متحدثون: (الكرامة) رفعت المعنويات وعززت ثقة الإنسان العربي بالنصر
الوقائع الإخبارية: احتفاءً بالذكرى الثالثة والخمسين لمعركة الكرامة، أقام مركز الرأي للدراسات ندوةً شارك فيها خبراء عسكريون ومهتمون، قارئين محاور الاستراتيجيّة العسكرية والتعبئة، ومجريات وأحداث المعركة وبطولاتها، والدروس التي تُستقى منها؛ كونها تُعدّ حدثاً فاصلاً في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.
شارك في الندوة الفريق المتقاعد فاضل علي فهيد السرحان (بورقة قدّمها عن بُعد)،واللواء المتقاعد حاكم طافور الخريشا، والعميد المتقاعد أمين بنيه المحيسن، الذين قدّم كلٌّ منهم شهادةً حيّةً من واقع مجريات المعركة وخطّ سيرها وتكتيكاتها الداخلية، بالإضافة إلى قراءات استراتيجيّة قدّمها كلٌّ من اللواء المتقاعد عودة شديفات، والعميد المتقاعد محمد أبو عواد، والعقيد المتقاعد د.محمد مقابلة، والكاتب المؤرخ عمر العرموطي.
وأكّد رئيس مركز الرأي للدراسات د.خالد الشقران أهمية الندوة التي تجيء ضمن ندوات وأعمال المركز الاستراتيجية وقراءاته الفكرية المتخصصة، خصوصاً في ظلّ الاحتفال بمئوية الدولة الأردنيّة، وكون معركة الكرامة من المحطات المهمة في التاريخ الأردني.
وقال مدير وحدة الدراسات في المركز هادي الشوبكي في تقديمه المتحدثين إنّ ندوة «الكرامة» تتوخى الوصول إلى دروس تستشف من أبعاد سياسيّة وعسكرية ومن منظور ثقافة المجتمع، لتكون المعركة منارةً للأجيال الجديدة في التصميم والعزم ونحن ندخل المئوية الثانية للدولة، وكلّ ذلك كان العنوان العريض للإرادة القوية والإيمان والإعداد الفكري والجاد نحو تحقيق النصر دائماً وتأكيد المعنوية التي تجلّت في صفة الثبات والصمود النابع من قناعات وطنية بالنصر على مستوى القيادة والشعب والجيش.
وأكّد المتحدثون أنّ المعركة رسّخت الوجود الأردني وسيادة الدولة ووحدتها وحمايتها من أي اعتداء، وسلامة نظامها السياسي واستقراره، وكذلك حماية المجتمع والأمن الداخلي، ودعم حقوق الشعب الفلسطيني ومساعدته بالسعي لحل قضيته، والمحافظة على المعنويات والاعتزاز الوطني والاهتمام بالتضامن العربي.
وقرأوا معنى الاستراتيجية العسكرية الأردنية ومستوياتها التي تأثرت بالإمكانيات والمعطيات الجغرافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، خصوصاً بعد حرب 67وضياع الضفة الغربية والمقدسات والخسارة الاقتصادية والعسكرية التي قُدّرت بـ(80%) من قوتنا العسكرية، علاوةً على الآثارالنفسية لذلك على الشعب والجيش، فكان من المهم تحفيز الجهود لإعادة النظر بالاستراتيجية الأردنية العسكرية وبناء القدرات ومواجهة اليأس والإحباط ورفع المعنويات.
وقالوا إنّ من دروس معركة الكرامة أهميّة وجود خطط لازمة تركز على تنمية البناء النفسي عند الجنود ورفع معنوياتهم في القطاعات العسكرية، وإعادة الثقة للجندي ودعم إيمانه بقيادته وسلاحه وعدالة قضيته، وحقه في الدفاع عن نفسه وأهله ووطنه ومنجزاته.
