ضعف تمويل خطة الاستجابة...العالم يترك الأردن وحيدا بمواجهة أزمة اللجوء
الوقائع الإخبارية : تشير أرقام التمويل المعلنة في خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية لهذا العام إلى تراجع الاهتمام الدولي بقضية اللاجئين، ما ينعكس ويؤثر سلبا على الاقتصاد الأردني الذي بدأ بتحمل تبعات اللجوء منذ 2011.
وبلغ حجم التمويل لخطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية خلال العام الحالي، حوالي 42.3 % من أصل حاجة المملكة والتي قدرت بـ2.4 مليار دولار؛ حيث قدم المجتمع الدولي 1.015 مليار دولار لتمويل الخطة.
وقد بلغ تمويل الخطة العام 2018 حوالي 64 %؛ حيث قدم العالم 1.584 مليار دولار من أصل حجم التمويل اللازم وهو 2.48 مليار دولار، فيما كان العام 2017 قد مول الخطة بنسبة 65 %؛ حيث قدم 1.7 مليار دولار من أصل 2.65 مليار دولار متطلبات التمويل.
ويرى خبراء اقتصاديون بأن هذا التراجع سببه الرئيسي هو فتور الاهتمام الدولي بقضية اللاجئين السوريين، خصوصا بعد أن تراجع خطر الهجرة اليها واستقر معظم اللاجئين في دول اللجوء الأول المجاورة لسورية ومنها الأردن ولبنان. فيما يرى آخرون بأن تواضع التمويل للعام الحالي سببه تراجع الثقة في الحكومة، وخصوصا بسبب سوء إدارة الأموال التي تقدم كمساعدات أو انتشار الفساد.
ويرى هؤلاء ضرورة استمرار بذل الحكومة جهودا في استمرار طرح قضية اللاجئين السوريين في المحافل الدولية، وبيان حجم الأعباء التي يتحملها الأردن على المستويات كافة اقتصاديا واجتماعيا وحتى أمنيا وسياسيا.
كما يؤكدون ضرورة وضع الاستراتيجيات والخطط الحقيقية الواقعية التي من شأنها أن تحسن من إدارة الاقتصاد الأردني، وبالتالي تزيد ثقة المانحين، كما من شأنها أن تصرف في مجالات ومشاريع تسهم في رفع سوية الاقتصاد وزيادة النمو، وبالتالي خلق وظائف.
وقد قدرت خطط الاستجابة هذه التكلفة في الفترة بين 2018 و2020 بحوالي 2.4 مليار سنويا.
كما كانت قد قدرت تكلفة اللاجئين السوريين على الأردن خلال الفترة 2011 إلى 2015 بحوالي 6.6 مليارات دولار، ويستضيف الأردن حاليا حوالي 1.3 مليون سوري.
ويرى وزير تطوير القطاع العام الأسبق الدكتور ماهر المدادحة، أن التراجع في تمويل الخطة سببه الرئيسي "تراجع الاهتمام الدولي بالقضية السورية”.
وقال "إن فتور الاهتمام باللاجئين السوريين بات واضحا، خصوصا أنهم لم يعودوا يشكلون خطرا على هذه الدول، وقد كانت قد دعمت البرامج التي ساعدت على إبقاء اللاجئين خارج أراضي أوروبا ووقف الهجرة لها، وإبقائهم في دول اللجوء الأولى مثل الأردن ولبنان”.
وأضاف أن سيطرة النظام السوري على معظم أراضي سورية، وبدء عودة اللاجئين إلى أراضيهم، أسهما أيضا في تراجع الاهتمام الدولي بقضية اللاجئين.
ويرى المدادحة أنه ليس أمام الحكومة اليوم خيارات كثيرة في هذا المجال، فقد بذلت خلال الأعوام الماضية جهودا كبيرة في جذب المساعدات والدعم اللازم لمساعدتها على مواجهة أعباء اللجوء الذي شكل ضغطا كبيرا على الاقتصاد الأردني.
وليس أمام الحكومة من خيار سوى الاستمرار في مخاطبة العالم لتقديم مساعدات إضافية أو حتى الإبقاء على مستوى المساعدات الذي يقدم في دعم الأردن لمواجهة أعباء اللجوء.
ويميل الخبير الاقتصادي زيان زوانة إلى تفسير التراجع في المساعدات الموجهة للخطة إلى العوامل الداخلية المتعلقة بكيفية إدارة الأموال التي تأتي من الخارج كمساعدات، والتي أثرت خلال الأعوام الماضية على ثقة الدول المانحة حول كيفية صرف ما يقدم لنا من مساعدات.
ويؤكد زوانة "أن سوء الإدارة والفساد هما سبب رئيسي جعل الدول العربية التي اعتادت على تقديم المساعدات السنوية للأردن أن تتراجع في تقديمها، وتضع شروطا كثيرة في صرفها إن قدمت، ومثال ذلك المنحة الخليجة الأخيرة التي قدمت من المجلس الخليجي العام 2012”.
وعلى مستوى الدول الأجنبية ومؤسسات التمويل الدولية فهي ترى أن الاقتصاد الأردني يعاني من سوء إدارة وتخطيط في صرف الأموال، وهذا أدى إلى تراجع التمويل المقدم.
