البنك الدولي يتوقع انكماش الاقتصاد الأردني 3.5% العام الحالي
الوقائع الاخبارية : ناقش اجتماع افتراضي استضافه منتدى الاستراتيجيات الأردني بالتعاون مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي تقريرا للبنك الدولي توقع انكماش الاقتصاد الأردني بنسبة 3.5 بالمئة العام الحالي بسبب تداعيات فيروس كورونا، مقارنة بالانكماش المتوقع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنسبة 4.2 بالمئة، وما نسبته 5.2 بالمئة للاقتصاد العالمي.
وبحسب تقرير مرصد الاقتصاد الأردني في البنك الدولي الذي أطلقه الثلاثاء، من المتوقع أن يمس هذا التأثير السلبي عددا من القطاعات المختلفة لا سيما التجارة والحوالات والسياحة وقطاع الخدمات. وما يزيد من حدية هذه التوقعات مواجهة بعض البلدان صعوبات في السيطرة على الموجة الأولى من الجائحة، في حين قد تواجه بلدان أخرى موجة ثانية. ونظرًا لطبيعة الاقتصاد الأردني المعتمد على قطاع الخدمات، فمن المتوقع أن تتعافى المملكة تدريجيًا ولكن دون مستوى التوقعات لما قبل الجائحة. ويناقش التقرير أحدث التطورات الاقتصادية ويسلط الضوء على بعض التحديات الرئيسية التي تواجه سياسات الاقتصاد الكلي في المملكة لا سيما الآثار الاقتصادية والاجتماعية لجائحة فيروس كورونا المستجد التي مسّت بشدة حياة المواطن الأردني وسبل عيشه.
ومن المتوقع أن تكون صدمة جائحة كورونا أكثر حدية. وستؤدي على الأرجح إلى ركود عالمي عميق على المدى الطويل، يعزى جزئيًا إلى استمرار المخاطر الصحية. ووفق التقرير، قال المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي ساروج كومار جها خلال اجتماع افتراضي استضافه منتدى الاستراتيجيات الأردني بالتعاون مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي: "إن الاضطرابات العالمية والمحلية التي طرأت مؤخراً بسبب جائحة فيروس كورونا أثّرت بشدة على الاقتصاد الأردني وآفاقه، مؤكدا التزام البنك بدعم الأردن في اتخاذ إجراءات سريعة لحماية الفقراء، والحفاظ على توفير الخدمات الأساسية، واستعادة النشاط الاقتصادي، والحفاظ على رأس المال البشري".
وتتطلب الاستجابة لهذه الأزمة حشد موارد مالية كبيرة، ونظرًا لانكماش السيولة عالمياً، فمن المرجّح أن تكون الاحتياجات التمويلية الإضافية الناشئة عن أزمة كورونا كبيرة على المدى المتوسط، ما سيزيد من اعتماد الأردن على التمويل الخارجي. وفي هذا الصدد، قالت سعدية رفقات، وهي خبيرة اقتصادية أولى في البنك الدولي ومؤلفة التقرير، "إن إعادة تحفيز النمو وخلق فرص العمل على المدى المتوسط، والذي له تأثير مباشر على الحد من معدلات الفقر على المدى الطويل، سيعتمد على وتيرة الانتعاش العالمي ومناعة الاقتصاد الأردني".
واضافت، ان الأردن كان سباقاً في إعداد مصفوفة الإصلاحات (2018-2022) والتي تهدف إلى تحقيق نمو أكثر استدامةً وشمولاً خصوصاً فيما يتعلق بخلق فرص العمل للشباب والنساء.
وأوضحت ان المملكة حققت بمساندة من البنك الدولي، تقدماً في تنفيذ الإصلاحات الرئيسية على عدة أصعدة منها تنظيم سوق العمل، وشبكات الأمان الاجتماعي، والقدرة التنافسية للقطاع الخاص، والحوكمة. وبينت انه وفي ظل صدمة فيروس كورونا، من الضروري مواصلة الالتزام بتحقيق الاصلاحات الهيكلية لتسريع انتعاش الاقتصاد الأردني وتعزيز قدرته على الصمود، خصوصاً في قطاعات الزراعة والسياحة وتسهيل التجارة ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة والتحول الرقمي، بالإضافة إلى تحسين بيئة الأعمال والوصول إلى التمويل.
وزير التخطيط والتعاون الدولي، الدكتور وسام الربضي اكد انه ومع بداية جائحة فيروس كورونا، سارع الأردن الى اتخاذ إجراءات صارمة لاحتواء تفشي الفيروس للحفاظ على صحة وأرواح المواطنين في الدرجة الأولى.
واضاف، انه كان لاستراتيجية الحكومة في الاستجابة للجائحة أثر كبير في الحد من أعداد حالات المصابين والوفيات، ما مكننا من إعادة فتح معظم القطاعات الاقتصادية خلال فترة قصيرة، موضحا أن التحدي الرئيسي الذي يواجه العالم بأسره، بما فيه الأردن، هو التعافي الاقتصادي من أثر هذه الصدمة بسرعة وكفاءة لضمان نمو اقتصادي أكثر استدامة وشمولاً.
