خبراء: استراتيجيات الحكومات مبتورة والاقتصاد هو الخاسر الأكبر

الوقائع الإخبارية : على مدار السنوات الماضية أطلقت الحكومات المختلفة خططا واستراتيجيات استهلكت وقتا وجهدا وأموالا كثيرة، إلا أنها وضعت على "الرف” بمجرد ذهاب حكومة وقدوم أخرى، الأمر الذي عطل مسيرة الاقتصاد، بحسب خبراء اقتصاديين.
وبين خبراء في حديث له أن المشكلة الحقيقية في الاقتصاد هي أزمة الإدارة الحكومية، واعتقاد أي حكومة جديدة أن الاصلاح يبدأ من عندها وكل ما سبق كان أخطاء.
وأكدوا أن العمل المؤسسي هو الأساس وليس العمل كشخص أو كفريق حكومي مؤقت، مشيرين إلى أن وجود حكومات برلمانية منتخبة ذات برامج واضحة ويتم مساءلتها من قبل جهة محايدة هو الحل.
وأشار هؤلاء إلى الأثر السلبي لعدم الاستقرار الفكري لصانع القرار الاقتصادي، على النمو والتطور في المملكة عبر سنوات.
وزير المالية الأسبق محمد أبوحمور قال إن "المشكلة الحقيقية في الاقتصاد الأردني أنه رغم توفر عناصر الإنتاج التي تتمثل في الأرض ورأس المال البشري ورأس المال، الا أن المشكلة تكمن في العنصر الرابع وهي الإدارة”.

وبين ابوحمور أن غياب المؤسسية من جهة والذاكرة المؤسسية من جهة أخرى، نتيجة تغير الأشخاص.
ولفت إلى أن الحكومة أو المسؤول الجديد يعتقد أن الإصلاح يبدأ من عنده وجميع ما تم عمله في السابق كان كله اخطاء ولا يمكن البناء عليها.
وأشار إلى أن الخطط والاستراتيجيات التي شهدناها، كالاجندة الوطنية، أو رؤية 2025 أو خطة التحفيز، أو خطة عشرية، لم تحقق أهدافها، وتم وضعها على الرف وفي ذلك ضياع للوقت والجهد والأموال.

وتساءل أبو حمور "هل السبب هو كثرة وتعدد المسؤولين وتغيرهم بشكل دوري، أم وضع خطط وبرامج طموحة بشكل كبير لدرجة صعوبة تنفيذها”.
ولفت إلى أن غياب المساءلة ومتابعة من قبل جهة محايدة لأداء الحكومة، يؤدي إلى ضياع الاهداف.
وتطرق ابوحمور إلى الحزم التحفيزية التي تطلقها الحكومة الحالية، مبينا أنها منفصلة عن بعضها لكل قطاع على حدا، دون وجود رؤية شمولية متكاملة لكل القطاعات مجتمعة.
وأكد ضرورة الإصلاح السياسي لإيجاد حكومات برلمانية منتخبة وأحراب تمثل تيارات، من أجل وجود برامج واضحة ومساءلة ومتابعة.
من جانبه، اتفق وزير تطوير القطاع العام الأسبق ماهر مدادحة مع ابوحمور حول أن غياب العمل المؤسسي من أهم أسباب فشل تطبيق خطط واستراتيجيات حكومية بشكل صحيح واستمراريتها.
وقال مدادحة "نحن للأسف لا نتعامل مع استراتيجيات وفكر لمؤسسة بل مع أشخاص مؤقتين”.
وبين أن الحكومات المتعاقبة للأسف لم يكن لديها برامج واضحة وإنما كانت تصريف أعمال، ولم تعمل على استراتيجيات سابقة أو تعدل عليها بل وضعتها على الرف وبدأت من جديد.
واتفق مدادحة مع ابوحمور حول أهمية الاصلاح السياسي ووجود حكومات على أساس حزبي وانتخابات على أساس برنامج واضح.
ولفت إلى ضرورة متابعة الأداء الحكومي والمحاسبة.
من جانبه، قال الخبير المالي مفلح عقل إن "المشكلة في غياب التخطيط الصحيح وعدم وجود جهة مسؤولة تراقب تنفيذ تلك الخطط وتتابع لتؤمن لها الاستمرارية سيكون هناك فشل أكيد”.
وبين عقل أن التغيير المستمر للحكومات والوزراء يؤدي إلى تعدد وجهات نظر تدفعهم لعدم الالتزام بخطط وضعت قبل وصولهم للمنصب.
ولفت إلى أن وجود خطة أو استراتيجية معينة يجب أن يلتزم بها السابق واللاحق، وأن يكون فيها مرونة إذا احتاجت التغيير أو التعديل لأسباب منطقية.
وبين عقل أنه للأسف تم وضع خطط ضاع فيها الوقت والجهد والمال، نتيجة سرعة تغيير الأشخاص وارتباطها بهم وليس بالمؤسسة، "فنكون أمام رؤية جديدة غير متكاملة وخطة قديمة غير قابلة للتنفيذ”.
وقال إن "هذا الذي أوقعنا أمام قضية تعدد الخطط والضياع بينها وعدم تحقيق أهداف أيمنها على الاطلاق”.
وأكد عقل ضرورة وجود منهجية صحيحة، وإعداد خطة من قبل خبراء ليس من الحكومة نفسها لضمان تنفيذها والحيادية في المتابعة إلى جانب الاستمرارية.
وبين أن تلك المشكلة لها آثار سلبية على النمو الاقتصادي نتيجة عدم تحقق الاهداف.