قائد الطائرة الرئاسية الخاصة بالسادات ومبارك يكشف الأسرار

الوقائع الاخبارية : ذكريات كثيرة وأسرار جديدة كشفها اللواء طيار أبوبكر حامد، قائد الطائرة الرئاسية الخاصة برئيسي مصر السابقين أنور السادات وحسني مبارك، خلال عمله معهما طوال سنوات عديدة.


وقال في مقابلة مع "العربية.نت" إنه كان قائد الطائرة الرئاسية الخاصة للرئيسين الأسبقين وأقلع معهما في رحلات عديدة للخارج والداخل، وشهد معهما ذكريات كثيرة، كما أقلع مع الرئيس الإسرائيلي الأسبق عايزرا وايزمان ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أريل شارون.

وعقب حرب أكتوبر من العام 1973، كما يقول اللواء أبوبكر تم تعيينه في إدارة نقل الشخصيات الهامة، حيث شارك في الحرب كطيار مقاتل وعمل تحت قيادة الفريق محمد حسني مبارك قائد القوات الجوية وقتها، والذي أصدر بحقه عقوبتين انضباطيتين وتعلم منه الانضباط والالتزام والعمل تحت ضغط، مؤكدا أن الرئيس مبارك كان شديد الحرص على كافة التفاصيل، ويطوف القواعد الجوية في مصر كلها للاطمئنان على التدريب والاستعداد القتالي لكافة القوات والتشكيلات الجوية.

اللواء طيار أبوبكر حامد اللواء طيار أبوبكر حامد

كان أول إقلاع للطيار أبوبكر مع الرؤساء في يناير من العام 1977 مع الرئيس أنور السادات وقت ما عُرف بـ "انتفاضة الخبز"، حيث كان مع السادات في الطائرة وقت التظاهرات، وطلب منه الرئيس الراحل أن يواصل التحليق فوق القاهرة حتى يشاهد ما يحدث في الأسفل، مضيفا أن الرئيس الأسبق كان حزينا ومندهشا، مما يحدث وقال "لا إُصدق أن هؤلاء مصريون ويقومون بعمليات تخريب وفوضى".

خلال زيارته لأسوان للقاء مناحم بيجين، رئيس الوزراء الإسرائيلي، للاتفاق على بعض التفاصيل الخاصة باستعادة سيناء عقب توقيع معاهدة السلام، صعد الرئيس السادات للطائرة وكان سعيدا، ويستفسر عن صحة طاقم الطائرة ويسأل عن أحوال أفراد الطاقم فردا فردا، ولا يفارقه "بايب" الدخان، وعقب جلوسه في مقعده كان يهوى سماع أغاني أم كلثوم وأسمهان، ويقول اللواء أبوبكر إن الرئيس السادات وعقب انتهاء مقابلته مع مناحم بيجن،

عاد للطائرة مكتئبا وعصبيا، وكان يقول لوزير الخارجية أن هؤلاء -يقصد الإسرائيلين- لن يحصلوا منا على نقطة رمل واحدة، ولن أسمح لنفسي أن أفرط في شبر من أرض سيناء هم لا يعرفون أنور السادات الذي أذاقهم ويلات الحرب وسيذيقهم العلقم من أجل السلام.

مع الرئيس الراحل أنور السادات مع الرئيس الراحل أنور السادات

وقال إن السادات كان وخلال الرحلة الواحدة يتغير مزاجه وشخصيته، فعند صعوده في الصباح على الطائرة يكون مبتسما وسعيدا، ويدخن "البايب" بشراهة، بعكس مبارك الذي كان يكره التدخين ولا يسمح لأحد على متن الطائرة بالتدخين، كما كان السادات يحب أن يظل باب كابينة القيادة مفتوحا لكي يشاهد ردة فعل الطيارين خلال المطبات الجوية، مشيرا إلى أنه شاهد السادات وعقب تسلمه العريش في سيناء من الإسرائيليين طلب سجادة صلاة، وقام بالصلاة مع الوفد المرافق له وبكى وانسابت دموعه، وكانت دموع الفرح لاستعادة تراب سيناء من الإسرائيليين بعد حرب كبيرة ومفاوضات سلام شاقة.

وأضاف أن السادات كان إنسانا متواضعا شديد الذكاء والدهاء، ورقيقا مع أقرب الناس إليه، ويتذكر اللواء أبوبكر أن الرئيس الأسبق عقد اجتماعا مع عدد من المسؤولين الكبار في منزله بقرية ميت أبو الكوم بمحافظة المنوفية، وتسلمت الحراسة الخاصة المنزل وخلال الاجتماع حضرت سيدة ريفية بسيطة من أقارب الرئيس وطلبت زيارته، ورفض الأمن لكون الرئيس مشغولا لكنها أصرت وزاد إصرارها مع رغبة الأمن محاولة صرفها لحين انتهاء الاجتماع، ولكن أمام إصرارها ورفضها مغادرة المكان حتى تستطيع رؤية الرئيس اضطر قائد الحراسة إلى إبلاغ السادات بالواقعة حتى يستصدر منه أمرا بصرفها، لكنه فوجئ بالرئيس يأمره بإدخالها له.