من جهته بيّن المدير التنفيذي لمنتدى الاستراتيجيات الأردني الدكتور إبراهيم سيف، أن التقرير تناول محاور مهمة تتعلق بأداء الاقتصاد خلال الربع الأول من العام ومصادر النمو والآفاق الكامنة، مبينا أن المؤشرات الواردة في التقرير أظهرت استقرارا ونموا "متواضعا"، الا ان تلك التطورات اصطدمت خلال الربع الثاني بحلول جائحة كورونا وما نجم عنها، فبات من الصعب الحفاظ على تلك الديناميكية في النمو سواء محلياً او في الأسواق الخارجية على صعيد التصدير. وأكد سيف أن التطورات الإقليمية انعكست على السوق المحلي من ناحية حوالات العاملين او استيعاب جزء من العمالة الأردنية ومستوى الصادرات الاردنية إلى دول المنطقة.
وقال، ان هناك فجوة بين فرص العمل التي يولدها الاقتصاد الأردني والمهارات المتوفرة نتيجة لطبيعة هيكل الاقتصاد الأردني.
وأشار الى أن المشاركة الاقتصادية المتدنية للمرأة في الأردن رغم ارتفاع المستوى التعليمي للإناث يعزى الى جملة من الأسباب التي تتعلق بغياب بيئة جاذبة، سواء من ناحية الأجور او وسائل النقل والحضانات وغيرها من العوامل المساعدة على زيادة مشاركة الاناث في سوق العمل وهو ما يعكس خللاً جوهريا يعالج من خلال اطار متكامل من السياسات التمكينية لمشاركة المرأة ودورها في العملية الإنتاجية.
من جهته قال كبير الاقتصاديين في البنك العربي الدكتور رضوان شعبان، إن نجاح الأردن باتخاذ اجراءات احترازية قوية ومبكرة لاحتواء انتشار فيروس كورونا ساعد في إعادة الفتح التدريجي للقطاعات الاقتصادية، ما أعطى كلا من المستهلكين وقطاع الأعمال الثقة في إعادة الانخراط في النشاط الاقتصادي ومكّن الحكومة من أن تكون قادرة على الاستجابة بشكل كاف في حال حدوث انتشار مستقبلي للفيروس، مشيرا الى أن هذا الامر سيساعد الاقتصاد الأردني على التعافي بوتيرة أسرع.
وأضاف شعبان، إن هذا التعافي المتوقع سيستفيد كذلك من متانة القطاعات الاقتصادية الرائدة مثل قطاع الأدوية وتكنولوجيا المعلومات/ الاتصالات، وصناعة الأسمدة والزراعة، كذلك فإن التطور المستمر في بيئة الأعمال، والتي كان الأردن رائداً فيها العام الماضي، يعد أمراً ضرورياً للمساعدة في التعافي الاقتصادي. وأكد مساعد المدير التنفيذي في البنك المركزي الأردني الدكتور راجح الخضور أهمية التقرير، مشيرا الى أنه يعد مرجعا مهما لصانعي القرارات الاقتصادية والباحثين والعلماء والطلاب في الأردن.
وأشار الخضور الى أنه سيكون لجائحة كوفيد-19 انعكاسات كبيرة على الاقتصاد الأردني، خاصةً على أداء القطاع الخارجي، مضيفا أنه من أجل تخفيف تداعيات هذه الجائحة اعتمد البنك المركزي الأردني برامج مختلفة وتدابير هادفة إلى توفير التمويل الكافي بتكاليف منخفضة تستهدف الشركات والأفراد المتضررين بالأزمة.
تجدر الإشارة إلى أن تقرير مرصد الاقتصاد الأردني يسلط الضوء على قسمين رئيسيين، هما "المرأة والعمل في الأردن" و "تشخيص فرص العمل في الأردن"، حيث يبحث القسمان في الأسباب الكامنة وراء الضعف في خلق فرص العمل، لا سيما للنساء والشباب، وانخفاض مشاركة الإناث في القوى العاملة، حيث يسجل الأردن نسبة مشاركة أقل من المعايير الإقليمية والدولية. ويدعو القسمان إلى إصلاحات قانونية وتنظيمية لنظام تصاريح العمل للحد من القطاع غير الرسمي، ومراجعة أجور وتعويضات القطاع العام مقابل تلك التي في القطاع الخاص، وتحسين بيئة الأعمال خاصةً للشركات الناشئة حتى تتمكن من النمو وخلق فرص العمل. كما يؤكد القسمان ضرورة معالجة بعض التحديات التي تعيق وصول النساء إلى سوق العمل مثل تدني خدمات رعاية الأطفال والنقل العام، وفجوة الأجور المتعلقة بالنوع الاجتماعي، والأعراف الاجتماعية التي تقيد دور المرأة في المجتمع والمشاركة الاقتصادية.(بترا)