماية الأسرة”. وشدد جهشان على أهمية أن يتم توفير الموارد المالية والبشرية الكافية لتنفيذ قانون الحماية من العنف الأسري، ولا تعتمد فقط على المنح المؤقتة، ويجب أن تضمن الحكومة تطبيق آليات إنفاذ القانون والتقيد التام بالأدلة التي أنجزت تحت الرقابة الإدارية الصارمة.