السادات كان إنسانا متواضعا شديد الذكاء والدهاء.. ومبارك كان دقيقا في كل شيء، يلتزم بالوقت والموعد ، ويضيف اللواء أبوبكر أن جميع الحاضرين فوجئوا بالرئيس السادات يستقبل السيدة قريبته عند باب قاعة الاجتماع ويمسك بيديها، ويقوم بتعريف الحاضرين بها ويخبرهم أنها ابنة خالته، ولم تشاهده منذ سنوات وأنها حريصة على رؤيته مهما كلفها الأمر، ولذلك فهو فخور بها وفخور بكل أقاربه.

من خلال مرافقة اللواء طيار أبوبكر حامد للسادات، لمس فيه حرصه على كل التفاصيل الصغيرة الخاصة بمرؤؤسيه، والعناية بأدق أمورهم الشخصية حتى يمكنهم العمل في مناخ جيد ودون أي عقبات وكان مبتسما على الدوام ومحبوبا من الجميع.

مع الرئيس الراحل حسني مبارك مع الرئيس الراحل حسني مبارك

ويتذكر قائد الطائرة الرئاسية تفاصيل بعض رحلاته مع الرئيس الأسبق والراحل حسني مبارك، ويؤكد أن مبارك كان يمتلك ذاكرة حديدية فلا ينسى الوجوه والأسماء، وفي أول إقلاع له مع الرئيس الراحل فوجئ به يقوله له "لقد رأيتك من قبل أنت النقيب أبوبكر أليس كذلك؟ ماذا أتى بك إلى هنا؟" فأجبته أنني نُقلت إلى هنا للعمل بطائرة نقل الشخصيات الهامة فقال لي أنت طيار ممتاز ويعتمد عليك.

كان مبارك، كما يقول اللواء أبوبكر، دقيقا في كل شيء، يلتزم بالوقت والموعد، مضيفا أنه أقلع معه عندما كان نائبا للرئيس ثم تولي قيادة الطائرة الرئاسية الخاصة به بعد أن أصبح رئيسا للجمهورية.

ويقول إنه أقلع مع مبارك للإسكندرية والغردقة وأسيوط، وأقلع معه خلال سفره لتأدية واجب العزاء في وفاة ملك بلجيكا، وسافر الرئيس في المساء وعاد في اليوم التالي دون أن يذق طعم النوم، وفور عودته للقاهرة مارس مهامه وافتتح عدة مشروعات، وكأنه حصل على قسط كبير من الراحة، مؤكدا أن الرئيس الأسبق كان حريصا على متابعة افتتاح المشروعات الإنتاجية لتوفير فرص العمل وحريصا على متابعة عمل المحافظين والوزراء واستبعاد المقصرين منهم.

وذات يوم، كما يقول قائد الطائرة الرئاسية، فوجئ بالرئيس مبارك وكان مقررا السفر لمحافظة أسيوط وتأخرت الرحلة بسبب الظروف الجوية، فطلب منه الإقلاع لوجهة أخرى دون أن يخبر حراسته، وعقب إقلاع الطائرة طالبه بالتوجه لإحدى المدن السياحية لمتابعة العمل في بعض المنشآت هناك، ولم يعجبه ما يجري هناك، وعاد حزينا وغاضبا ثم طلب منه التوجه لأسيوط، وتكرر نفس الأمر وخلال الرحلة اتخذ قرارات بإقالة بعض المسؤولين منهم محافظي الإقليمين وكان يقول "عاوزين يضحكوا على يا أبوبكر".

قاد اللواء أبوبكر رحلة لنقل الرئيس الإسرائيلي الأسبق عايزرا وايزمان للقدس، وذلك خلال المفاوضات مع مصر لاستعادة طابا، وقال "لقد كان الرجل مهذبا وبسيطا ويجيد العربية بطلاقة ويتحدث عن مصر والرئيسين السادات ومبارك بحب وتقدير كبيرين، وكان يتحدث عن ضرورة السلام ووقف الحروب والتوجه نحو البناء والتنمية ورفاهية الشعوب، كما كان كريما مضيافا، وفر لنا كل شيء خلال وجودنا في القدس"، مضيفا أن آريل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق كان على العكس تماما وأقلع معه في رحلة إلى أسوان خلال وجوده في مصر للتباحث مع المسؤولين المصريين في مجال التعاون الزراعي، حيث كان شارون وقتها وزيرا للزراعة.

ويقول إن شارون كان مغرورا ومتكبرا ولا يصافح أحدا، وتعامل معنا باستعلاء شديد، وعندما سألنا وهو في الطائرة "لماذا يتركز الشريط الزراعي وبشكل ضيق حول النيل وبعدها صحراء جرداء؟" فلم نجبه. وخلال الرحلة كانت نظرته لنا فيها غرور واستعلاء، مؤكدا أنه وخلال رحلة العودة طلب من برج المراقبة التوجه لمسافة 30 ميل غرب القاهرة، وبالفعل قام بتغيير اتجاهه، وعندما وصل للنقطة المطلوبة، قال لشارون "أتعرف ما هذه المنطقة؟

فأجاب بالنفي، فقال له "إنها ثغرة الدفرسوار.. نحن قاتلناك وهزمناك هنا"، فاستشاط شارون غضبا وظل صامتا مقفهر الوجه طوال ما تبقى من الرحلة.