قانونيون: "الدفاع 21" يخالف الدستور ويتعدى على الحقوق المدنية

الوقائع الإخبارية: اعتبر قانونيون أن أمر الدفاع 21 "مخالف للدستور، وكذلك للإرادة الملكية السامية التي وضعت شروطاً تقيد تنفيذ قانون الدفاع”.

وشددوا، في تصريحات له  على أن "المحامين ونقابتهم، هم جزء من الأردن، وأن رفضهم لـ”الدفاع 21″ يأتي لأن الأخير جاء بشكل يمس الحقوق المدنية للمواطنين، إضافة إلى أنه شكل تدخلا بأمر إجرائي للسلطة القضائية ويتجاوز المحامين ومهنتهم”.

وكانت قد صدرت الإرادة الملكية السامية بالموافقة على قرار مجلس الوزراء، إعلان العمل بقانون الدفاع رقم 13 لسنة 1992، في جميع أنحاء المملكة الأردنية الهاشمية، اعتبارا من 17 آذار (مارس) الماضي.

ووجه جلالته وقتها رسالة إلى رئيس الوزراء السابق، عمر الرزاز، قال فيها "أوجه الحكومة بأن يكون تطبيق قانون الدفاع والأوامر الصادرة بمقتضاه، في أضيق نطاق ممكن، وبما لا يمس حقوق الأردنيين السياسية والمدنية، ويحافظ عليها، ويحمي الحريات العامة والحق في التعبير، التي كفلها الدستور وفي إطار القوانين العادية النافذة، وكذلك ضمان احترام الملكيات الخاصة سواء أكانت عقارا أو أموالا منقولة وغير منقولة”.

إلى ذلك، قال الكاتب والمحلل السياسي والباحث الدستوري، المحامي بشير المومني، إن "ما يشهده الأردن من تفاعلات وعصف دستوري وقانوني لدى جناحي العدالة (القضاء الواقف والقضاء الجالس) كمحامين وقضاة، إنما يعبر عن ضمير ووجدان الضمير الوطني الجمعي للأردنيين ويجسد مفاهيم الدولة العميقة في الدفاع عن الاستقرار”.

وأضاف أن "القضية ليست متعلقة نهائيا بحالة نفعية وإثراء وتكسب بأي شكل من الأشكال كما كان الحال مثلا في أزمة نقابة المعلمين، بل على العكس من ذلك تماما، فالقضية هنا تأخذ شكلا عميقا في المفاهيم الاستراتيجية المتصلة بصون الدستور من الانتهاك باعتباره مادة الدولة والوقوف بمواجهة السلطة التنفيذية في تغولها على السلطتين القضائية والتشريعية على حد سواء”.

وأوضح المومني، أن "أمر الدفاع رقم 21 جاء كتجاوز فاضح من قبل الحكومة على مجلس النواب وقام بوضع تشريع مخالف حتى لقانون الدفاع نفسه الذي تشوبه مظنة طعن وشبهة عدم الدستورية”، لافتا إلى أن "أمر الدفاع قام بتعديل القواعد الإجرائية للمحاكمات في قانون أصول المحاكمات المدنية بحيث جعل التقاضي يتم تدقيقا لا مرافعة امام قاضي الموضوع وبشكل مخالف للمادة 101/2 من الدستور”.

وبين، أن "المادة 101/2 من الدستور قررت أن المحاكمات والمرافعات امام محاكم الموضوع علنية”، مشيرا إلى أن "الحكومة وبصفتها سلطة تنفيذية، انتهكت الدستور وضمانات المحاكمة العادلة المقررة في القانون وتغولت على السلطة القضائية، وتدخلت في صميم عمل القاضي بوضعها اجراءات تقاضٍ عجيبة لا يعرفها أي نظام قضائي في العالم كله”.

وأشار المومني إلى أن "الحكومة مارست التشريع وعدلت على القانون الذي يمتلك ناصيته التشريعية، مجلس الأمة”، منوها إلى أن "الحكومة بذلك توصل رسالة سلبية جدا الى المجتمع القانوني والسياسي بانعدام حالة الاستقرار بالدولة، وأنه بإمكانها وفي لحظة مزاجية غير مدروسة وبجرة قلم أن تهدم تشريعا مستقرا وتمارس صلاحيات السلطة التشريعية وتتدخل في عمل القاضي بلا رقيب او رادع او حسيب”.

وأكد أن "تحرك الحكومة، لا يحترم نصوص الدستور، وهذا الأمر استدعى الموقف النوعي الاستراتيجي الواعي لنقابة المحامين ورفضها لهذا الانتهاك وذلك التغول وهذه التجاوزات، لا سيما ان الحكومة بذلك تعطي المبررات لاجراء تعديلات دستورية باعتبار ان النصوص الحالية اخفقت في ضبط التوازنات الدستورية وتحقيق مبدأ استقلالية وفصل السلطات وهذا غير صحيح أبدا، حيث ان احكام الدستور واضحة وجلية من هذا الجانب”.

ودعا المومني، مجلس الأمة، أعيانا ونوابا، بـ”ضرورة إجراء مراجعات عميقة لقانون الدفاع برمته سواء من حيث تنسيب الحكومة السابقة بتفعيله ووضع رسالة جلالة الملك للحكومة بكيفية ونطاق التطبيق كمعيار موضوعي للمواءمة القانونية والدستورية والواقعية ودراسة متن قانون الدفاع لوجود مظنة طعن دستوري”.

