51267 عقد زواج لقاصرات خلال 5 سنوات في الأردن
الوقائع الاخبارية :وفقاً للتقارير السنوية الصادرة عن دائرة قاضي القضاة لآخر خمس سنوات (2014-2018)، فقد بلغ عدد عقود الزواج والتي كانت فيها الفتيات القاصرات طرفاً 51267 عقداً، حيث تم تزويج 10834 قاصرة عام 2014، و 10866 قاصرة عام 2015، و 10907 قاصرات عام 2016، و 10434 قاصرة عام 2017، وإنخفض العدد الى 8226 قاصرة عام 2018.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن"، الى أن جهود القضاء و / أو الحد من تزويج القاصرات لن تكتمل في ظل عدم معرفة الإجابات عن 5 أسئلة هامة. وهذه الإجابات متوفرة لدى الجهات المعنية إلا أنها غير متاحة للإطلاع عليها ودراستها وتحليلها، للوصول الى حلول جذرية ومناسبة تنسجم مع حقوق الأطفال والطفلات خاصة حقهم في التمتع بطفولتهم وحقهم في التعليم، وإفساح المجال امامهم لتحديد فرصهم وإختياراتهم.
وأول هذه الأسئلة يتعلق بالأسباب التي تستند لها المحكمة في منح الإذن بالزواج، فمع وجود حوالي 51 ألف حالة تزويج مبكر خلال خمس سنوات، تعد أسباب المنح وأكثرها تكراراً مفتاحاً للوقوف على طبيعة الظروف التي تجدها المحكمة مقنعة للموافقة على منح الإذن بالزواج، ونجد أن توفير المعلومات المتعلقة بذلك من الأهمية بمكان للقضاء و / أو الحد من تزويج القاصرات.
196 عقد زواج خلال عام 2018 كان فيها كل من الزوج والزوجة أقل من 18 عاماً (أسر قاصرة)
كما أن معرفة أسباب منح الإذن بالزواج تصبح أكثر إلحاحاً عندما يكون كل من الخاطب والمخطوبة أقل من 18 عاماً (196 حالة عام 2018)، ويثار التساؤل هنا في ظل غياب المعلومات عن ماهية الأسباب التي تدفع بالمحكمة للموافقة على زواج قاصرين؟ ولطالما طالبت "تضامن" بضرورة عدم الموافقة على منح إذن الزواج في هذه الحالة تحديداً.
وتضيف "تضامن" بأن المعلومات المتوفرة لا تسعف في حال أردنا الوقوف على عمر الفتاة القاصرة عند تزويحها، كون التدخلات والفئات المستهدفة تعتمد على ذلك، فإذا أخذنا بعين الإعتبار أرقام الزواج المبكر لعام 2018 والبالغة 8226 حالة، فلا نجد الإجابة حول عدد حالات زواج القاصرات اللاتي أعمارهن 15 عاماً؟ واللاتي أعمارهن 16 عاماً؟ و 17 عاماً؟ وأي الأعمار الأكثر تزويجاً، لنتمكن من تحديد عوامل الخطورة والتدخلات المطلوبة في حال كانت النسبة الأكبر في عمر 15.
إن الموافقة على طلب منح الإذن بالزواج مشروط بأن لا يكون الزواج سبباً في إنقطاع الفتاة عن التعليم، ولكن ماذا سيحدث (وهو كذلك على أرض الواقع) إذا تم منع الفتاة من إكمال تعليمها بعد أشهر من الزواج إن لم يكن أقل؟ وماذا سيترتب على عقد الزواج من آثار في هذه الحالة؟
406 قاصرات مطلقات تم تزويجهن للمرة الثانية عام 2018 قبل بلوغهن 18 عاماً
والسؤال الأكثر إلحاحاً يدور حول أسباب منح الإذن بالزواج لقاصرات تم تزويجهن وتطلقن وتقدم أولياء أمورهن بطلبات منح إذن بالزواج لهن مرة ثانية؟ حيث تشير الأرقام الى أن 406 قاصرات مطلقات تم تزويجهن للمرة الثانية عام 2018 قبل بلوغهن 18 عاماً.