وأكّدت الندوة كون الكرامة معركة للصبر والنصر، علاوةً على كونها معركة جيش لجيش، حيث قرأ المشاركون التعبئة النفسية التي اتبعتها إسرائيل بعد حرب 67 بهدف ضعضعة معنويات الجانب الأردني بدءاً بالقيادة والجيش والمؤسسات والمجتمع.
ومن ذلك، دعا المتحدثون إلى أن ننصف ذاتنا ونعزز معركة الكرامة لدى الأجيال؛ فلدينا مواقف مشرّفة ومعركة خالدة ومبادئ وعقيدة وتضحيات،وعلينا مسؤوليّة أن نعمّق هذا الإحساس في نفوس أبنائنا أمام أيّ محاولات تعمل على زعزعة الثقة وزرع أفكار غريبة في نفوس الناشئة والأجيال الجديدة، لتظلّ الكرامة حاضرة باعتبارها من أهم النقاط المضيئة خلال المئة عام الماضية على تأسيس المملكة.
وعبّروا عن اعتزازهم بالصمود الأردني وكسر قاعدة الاستخفاف الإسرائيلي بالقدرة على الثبات بعد حرب سابقة، فبرزت بطولات واستبسالاتغيّرتمن صورة الجندي الأردني لدى الجندي والمحلل العسكري الإسرائيلي.
وأوصى المتحدثون بألا تغيب هذه الرواية الصادقة عن مناهجنا، كَرَدٍّ على من يعمد إلى تغيير الرواية برواية مضللة، مؤكدين أنّ العقيدة الاستراتيجيّة موضوع لا يجوز العبث به مطلقاً، وأنّ أي محاولة للعبث بعقيدة الجيش تدخل في باب الإساءة وتشويه الصورة.
الاستراتيجية العسكرية بعد 67
وتناول العميد المتقاعد محمد أبو عواد ما فرضته الظروف بعد حرب 1967 على الاستراتيجية الأردنية من أهداف ومبادئ، أهمها الحفاظ على الوجود الأردني وسيادة الدولة ووحدتها وحمايتها من أي اعتداء، وسلامة نظامها السياسي واستقراره، وحماية المجتمع والأمن الداخلي، ودعم حقوق الشعب الفلسطيني ومساعدته بالسعي لحل قضيته، والمحافظة على المعنويات والاعتزاز الوطني والوحدة الوطنية والاهتمام بالتضامن العربي، والانفتاح على العالم باعتماد الدبلوماسية الفاعلة، والاعتماد على الذات، واستغلال الموارد المتاحة، وتنمية الموارد البشرية.
وتناول العميد المتقاعد محمد أبو عواد ما فرضته الظروف بعد حرب 1967 على الاستراتيجية الأردنية من أهداف ومبادئ، أهمها الحفاظ على الوجود الأردني وسيادة الدولة ووحدتها وحمايتها من أي اعتداء، وسلامة نظامها السياسي واستقراره، وحماية المجتمع والأمن الداخلي، ودعم حقوق الشعب الفلسطيني ومساعدته بالسعي لحل قضيته، والمحافظة على المعنويات والاعتزاز الوطني والوحدة الوطنية والاهتمام بالتضامن العربي، والانفتاح على العالم باعتماد الدبلوماسية الفاعلة، والاعتماد على الذات، واستغلال الموارد المتاحة، وتنمية الموارد البشرية.
