تصوير الفيديوهات وبثها على منصات التواصل...هل يتنافى مع الأخلاق ويتجاوز القوانين؟

الوقائع الإخبارية : مقاطع وصور متداولة لأفعال "خادشة للحياء”، تتنافى مع الأخلاق والقيم المجتمعية، تحدث للأسف ما بين الحين والآخر، وهي مرفوضة من قبل الجميع، غير أن الإقدام على تصوير ونشر تلك الافعال وبثها وتداولها بين الناس على منصات التواصل الاجتماعي بشكل مبالغ فيه، يعتبر أيضا "خروجا عن القيم ويحتاج إلى قوانين رادعة وعقوبات”. وما بين فينةٍ وأخرى، تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي منشورات فيها الكثير من الأفعال "غير الأخلاقية”، ولكنها سرعان ما تنتشر كالنار في الهشيم، بل ويتم التشهير بشخوصها، وكَيل التُهم لهم، فيما آخرون ينادون بضرورة الكف عن تصوير مثل هذه المشاهد، ونشرها، كون "النشر يعتبر أيضاً جريمة بحق المجتمع الذي لا يحبذ مشاهدة هذه المقاطع على أي موقعٍ كان وبأي وسيلةٍ كانت”. وعلى سبيل المثال، لا الحصر، نال أحد الفيديوهات الأخيرة التي ظهر فيها فعل لا أخلاقي وخادش للحياء في إحدى المحافظات لشاب وفتاة، إذ امتلأت صفحات التواصل بالكثير من التعليقات والنداءات التي تطالب بعدم نشر الفيديو وتداوله، عدا عن المطالبة بمعاقبة كل شخص يقدم على التصوير والبث لأي موقف سواء أكان تشهيرا أو موقفا في الشارع العام، عبر مواقع التواصل، عله يكون رادعا للآخرين واتباع أساليب وقائية أخرى. بعض التعليقات عبر "فيسبوك”، طالبت بأن يتم التوصل إلى المصور لذلك المقطع وإلقاء القبض عليه، بالتزامن مع إلقاء القبض على القائمين على الفعل الخادش للحياء، كونه شخصا لم يستعن بالجهات الأمنية لمعاقبة الفاعلين، أو "تنبيههم وتقديم النصح لهم للكف عن الخطأ”، أو أي طريقة أخرى يمكن فيها الحد مما حصل، دون تداوله وتحويله "لقضية رأي عام” قد تؤدي إلى حدوث اختلال في الاسرة والمجتمع ككل. وفي ظل وجود ما يقارب 10 ملايين جهاز هاتف ذكي بين ايدي الأردنيين، وما يزيد على 5 مليون حساب على فيسبوك، فقد بات من الخطورة بمكان انتشار تلك المقاطع التي قد يعتبرها البعض بأنها تعبر عن ثقافة المجتمع "الانفتاحية”، وهي بعيدة كل البعد عن المنظومة المجتمعية في الأردن، كما يرى الأخصائي التربوي الدكتور عايش النوايسة. ويقول النوايسة إن هذا الحال الذي وصل بالشخص لتصوير موقف "غير أخلاقي” وبثه دون إدراك لخطورة ما يقوم به، ناتج عن تراجع القيم في المنظومة التعليمية في مؤسسات المجتمع انطلاقاً من الأسرة، وهذا الشخص نظر للموضوع كنوع من "الفائدة الشخصية والشهرة وأحيانا قد يصل إلى الابتزاز على حساب المنظومة الاخلاقية لمجتمعنا”. الشخص الذي يقوم بالتصوير وبث المقاطع غير المناسبة للنشر، بإمكانه معالجة تلك المواقف بطريقة متوازنة، بحسب النوايسة، بما يتلاءم مع المنظومة الي تحتاج إلى تقويم سواء في المدرسة والأسرة والجامعة والشارع، كون التطور الذي طال مواقع التواصل الإجتماعي ساهم في سرعة النشر للأخبار والصور، وكل إنسان في المجتمع مُعرض للخطأ، وليس من المقبول نشر أي شيء يسيء لصورته الاجتماعية سواء بنص أو صورة او مقطع فيديو، والأصل الاستعانة بالجهات المخولة بذلك لمعاقبة كل مُخالف. كما يشدد على ضرورة أن يكون هناك مراقبة ذاتية وأسرية وتربوية لدى الفرد، ليبتعد عن