العودة إلى المدارس..عبء إضافي يثقل كاهل الأهالي
الوقائع الإخبارية : "حقيبة.. قرطاسية.. بدلة وحذاء رياضيان..”، وغيرها العديد من المطالبات التي بدأت تنهال فوق رأس الأربعينية فدوى من قبل أبنائها، قبيل أيام قليلة من بدء الفصل الدراسي الثاني.
الحال في منزل فدوى كحال العديد من الأسر، فمع انتهاء عطلة ما بين الفصلين، تبدأ استعدادات الأهل للفصل الدراسي الثاني، وكأنه بداية العام الدراسي تماما، إلا أنه مع سوء الأوضاع الاقتصادية وتزايد الأعباء على كاهل الأهل، باتت العودة إلى المدارس تشكل بالنسبة لهم عبئا كبيرا يتطلب ميزانية إضافية.
وهو تماما ما تؤكده ربى عبدالله، ولديها ثلاثة أبناء في المراحل الابتدائية، والتي تعتقد كل عام أنها ستشتري تجهيزات كاملة للعام الدراسي الجديد، إلا أنها ومع نهاية الفصل الأول تلاحظ أن أبناءها استخدموا القرطاسية، وأفسدوا حقائبهم المدرسية، وبالتالي بحاجة لمستلزمات جديدة.
وتقول ربى "مع تردي الأوضاع الاقتصادية، هذه التحضيرات تشكل عبئا جديدا على عاتقنا، خصوصا وأن العروض الخاصة بالقرطاسية، والتي تعلن عنها المحلات التجارية مع حلول موسم العودة إلى المدارس، أغلبها "وهمية””، معللة "كونها تقدم القرطاسية ذات النوعية الرديئة جدا، ومعظمها لا تخدم الطالب أكثر من يومين، وعليه تتجه لشراء القرطاسية "المتوسطة” بالجودة والسعر”، بحسب وصفها، حتى تضمن صلاحيتها لنهاية الفصل الدراسي على الأقل.
وتشير ربى الى أنها ستشتري لأبنائها كل شيء من جديد، ما عدا الحقائب المدرسية، وعليه فإن شراء الكتب المدرسية لهذا الفصل، والمصاريف الأخرى ستكلفها 150 دينارا، وفق قولها.
ولعل هناء سعد هي الأخرى تعتبر أن بداية الفصل الدراسي الثاني تعد "إضافة مالية جديدة” عليها وعلى زوجها، مبينة أنها تقوم بشراء مستلزمات المدرسة، وكأنها بداية العام الدراسي الجديد؛ إذ تضطر لشراء حقائب مدرسية، كون أبنائها الذكور لا يمكنهم المحافظة على حقائبهم لاستخدامها مجددا في الفصل الدراسي الثاني.
وتضيف هناء أن ابنها يومياً يعود من المدرسة، وأغلب أدواته ناقصة، وعند سؤاله عن "أقلامه.. ممحاته.. مبراته.. ألوانه.. علبة الهندسة” وغيرها، يجيب بأنها فقدت منه بدون علمه، لافتة إلى أنها حتى لو عاقبته، ففي النهاية بحاجة الى أن تشتري له مرة أخرى أدوات المدرسة، وبالتالي فإن ذلك يدفعها لشراء "دزينة” من كل صنف، تحسباً لجميع هذه المواقف، والتي تحدث بشكل شبه يومي مع أبنائها.
وتضيف، أن لديها أربعة أبناء في المدرسة، وتنفق على الأقل ما يقارب 200 دينار من أجل تجهيزاتهم للعام الدراسي الجديد.
وبحسب التقويم الجديد لوزارة التربية والتعليم، فإن بدء التدريس للفصل الدراسي الثاني يبدأ يوم الأحد 16/2/2020.
وكان قد التحق ما يزيد على مليوني طالب وطالبة، من مختلف المراحل الدراسية على مستوى المملكة، بمدارسهم سواء كانت حكومية أو خاصة، بالإضافة إلى مدارس الثقافة العسكرية ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) إيذانا ببدء العام الدراسي 2020/2019.
وفي ذلك، يذهب الاختصاصي الاجتماعي الاقتصادي حسام عايش، إلى أن كل مناسبة تحتاج لمتطلبات إضافية في الإنفاق تصبح مشكلة، وللأسف أن العودة للمدارس لم تعد تقتصر على العودة الأساسية "بداية العام الدراسي الجديد”، إنما باتت تشمل أيضا العودة في منتصف العام.
ويشير إلى أن متطلبات هذه العودة بدأت تتغير بحسب الموسم، وبسبب الكلف المتزايدة التي يحملها الأهل، وبسبب عدم القدرة المالية الكافية بالنسبة لهذه الأسر على مواجهة الأعباء المتزايدة، مبيناً أن هذا كله من نواتج العملية الاقتصادية غير المستوفية لأركانها من عملية النمو غير المواتية للناس من الأداء الاقتصادي الذي لا يأخذ بعين الاعتبار الحالتين الاجتماعية والمعيشية اللتين يفترض أن يأتي الأداء الاقتصادي لكي يلبيهما.
ويضيف "بالتالي، فإن المواطنين بشكل عام، والأسر بشكل خاص، والأهالي الذي لديهم أطفال في المدارس يشعرون بثقل؛ أي تغير ولو طفيف في الكلفة الإضافية للعودة الى المدارس، وأيضا خلال العام الدراسي”.
وهذا يستدعي أن يكون هناك توجيه من وزارة التربية والتعليم للمدارس وللمعلمين والمديرين عن كيفية إعادة تدوير المتطلبات المختلفة، والمستلزمات المدرسية التي يمكن لنا إعادة استخدامها مرة أخرى، وتوجيه الطلاب لكيفية التوفير، وعدم الهدر في استخدامهم مستلزماتهم.
ويلفت لضرورة تعليم الأطفال والطلاب في المدارس كيفية التعامل مع الأوضاع المعيشية لأهلهم، كون ذلك سيجعلهم أكثر حرصاً وانضباطاً، وأكثر قدرة على الانتباه للمحافظة على ملابسهم وأدواتهم، بحيث لا يحملوا والديهم خسائر وكلفا إضافية.
ويشير عايش الى أن هذا يستدعي تكاتف الجهود، والعمل من كل المنظومة التعليمية سواء الأهل أو المعلمين أو الطلاب والمدرسة من أجل مساعدة الطلاب على كيفية بناء علاقة إيجابية لتوجيههم في وسائل وفوائد الحفاظ على مسلتزماتهم.
ويوضح، أن العام الدراسي لم يعد ينظر إليه بسعادة، بالنسبة لأولياء الأمور، لأن الكلف التي تزداد عاما بعد آخر أصبحت تضغط على أعصابهم، وعلى قدراتهم المادية، وعليه اتجه العديد منهم لنقل أبنائه من المدارس الخاصة الى الحكومية من أجل التوفير وتقليل النفقات.
وهو ما يعني أن التعليم أصبحت كلفه مرتفعة لدى الجميع، وفق عايش، ويجب النظر من زاوية أخرى بأن العملية التعليمية في صلب الأداء الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع، ويفترض توفير كل السبل من أجل أن تكون بأقل كلف يتحملها الأهالي.