وتحدث عما بذله المغفور له الحسين بن طلال لكي يوازن بين مصالح الأردن وإخراجه من آثار حرب حزيران الكارثية التي أفرزت نتائج ووقائع جديدة مُهمّة اتضحت ملامحها على الاستراتيجية العسكرية ومستوياتها التي تأثرت بالإمكانيات والمعطيات الجغرافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية بعد ضياع الضفة الغربية والمقدسات والخسارة الاقتصادية والعسكرية التي قُدّرت بـ(80%) من قوته العسكرية البرية والمدرعة، وكامل قوته الجوية، والحالة النفسية للشعب والجيش، حيث بدأ رحمه الله بتحفيز الجهود لإعادة النظر بالاستراتيجية الأردنية العسكرية وبناء قدرات قواته ومواجهة اليأس والإحباط ورفع المعنويات، إذ أدرك بحكمته أهمية الموازنة بين الأهداف السياسية وعناصر القوة للدولة الأردنية، وأولها القوة العسكرية؛ فكان لا بد من التوافق مع الظروف الإقليمية، ومدى تأثيرها على الوضع الأردني الداخلي في ظل الحفاظ على التضامن والعمل العربي والدفاع المشترك، كما استطاع الحسين بالحكمة والشجاعة التي اتصف بها الهاشميون أن يوازن بين الأمور ويعمل على إعادة بناء القوات المسلحة، وأن يبعث في رجالها روح التحدي، بصفته القائد الأعلى، من خلال توجيه رسائل لمنتسبيها يشكرهم فيها على تضحياتهم وصمودهم، مشيداًببطولاتهم وبسالتهم في ميادين القتال، وبما قدموه من روح استشهادية ودماء زكية في وجه ما فُرض عليهم، كما قام بزيارات للتشكيلات والوحدات العسكرية معززاً ثقتهم بأنفسهم وروحهم المعنوية، فبعث فيهم العزيمة والصبر والصمود وتنمية روح القتال، واستعدادهم للشهادة في سبيل الله والوطن، والحفاظ على الكرامة.
وتحدث أبو عواد عن ميزة التفكير الرزين الحكيم والتخطيط السليم والثقة والتصميم وعزم الحسين في العطاء والمضي والبناء، والعمل في مواجهة تمادي العدو والتحديات المفروضة، لافتاً إلى توجيهجلالته رحمه الله رئاسة الأركان للقيام بتقييم شامل لإعداد القوات المسلحة إعداداً بشرياً مادياً وفق مراحل الاستعانة بكل خبرة ممكنة، ووضع الدراسات القائمة حول ما يجب أن يكون عليه مستوى القوات المسلحة من الإيمان والعلم والعزم والكفاءة والقدرة والتفاني، ووضع هذه الدراسات موضع التنفيذ، بمتابعة ومراقبة وإشراف مباشر ومحاسبة منه بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة والمسؤول عن رعايتها والاهتمام بها، وهو ما أكّده في كتاب التكليف السامي لرئيس الوزراء في أن تقوم الحكومة بإعداد المرتكزات والمنطلقات الأساسية التي من بينها بناء القوات المسلحة وتجهيزها بأحدث الأسلحة وأقوى المعدات من أي مصدر من المصادر لتمكينها من الدفاع عن الحق العربي ودنيا العروبة.
وعلى ضوء التوجيهات الملكية كثفت القيادة العامة آنذاك جهودها لإعادة بناء وتنظيم القوات المسلحة، فدخلت في سباق مع الزمن لتحقيق ذلك خلال فترة وجيزة، وبالرغم من صعوبة الظروف وقلة الإمكانيات وكثرة التحديات استطاعت الشروع بأسرع وقت في عملية إعادة البناء والتنظيم، وأقرت خطة دفاعية جديدة بتكليف الجيش العربيبالمرتفعات الشرقية لنهر الأردن وتأمين الدفاع عن المملكة بالتوضيع الجيد للقوات البرية الميدانية، وتنظيمها بفرقتي مشاة ولواء مستقل، وتعويض الخسائر في الأسلحة والمعدات لتمكين الوحدات والألوية من القيام بواجباتها في الدفاع عن الوطن بكفاءة، فتمت إعادة تجميعالقوات وتنظيمها وأصبحت تحت إمرة قادة الفرق قوات أقل لضبطها وقيادتها بيسر وسهولة، وبما يساعد على العمل بفاعلية أكبر ومواجهة التطورات المحتملة، وذلك اعتباراً من شهر آب 1967.
