متسولون "بقناع المرضى".. نمط تسول مبتكر لجني أموال باستثارة العواطف
الوقائع الإخبارية : ما بين مركز الحسين للسرطان، ومستشفى الجامعة الأردنية والشارع الطبي في جبل عمان وغيرها من الأحياء التي تتركز بها المستشفيات والمراكز الطبية، بات التسول مشهدا متكررا خصوصا بين أشخاص طاعنين في السن يطلبون المارة أي مبلغ مالي لمساعدتهم في تكاليف العلاج كوسيلة لاستدرار عواطفهم.
وخلافا لـ "التسول التقليدي” حيث تكون ملابس المتسولين رثة، وممزقة وقذرة ويتسم حديثهم بالفجاجة أحيانا، فإن المتسولين في هذه الأماكن تبدو ملامحهم مختلفة تماما، فهم يحصرون على ارتداء ملابس أنيقة، يبدأون حديثهم مع مراجعي المستشفيات والعيادات بطريقة لبقة، مؤكدين أنهم ليسوا متسولين لكن ضيق الحال والظروف الطارئة دفعتهم لطلب أي مساعدة لتلقي العلاج.
تروي (ندى) قصتها مع إحدى المتسولين في الشارع الطبي بمنطقة جبل عمان أو ما يعرف بشارع "الخالدي”، وتقول، "كنت اسير بسيارتي باتجاه المجمع الطبي حيث طبيبة الأطفال التي تشرف على علاج ابني. اوقفني رجل مسن بدا لطيفا في حديثه، وعرض لي ورقة عليها ختم لم استطع التدقيق فيه، وقال: زوجتي بحاجة لعملية قلب مفتوح، ونحن غير مشمولين بأي تأمين صحي. أي مساعدة حتى وإن كانت بسيطة تساعدنا في تكاليف الفحص الطبي”.
وتتابع، "حاولت تجاهله، خصوصا أني كنت في عجلة من أمري، لكنه بدأ بالبكاء وانهال بالدعاوى بسرعة الشفاء لابني، فأشفقت عليه وقدمت له مساعدة”.
وتضيف، "كانت المفاجأة بعد ذهابي الى العيادة الطبيبة ذاتها بعد ثلاثة أيام، لأجد الرجل نفسه في الشارع ذاته. توجه لي بطلب مساعدة مالية قائلا: إنه فقد محفظته بعد إجراء صورة أشعة في إحدى العيادات، ويحتاج لدينارين كي يعود للمنزل”، مبينة أن "القصة التي اختلقها في المرة الثانية كانت مغايرة تماما عن القصة الأولى وعندما واجهته بالأمر برر ذلك أنه وزوجته يعاني كليهما من أمراض متعددة”.
ويؤكد مدير وحدة مكافحة التسول في وزارة التنمية الاجتماعية ماهر كلوب من جانبه أن "هذا النمط من التسول رائج جدا، حيث بات المتسولون يلجأون الى أنماط جديدة وغير تقليدية هربا من حملات مكافحة التسول من جهة، وطعما بمكسب مالي أكبر من جهة أخرى، وهم لذلك يستخدمون وسائل مختلفة لاستدرار عطف المواطنين كإظهار التقارير الطبية او ادعاء المرض”.
ويشير كلوب إلى أن "هؤلاء المتسولين يستهدفون بالعادة مرافقي أو أهالي المرضى عند المستشفيات أو المراكز الطبية، من خلال استثارة مشاعرهم بالدعاء لمريضهم بالشفاء، أو الشكوى من ضيق الحال والحاجة للعلاج من امراض خطيرة”.
ويبين أن "حملات مكافحة التسول تمكنت من ضبط عدد من المتسولين الذين يدعون المرض في المناطق المحيطة بمركز الحسين للسرطان ومستشفى الجامعة الأردنية”، لافتا إلى أن "عمليات ضبط هؤلاء المتسولين تكون أكثر صعوبة لصعوبة تمييزهم ولأن بعضهم يكون يمتلك بالفعل تقارير طبية وإن كان لا يعرف مدى صحتها أو إن كانت فعلا للشخص طالب المساعدة”.
ويؤكد أن "المرضى غير المقتدرين غالبا ما يلجأون الى جهات معينة لطلب المساعدة في تلقي العلاج لكنهم لا يلجؤون للتسول”.
وكانت كوادر وحدة مكافحة التسول في وزارة التنمية الاجتماعية ضبطت في عمان الشهر الماضي 205 متسولين ذكورا وإناثا ومن البالغين والأحداث من بينهم 36 غير أردنيين، فيما لم يتم الإعلان بعد عن احصائية التسول للعام 2019 في المملكة.
وأعدت هذه الوحدة خطة عمل لمكافحته العام الماضي، تضمنت إطلاق مبادرة وطنية بعنوان "معا ضد التسول” بالتعاون مع أمانة عمّان الكبرى ومديرية الأمن العام تم خلالها توزيع المنشورات، وبث الرسائل النصية عبر الهواتف الخلوية، سعيا الى تفعيل دورها الوقائي من خلال تكثيف حملات التوعية المجتمعية وتعزيز مفهوم المسؤولية الاجتماعية بدءا بالمواطن ومرورا بمنظمات المجتمع المدني وصولا إلى المؤسسات الرسمية ذات العلاقة، مع التركيز على الخطاب الديني ونشر الوعي بين المواطنين، وحث المصلين على عدم إعطائهم المال، وفق كلوب.