التشهير بالآخرين حتى وإن كانوا في موقف "خاطئ”، وعلى كل من يقوم بالبث والتداول لتلك المقاطع أن توجه له "عقوبة مُعلنة”، على حد تعبير النوايسة، علها تكون رادعاً للآخرين، وتعديل التشريعات الخاصة بذلك. من جهته، أكد الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام المقدم عامر السرطاوي أن تصوير ونشر مقاطع الفيديو هي مخالفة قانونية من الأساس وتوجب الملاحقة والضبط سواء من الأجهزة المعنية او الشخص المتضرر اجتماعياً من هذه المخالفة التي تعتبر منافية للعادات والقيم المجتمعية وتساهم في تشويه صورة المجتمع الاردني، من خلال نشر تلك الافعال وتعميمها، عدا عن أن هذا الشخص غير مخول بأي صفةٍ كانت للقيام بذلك. وشدد السرطاوي على أن ما يتم من مخالفات اخلاقية في الشارع العام هي جريمة بحد ذاتها وتوجب معاقبة القائمين بها، بيد أن الإجراء السليم الذي يجب على الشخص المشاهد له أن يقوم بتبليغ الجهات الأمنية والتي لها السلطة الكاملة في عمل الإجراء العقابي والقانوني المناسب، بالإضافة إلى معاقبة الشخص الذي ساهم في نشر هذا المقطع او غيره، كونه قام بالتشهير بشخوص الفيديو، إلا أنه في حال عدم التشهير وتوصيل التوثيق للأمن فقط، فإن من يقوم بذلك لن تتم معاقبته، كونه ساهم في معاقبة المخالفين، واحتفظ بالمساءلة للأمن فقط دون تشهير. ودعا السرطاوي المواطنين إلى العودة دائماً إلى الجهات الأمنية في اي موقف يتم التعرض له أو مشاهدته، لمعاقبة الفاعلين، وعدم الوقوع في فخ التشهير، بغض النظر عن موقع الفعل أو طبيعته المخالفة، وذلك للمساهمة في ردع مثل تلك الأفعال التي لا تمثل مجتمعنا الأردني المحافظ، ولإتخاذ الإجراءات السليمة التي تحمي مجتمعنا من "الأفعال الخارجة عن القانون ومعاقبة كلّ حسب جُرمه”. المادة 11 من قانون مكافحة الجرائم الالكترونية رقم 27 لسنة 2015 تنص على أن "يُعاقب اي شخص قام بنشر كلمات مسيئة الى شخص آخر سواء بكلمات غير لائقة من ذم او تحقير او شتم، او اثارة الفتن، بالسجن ثلاثة أشهر كحد ادنى وغرامة مالية ما بين مائة دينار وألفي دينار اردني”. رئيس قسم علم الاجتماع الأستاذ المشارك في علم الاجتماع الدكتور إسماعيل الزيود، أوضح خلال حديثه له أن ما يقوم به الفرد من تصوير ونشر الأفعال غير الأخلاقية هو "غير سوي” وينبغي تجريمه بشكل قاطع ومعاقبته كونه قام بجريمة اجتماعية مع الرفض المطلق لأي سلوك مناف للأخلاق. كما يشير الزيود إلى أن أي فرد يقوم بالتصوير هو شخص غير مخول بذلك، ولا يُمثل اي مرجعية أمنية ولا اجتماعية، وقيامه بهذا الفعل ساهم في التشهير وما يمكن أن يترتب على ذلك من قضايا أسرية اجتماعية وردة فعل المجتمع باحتمالية حدوث "جريمة” فيما بعد. وحول القضية الأخيرة التي شغلت مواقع التواصل الاجتماعي بنشر مقطع خادش للحياء، قال الزيود "مهما كان الخطأ الذي وقع فيه الشاب والفتاة ومهما كان السلوك مرفوضا جملة وتفصيلا إلا أن المسؤولية الكبرى تقع جلها من الناحية الاجتماعية والقانونية للشخص الذي قام بتصوير الفيديو ونشره على الملأ وعبر الإعلام الاجتماعي بمختلف تطبيقاته، وهذه ليست بأخلاق أهل الخلق، إذ كان بالإمكان الوصول إليه ومعاقبته قانونيا. ويضيف "التشهير بالأعراض بهذا الشكل الفاضح يجب ألا يمر دون ملاحقة للفاعل ومعاقبته”.