منتدى (الأردنية) الثقافي يعرض قراءة جديدة لوعد بلفور
الوقائع الاخبارية : دحض الكاتب والأكاديمي الدكتور فارس حلمي معتقدات البعض حول اقتران اهتمام بريطانيا العظمي بمنطقة بلاد الشام بتاريخ صدور إعلان وعد بلفور في الثاني من نوفمبر عام 1917، مؤكدا أن لهذا الاهتمام تاريخا طويلا امتد لقرون عدة، سبقت موعد هذا الإعلان.
جاءت تأكيداته تلك، وفق قراءة جديدة مغايرة لما هو متعارف عليه أطّرها في كتابه الجديد المعنون بـ (إعلان بلفور)، وعرضها في ندوة استضافه فيها منتدى الجامعة الأردنية الثقافي، مستندا بالإضافة لها، لمعلومات ورد ذكرها في كتاب (تاريخ الأردن وفلسطين) لمؤلفه الدكتور عبد المجيد الشناق.
حلمي وفي الندوة التي أدارها أستاذ التاريخ ومدير مركز الوثائق والمخطوطات ودراسات بلاد الشام الدكتور سلامة النعيمات، بحضور رئيس المنتدى الدكتور صلاح جرار وعدد من المهتمين من الأساتذة والطلبة، عزا سبب تناوله لـ (وعد بلفور) وجعله موضوعا رئيسا لكتابه الجديد، في مثل هذا الوقت، بالرغم من مرور أكثر من قرن على صدوره، لما له علاقة بإدارة الدولة، حيث أن أي دولة عظمى تعمل على وضع خطط تصل مدتها لأكثر من مائة سنة، وذلك لضمان مستقبلها والحفاظ على شعوبها، حيث أن قلة من الأشخاص يعرف مثل هذا التخطيط على حد قوله.
وأوضح أن هناك مراحل تاريخية جرت كانت سببا في تمهيد الطريق لدخول اليهود إلى فلسطين قبل موعد هذا الإعلان المشؤوم، مستعرضا في سرد تاريخي لتلك المحطات وما تخللها من تحالفات بين الدول العظمى كشفت عن اهتمامها بمصر وبلاد الشام اهتماما استراتيجيا هدفه الدفاع عن مصالحها الاستراتيجية.
وتطرق إلى الممارسات التي نفذت على أرض الواقع في تطبيق إعلان بلفور من قبل بريطانيا، بدءا بإنشاء الجمعية الملكية لاستكشاف فلسطين، وإرسال بعثات علمية لاستكشاف المنطقة، وتبني جميع أتباع الديانة اليهودية واستقطابهم لجعلهم رعايا لها، وأيضا جعله من وثائق عصبة الأمم، ليكون على جدول أعمال المنظمات الدولية وليس على جدول أعمال بريطانيا فقط، وانتقال المسؤولية فيما يرتكب من جرائم في حق الفلسطينيين، إلى هيئة الأمم التي تعتبر وريثة لعصبة الأمم، والتي قامت بتقسيم فلسطين عام 1947، وإعطاء الصهاينة دون وجه حق جزءا من فلسطين.
وتبعا لقراءته، بين حلمي أن دول الغرب تتعامل مع اسرائيل ومشروعها الصهيوني، كطابور خامس، مهمته التغلغل والتجسس ليس في فلسطين وحدها بل في المنطقة العربية كلها، مؤكدا أنها ليست بدولة ولا سياسة لها، ولن يكون لها مستقبل أيضا.
بدوره، أوضح النعيمات أهمية انعقاد الندوة والتي اكتسبتها من الوضع الراهن سواء أسياسيا كان، أم اقتصاديا أم اجتماعيا، أم أمنيا، مؤكدا أن وعد بلفور يعد استكمالا للمشروع الاستعماري، وهو حلقة رئيسة من حلقات ما بعد الاستعمار، وإن كل ما يترتب عليه من تداعيات كارثية أثرت سلبا في الأرض والإنسان، مما يناقض الأعراف والقوانين والمواثيق الدولية، واصفا إياه كما قيل عنه (وعد من لا يملك لمن لا يستحق).
واعتبر النعيمات أن ما ينتهجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من سياسات داعمة للدولة العبرية منذ استلامه السلطة، ما هو إلا (بلفور جديد)، مثل إعلان استعداده عن تنصيب نفسه دور الوسيط في حل السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وتأكيده فيما بعد أن واشنطن ما عادت متشبثة بحل الدولتين، واعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها، وخطته لإحلال السلام من خلال تنفيذ صفقة القرن، وتأكيد بلاده على أن المستوطنات الاسرائيلية لم تعد تخالف القانون الدولي وغير متسقة معه.