نتانياهو.. انا ولتذهب الدولة
الوقائع الإخبارية: مع ذهاب إسرائيل إلى انتخابات عامة ثالثة، خلال 11 شهرا، وإقرار البرلمان الاسرائيلي (الكنيست) لموعدها في الثاني من آذار المقبل، يسود اعتقاد لدى قسم من السياسيين والمحللين، أن الأزمة السياسية قد تستمر بعد الانتخابات المقبلة، ولذلك ستتبعها جولة انتخابات أخرى، رابعة. لكن سيناريو كهذا سيكون محتملا، فقط في حال بقاء زعيم حزب الليكود ورئيس الحكومة، بنيامين نتانياهو، في الحلبة السياسية.
ووصف المحلل السياسي في صحيفة «اسرائيل اليوم»، ماتي توخفيلد، امس، التوجه إلى انتخابات ثالثة بأنه «واقع يفوق الخيال»، وأن هذا الواقع «يعكس أزمة ثقة بين المنتخبين والشعب بمستويات يصعب ترميمها».
ورأى بفشل المؤسسة السياسية تشكيل حكومة، في أعقاب جولتي الانتخابات السابقتين، أنها «ليست أقل من مؤشرات انهيار. دولة معطلة ومستعبدة لطريقة (حكم) معطوبة ولا يوجد أحد بإمكانه تغييرها».
وتطرق توخفيلد إلى تصريحات الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، ورئيس حزب «اسرائيل بيتنا»، أفيغدور ليبرمان، بأن «الفجوات الأيديولوجية بين الليكود و(ازرق -ابيض) تبدو هامشية»، لكن «الحقيقة معقدة أكثر»، زاعما أن «بيني غانتس هو زعيم معسكر اليسار. ونتانياهو يقود معسكر اليمين. وشركاء غانتس الطبيعيين هم حزب العمل وميرتس، بينما شركاء نتانياهو هم البيت اليهودي، اليمين الجديد والكتل الحريدية -المتطرفة دينيا. غانتس يؤمن بالدولتين للشعبين واستئناف العملية السياسية (مع الفلسطينيين)، ونتانياهو لا». لكن غانتس وشركاءه في «ازرق -ابيض» لم يعلنوا أبدا أنهم يؤيدون حل الدولتين، وإنما عبر غانتس عن تأييده لضم غور الأردن لإسرائيل.
وتوقع توخفيلد ألا يكون الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي على أجندة الحملة الانتخابية الحالية، وأنه «بمساعدة وسائل الإعلام، ستكون التحقيقات والاتهامات والحصانة (لنتانياهو) ستكون في مركزها، مرة أخرى. والأمر الأكثر إشكالية ليست الحملة التي قبل الانتخابات وإنما النتائج التي ستظهر بعدها».
وتابع أنه «بموجب جميع المؤشرات، نتائج الانتخابات المقبلة لن تجلب معها أية بشرى، والاحتمال الأكبر أن يستمر وضع عدم الحسم. وانطلقت بالاربعاء انتخابات 2020، لكن إذا لم يأتي التغيير الدراماتيكي، فربما سنجد أنفسنا في الموعد الثاني من انتخابات العام 2020».
وشكك المحلل السياسي في القناة 12 التلفزيونية الإسرائيلية، أمنون أبراموفيتش، بجدوى الاتهامات المتبادلة بين السياسيين حول التسبب بالذهاب إلى انتخابات ثالثة، مشددا على أن ذلك «لن يكون له تعبير دراماتيكي ليحسم نتائج الانتخابات، وأكاد أكون متأكدا من أن الجولة الثالثة ستقلل مستوى الثقة المتدنية أصلا بالمؤسسة السياسية، بطريقة الحكم، بالديمقراطية الإسرائيلية».
وأشار أبراموفيتش إلى أن «هذه ستكون المرة الأولى التي فيها رئيس حزب كبير، الحزب الحاكم في العقد الأخير وخلال معظم السنين منذ العام 1977، سيكون متهما بجنائيات. وليس واضحا كيف سينعكس ذلك في النتيجة النهائية»، لكن «مهما كانت نتيجة الانتخابات المقبلة، ليتني أكون متأكدا من أننا لن نذهب في تموز المقبل إلى جولة رابعة».
وأكدت محللة الشؤون الحزبية في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، سيما كدمون، على «مشاعر الاشمئزاز وانعدام الثقة لدى الجمهور بمنتخبيه، والغضب والاحتقار التي يشعر بها تجاه أعضاء الكنيست، الذين مثل قطيع حملان صامتة ومنصاعة، وخلافا لمصلحتهم ومصلحة ناخبيهم، وضعوا رأسهم تحت سكين الذبح».
