إعادة فتح "معدل العمل".. انتقاد واستغراب لاقتصاره على 10 مواد
الوقائع الإخبارية: فور إعلان وزارة العمل، الأربعاء الماضي، عن إعادة فتحها عشر مواد من القانون المعدل لقانون العمل، للنقاش، انتقدت منظمات مجتمع مدني عدم التفات الوزارة لمطالبها بتعديل بعض المواد الخاصة بالتنظيم النقابي، وإعطاء العمال الحق بتمثيل انفسهم في حالات النزاع العمالي، فضلا عن مطالبات أخرى تنادي بتعريف التحرش في هذا القانون، ومساواة إجازة الامومة في القطاعين العام والخاص، وأخرى تتعلق بإلغاء أي تمييز تجاه العمال المهاجرين.
ونشرت الوزارة على موقعها الإلكتروني اعلانا تؤكد فيه "رغبتها باستقبال الملاحظات والمقترحات حول "معدل العمل”خلال 60 يوما”.
ورغم انه لم يمض على نشر ذلك القانون، بحلته الجديدة، في الجريدة الرسمية نحو ستة اشهر، الا ان وزارة العمل ارتأت فتحه من جديد، وبالتحديد عشر مواد منه فقط، للنقاش، تتعلق بتنظيم سوق العمل وإعطاء المزيد من الصلاحيات لوزير العمل.
وأثار ذلك امتعاض منظمات مجتمع مدني كانت طالبت حتى قبل إقرار النسخة الأخيرة من القانون، بفتح كل مواده للنقاش، حيث يبدي البعض استغرابه من إعادة فتحه فقط لمناقشة هذه المواد، وترك المواد الأكثر أهمية مثل المواد الخاصة بالنزاع العمالي والتنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية.
مديرة مركز تمكين للدعم والمساندة، لندا كلش، علقت على ذلك بالقول، "ما نزال نعيش في فوضى تشريعية ومزاجية في تعديل التشريعات، رغم ان قانون العمل قد تم تعديله هذا العام، فهو يفتح مرة أخرى للتعديل دون مراعاة ما هو مطلوب تعديله ومطالب مؤسسات المجتمع المدني”.
وتعليقا على فتح المادة 12 من القانون التي تنص على "لا يجوز استخدام أي عامل غير أردني إلا بموافقة الوزير أو من يفوضه شريطة ان يتطلب العمل خبرة وكفاءة غير متوفرة لدى العمال الأردنيين، أو إذا كان العدد المتوفر منهم لا يفي بالحاجة وتعطى الأولوية للخبراء والفنيين والعمال العرب”، تقول كلش، "ان التعديل الجديد على هذه المادة وبدلا من انصاف العمال، تفتح الباب لمزيد من الانتهاكات، ومنها انتهاكات رسمية مثل ابعاد العمال بقرار من وزير العمل وهو جهة تنفيذية، وذلك مخالفا للمادة 13 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي يمنع ابعاد اي اجنبي دون قرار قضائي”.
وأضافت "في الفقرة ج/١ من المادة 12 لم تحدد من سيدفع قيمة تصريح العمل هل هو العامل ام صاحب العمل، وقد يكون ذلك أتى لخدمة تصريح العمل الحر، ولكن ما هو الموقف من باقي تصاريح العمل، كما جاءت الفقرة د من ذات المادة مكرسة حرمان العمال من الحق في الاستقالة معطية صاحب العمل صلاحية الابلاغ عن فرار العمال مما يكرس نظام الكفيل الذي هو اشبه بالعبودية”.
وتساءلت كلش عن سبب عدم فتح المادة 77 من القانون والتي تتناول العمل الجبري، مؤكدة انه يجب ان تكون العقوبة اشد، مضيفة "ان رغم تعديل قانون العمل عدة مرات من العام 2008 حتى الآن ولم يصدر نظام العاملين في الزراعة والذي نص عليه تعديل العام 2008، ما يحرم عمال الزراعة من حقوقهم”.
بدوره، رأى مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية احمد عوض، أن جزءا كبيرا من التعديلات المقترحة على قانون العمل تعبر "عن روح ورؤية (عرفية) لإدارة وتنظيم سوق العمل حيث ذهبت باتجاه زيادة صلاحيات وزير العمل ممثلا عن الإدارة الحكومية في العديد من الملفات، وخاصة في صلاحياته بتسفير العمال غير الأردنيين، والتي يفترض أن تنتقل الى السلطة القضائية، وليس بقرار اداري يصدره الوزير، لأن عدم تجديد تصريح عمل العامل غير الأردني ربما يكون لأسباب تتعلق بأطراف أخرى، ليس للعامل فيها ذنب، والقضاء هو القادر على حسم هذه القضايا”.
"ومن التعبيرات العرفية الأخرى في التعديلات الجديدة، المبالغات الكبيرة في العقوبات على تنفيذ بعض المخالفات حتى وان كانت بسيطة”، حسب عوض.
واضاف "كذلك أهملت هذه التعديلات، الأولويات الأساسية التي يجب اجرائها على قانون العمل، وتجاهلت مطالب منظمات المجتمع المدني المختلفة والنقابات العمالية التي كانت وما تزال تطالب بإجراء تعديلات جوهرية على الفصل الحادي عشر المتعلق بالنقابات العمالية، وإزالة القيود على تأسيسها وعملها، الى جانب القيود الموجودة في القانون على المفاوضة الجماعية بين العاملين وأصحاب الأعمال”.
ووفق عوض، "لم تتطرق التعديلات المقترحة الى المادة 58، والتي فتحت المجال أمام انتهاكات عمالية كبيرة على قطاعات واسعة من العاملين تصل الى مستوى العمل الجبري، حيث حرمت العاملين في مهن اشرافية أو الذين تتطلب أعمالهم التنقل من بدل العمل الإضافي في حال زادت ساعات عملهم عن ما نص عليه القانون”.
من جانبها، أوضحت أمين عام اللجنة الوطنية لشؤون المرأة سلمى النمس "ان اللجنة الوطنية للانصاف في الأجور،
كان قد تم وعدها عدة مرات بتعديل قانون العمل، بحيث يتم إضافة تعريف التحرش في مكان العمل بقانون العمل وتشديد العقوبات عليه، وكذلك توحيد اجازات الامومة ما بين القطاعين العام والخاص حيث انها 70 يوما في الخاص بينما هي 90 يوما في القطاع العام، الا ان التعديلات الجديدة لم تتطرق لهذه المواد”.
وحاولت مصادر الاتصال بوزير العمل نضال البطانية، لكن لم يتسن لها الحصول على رد.