كما دعا إلى "دراسة أوامر الدفاع الناشئة عن ذلك كله واتخاذ قرارات متزنة من المعادلة الوطنية والاستماع الى أطراف المعادلة واللجوء الى المحكمة الدستورية في حال كانت التفسيرات والاجتهادات غامضة او إن كان هناك حاجة الى تفسير نصوص الدستور وخصوصا مفهوم صدور قانون الدفاع الوارد في المادة 124 من الدستور، لا سيما ان المراكز الدستورية قد جرى التعديل عليها بموجب التعديلات النوعية والكبرى التي طرأت على الدستور الاردني عام 2011، حيث لم يعد لاجتهادات وتفسيرات المجلس العالي لتفسير الدستور محلا من الاعراب الدستوري بشأن قانون الدفاع لوجود اختلافات جوهرية في النصوص”.

وشدد المومني على انه "لا بد من اعادة النظر بمفاهيم الصدور والضرورة والنطاق والصلاحية والابتداء والانتهاء بشأن العمل بقانون الدفاع وبالتأكيد الاثر الدستوري والقانوني والواقعي المترتب على ذلك كله بما يتفق مع الحقوق والحريات الاساسية للاردنيين والتي قررها الدستور والتي أكد عليها جلالة الملك للحكومة السابقة”.

بدورها، أكدت عضو مجلس نقابة المحامين السابقة، نور الإمام، ان "التزام المحامين بقرار النقابة والذي صدر للاحتجاج على الاجراءات الاخيرة التي صدرت استنادا الى "الدفاع 21″، يستند الى ان امر الدفاع قد خالف الارادة الملكية السامية والتي وضعت شروطا تقيد تنفيذ قانون الدفاع ومنها أن لا تمس الحقوق المدنية للاردنيين”.

وبينت ان "أمر الدفاع 21 والاجراءات التي لحقته قد تعدت على الحقوق المدنية ومست إجراءات التقاضي وضمانتها الدستورية التي حماها الدستور”.

ولفتت إلى أن "المحامين هم أحد أركان قطاع العدالة الذي يجب ان تتم مشاركتهم من خلال النقابة في التدارس في اي اجراءات تمس المهنة وتغير من طبيعتها لكي تبدي النقابة ما لديها من ملاحظات او معيقات لكي يتم معالجتها من اجل إنجاح التجربة وانعكاسها ايجابيا على قطاع العدالة”.

وأكدت الإمام، أن "المحامين ليسوا ضد تطوير إجراءات التقاضي إن كانت ملائمة او أنهم ضد التطور الرقمي بالمجمل”، مشيرة إلى أنه "يجب ان يترافق مع أي إجراء جديد، خطة زمنية للتنفيذ”.

وأوضحت، أنه "ومنذ انتهاء اللجنة الملكية لتطوير القضاء أعمالها عام 2017، لم يتم التوافق على اجراءات زمنية لكي تتم تهيئة كافة الاطراف على استخدام ادوات مهنية مختلفة عما عهدوها، وأن هذا الأمر يتطلب وقتا للتدريب والاعداد والتقييم لكي يكلل بنجاح”.

وقالت الإمام، ان "اطلاق نظام رقمي قد ينتج عنه عيوب في البداية، لهذا كان حريا عدم تعميمه قبل تجربته، وأن الاصل أن يكون وضمن خطوات مدروسة وبعد الاتفاق عليه وتذليل المعيقات العملية، اختيار محكمة تجريبية (pilot court) لا يكون فيها اكتظاظ ويتم تجربة كل إجراء على حده، وان نجحت التجربة ولم تمس جوهر العدالة ولا ضمانتها الدستورية ومعايير المحاكمة العادلة، يتم البدء بالتوسع لشمول كافة المحاكم”.

من جانبه، أكد المحامي فوزي عبيد، أن "أمر الدفاع 21 مسّ الدستور وتعدى وتعارض مع القوانين المعمول بها في المملكة”.

ولفت إلى أن "الحكومة بإقرارها لأمر الدفاع 21، تتعدى على القوانين وعلى الأنظمة دون حسيب أو رقيب”، معتبرا أن "قرار مجلس النقابة بوقف الترافع أمام كافة المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها هو قرار صائب وفي مكانه”.

وأوضح، أن "نقابة المحامين ستبقى الدرع الحصين لأي اعتداء على القوانين، وأن الهيئة العامة للنقابة ستبقى خلف مجلس نقابتها للصالح العام وحفاظا على مهنة المحاماة التي لها جذورها التاريخية”.

وبين عبيد، أن "أمر الدفاع 21 لا يتناسب مع آلية العمل المتبعة في المحاكم الاردنية”، منوها إلى أنه "على الحكومة قبل إصدار أمر الدفاع 21 تجهيز المحاكم وتعديل القوانين بداية بالانظمة والمعدات الحديثة وإجراء دراسة شاملة وعامة بأي تبعيات تحصل”.

وأوضح أن "المحامين أنفسهم هم الأدرى بما يتناسب مع مهنتهم”، مشيرا إلى أنه "كان على الحكومة أن تجلس مع نقابة المحامين للتشاور معها قبل إصدار أمر الدفاع 21 خاصة وأن محاكم المملكة غير مهيئة أصلا لأي تطوير إلكتروني”.
ودعا عبيد، إلى "وقف العمل بأمر الدفاع 21 وإعادة الحال إلى ما كان عليه في السابق خاصة وأن المرحلة الحالية تعد صعبة على المحامين الذين هم من الفئات الأكثر تضررا منذ بدء الجائحة”.