ولفتت إلى أنه لو جرى التصويت على حل الكنيست بصورة سرية، لاعترض 119 عضو كنيست على حله، «وفقط شخص واحد، نتانياهو، أراد هذه الانتخابات، انطلاقا من مصلحة شخصية مرفوضة وبخلاف كامل لمصلحة الدولة. ثلاث معارك انتخابية لخدمة هدف واحد لشخص واحد: تشكيل ائتلاف لحصانة تسمح بتهرب رئيس حكومة متهم بجنائيات من المحاكمة».
وأضافت أنه «لا نذهب إلى الانتخابات الثالثة بسبب الأولاد في الغرف الآمنة في غلاف غزة، ولا بسبب الأزمة في غرف الطوارئ في المستشفيات ولا بسبب عجز الموازنة، وإنما بسبب الشؤون القضائية للمواطن نتانياهو. ولا حتى بسبب ضم غور الأردن، الذي تمسك به نتانياهو فجأة كحاجة وجودية ضرورية لا مثيل لها، والتي طوال 14 عاما كرئيس للحكومة لم يدفعه قدما ولو بسنتمتر واحد».
وتابعت كدمون أنه «توجهنا إلى الانتخابات الأولى، في نيسان، من أجل استباق جلسة الاستجواب ضد نتانياهو. وخرجنا إلى الانتخابات الثانية من أجل استباق لوائح الاتهام. ونتوجه إلى الثالثة كي يعلق طلب نتانياهو بالحصانة لأشهر طويلة لن تبدأ فيها الإجراءات القضائية».
من جهته، أبلغ نتانياهو، المحكمة العليا امس، أنه سيستقيل من مناصبه الوزارية باستثناء منصب رئيس الحكومة، وذلك ابتداء من مطلع الشهر المقبل.
ويأتي بلاغ نتانياهو في أعقاب إعلان المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، أنه إذا لم يستقل نتانياهو طواعية من مناصب وزير يتولاها، فإنه سيضطر إلى إلزامه بالقيام بذلك.
ويتولى نتانياهو أربع حقائب وزارية حاليا، وهي الصحة والرفاه والزراعة و«الشتات».
ويستند القرار بهذا الخصوص إلى سابقة قضائية من العام 1993، عندما قررت المحكمة العليا أن على رئيس الحكومة حينذاك، اسحاق رابين، أن يقيل الوزير أرييه درعي، ونائبه رفائيل بنحاسي، بسبب تقديم لوائح اتهام خطيرة ضدهما.
وأعلن مندلبليت، الشهر الماضي، أنه يعتزم تقديم لوائح اتهام ضد نتانياهو تنسب له ارتكاب مخالفات فساد، بينها الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة في ثلاثة ملفات.
من جهته، قال ليبرمان، امس، إنه سيؤيد منح عفو لنتانياهو، شريطة اعتزاله الحياة السياسية، وأن نتانياهو تحول إلى «عبء».
وبعد ساعات من تصويت الكنيست على حل نفسه، قال ليبرمان لموقع «يديعوت أحرونوت» الإلكتروني، إنه «ليس حصانة، وإنما عفو مقابل اعتزال باحترام»، في إشارة إلى رفضه منح حصانة برلمانية لنتانياهو تمنع محاكمته في تهم فساد خطيرة.
وأضاف أنه «يوجد شعور بالملل من نتانياهو في الكنيست، وأنه تحول إلى عبء». وتابع أنه «كان يتعين على الحزبين الكبيرين (الليكود و«ازرق -ابيض») تشكيل حكومة، إذ لديهما معا 65 عضو كنيست. ومنذ اللحظة الأولى للحملة الأخيرة، قلت إننا سننضم إلى حكومة وحدة فقط لا غير، وليس لأي حكومة ضيقة».
وكرر ليبرمان اتهام الليكود و«ازرق -ابيض» بالمسؤولية عن الأزمة السياسية الإسرائيلية والفشل بتشكيل حكومة. وقال إن «الحزبين معا قررا إحباط ذلك. وكلا الحزبين، عن تعمد مسبق، جرا دولة إسرائيل إلى جولة انتخابات ثالثة. ولكني أذكّر بأن من هاجم فكرة حكومة وحدة منذ البداية، شفهيا وبمقال، كان نتانياهو. كما أن علينا أن ندرك أن حكومة ضيقة لن تمارس مهامها، وسوف تنزف. وستواجه مقترحات حجب ثقة أسبوعيا، وبدلا من أن تقود إصلاحات ستقود إلى شرذمة وخلافات».