ويؤكد زوانة ضرورة أن تركز الحكومة على تحسين إدارة الاقتصاد الأردني وتعزيز عائد الإنفاق؛ أي صرف هذه الأموال على مشاريع تخلق فرص عمل، وتوجد بنية تحتية مستدامة.
وحذر من أن عدم معالجة سوء الإدارة المالية لدينا من خلال خطط واستراتيجيات واضحة وشفافة، سيؤدي إلى مزيد من التراجع في الدعم المقدم من قبل العالم للأردن.
أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك الدكتور قاسم الحموري، اتفق مع المدادحة حول أن التراجع في التمويل سببه الرئيسي تراجع اهتمام العالم بقضية اللاجئين السوريين في المنطقة، خصوصا مع بروز قضايا سياسية أخرى في المنطقة.
وأضاف الحموري أن الحكومة تراجعت أيضا في استمرار طرح قضية اللاجئين السوريين في المحافل الدولية، كما كانت في الأعوام السابقة، ما أدى إلى تراجع التمويل.
وأكد ضرورة بذل مزيد من الجهود في هذا الجانب، لإعادة قضية اللجوء السوري إلى الأضواء، وتأكيد استمرارية تشكيل هؤلاء أعباء على الاقتصاد الأردني والموازنة تحديدا.
وحصلت خطة 2019 على 433.6 مليون لدعم الموازنة، و322.2 مليون لدعم اللاجئين، فيما حصلت على 259.7 مليون لدعم المجتمعات المستضيفة.
وكانت خطة 2019 قد قدرت احتياجات الأردن بـ2.4 مليار دولار، منها 998 مليون دولار احتياجات الدعم والأمن، وخسائر الدخل واستهلاك البنية التحتية بسبب الأزمة السورية، و702.9 مليون دولار تدخلات متعلقة باللاجئين، و698.9 مليون دولار لتعزيز القدرة على التكيف، بما في ذلك المجتمعات التي يعيش فيها الأردنيون والسوريون.
ووفقا للخطة، فإن احتياجات قطاع التعليم تقدر بـ220.5 مليون دولار، والبيئة 3 ملايين دولار، والطاقة 26 مليون دولار، والأمن الغذائي حوالي 230 مليون دولار، والصحة 213.2 مليون دولار، والعدالة 17.6 مليون دولار، و68.7 مليون دولار سبل العيش، و61.3 مليون دولار للحكم المحلي والخدمات البلدية، و17.6 مليون دولار مأوى، والحماية الاجتماعية حوالي 307 ملايين دولار، والنقل حوالي 7.5 مليون دولار، والمياه والصرف الصحي 229.1 مليون دولار.
وقالت الخطة "ما تزال الأزمة السورية تضيف ضغوطاً على اقتصاد الأردن وبنيته التحتية، وقد مارست ضغوطاً على جميع القطاعات، بما في ذلك التعليم والصحة والإسكان والمياه والخدمات البلدية والإمداد بالكهرباء”.
وأشارت إلى أن الأردنيين باتوا يشعرون بشكل حاد بتأثير الأزمة على حياتهم اليومية، لاسيما في المجتمعات المضيفة التي تكون نسبة اللاجئين السوريين فيها أكبر، وضغطها على تقديم الخدمات المحلية والموارد الطبيعية وسوق العمل أعلى.
وقالت "كما هو الحال في خطط الاستجابة السابقة، تسعى خطة 2019 إلى سد هذه الفجوة، والتوفيق بين أهداف البرامج وآليات التمويل التي تعمل في الغالب موازية لبعضها بعضا في تلبية الاحتياجات قصيرة الأجل، ومواجهة الهشاشة في المديين المتوسط والطويل”.
وتستمر الخطة بنهجها المرتكز على المرونة للاستجابة والتخفيف من آثار الأزمة على اللاجئين السوريين والأردنيين، والمجتمعات والمؤسسات المضيفة من خلال دمج الاستجابات الإنسانية والإنمائية في تقييم شامل واحد للضعف وخطة واحدة لكل قطاع.
وبنيت الخطة على مجموعة من الفرضيات: هي أن عدد سكان المملكة قدر بحوالي 10 ملايين نسمة حتى نهاية 2017، ومن المتوقع أن ينمو بنسبة 2 % سنويا للعامين 2018 و2019، وأن العدد الإجمالي للسوريين حوالي 1.364 مليون سوري.
وكذلك فإن عدد اللاجئين السوريين المسجلين حوالي 670،000 لاجئ منهم 126،000 يقيمون في المخيمات، ومن المتوقع أن ينخفض العدد الإجمالي للاجئين المسجلين في العام 2019، وما يزال أعلى تركيز للاجئين في المحافظات الشمالية وفي عمان.
ويضاف إلى الفرضيات السابقة أن المجتمع الدولي يترجم تعهداته والتزاماته إلى مدفوعات، ويمكن تتبعها عن طريق التمويل المناسب، من خلال المنح التي تقدم لخطة الاستجابة، وأن جميع الشركاء سيلتزمون بتقديم تقارير شفافة، وفي الوقت المناسب عن مخصصات التمويل والمشاريع والأنشطة والنفقات.