"الحماية الأسرية".. مطالب بتوسيع قاعدة الهيكلة
الوقائع الإخبارية: رغم الإيجابية التي لاقتها توجيهات مدير الأمن العام اللواء الركن حسين الحواتمة، أمس، والمتعلقة بإعادة هيكلة إدارة حماية الأسرة، لجهة توسيع اختصاصها لتشمل كافة الجوانب المتعلقة بحماية الأسرة والطفل، إلا أن خبراء يرون أن هناك حاجة ماسة لشمول جميع المؤسسات الشريكة باعادة التقييم لتحديد مكامن الخلل في منظومة الحماية.
وراى هؤلاء أن إدارة حماية الأسرة تشكل جزءا من منظومة الحماية، فيما هناك مؤسسات أخرى حكومية شريكة تدخل في هذه المنظومة كدور إيواء ضحايا العنف من أطفال ونساء، والخدمات الاجتماعية والخدمات الصحية المقدمة للناجين من العنف.
ودعا الخبراء إلى ضرورة تعديل التشريعات المتعلقة بالحماية تحديدا قانون الحماية من العنف الأسري وبعض بنود قانون العقوبات بالتوازي مع مراجعة الإجراءات المتخذة في التعامل مع الناجيات والناجين من العنف.
أمين عام المجلس الوطني لشؤون الأسرة، محمد مقدادي، قال إن تصريحات مدير الأمن العام ايجابية، معتبرا ان إعادة الهيكلة تدل على اهتمام مديرية الأمن العام بتعزيز منظومة الحماية من العنف الأسري وهي التي كانت مبادرة في التعامل مع هذه الحالات منذ تأسيس الإدارة في تسعينيات القرن الماضي.
لكن مقدادي لفت إلى أن "العنف الأسري جذوره متعددة وبالتالي لاستجابة يجب ان تكون متعددة القطاعات، وبالتالي فان توسيع اختصاص وهيكلة بادارة حماية الأسرة يتطلب من القطاعات الاخرى مقدمة الخدمة أن تعيد النظر أيضا في دورها ومسؤوليتها والخدمات المقدمة داخل منظومة الحماية ومعالجة الفجوات لديها”.
وبين أنه "بالإضافة للجانب الأمني في التعامل مع العنف الأسري، فان الحاجة تبدو بارزة الى مراجعة الخدمات المقدمة من القطاعين الاجتماعي والصحي بحيث تكون جميع القطاعات على سوية واحدة من حيث اعداد وكفاءة العاملين ونوع الخدمة المقدمة لضمان معالجة الفجوات”.
وفي هذا السياق، لفت مقدادي الى أن "الفريق الوطني لحماية الأسرة من العنف بالمرحلة النهائية من وضع وتحديد الاحتياجات للقطاعات المختلفة للنهوض بمنظومة حماية الأسرة سواء من حيث اعداد العاملين او كفائتهم والبنية التحتية المختلفة وبرامج التوعية”.
أضاف أن "استجابة لتصريح رئيس الوزراء اتفق الفريق الوطني لحماية الأسرة من العنف على رفع متطلبات تعزيز منظومة الحماية الى رئيس الوزراء والمؤسسات المعنية ليكون هناك توازن بين القطاعات المختلفة في النهوض بمستوى الخدمة في مختلف القطاعات”.
من جانبها، قالت الأمين العام للجنة الوطنية لشؤون المرأة، سلمى النمس، إن "هناك حاجة إعادة تقييم قدرات واحتياجات إدارة حماية الأسرة لتقوم بدورها لكن ذلك يشمل الحاجة لإعادة تقييم كل الخدمات المقدمة في الإدارة من كل الأطراف والتي تضم شركاء آخرين لا يقعون ضمن صلاحيات إدارة حماية الأسرة أو مديرية الأمن العام”.
