تفاصيل مؤلمة...شقيق الكساسبة يروي تفاصيل تلقي نبأ استشهاده قبل 5 سنوات
الوقائع الإخبارية : روى جودت الكساسبة شهيد الطيار الأردني معاذ الكساسبة تفاصيل تلقي نبأ استشهاده في الثالث من شباط عام 2015، على يد تنظيم داعش الارهابي.
وقال الكساسبة في منشور له عبر فيسبوك:
وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا صدق الله العظيم
قبيل المغرب من الثالث من شباط عام ٢٠١٥، كنت قد نسقت مسبقا مع احد قادة الدواعش ولكنه يدعي انه وسيط، المكان جبل الاشرفية، الشرط ان اكون وحيدا، كنت قد اخبرت احد اقربائي بالموضوع واني سأرسل له مكان اللقاء بالتحديد قبيل الدخول، تحركت من ديوان ابناء الكرك الذي كان نشط الحركة يومها وقد وصلت اشارة خلدا واذ بهاتفي يرن، المتصل من اقربائي يخبرني ببث شريط الفيديو، لم استطع قيادة السيارة، صدمة افقدتني التفكير، هل اعود لوالدي المتواجد بديوان ابناء الكرك الاقرب لي، ام لوالدتي المتواجدة في ابو نصير مع اخواتي وزوجتي ونساء اخريات رجعت للديوان اولا، وعندما وصلت الباب الرئيسي، واذا عمي يهاتف شخصا يقول له (مش فاهم عليك باشا، شو بتقصد؟)
واذا المتصل رئيس هيئة الاركان قائد الجيش يبلغ عمي بالخبر ويعزيه، انا صامت بل ان لساني في حالة خدران،
اختيار عمي ليس عبثا، لانه عسكري وقد سبق له ان تعامل بنفس الموقف، والدي بجانبه والكثير قد التف حول عمي، عندما اعاد قائد الجيش الخبر وقد رمى عمي هاتفه وقد تحطم الهاتف، عندها قال والدي (لا حول لنا ولا قوة الا بالله) كان الهاتف عند قدمي والدي، اتذكر تلك اللحظات وكأني اعيشها اليوم، والدي من جمع الهاتف ووضعه بجيبه بينما سقط عمي على ركبتيه، الكل بكى ومنهم من كسر في المكان، انا واخي اصبتنا حالة هستيرية في تلك الاثناء كان في الديوان اشخاص لديهم حبوب مهدئة، تم اعطاء والدي وعمي وانا واخي وربما غيرنا الكثير ولكني لم ادرك الا من ذكرت، ابي من اوعز ان يتم اخلاء المكان لمشاهدات اشارت الى خراب قادم خلال ساعات وقال (الكل يروح لـ عي ولا يظل ناس بعمان) ربما انها حكمة من الله تجنبا لحراك شعبي سيؤول الى خراب لا محالة.
ركب ابي وعمي في سيارة مرسيدس سوداء لا اعلم لمن هي يقودها شاب ومعه مرافق ايضا لا اعرف من هم او لم ادرك، الاحداث سريعة ومتسارعة
اتصلت بزوجتي ان لا تفتح التلفزيون وتأكدت انهم لم يعلموا شيئا للان، وصلت ابو نصير، وقد وجدت اناس كثير عند منزل عمي ومنزل نسيب لنا، وسيارتي اسعاف، وطبيب وفريق اسعاف فوري، وكأن التجهيز مسبق ومرتب له، هنا بدأت قصة رعب حقيقي، دخلت المنزل واذا احدى المتواجدات بالبيت قد قرأت خبرا، وعندها انفجرت بالبكاء، واصبحت الدار ضجيج الدموع، دخل الطبيب وفريقه وبدأ باعطاء ابر مهدئة، القصة طويلة، الساعة الان الحادية عشرة ليلا، العودة الى عي والطريق الصحراوي، اخذت والدتي ولا اذكر من ركب معي، المهم والدتي في حالة هلوسة، يبدو ان مفعول الابرة شديد ولكن تدخل بنوبات بكاء عن غير وعي، الطريق طويل، التفافات خطيرة واسفلت مكسر وسيارة قديمة وحالة نفسية مضطربة عيون دامعة، قلب منكسر، يجب ان اكون قويا لان جميع الركاب نساء باكيات ناحبات الوصول لعي صعب، الطريق وقت الشتاء يكون ضبابيا، شديد الضباب، الالتفافات حادة، حافة الطريق هي بداية الوادي العميق، عندها لمحت اضوية سيارات الشرطة وقوات الدرك تتلألأ رغم الضباب، جال في خاطري الفوضى التي لا طاقة لنا بها، عندما وصلنا القرية الحزينة كان السير كثيفا والمارة تمنع انسياب المرور، طوال الطريق وانا اتذكر طفولتنا ويوم تجنيد معاذ ويوم التخريج وفرحتنا والان الحال غير الحال، وصلنا البيت وترك البيت باحثا عن والدي وجدتهم في منزل احد اعمامي، ربما ان مركز الازمات قد اخطأ التقدير او ان تقارير الاجهزة الامنية كانت تتوقع عكس ما حصل، احداث متسارعة ضجيج في قاعة ديوان الكساسبة، ربما ان الحكمة الالهية بان يكون تصرف والدي واعمامي ومن حضر الساعة الثالثة فجرا، بان والدي قال احتسب معاذ عند الله ولكن الاردن لنا وللاجيال من بعدنا ونحتسب معاذ شهيدا، الجو بارد جدا وانا على سطح البيت الذي كنا به، موقع العزاء والصواوين كان عمي قد هاتف اصدقاءه من العدوان ان يتولوا الامر، الدموع لم تقف لحظة، اذن الفجر عندها تذكرت صلاة الفجر الذي لم يقطعها معاذ طوال عمره، حتى صبيحة زواجه ذهب للمسجد، قراءة القرآن ومصحفه الذي لم يغادر فوتيكه العسكري، وكان القرار من والدي سيد الموقف، قرر والدي ان يدلي لوسائل الاعلام المتواجدة في المكان ان معاذ بطل اردني استشهد دفاعا عن الاسلام وعن الاردن وأهل الاردن، ولن يكون اخر شهيد وكلنا فداء للاسلام والوطن، بعدها وكأن السكينة قد نزلت، القصة طويلة واحداثها معقدة وللحديث بقية