اليرموك تعقد ندوة في القانون الجنائي
الوقائع الاخبارية :نظمت كلية القانون في جامعة اليرموك ندوة حول القانون الجنائي بعنوان "أثر استخدام تقنية المعلومات عن بعد على ضمانات المتهم في محاكمة عادلة في التشريع الأردني" عبر تطبيق زووم، بإدارة أستاذ القانون الجنائي في الكلية الدكتور عقل مقابله، ومشاركة كل من الدكتور علي جبار عميد كلية القانون في جامعة جدارا، والدكتور مؤيد القضاة من جامعة الإمارات العربية المتحدة، والدكتور عبدالله العكايله من جامعة عجلون الوطنية، والدكتور عبدالله أبو حجيلة من كلية القانون في اليرموك.
وقدم جبار خلال الندوة ورقة علمية بعنوان "نظرات حول التقاضي عن بعد وأثره على ضمانات المحاكمة العادلة" أشار من خلالها إلى أن للمحاكمة عن بعد باستعمال وسائل الاتصال السمعية والبصرية عدة إيجابيات تتمثل بالخصوص في ربح الوقـت، وادخار الجهــد، بما يضمـن البــت في القضايا داخل آجال معقولة، والمساهمة في الحفاظ على المال العام وترشيد استعماله لما تحققه التقنية المذكورة من اقتصاد في نفقات الدولة عن طريق تجنيبها المصاريف والتكاليف الثقيلة التي يقتضيها نقل المعتقلين، متهمين كانوا أو مصرحين أو شهود، وتوفير شروط حراستهم وحمايتهم، فضلا عما تشكله التقنية من تحديث لمرفق القضاء يواكب التطور التكنولوجي ويمكن من مواجهة الظروف الاستثنائية التي يمكن أن تجعل من الاستماع للأطراف ونقل المعتقلين أمرا صعبا أو محفوفا بالمخاطر كما هو الحال بالنسبة للظروف الراهنة المرتبطة بوباء كوفيد 19 (جائحة كورونا).
وأشار إلا أنه بالمقابل يجب الإقرار بأن لكل هذه الإيجابيات ثمنا باهضا، يتمثل فيما يترتب عن تطبيق المحاكمة عن بعد من خروق كثيرة وخطيرة لمبدأ مشروعية الإجراءات الجنائية، أحد أهم مبادئ وأركان المحاكمة العادلة، بما يعنيه من ضرورة صيانة واحترام المقتضيات والقواعد التي تحكم اجراءات المحاكمة الجنائية، على مستوى الشكل أو على مستوى الجوهر، كما يجد مبدأ الشرعية الجنائية سنده في القانون الجنائية الذي جاءت جل مقتضيات الإجراءات الجوهرية فيه في شكل قواعد آمرة يترتب البطلان عن خرقها دونما حاجة إلى نص بذلك.
بدوره قدم القضاة ورقة علمية بعنوان "التقاضي عن بعد: محاكمة عادلة أم بعد عن العدالة: قراءة تقيمية مقارنة"، أوضح فيها إن التحول الى التقاضي الرقمي او المحاكمات الجزائية عن بعد، لا شك، يغير من قواعد التواصل البشري وركائزه داخل قاعات المحاكم كما هي معروفة في التقاضي التقليدي، فمع التحول الى المحاكمات الإلكترونية والى التواصل الرقمي بتشعباته المتعددة، وبعد استحضار ضمانات المحاكمة العادلة، يمكننا القول انه قد يطفو الانزعاج، والاحباط، وسوء الفهم، والارتباك بشكل واضح الى السطح من جانب اطراف الخصومة الجزائية والقائمين عليها من قضاة ونيابة عامة ودفاع، لذلك فإن نجاح تجربة المحاكمات الإلكترونية يرتبط الى حد كبير بواقع تطور وكفاءة التسهيلات والخدمات اللوجستية اللازمة لتنفيذها.
وقال إنه إذا كانت عصرنة العدالة او التحول للمحاكمات الرقمية امر لا بد منه، فيجب أن يقتصر نطاقها على الجرائم البسيطة دون الجنايات، وتبنيها كنظام مساند للقضاء التقليدي وليس بديلا تاما له، مع ضرورة ضمان متطلباتها الفنية ومن كوادر بشرية مدربة، لضمان حسن سير العدالة عند اللجوء اليها.