وأضافت، "لا يمكن النظر بإعادة الهيكلة لإدارة حماية الأسرة دون الأخذ بعين الاعتبار الحاجة لاعادة تقييم الخدمات المقدمة من قبل وزارة التنمية الاجتماعية بما فيها دور الايواء المختلفة والاخصائيين الاجتماعيين العاملين في مكاتب الخدمة الاجتماعية، والسؤال هنا هل لدينا الكفاءة والكفاية للمتابعة الاجتماعية للملفات الموجودة في الإدارة ودراسة معايير الخطورة؟”.
كما رات المحامية هالة عاهد، ان "الخطوات التي تم اتخاذها من مديرية الأمن العام هي بمثابة اعتراف ضمني بأن هناك تقصيرا بمتابعة ملف العنف الأسري والعنف ضد المرأة والطفل”.
واعتبرت ان "هذه الإجراءات غير كافية، مبينة أن المطلوب التشديد على ان تعامل إدارة حماية الأسرة مع الضحايا وبلاغاتهم بوصفها ضابطة عدلية ملزمة باجراء التحقيق في هذا النوع من القضايا”، مبينة أنه "من المهم كذلك إجراء تعديلات على قانون الحماية من العنف الأسري بحيث ينص صراحة على أن لا دور للإدارة في الوساطة وحل النزاع وانما يترك الأمر لمنظمات شريكة كمنظمات المجتمع المدني وغيرها”.
وقالت عاهد، إن "إعادة هيكلة الإدارة لوحده غير كاف انما يجب النظر إلى المؤسسات الحكومية الاخرى الشريكة مثل دور الايواء التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية من حيث معاييرها لقبول النساء والإجراءات التي يتم التعامل بها مع النزيلات بما فيها الرعاية اثناء الاقامة والرعاية اللاحقة إلى الجانب خدمات الدعم والمساندة النفسية والاجتماعية للأسرة عموما”.
وأضافت، "نحن نحتاج إلى إجراءات شمولية لا تتعامل مع الضحية لوحدها بشكل أحادي انما لتشمل جميع أفراد الأسرة، بما يضمن الحماية وإعادة دمج الضحية باسرتها دون خطورة، وينبغي على جميع مقدمي الخدمات تقديم الدعم اللازم والرعاية اللازمة للمعنفات بغض النظر عن طبيعية القضية أو الشكوى ودون تمييز وبغض النظر عن الوضع الجزائي للناجية من العنف”.
من جانبه، قال مستشار الطب الشرعي، والخبير في مواجهة العنف، هاني جهشان، إن "مواجهة العنف الأسري لا تكون عبر إعادة هيكلة أو إصلاح مؤسسة واحدة في منظومة الحماية إنما يتطلب مجموعة من الإجراءات والاصلاحات المفصلية في العديد من المؤسسات الشريكة ومنها القطاع الصحي والخدمات الاجتماعية ممثلة بوزارتي الصحة والتنمية الاجتماعية والفريق الوطني للحماية من العنف الأسري”.
وفي المجالات التي تتطلب المعالجة، قال جهشان، "هناك حاجة لاعادة تفعيل لجان حماية الأسرة في مستشفيات وزارة الصحة، والتحقيق بحالات الوفيات وتوثيقها الى جانب جانب تطوير خدمات الطب الشرعي والنفسي بان تكون خدمات متكاملة”.
ولفت جهشان الى "الاشكالية المتعلقة بضعف تطبيق الخطط الاستراتيجية والاطر الوطنية للحماية من العنف الأسري والتي بقيت على مدار أعوام خارج التطبيق والتفعيل”.
وكان الحواتمة، وجه أمس وبشكل عاجل إلى المباشرة بإعادة هيكلة إدارة حماية الأسرة وإعادة النظر في اختصاصاتها وتوسيعها لتشمل كافة الجوانب الأسرية المتعلقة بحماية المرأة والطفل.
وأشار الى ضرورة مراجعة كافة الإجراءات المتبعة لدى الادارة لحماية المرأة والطفل، والابتعاد عن الأساليب التقليدية القديمة لحماية النساء المعنفات أو المهددة لحياتهن، ووضع أسس وإجراءات جديدة توفر الحماية الأكيدة لهن من العنف والاعتداء واتخاذ كل ما هو ضروري ودون تردد عند التعامل مع مثل تلك الحالات.