كيف تفاعل الفنانون مع قضية اغتصاب الطفل السوري؟
الوقائع الإخبارية: مضى أسبوع على انتشار الفيديو الذي يوثّق جريمة اغتصاب طفل سوري في لبنان، في بلدة سحمر بالبقاع الغربي. الفيديو الذي أثار ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي، ودفع المئات من الناشطين من سورية ولبنان إلى إطلاق حملة للمطالبة بمحاسبة المغتصبين الذين قاموا بتوثيق جريمتهم تجاه الطفل الذي يبلغ الثالثة عشرة من عمره، تجاهله الفنانون السوريون في الأيام الأولى، فلم يعلّق عليه سوى بعض الفنانين الشباب، مثل الممثلة ريم نصر، التي هاجمت الوسط الفني والثقافي السوري الساكت عن الجريمة، وكتبت على صفحتها الشخصية على "فيسبوك": "لازم يكون الولد ببيت نانسي عجرم لتدافعوا عنه"!.
وفي المقابل، فإن العديد من الفنانين اللبنانيين علّقوا على القضية، وكان أبرز هذه التعليقات ما ذكره المخرج والمغني اللبناني جاد شويري، الذي أشار إلى أن 95% من اللبنانيين يسيئون للاجئين السوريين، للسنة العاشرة على التوالي، بسبب عدم وجود من يحميهم. ووجّه اعتذاراً لوالدة الطفل السوري عما بدر من الشباب الثلاثة، وشدد على ضرورة عدم السكوت عن حقها وحق ابنها والمسارعة إلى معالجته نفسياً. وأشار إلى أنه لو أن الطفل الذي تم اغتصابه من أهل البقاع لحدثت احتجاجات وحالات شغب إثر الحادثة. هذه التصريحات تداولتها الصفحات الإعلامية السورية على مواقع التواصل الاجتماعي. ولسبب غريب، قامت بعض الصفحات بالترويج لإشاعة، مفادها: أن السلطات اللبنانية أصدرت قراراً يمنع ظهور الفنان جاد شويري على الشاشات اللبنانية.
تفاعل السوريون مع الشائعة بالإشادة بمواقف جاد شويري وجرأته. والغريب أن بعض الصفحات نشرت بجانب الشائعة تعليقات للسخرية من الإعلام اللبناني الذي يكمم الأفواه المحقة، ضمن مقارنة مع "الانفتاح" الذي يشهده إعلام النظام السوري، بحسب رأيهم. ويبدو أن التضامن الذي لاقاه جاد شويري بعد الإشاعة المزعومة، دفع العديد من الفنانين السوريين إلى التعليق على الحادثة بشكل متأخر، فشارك العديد منهم عبر صفحاتهم الشخصية على "فيسبوك" وسم "العدالة للطفل السوري"، الذي تحوّل إلى شعار حملة التضامن مع الضحية بعد أيام في العالم الافتراضي، وأبرزهم: تيم حسن وشكران مرتجى وقصي خولي.
بينما قام العديد من الفنانين بتدوين منشورات تندد بالجريمة وتطالب السلطات اللبنانية بالتحرك لمعاقبة الفاعلين. ومن أبرز هذه التعليقات ما كتبه الفنان باسم ياخور، الذي استهجن الجريمة، وأكد على ضرورة محاسبة المجرمين لوقف الانتهاكات بحق السوريين في لبنان. كما قام العديد من الفنانين البارزين، أمثال معتصم النهار وأمل عرفة ومها المصري، بتوصيف الجريمة، ووصفوا الفاعلين بالشياطين والوحوش البشرية، وانتقدوا الجرائم المرتكبة بحق السوريين. الغريب في الأمر أن بعض التعليقات على منشورات الفنانين السوريين، اتهمتهم بالعنصرية بسبب ذكر جنسية الطفل الضحية؛ من دون إدراك أن أحد أبرز الأسباب التي أدت إلى وقوع الجريمة هو استباحة الجسد السوري في لبنان، وعدم اتخاذ الحكومة اللبنانية خطوات لمحاسبة الجناة في قضايا العنف تجاه اللاجئين السوريين في لبنان، والتي تحولت إلى قضايا رأي عام. وهذا النوع من التعليقات دفع الفنانة هبة نور إلى كتابة التعليق الذي أصبح الأكثر تداولاً منذ نشره: "نحن لا نبحث عن الخلافات العنصرية.. نطالب فقط بالعدالة للطفل السوري وإعدام المجرمين".
جدير بالذكر، أن التعليقات التي بات الفنانون السوريون ينشرونها حول قضايا الرأي العام المتعلقة باللاجئين السوريين في لبنان في الأشهر الأخيرة، تم التعاطي معها بطريقة سلبية من قبل إعلام النظام السوري والإعلام اللبناني. ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال ما حدث على قناة "لنا" السورية، حين استضاف الإعلامي اللبناني هشام حداد الفنانة السورية شكران مرتجى ضمن برنامج "راحت علينا"، ليحاسبها عن المنشور الذي كتبته عقب جريمة القتل التي حدثت في بيت الفنانة اللبنانية نانسي عجرم؛ فقامت مرتجى حينها بالتراجع عن موقفها على الهواء مباشرةً. ربما دفعت هذه الحادثة، وغيرها، الفنانين السوريين، إلى التريث قبل التعليق على أي قضية رأي عام تتعلق باللاجئين السوريين في لبنان؛ لكن جريمة الاغتصاب الأخيرة تمكنت من كسر حواجز الصمت.