وتحدث أبو عواد عن نهج القيادة العامة في اعتماد خطط لازمة تركز على تنمية البناء النفسي عند الجنود ورفع معنوياتهم في القطاعات العسكرية، وإعادة الثقة للجندي ودعم إيمانه بقيادته وسلاحه وعدالة قضيته، وحقه في الدفاع عن نفسه وأهله ووطنه ومنجزاته، إلى جانب اعتماد خطط وبرامج تدريب مكثفة على المستويين الفردي والجماعي، والتدريب على استخدام كافة أنواع الأسلحة المتوفرة، وتطعيم الجنود وتعويدهم على أجواء المعركة بالتدريب والتجهيز والتسليح من خلال الاشتباكات المستمرة والمتفرقة مع القوات الإسرائيلية والتصدي للغارات الجوية، وإرسال الجنود في دوريات كاشفة ومقاتلة إلى المناطق المحتلة والدوريات لجلب المعلومات ومعرفة نوايا العدو ونشاطاته، وقد أفادت هذه الدوريات في كسر الحاجز النفسي.
وقد أصدرت القيادة العامة تعليمات تبين مراحل التدريب وخطواته اللازمة لرفع مستوى الأداء والوصول إلى أعلى مستوى من الكفاءة القتالية بالتركيز على تدريب الصاعقة والتدريب العنيف المشترك بين كافة الصنوف لرفع المعنويات وإعادة الثقة.كما عملت على تنفيذ جزء من خطة التسليح كمرحلة أولى تم خلالها انتهاج سياسة الدفاع الثابت للدفاع التعرضي النشط والمتحرك حسب الحاجة، والسيطرة على خط النار.
ولأن الأردن لم يستطع الحصول على أسلحة جيدة، فقد عملت القيادة العامة على إعادة تقييم وصيانة ما كان يتوفر لها من احتياط استراتيجي في المستودعات الرئيسية، وتسليح الجيش من المصادر المحلية المتوفرة لبناء قوات مسلحة قادرة على الدفاع بإعادة تنظيمها وتطوير قدراتها بالتركيز على التحضير المسبق والتنسيق، وتهيئة مسرح العمليات، والاستعداد لمواجهة الضربة الاستباقية التي تبنتها إسرائيل في حرب 1967، ومنع الاختراق والعبور، والانتباه لخطورة تفوّق القوة الجوية الإسرائيلية وامتلاكها السيادة الجوية المطلقة بمواجهتها بوسائل الدفاع الجوي تحت مختلف ظروف الحرب مع بناء منظومة إدارية ملائمة، والاعتماد على الذات، واستغلال طبيعة الأرض في تقوية الدفاعبالتركيز على سلسلة المرتفعات الشرقية لنهر الأردن والاستفادة من المواقع الطبيعية، وطبيعة الأرض في عمليات التستر والتخفية والتمويه، والإيعاز لقيادات الفرق بتغيير ذبذبات وإشارات النداء المستعملة لاسلكياً أو رصد الاتصالات اللاسلكية ومراجعة برامج التدريب عليها، والحصول على معلومات مبكرة ودقيقة عن تحركات العدو ونواياه من خلال تطوير وسائل الاستخبارات والرصد والاستطلاع.
واشار أبو عواد إلى تركيز الاستراتيجية الدفاعية الأردنية التي استفادت من طبيعة الأرض، على أساليب قتالية تسهم بإيقاع أكبر الخسائر في القوات المعتدية، وإفشال عبورها من خلال المراقبة المستمرة لخط النار وتمرير المعلومات، وأخذ التهديدات الإسرائيلية على محمل الجد، وعلى أساس ثلاث مراحل، تقوم الأولى منها على قوات أمنية في الأمام (الحجابات) باستعمال فصائل مشاة وقوات مسلحة خفيفة بدلاً من استخدام أعداد كبيرة من القوات، ودوريات استطلاع وكشف ومقاتلة أنيط بها جمع المعلومات عن القوات المعادية وتحركاتها وإعاقة وتأخير تقدمها لأطول فترة ممكنة وتركيز القصف المدفعي على المواقع وطرق التقدم، وإيقاع أكبر الخسائر بها.
