مسؤولون إسرائيليون ملاحقون في 100 دولة
الوقائع الإخبارية : يواجه مسؤولون سياسيون وعسكرين إسرائيليون الاعتقال في أكثر من مائة دولة في العالم، نتيجة قرار المحكمة الجنائية الدولية الأخير بفتح تحقيق رسمي في جرائم الاحتلال الإسرائيلي المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني.
وأثار هذا القرار موجة غضب إسرائيلي عارم، بينما أعلنت الولايات المتحدة الأميركية رفضها "الحازم له”، أمام تداعياته "حيث ستكون تحركات المسؤولين الإسرائيليين محصورة ومهددة بخطر الاعتقال والتسليم إلى محكمة الجنايات الدولية للمحاكمة”، وفق خبير القانون الدولي الدكتور أنيس قاسم.
وقال قاسم إن "للادعاء العام للمحكمة، في هذه الحالة، الحق في إصدار مذكرات جلب للمتهمين الإسرائيليين بارتكاب الجرائم ضد الأراضي الفلسطينية المحتلة، للذهاب إلى المحكمة، ليصبح المسؤولون، من القادة والضباط والسياسيين، مطلوبين دولياً للمحكمة”.
وأكد أهمية هذا القرار الذي "جاء متأخراً، ولكنه خطوة في الاتجاه الصحيح”، و”يعبر عن جرأة وشجاعة المدعية العامة في محكمة الجنايات الدولية، والتي تلكأت كثيراً للوصول إلى تلك المرحلة المهمة”.
وأوضح بأن القرار يعني أن "المدعية العامة قد اطلعت على كافة الملفات التي قُدمت إليها، لاسيما الملف المقدم من السلطة الفلسطينية، حينما قدم طلب الإحالة، طبقاً لميثاق روما الذي يعطي الحق لفلسطين رسمياً تحريك دعوى ضد المسؤولين الإسرائيليين عن ارتكاب جرائم الحرب”.
وأفاد بأن الإدعاء العام في المحكمة "سيباشر الآن في التحقيق في البيانات، وقد يستغرق ذلك من 4- 6 أشهر حتى يتم التأكيد من مصداقيتها، وربما تتم الحاجة لبعض الإضافات، بحيث يستطيع بعدها التحرك أمام المحكمة الجنائية الدولية”.
ولفت إلى أن "المدعية العامة طلبت استدراج الرأي من أحد قضاة المحكمة حول موضوع الولاية القضائية، عما إذا كانت فلسطين دولة تستطيع أن تحرك تلك الدعوة، أم أن غزة والضفة، بما فيها القدس، مجرد أقاليم محتلة لا تشكل دولة”.
ويعد هذا الموضوع الشائك، وفق قاسم، سلاحاً بيد سلطات الاحتلال التي ستلعب عليه بقوة، مدعومة من الولايات المتحدة وبريطانيا، لاستخدامه بحجة عدم أحقية فلسطين للتقدم بالدعوى القضائية، كذريعة لتعطيل مسار اجراءات التحقيق.
غير أن "قبول الادعاء العام في المحكمة الجنائية الدولية فتح التحقيق في جرائم الاحتلال وانتهاكاته ضد الأراضي الفلسطينية المحتلة، يعني الاقتناع من جانبه بأن فلسطين دولة يحق لها القيام بذلك، بحيث قد تنم خطوة الاستعانة بقاضٍ حول الموضوع عن محاولة لقطع الطريق أمام أي خطوة باتجاه التشكيك من تلك الأطراف”.
إلا أن قاسم نبه إلى خطر آخر يهدد هذه الخطوة، ومنها "خطورة أن تذهب المساعي الأميركية – الإسرائيلية المضادة، مع بريطانيا وفرنسا، للجوء إلى استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي لطلب وقف التحقيق، حيث يمكن لمجلس الأمن أن يطلب من الإدعاء العام للمحكمة الجنائية الدولية وقف التحقيق أو وقف إجراء المحاكمة”.
ولفت إلى أهمية أن "تنشط الدبلوماسية الفلسطينية لدى الدوائر الروسية والصينية لوضعهم في صورة هذه المخاطر واستخدام حق النقض "الفيتو” عند طرح هذا الأمر أمام مجلس الأمن”.