ومن جانبه قدم العكايله ورقة علمية بعنوان " أثر استخدام تقنية المعلومات عن بعد على ضمانات المتهم في المحاكمة العادلة في التشريع الأردني"، أكد فيها أنه لا يمكن أن يكون التقاضي الالكتروني بديلا عن التقاضي الوجاهي وهذا واضح من خلال نص المشرع في المادة ١٥٨ أصول جزائيه والتي تعتبر هذا النوع من التقاضي اجراءا استثنائيا لا اصليا، وقال: لا ننكر ايجابيات التقاضي الالكتروني والتي اغلبها تمتزج بالطابع الاقتصادي الا ان سلبياته باتت تشكل خطرا واضحا من حيث تأثيرها على ضمانات المتهم في المحاكمة العادلة سواء في مرحلة التحقيق الابتدائي أو المحاكمة حيث يؤدي إلى فقدان مبدأ المواجهة الحقيقية لأطراف الخصومه خاصة المتهم، فضلا عن خرقه لمبدأ علانية المحاكمة والسرية التي تتخللها طبيعة الدعوى في اغلب الاحيان لا بل ويمنع المتهم من اللقاء مع قاضيه.
وأضاف ان الكامة الكبرى هو أن المشرع اجازه في كافة الجرائم وكان الأولى عليه على الأقل إستثناء الجرائم التي هي من نوع الجناية لخطورتها واباحته على الاقل في الجرائم البسيطه كتجربة لنرى مدى فعاليته وانتاجيته، لافتا إلى أن الواجب الاكبر ملقى على عاتق القضاة فهم الاحرص أكثر من غيرهم على إجراء التقاضي الالكتروني بما يحقق المحافظة على ضمانات المتهم وحقوقه.
وقدم أبو احجيله ورقة علمية بعنوان " أثر استخدام تقنية المعلومات عن بعد على ضمانات المتهم في مرحلة المحاكمة في التشريع الأردني"، أشار فيها إلى أنه وعلى الرغم من ايجابيات المحاكمة عن بعد من حيث توفير الوقـــت والجهـــد والنفقـــات، وحفظ الأمن والسلم الاجتماعي أحياناً إلا أن ثمّة عدة إشكاليات تقف أمام المحاكمة الجنائية عن بعد، أولها عدم توافر الضمانة الدستورية المتعلقة بعلانية جلسات المحاكمة أحياناً، إذ هناك بعض فئـــات المجتمـــع لا يستطيعون حضور جلســـات المحاكمة عن بعد، وذلك لعدم تملكهـــم للأجهـــزة التـــي بموجبهـــا يســـتطيعون الدخول إلـــى قاعة المحاكمـــة عن بعد أو لافتقارهم للخبرة التقنية اللازمة التي تمكنهم من الدخول إلى قاعة المحاكمة.
أما الإشكالية الثانية فتتمثل بتأثر بعض حقوق الدفاع في المحاكمة عن بعد أحياناً بشكلٍ سلبي كحق المتهم بابداء أقواله بحرية بسبب المكان الذي يتواجد فيه المتهم ( مركز الاصلاح والتأهيل)، وحقه بالتعرف على شهود النيابة العامة ومناقشتهم وتعرفهم عليه بشكلٍ واضح، وحقه بالاستعانة بمحامٍ، وحقه بالاستعانة بالخبرة .
وأضاف أنه ومن المعلوم أن الحكم الجنائي يصدر بناءً على عدة عناصر وإجراءات منها الحضور المادي للمتهم وحضور باقي أطراف الدعوى أمام هيئة المحكمة، وإجراء المناقشات والمواجهة المادية بينهم - وفي مجال المحاكمة عن بعد يصعُب على المحكمة تكوين اقتناعها الذاتي، وذلك لأنه يصعب على المحكمة المعاينة المباشرة للمتهم من حيث تفاعله اثناء طرح أسئلة النيابة العامة عليه، ومواجهته بشكلٍ مباشر بالشهود، وعدم تمكن القاضي من قراءة تقاسيم وتعبيرات وجه المتهم وحركاته ونبرة صوته خلال المناقشة ، لأن الشاشة أو الصورة قد لا تعبر عن حقيقة تلك الحركات.