كما أشار إلى تركيز القوات المسلحة في المرحلة الثانية على اقتصاص زخم الهجوم بقوة النيران وكثافتها من مواقع واتجاهات غير متوقعة، واستغلال القوات المدرعة القريبة من العدو لإيقاع أكبر الخسائر في قواته، وزراعة حقول الألغام في الأمام، وجرّ العدو لمناطق تقتيل، وتمرير المعلومات مع توفير التمويه للدبابات الأردنية وإخفائها في خنادق عميقة، وضبط النيران بشكل محكم، ونشر المدافع المضادة للطائرات في النقاط الحيوية مع وجود قوات احتياط أردنية صغيرة بسبب عدم توفر قوات احتياط، واستغلال السرايا المدرعة لتشغيل الأسلحة المضادة للطائرات.
وقد وفرت سلسلة الجبال المُشرِفة في المرحلة الأخيرة سداً كثيفاً من النيران، ومواقع دفاعية ممتازة لاستخدام أمثل للمدفعية ولتوحيد وتركيز نيرانها بفاعلية على مناطق وجسور عبور قوات العدو المهاجمة، واستغلال أسلحة مقاومة الدروع، وتشكيل مجموعات قنص الدروع، وتسجيل أماكن هبوط الطائرات المحتملة كأهداف للمدفعية، ووضع خطط هجوم معاكس من قبل الدروع والاحتياط، واستغلال المقاومة الشعبية.
معركة جيش لجيش..
وانطلق اللواء المتقاعد عودة شديفات من أنّ الكرامة هي معركة الصبر والنصر، وهي معركة جيش لجيش، بعيداً عما يقال إنها ضد مجموعات مسلحة أو مجموعات كانت موجودة في الأردن، وهو أمرٌ يعرفه العسكريون والدارسون والباحثون ويفهمون معنى أن تكون معركة جيش لجيش.
وانطلق اللواء المتقاعد عودة شديفات من أنّ الكرامة هي معركة الصبر والنصر، وهي معركة جيش لجيش، بعيداً عما يقال إنها ضد مجموعات مسلحة أو مجموعات كانت موجودة في الأردن، وهو أمرٌ يعرفه العسكريون والدارسون والباحثون ويفهمون معنى أن تكون معركة جيش لجيش.
فهي معركة تضحية ومعركة شهداء، خصوصاً وأنّ التعبئة النفسية التي اتبعتها إسرائيل بعد حرب 67 كانت تهدف إلى ضعضعة معنويات الجانب الأردني بدءاً بالقيادة، والجيش، وكل المؤسسات، وحتى المواطن والمزارع الموجود على تخوم الحدود أو المقارب للحدود بيننا وبين الضفة الغربية.
وتحدث شديفات عن الحرب النفسية التي اتبعتها إسرائيل بالتعبئة الداخلية للمواطن الإسرائيلي، وتهيئة الرأي العام الدولي والمحلي بأنَّ هناك مقاومة فدائية في الأردن يجب القضاء عليها، وهذه حجة فقط وذريعة للوصول إلى الأهداف التي كانت ترسمها السياسة الإسرائيلية وترجو الوصول إليها، وهي احتلال أراضٍ منشرق الأردن ممثلة بمرتفعات السلط والوصول لغرب عمان، لجعل هذه المنطقة منطقة للتفاوض في المستقبل؛ فكانت تهدف من الحرب النفسية إلى إضعاف الروح المعنوية واستغلال نكسة عام 67 لتكون قاعدة للانطلاق إلى بث الفوضى والخوف والهزيمة والانكسار داخل المجتمع الأردني والقوات المسلحة الأردنية، وكل هذا كانت تعمل عليه إسرائيل بجهد كبير وتؤمّل أبناءها بأنهم سيصلون الظهر أو العصر إلى مرتفعات السلط، وأكّد شديفات أنّ هذه كانت غايتهم، فلم تكن غايتهم تدمير بعض القوات المسلحة أو بعض المجموعات المسلحة التي جاءت من الضفة الغربية بعد حرب 67، فالحرب الإعلامية والنفسية سبقت معركة الكرامة وكانت تعززها الغارات الجوية وحرب الاستنزاف والإغارة على بعض المراقبات الأمامية،وكل هذا كان يشكل حرباً أولية، وقد استطاع قادة الاستخبارات أن يدركوا هذا الأمر وأن يتعاملوا معه ويحددوا فيما بعد أهداف إسرائيل وحجم قواتها وغايتها من الإغارة على شرق الأردن.
