"كورونا" تكشف مواهب جديدة لدى الأفراد داخل الحجر المنزلي

الوقائع الإخبارية: في ظل الظروف المستجدة لبلدان العالم، والإجراءات الوقائية والاحترازية لمكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد، فُرض نمط جديد على أفراد العائلة الواحدة بالمكوث غالبية الوقت بالمنزل ولساعات طويلة.
كل واحد من أفراد العائلة يحاول قضاء وقته بشيء مفيد وممتع، كالقيام بأنشطة ترفيهية ورياضية، وأيضا يتشاركون بإظهار مواهبهم ومهاراتهم المختلفة؛ إذ إن البعض منهم لم يكن على معرفة أن لديه طاقات كامنة لم يتمكن من تفريغها بسبب انشغالاته.
ومن هؤلاء الشاب خالد الذي أعاد اكتشاف مهارته بالرسم؛ إذ كان انشغاله بالمحاضرات الجامعية والدراسة يرجعه لموهبة طفولية كانت ظاهرة لديه في أيام المدرسة، لكنه لم ينميها أو يطور منها.
أحمد استغل الوقت لتنمية مهارته في فترة المساء، وبدأ يرسم لوحات قريبة من الواقع الذي يعيشه بعد انتشار فيروس كورونا، لكن الأمل بقي لديه برسوماته التي تظهر واضحة بأن بعد كل ضيف هنالك فرج وطريق مليء بالنور.
يقول العشريني أحمد "لم أتوقع يوما أن أعود لموهبة لطالما أحببتها في صغري، ولكن الآن أشعر أنني أفرغ كل طاقاتي السلبية من خلال لوحة أجد فيها الحب والأمل رغم صعوبة الأزمة التي نعيشها والتوتر والقلق”.
وينصح أحمد كل شخص بأن يفرغ ما بداخله من مواهب، وحتى وإن اعتقد أنها ذهبت مع الزمن، أن يستعيدها ليفرح بها ويتفاخر بما يقوم به، وأن لا يبقى حبيسا لأفكاره السلبية.
رنيم التي تهوى فنون الصناعات اليدوية، لكن لم يكن لديها وقت كاف لتنفيذ أفكار عديدة، لطالما خططت لها، وعليه رأت بأن الحجر المنزلي الإلزامي فرصتها للإبداع وتفريغ طاقاتها.
وقامت رنيم بإعادة تدوير بعض القطع التي لم تكن تستخدمها، بإضافة بعض الإكسسوارات الجديدة؛ إذ قامت بتشكيل حقائب جديدة، ومحافظ صغيرة الحجم وحقائب للتسوق، وكلها مفعمة بالأمل.
وتسعى رنيم إلى استثمار موهبتها بعد الحظر، وصناعة قطع وإكسسوارات وتسويقها؛ إذ وجدت متعة كبيرة بما تبدعه يداها.
أما الطفل سيف جمال (13 عاما)، فاستغل الحظر المنزلي، بتصوير فيديوهات توعوية لينشرها على صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، ليستفيد منها أكبر عدد ممكن من زملائه وأصدقائه. وعبر الفيديوهات يسجل الطفل يومياته بما فيها من فائدة لأقرانه، ويستثمر الوقت بمواهب يتشاركها مع الجميع، ويتناقشون فيها، لتعميم الاستفادة.
وفي الوقت الذي أعلنت الحكومة الأردنية حظر التجول في 20 آذار (مارس) الماضي، ضمن الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة لمواجهة فيروس كورونا المستجد، أطلقت وزارة الثقافة الأردنية "موهبتي من بيتي”، وهي حملة أردنية لتشجيع المواهب في مواجهة كورونا.
وتقدم هذه المبادرة المسابقة التي تعد الأكبر في الحقل الثقافي؛ إذ أعلنت الوزارة عبر صفحتها الرسمية عبر موقع "تويتر”، عن مائة جائزة نقدية أسبوعية، ستقدمها للمواهب المتفاعلة.
وتستهدف المسابقة الأطفال والشباب الذين تتناسب قدراتهم وإمكاناتهم مع مجالات المسابقة، وهم الأطفال من سن 10 إلى 14 عاما، والشباب من سن 15 إلى 25 عاما. ولأن الكثيرين اليوم يلتزمون منازلهم فهم يحاولون أن لا تتملكهم المشاعر السلبية، ويقضون أوقاتهم بخوض تجارب أحبوها، ولم يتمكنوا من ممارستها لأعوام طويلة.
وحول ذلك، يقول اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة "من الجميل الاستفادة من هذا الحظر المنزلي بشكل خلاق ومبدع وعبر اكتشاف موهبة جديدة، وقضاء الوقت بطرق لم نعتد عليها مسبقا”.
ويبين مطارنة أن فترة العزل والالتزام بالبيت خوفا من تفشي المرض تجعل الناس يعانون من عدم استقرار بالمشاعر، لذلك يستحسن ألا يسمحوا للمشاعر المفرطة أن تؤثر على طبيعة علاقتهم مع الأشخاص المقربين منهم. ويلفت إلى أن تعامل الأشخاص مع الأزمات مختلف من شخص لآخر.
وينصح بتطبيق الكثير من الأنشطة واستثمار الوقت بالمواهب والإبداعات التي من الممكن أن تكون مفيدة في حياة الفرد في هذه العزلة الصحية، وكذلك تمنحه فوائد إيجابية، وتشغل البال بما هو مفيد وتنشط الذاكرة.
وينصح أيضا، بالابتعاد عن الشاشات، وذلك من خلال القراءة أو كتابة يوميات في زمن كورونا، فهي بالنهاية ستكون ذكرى لدى الكثيرين، على حد تعبيره. فعلى الفرد أن يستغل هذه الأوقات التي كان يحلم بها ببعض الهدوء وكسر الروتين، ولطالما حلم الكثيرون بوجود مساحات خاصة بهم بعيدا عن سرعة الحياة إما لعزف الموسيقى أو الرسم أو لعب الرياضة أو حتى تعلم مهارة الطهي.
ويضيف "كل هذه النشاطات تعدل من المزاج وتجعل الفرد أكثر استقرارا، وتقطع شوطا كبيرا من الحجر الصحي بأقل الأضرار النفسية، بل على العكس مع تحسين المزاج واكتشاف الذات بشكل جديد”.