وتوقف قاسم عند ما سماه الخطر الذاتي من الجانب الفلسطيني نفسه، "فقد تستخدم القيادة الفلسطينية هذا الموقف كورقة للمفاوضات مع الإسرائيليين، فيما قد يستطيع الجانب الإسرائيلي إغراء الجانب الفلسطيني لإرجاء البحث في موضوع التحقيق الدولي”.
وفي أول تعليق أميركي على القرار؛ أعلن وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، أن "الولايات المتحدة، تعارض "بحزم”، فتح المحكمة الجنائية الدولية لتحقيق في جرائم حرب إسرائيلية.
وقال بومبيو "نحن نعارض بحزم هذا الأمر، وأي عمل آخر يسعى لاستهداف الاحتلال الإسرائيلي بطريقة غير منصفة”، معتبراً أن التحقيق "غير مبرر”.
وأضاف "لا نعتقد أن الفلسطينيين مؤهلين كدولة ذات سيادة، ولهذا هم ليسوا مؤهلين للحصول على عضوية كاملة أو المشاركة كدولة في المنظمات أو الكيانات أو المؤتمرات الدولية، بما فيها محكمة الجنائية الدولية”، وفق قوله.
يأتي ذلك، بعدما أعلنت المحكمة الجنائية الدولية، أول أمس، فتح تحقيق شامل بشأن جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، هاجم بشدة الإعلان، معتبراً أنه "مخزٍ وبيوم أسود للحقيقة والعدالة”، وفق مزاعمه.
وفي رسالة بعث بها نتنياهو إلى زعماء في العالم، أوضح أنه "يتم تحويل المحكمة الدولية إلى سلاح سياسي ضد الجانب الإسرائيلي”، وفق ادعائه.
من جانبها رحبت جامعة الدول العربية بقرار الجنائية الدولية، مؤكدة على لسان الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة بالجامعة الدكتور سعيد أبو علي في تصريح صحفي أمس أن القرار خطوة نوعية مهمة تعبر عن إرادة المجتمع الدولي الذي طالما دان هذه الجرائم وطالب بوقفها والتحقيق فيها ومساءلة سلطات الاحتلال عنها، وتقديم مرتكبيها للعدالة الدولية بما يشمل توفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني على طريق إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح أن هذا القرار أكثر إلحاحا في ظل ما تتعرض له فلسطين من جرائم حرب بما فيها الاستيطانية غير المسبوقة.
في المقابل؛ توالت ردود الفعل الفلسطينية المرحبة بالقرار، بوصفه انتصاراً للحق ولعدالة القضية الفلسطينية، و”البداية نحو محكامة وملاحقة الاحتلال”، طبقاً لعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني.
ولفت إلى ضرورة "إسراع المحكمة في الإجراءات العملية على الأرض، لتكون خطوة عملية لتسريع محاكمة الاحتلال، بخاصة وأن كافة جرائمه واضحة وبأدلة دامغة، مما يُسهل مهمة المحكمة”.
وأوضح أنه "بإمكان أبناء الشعب الفلسطيني محاكمة الاحتلال، عبر التوجه للمحكمة الجنائية الدولية، فيما ستسهل دولة فلسطين كافة الإجراءات، وتقدم الأدلة القانونية؛ لتسهيل هذا القرار”.
من جانبها؛ اعتبرت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أن إعلان المحكمة الدولية "خطوة كبرى في الاتجاه الصحيح، ويُعبر عن موقف دولي، آخذ بالتبلور لصالح الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية وقضيته، وانتفاضته الشعبية ضد الاحتلال والحصار والاستيطان الإسرائيلي”.
بدورها؛ أكدت جبهة التحرير الفلسطينية أن "من حق الشعب الفلسطيني المطالبة بكافة سبل الإنصاف والعدالة التي يوفرها القانون الدولي، بما في ذلك اللجوء للمحكمة الجنائية الدولية، نظراَ للضرورة الملحة وجسامة الوضع في فلسطين الذي لا يحتمل مزيداً من التأخير”.