صورة المعركة لدى الأجيال..
وأكّد العقيد المتقاعد د.محمد مقابلة أهميّة أن ننصف ذاتنا ونعزز معركة الكرامة لدى الأجيال، فلدينا مواقف مشرّفة ومعركة خالدة ومبادئ وعقيدة وتضحيات. وقال إنّ علينا مسؤوليّة أن نعمّق هذا الإحساس في نفوس أبنائنا، أمام أيّ محاولات تعمل على زعزعة الثقة وزرع أفكار غريبة في نفوس الناشئة والأجيال الجديدة، عارضاً لأهميّة وجود وسائل إعلام فاعلة في هذا الأمر.
وانطلق مقابلة من حالة اليقين والاحترام الشعبي لدور الجيش العربي الأردني، ودفاعه عن فلسطين، مهيباً بكلّ الأقلام المسؤولة حماية هذا الشرف الذي تحقق بالاحتفاء به وقراءته من أكثر من منظور.
وأكّد العقيد المتقاعد د.محمد مقابلة أهميّة أن ننصف ذاتنا ونعزز معركة الكرامة لدى الأجيال، فلدينا مواقف مشرّفة ومعركة خالدة ومبادئ وعقيدة وتضحيات. وقال إنّ علينا مسؤوليّة أن نعمّق هذا الإحساس في نفوس أبنائنا، أمام أيّ محاولات تعمل على زعزعة الثقة وزرع أفكار غريبة في نفوس الناشئة والأجيال الجديدة، عارضاً لأهميّة وجود وسائل إعلام فاعلة في هذا الأمر.
وانطلق مقابلة من حالة اليقين والاحترام الشعبي لدور الجيش العربي الأردني، ودفاعه عن فلسطين، مهيباً بكلّ الأقلام المسؤولة حماية هذا الشرف الذي تحقق بالاحتفاء به وقراءته من أكثر من منظور.
ولفت إلى اهتمام الدول بترسيخ صورة قواتها المسلّحة وقياداتها وتكريس الفهم الشعبي ورفع المعنوية وتأكيد الصورة الوطنيّة، مؤمّلاً أن يكون الاحتفاء بمعركة الكرامة احتفاءً مستمراً وعبر المدارس والجامعات والبرامج الإذاعية والصحف والتلفزيونات، أمام أجندات التشويه المتعمّدة، متحدثاً عن قصص بطولة وتضحيات وحكايات ترفع لها القبعات عاشها أبناء الجيش العربي المصطفوي في دفاعهم واستبسالهم، فضلاً عما سطّره شهداء المعركة بدمائهم الناصعة في سبيل الأردن وفلسطين وكلّ العرب.
وقال: «نحن أصحاب الحق والتضحيات الحقيقية لأن هؤلاء الشهداء والتضحيات ما زالوا بيننا، فأبي رحمه الله كان جندياً في القدس في عام 67، وظل يحتفظ بشظايا في جسده دفاعاً عن القدس». وأضاف أنّ الأمر منوط بالعسكريين الذين خاضوا المعركة والذين نجل ونحترم حضورهم على خريطة النصر، مثلما هو منوط بالسياسيين والمنصفين من المحللين لتأكيد وجه التاريخ الأردني الناصع والمشرّف، داعياً إلى ألا نُقدّم معركة الكرامة كمادّة إعلاميّة أو إخباريّة عاديّة أو جافة، بل أن تكون ذات أثر وقراءة من مستويات وزوايا عديدة لتكون حكايةً أردنيّةً جميلةً على مرّ الأجيال.
