لماذا اختار ترامب رقم 52 للرّد على تهديدات إيران؟
الوقائع الاخبارية :في تغريدة استثنائية، توعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب باستهداف نحو 52 موقعا إيرانيا، "بعضها على أعلى مستوى من الأهمية، لإيران والثقافة الإيرانية"، مشيرا إلى أن الضربات ستكون "سريعة جدا، وقوية جدا" على حد وصفه.
البعض فسر رسالة ترامب الأخيرة، بأن الولايات المتحدة قد دخلت مرحلة جديدة من الرد السريع، على أي محاولة لضرب مصالح أميركا في المنطقة، وأن أكبر مثال على هذا يتشكل بالرد الأميركي الأخير في الغارة التي أدت إلى مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، الجمعة، أتت بعد يومين من الاعتداء على السفارة الأميركية في بغداد، الثلاثاء.
وألمح ترامب إلى أن تحديد عدد الأهداف الإيرانية بـ 52، هو تذكير طهران بالرهائن الأميركيين، والبالغ عددهم 52 رهينة احتجزتهم إيران في عام 1979، بعد الثورة التي أطاحت بحكم الشاه رضا بهلوي، فيما عرف بـ "أزمة الرهائن".
في عام 1978 شهدت السفارة الأميركية في طهران احتجاجات كثيفة من جانب الإيرانيين، حتى بلغت الذروة في 4 فبراير 1979، عندما اهتزت العلاقات الأميركية -الإيرانية بشكل غير مسبوق، جراء اقتحام مجموعة من الطلبة الإيرانيين السفارة الأميركية وأخذ أكثر من 60 رهينة أميركية، تحت إشراف السلطات الإيرانية.
كان السبب المباشر لهذه الخطوة هو سماح الرئيس الأميركي جيمي كارتر بزيارة الشاه الإيراني رضا بهلوي إلى الولايات المتحدة من أجل تلقي العلاج من مرض السرطان، ما رآه البعض أن الولايات المتحدة تخطط لإعادة بهلوي بثورة مضادة، بحسب الموسوعة البريطانية.
وبمجرد دخول الطلبة الإيرانيين إلى السفارة تم احتجاز 66 رهينة، معظمهم من الدبلوماسيين وموظفي السفارة، وبعد وقت قصير تم إطلاق سراح 14 منهم، ليصبح العدد النهائي نحو 52 رهينة ظلوا في قبضة الإيرانيين لمدة 444 يوم.
ولم تسفر المناورات الدبلوماسية أو العقوبات الاقتصادية طيلة تلك الفترة عن أي تأثير يذكر على سياسة مرشد الثورة الإيرانية آية الله الخميني تجاه الولايات المتحدة، بل استمر في احتجاز الرهائن الأميركيين في السفارة، بحسب موقع "هيستوري" الأميركي.
وكان يتم عرض الرهائن الأميركيين، معصوبي الأعين أمام شاشات التلفزيون الإيراني والحشود، ولم يكن يسمح لهم بالحديث أو القراءة، وكان نادرا ما يسمح لهم بتغيير ملابسهم.
واستطاع ستة دبلوماسيين أميركيين تفادي الأسر لحظة اقتحام الطلبة السفارة الأميركية، من خلال احتمائهم بمنزل الدبلوماسي الكندي جور شيرداون، وقد أصدر رئيس الوزراء الكندي آنذاك و كلارك ستة جوازات سفر كندية لصالح الدبلوماسيين من أجل إخراجهم من إيران، في واقعة تعرف باسم "الوثبة الكندية".
وبعد محاولات فاشلة من أجل إطلاق سراح الرهائن الـ 52، قرر الرئيس كارتر إطلاق عملية "مخلب النسر" في أبريل 1980، من أجل تحرير الرهائن، والتي كانت تقتضي إرسال فريق من نخبة القوات الخاصة إلى مجمع السفارة.
ولكن، تسببت العواصف الرملية الحادة يوم العملية في التسبب بأعطال لدى عدد من المروحيات، ما أدى إلى انحراف مروحية واصطدامها بطائرة نقل كبيرة خلال عملية الإقلاع، وقد قتل في هذا الحادث نحو ثمانية جنود أميركيين، وفشلت عملية "مخلب النسر".
لم يستطع كارتر خلال فترته الرئاسية أن ينجح في إطلاق سراح الرهائن من السفارة الأميركية، لكن بمجرد فوز رونالد ريغان بالرئاسة، وإلقائه خطابه الرئاسي الأول في 21 يناير عام 1981، تم إطلاق سراح الرهائن، بعد احتجاز دام 444 يوما.
من ناحية أخرى، قال متابعون إن تهديد الرئيس الأميركي لإيران ومن قبلها استهداف قاسم سليماني، يأتيان في سياق منع حوادث مشابهة لأزمة السفارة الأميركية في عام 1979، أو لحادث اغتيال السفير الأميركي كريستوفر ستيفنز في مدينة بنغازي الليبية عام 2012، أو لمنع اقتحام السفارات الأميركية، بالأخص بعد دخول ميليشيات الحشد الشعب العراقي حرم السفارة الأميركية في بغداد، الثلاثاء.
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما، قد تعرض لانتقادات شديدة غداة الهجوم على السفارة الأميركية في ليبيا عام 2012، وقد لاح هذا الهجوم الإرهابي في مخيلة الرئيس ترامب، على حد وصف النائب الجمهوري ليندسي غراهام في حديثه مع واشنطن بوست الأميركية، مما اضطر ترامب إلى الرد على إيران بهذا الشكل.