وفقاً لتقرير بيانات الزواج لعام 2018 والصادر عن دائرة قاضي القضاة، فإن عدد عقود الزواج العادي والمكرر في الأردن بلغت 70734 عقداً بإنخفاض نسبته 9% عن العام الذي سبقه، حيث سجلت المحاكم الشرعية 77700 عقداً عام 2017. فيما بلغ نسبة الزوجات اللاتي تزوجن للمرة الأولى "البكر" 79.7% ونسبة الأزواج الذين تزوجوا للمرة الأولى 74.5%.
وتشير "تضامن" الى أن 34.8% من الذكور الذين تزوجوا عام 2018 كانت أعمارهم 25 عاماً فأقل (24600 ذكراً)، مقابل 72.4% من الإناث (51191 أنثى). فمن بين كل ثلاثة أزواج هنالك زوج واحد عمره أقل من 25 عاماً، ومن بين كل أربع زوجات هنالك ثلاث زوجات أعمارهن أقل من 25 عاماً.
وخلال عام 2018 فقد شهد الأردن تسجيل 194 عقد زواج يومياً من بينهم 23 عقد زواج لقاصرات وقاصرين تقل أعمارهم عن 18 عاماً (8226 قاصرة و 284 قاصر في السنة).
نسبة تزويج الأطفال خلال عام 2018 وصلت الى 11.6%
بلغت عقود الزواج خلال عام 2018 التي كان فيها أحد الزوجين أو كلاهما ضمن الفئة العمرية (15-18 عاماً) لتصل الى 8226 عقداً لفتيات قاصرات و 284 عقداً لفتيان قاصرين من مجمل عقود الزواج العادي والمكرر وبنسبة 11.6%، بإنخفاض بنسبة 1.8% مقارنة مع عام 2017 والذي كانت فيه نسبة تزويج القاصرات 13.4%.
نسبة تزويج القاصرات في محافظة المفرق 19% وفي محافظة الطفيلة 4%
وبتحليل الأرقام الخاصة بعقود الزواج في مختلف محافظات المملكة لعام 2018، يتبين بأن نسب تزويج القاصرات تختلف إختلافاً كبيراً بين المحافظات من مجمل عقود الزواج التي أبرمت فيها، حيث سجلت محافظة المفرق النسبة الأعلى فيما كانت محافظة الطفيلة الأقل.
وجاء ترتيب المحافظات كالتالي: محافظة المفرق الأعلى في تزويج القاصرات فمن بين كل 5 نساء تزوجن كان هنالك زوجة واحدة قاصرة وبنسبة 19.2% من مجمل عقود الزواج التي أبرمت في محافظة المفرق (967 عقد لقاصرات من إجمالي 5047 عقد زواج)، تلاها محافظة الزرقاء وبنسبة 16.6% (1692 عقد لقاصرات من إجمالي 10214 عقد زواج)، ومحافظة إربد بنسبة 13.3% (1805 عقد لقاصرات من إجمالي 13559 عقد زواج)، ومحافظة العقبة بنسبة 12.7% (156 عقد لقاصرات من إجمالي 1226 عقد زواج)، ومحافظة البلقاء بنسبة 12.3% (544 عقد لقاصرات من إجمالي 4423 عقد زواج)، ومحافظة معان بنسبة 9.9% (129 عقد لقاصرات من إجمالي 1306 عقد زواج)، ومحافظة العاصمة بنسبة 8.7% (2279 عقد لقاصرات من إجمالي 26029 عقد زواج)، ومحافظة جرش بنسبة 8.4% (189 عقد لقاصرات من إجمالي 2249 عقد زواج)، ومحافظة عجلون بنسبة 8.1% (127 عقد لقاصرات من إجمالي 1558 عقد زواج)، ومحافظة مادبا بنسبة 7.2% (147 عقد لقاصرات من إجمالي 2038 عقد زواج)، ومحافظة الكرك بنسبة 7% (157 عقد لقاصرات من إجمالي 2243 عقد زواج)، وأخيراً محافظة الطفيلة بنسبة 4% (34 عقد لقاصرات من إجمالي 842 عقد زواج).
