خبراء: تغيير آلية احتساب الدين العام عملية تجميلية لواقع مالي مشوه
الوقائع الإخبارية: اعتبر خبراء اقتصاديون أن قرار الحكومة اتباع منهجية جديدة لاحتساب الدين العام لن يغير شيء من خطورة واقع المديونية الأردنية التي تخطت حجم الناتج المحلي الإجمالي.
ووصف الخبراء هذه الخطوة بأنها "تجميلية” و”خادعة” وليس له أي مدلول اقتصادي.
وحذر الخبراء من خطورة هذا القرار الذي قد يؤدي إلى تعميق فجوة الثقة بين الحكومة والمؤسسات المالية المانحة من جهة وبينها وبين المواطنين من جهة أخرى إضافة إلى إمكانية خدشه بنية الأمن الاقتصادي والسياسي الاجتماعي والمالي الأردني.
ويرى هؤلاء أن الدافع وراء هذا القرار هو زيادة فرص ومصادر الاقتراض والاستدانة الخارجية بفوائد منخفضة إلا أن هذا قد لا يتحقق بسبب المعايير الدقيقة والمسح الشامل للواقع الاقتصادي الذي تجريه عادةً الجهات المانحة قبل تقديم أي قروض وفرص استدانة.
وكان وزير المالية محمد العسعس قد أعلن عن توصل الحكومة إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في البرنامج الأخير مع المملكة على اعتماد مؤشر دين (الحكومة العامة) والاستناد عليه مستقبلا عند حساب نسبة الدين من الناتج المحلي الإجمالي.
وبحسب العسعس فإن مفهوم دين الحكومة العامة يعتبر الدين من (صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي والبلديات والهيئات المستقلة) دين من مؤسسات تابعة للحكومة وتستطيع الوزارة استثناء قيمة دينها من تلك المؤسسات عند حساب نسبة الدين من الناتج المحلي الإجمالي.
ويذكر أن آخر نشرتين شهريتين لوزارة المالية تمت الإشارة إلى حساب دين الحكومة باستثناء دينها من صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي الذي يبلغ نحو 6.5 مليار دينار.
ووفقا لنشرة وزارة المالية، بلغ إجمالي دين الحكومة المركزية حتى نهاية شهر نيسان (ابريل)، بعد استثناء ما يحمله صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي من سندات وأذونات خزينة، ما قيمته 24.866 مليار دينار أو ما نسبته 80.5 % من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لشهر نيسان من العام 2020 مقابل 23.958 مليار دينار في نهاية العام 2019 أو ما نسبته 77 % من الناتج المحلي الإجمالي للعام 2019.
في حين بلغ إجمالي دين الحكومة المركزية حتى نهاية شهر نيسان (ابريل) ما قيمته 31.39 مليار دينار أو ما نسبته 101.7 % من الناتج المحلي اإلجمالي المقدر لشهر نيسان(إبريل) من العام 2020 مقابل 30.07 مليار دينار في نهاية العام 2019 أو ما نسبته 96.7 % من الناتج المحلي الإجمالي للعام 2019.
وكشف العسعس على انه سيتم بناء موازنة الدولة كموازنة (حكومة عامة) تشمل موازنة الوزارات والمؤسسات والهيئات المستقلة التابعة للحكومة، وليس موازنة حكومة مزكزية منفصلة عن باقي الوحدات الحكومية
وقال الخبير الاقتصادي مفلح عقل ان "هذا القرار هو إجراء تجميلي لن يغير شيء من واقع وخطورة حجم المديونية المرتفع”.
وبين أن الدافع الحكومي من وراء هذا القرار هو زيادة فرص إمكانية الحصول على قروض خارجية بفوائد منخفضة.
وأوضح عقل انه على الرغم من أن هذا القرار يظهر انخفاض حجم المديونية نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي فإن هذه الأساليب واضحة ومكشوفة لدى المؤسسات المالية العالمية التي تقدم القروض والمنح إذ تنظر عادة إلى حجم المديونية بشكل كامل كما وحذر من خطورة هذا القرار الذي قد يعمق من فجوة الثقة بين الحكومة والمؤسسات المالية المانحة من جهة وبينها وبين المواطنين من جهة أخرى.
بدوره أكد الخبير الاقتصادي زيان زوانة أن هذا القرار قرار خاطئ وخادع وليس له أي مدلول اقتصادي يمكن أن يراهن عليه ولن يغير من قيمة المديونية المرتفعة وحقيقة خطورتها ولا من قيمة خدمة الدين العام ولن يغير من نظرة المؤسسات المالية العالمية نحو حقائق الواقع الإقتصادي الأردني وأرقام مديونيته الخطرة.
ونوه زوانة إلى إمكانية أن يؤدي هذا القرار الذي اتخذته الحكومة بذريعة زيادة فرص ومصادر الاستدانة والقروض بفوائد منخفضة إلى خدش عميق لبنية الأمن الاقتصادي والسياسي الإجتماعي والمالي الأردني وإضعاف ثقة المواطنين بالحكومة وإجراءاتها والثقة كذلك بمؤسسة الضمان الاجتماعي كما ودعا الحكومة إلى ضرورة إعادة النظر بهذا القرار لما قد يحمله من مخاطر تهدد استقرار الاقتصاد الوطني.
من جانبه، بين الخبير الاقتصادي محمد البشير أن دافع الحكومة من وراء هذا القرار هو إيجاد منافذ جديدة للاستدانة والقروض بمعدلات فائدة منخفضة لكن هذا لن يتحقق نظراً للمعايير الدقيقة والمسح الشامل الذي تنتهجه الجهات والمؤسسات المالية المانحة من حول العالم لواقع أي اقتصاد يتقدم بطلب الحصول على قروض او منح استدائنية.
ويرى البشير أن هذا القرار قد يترتب عليه تداعيات خارجية تتمثل بثقة المؤسسات المالية العالمية بالاقتصاد الأردني وداخلية قد تضر بمؤشر ثقة المواطنين بمؤسسة الضمان الاجتماعي وقلقهم على مستقبلهم وقد تحد من معدلات الإقبال على الانخراط تحت مظلتها.