تراجع حاد في نسبة رفض طلبات الإذن بالزواج لمن هم أقل من 18 عاماً خلال عام 2018 لتصل الى 3.7% فقط
وتشير "تضامن" الى أنه وبعد صدور التعليمات الجديدة عام 2017 لمنح الإذن بالزواج للفئة العمرية 15-18 عاماً، بدأت مكاتب الإصلاح والتوفيق الأسري النظر في طلبات منح الإذن بالزواج حيث إستقبلت في الربع الأخير من عام 2017 (3 أشهر) بحدود 1029 طلباً، تم منح الإذن لـ 842 طلباً وبنسبة 81.8% من مجموع الطلبات، ورفض 187 طلباً وبنسبة 18.2%.
إلا أن أرقام عام 2018 تشير الى موافقة مكاتب الإصلاح والتوفيق الأسري وعددها 18 مكتباً منتشرة في مختلف محافظات المملكة على منح الإذن بالزواج لمن هم أقل من 18 عاماً بنسبة 96.3% من الطلبات التي قدمت لها ورفضت فقط 3.7% من الطلبات. حيث قدم لهذه المكاتب 6735 طلباً قُبل منها 6483 طلباً ورفض 252 طلباً فقط.
ولأن "تضامن" وأعضاء تحالف "نجود" لمحاربة تزويج الأطفال يرون أن هذه المشكلة لا تزال تحتاج الى المزيد من بذل الجهد والعمل والتنسيق المؤسسي والمجتمعي، فقد إرتأوا أن يتم إعتبار الثامن عشر من شهر نيسان من كل عام يوماً وطنياً لمحاربة تزويج الأطفال وتخصيص الأسبوع الذي يليه للقيام بحملة وطنية تتضمن تنفيذ العديد من النشاطات واللقاءات والفعاليات التي من شأنها تسليط الضوء على مخاطر تزويج الأطفال صحياُ ونفسياً وقانونياً واجتماعياً، واستقطاب الشباب والرجال وقادة الرأي ونشطاء المجتمعات المحلية وتجمعات اللاجئين للمشاركة في إطلاق مبادرات مجتمعية فاعلة ومؤثرة تساهم في التصدي لهذه المشكلة باعتبارها قضية انسانية ووطنية مبحة وذلك سعيا لتتويج هذه الجهود بتحقيق نتائج ملموسة في مجال تغيير أنماط التفكير التقليدي المتسامح مع هذه الظاهرة وفي مجال التطوير التشريعي نحو الإلغاء التام لتزويج الاطفال.
الممارسات على أرض الواقع تحرم الطالبات المتزوجات من مواصلة التعليم بمدارسهن
وتنص المادة (6) من تعليمات المدارس الخاصة رقم (1) لعام 1980 على أنه :"يسمح للطالبة المتزوجة بالدراسة في المدارس الخاصة بموجب الشهادات الرسمية المصدقة التي تحملها." والأمر كذلك في المدارس الحكومية، فالأصل أن تلتحق الفتاة بالمدرسة حتى تنهي تعليمها الثانوي، بصرف النظر عن حالتها الاجتماعية التي من المفترض أن تكون عزباء، إلا أنها قد تكون متزوجة أو مطلقة.
وإن كانت التعليمات واضحة وصريحة بعدم حرمان أي طالبة متزوجة من إكمال تعليمها، إلا أن الممارسات على أرض الواقع تشير الى غير ذلك، خاصة وأن هذه الممارسات ترتكب من زميلات الدراسة والمعلمات والمعلمين وإدارة المدارس، مما يجعل من وجود الطالبة المتزوجة على مقاعد الدراسة ضرب من الخيال.
الأرقام المتعلقة بعدد القاصرات المتزوجات اللاتي لا زلن على مقاعد الدراسة غير متاحة
هذا وتشترط تعليمات منح الإذن بالزواج للفئة العمرية (15-18 عاماً) بأن لا يكون الزواج سبباً في الإنقطاع عن التعليم المدرسي، إلا أن التحقق من توافر هذا الشرط يبدو مستبعداً في ظل عدم توفر الأرقام حول أعداد القاصرات المتزوجات الملتحلقات بالتعليم في المدارس الحكومية والخاصة ومدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين.
وتضيف "تضامن" بأن تزويج الفتيات المبكر يجعلهن من الناحية الفعلية فتيات غير مرغوب بهن على مقاعد الدراسة، ويزداد الأمر سوءاً في حالة حملهن وما ينتج عن الحمل من مضاعفات ومشاكل صحية كونهن صغيرات، وما يترتب عليه من آثار كالغياب المستمر خاصة عند الوضع، مما يدفعهن الى الانسحاب من التعليم.
وتتساءل "تضامن" عن الأرقام والإحصائيات إن توافرت لدى وزارة التربية والتعليم (وهي الجهة المسؤولة عن توقيرها) عن عدد الطالبات المتزوجات على مقاعد الدراسة؟ وعدد الطالبات المتزوجات اللاتي أكملن تعليمهن الثانوي بنجاح؟ وعدد الطالبات المتزوجات اللاتي حصلن على إجازات أمومة وعدن الى مقاعد الدراسة؟. إن الحصول على هذه المعلومات سيؤكد من جديد على أن التزويج المبكر للفتيات هو في واقع الأمر حرمان لهن من التعليم.
كما وتتساءل عن أوجه التعاون القائمة ما بين دائرة قاضي القضاة ووزارة التربية والتعليم في هذا الخصوص، وهل ينتهي دور دائرة قاضي القضاة بمجرد منح الإذن بالزواج؟، وعلى من تقع مسؤولية ضمان إستمرار إلتحاق القاصرات بالمدارس؟، وماذا يترتب في حال مخالفة هذا الشرط الذي بناءاً عليه الى جانب شروط أخرى تم منح الإذن بالزواج؟، فهل يلزم الزوج بإلحاق زوجته القاصرة لإكمال تعليمها المدرسي؟.
تعليمات شروط منح الإذن بالزواج لن تضمن عملياً تعليم الفتيات
على الرغم من وجود شرط لمنح الإذن بالزواج لمن هم دون بين 15-18 عاماً بأن لا يكون الزواج سبباً في الإنقطاع عن التعليم المدرسي، إلا أن الأرقام والنسب أعلاه تشير الى عدم جدوى هذا الشرط، لإفتقاره الى آليات متابعة له والى الإجراءات القانونية الواجب إتخاذها عند الإخلال به.
فقد صدرت بتاريخ 16/7/2017 التعليمات الجديدة والمحدثة لزواج القاصرين والقاصرات ونشرت في عدد الجريدة الرسمية رقم 5472 تحت عنوان "تعليمات منح الإذن بالزواج لمن أكمل الخامسة عشرة سنة شمسية من عمره ولم يكمل الثامنة عشرة رقم (1) لعام 2017 صادرة بموجب الفقرة (ب) من المادة (10) من قانون الأحوال الشخصية رقم (36) لعام 2010"، وبدأ العمل بهذه التعليمات إعتباراً من 1/8/2017، فيما ألغيت تعليمات منح الإذن بالزواج لمن هم دون سن الثامنة عشرة لعام 2011.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه "تضامن" من حيث المبدأ على موقفها المعارض لزواج القاصرين والقاصرات، ومطالبتها المستمرة في تعديل قانون الأحوال الشخصية وحصر حالات الإذن بزواج من أكمل السادسة عشرة من عمره وتحديدها بدقة، فإنها تأمل الى حين تحقيق ذلك أن تحد التعليمات الجديدة من عدد حالات تزويج الأطفال (التزويج المبكر) والتي جاءت أكثر تفصيلاً من التعليمات السابقة على الرغم من وجود عدد من الملاحظات عليها وتم تناولها فيي بيانات سابقة.
شروط منح الإذن بالزواج
أما المادة (4) من التعليمات فقد نصت على شروط منح الإذن بالزواج حيث جاء فيها ": يجب على المحكمة مراعاة ما يلي لغايات منح الإذن بالزواج: 1- أن يكون الخاطب كفؤاً للمخطوبة وفقاً لأحكام المادة (21) من القانون. 2- أن يتحقق القاضي من الرضا والإختيار التامين. 3- أن تتحقق المحكمة من الضرورة التي تقتضيها المصلحة وما تتضمنه من تحقيق منفعة أو درء مفسدة وبما تراه مناسباً من وسائل التحقق. 4- أن لا يتجاوز فارق السن بين الطرفين الخمسة عشر عاماً. 5- أن لا يكون الخاطب متزوجاً. 6- أن لا يكون الزواج سبباً في الإنقطاع عن التعليم المدرسي. 7- إثبات مقدرة الخاطب على الإنفاق ودفع المهر وتهيئة بيت الزوجية. 8- إبراز وثيقة الفحص الطبي المعتمد."