وقال: «نحن أصحاب الحق والتضحيات الحقيقية لأن هؤلاء الشهداء والتضحيات ما زالوا بيننا، فأبي رحمه الله كان جندياً في القدس في عام 67، وظل يحتفظ بشظايا في جسده دفاعاً عن القدس». وأضاف أنّ الأمر منوط بالعسكريين الذين خاضوا المعركة والذين نجل ونحترم حضورهم على خريطة النصر، مثلما هو منوط بالسياسيين والمنصفين من المحللين لتأكيد وجه التاريخ الأردني الناصع والمشرّف، داعياً إلى ألا نُقدّم معركة الكرامة كمادّة إعلاميّة أو إخباريّة عاديّة أو جافة، بل أن تكون ذات أثر وقراءة من مستويات وزوايا عديدة لتكون حكايةً أردنيّةً جميلةً على مرّ الأجيال.
ورأى د.مقابلة أنّ مقارنة بسيطة في حجم القوة العسكرية بين الطرفين الأردني والإسرائيلي تظهر مقدار التصميم الأردني على تحقيق النصر. وختم بدعوته إلى توخّي الحيطة من أخبار وتحليلات غريبة تستهدف الدور الوطني في معركة الكرامة وربما تستخدم للاتكاء عليها لتغيير المعنوية والتقليل من حجم النصر المشرّف الكبير الذي تحقق.
رواية البطولة..
وتحدث الكاتب والمؤرخ عمر العرموطي عن أهميّة توثيق مجريات المعركة من واقع شهادات المشاركين فيها، مشيراً إلى إصداره كتباً ومقالات تتضمَّن شهادات لشهود عيان ومُشاركين في معركة الكرامة الخالدة، تخللتها بطولات رائعة وتحليلات ونتائج مهمّة. ولفت العرموطي إلى أنّ من بينهذه المعلومات الهامة أن الأوامر قد صدرت قُبيل المعركة إلى الوعّاظ المُلحقين من مديرية الإفتاء بالوحدات العسكرية في منطقة الأغوار وعلى طول خط التماس مع العدو في المنطقة الملاصقة لنهر الأردن ولكل الأفراد والضباط بأنه ومع انطلاق الرصاصات الأولى للمعركة تتعالى صيحات (الله أكبر) من حناجر الجيش العربي، لأن هذه المعركة كانت لإعطاء شُحنة معنوية لجيشنا البطل وفق خياري: النصر أو الشهادة.
وتحدث الكاتب والمؤرخ عمر العرموطي عن أهميّة توثيق مجريات المعركة من واقع شهادات المشاركين فيها، مشيراً إلى إصداره كتباً ومقالات تتضمَّن شهادات لشهود عيان ومُشاركين في معركة الكرامة الخالدة، تخللتها بطولات رائعة وتحليلات ونتائج مهمّة. ولفت العرموطي إلى أنّ من بينهذه المعلومات الهامة أن الأوامر قد صدرت قُبيل المعركة إلى الوعّاظ المُلحقين من مديرية الإفتاء بالوحدات العسكرية في منطقة الأغوار وعلى طول خط التماس مع العدو في المنطقة الملاصقة لنهر الأردن ولكل الأفراد والضباط بأنه ومع انطلاق الرصاصات الأولى للمعركة تتعالى صيحات (الله أكبر) من حناجر الجيش العربي، لأن هذه المعركة كانت لإعطاء شُحنة معنوية لجيشنا البطل وفق خياري: النصر أو الشهادة.
وقال العرموطي إنّ «الكرامة»، وبناءً على مقابلته لقائد الفرقة الأولى التي خاضت المعركة،هي معركة الجيش الأردني، ومن خلال المعلومات التي دونها من أبطال معركة الكرامة فإن جلالة القائد الأعلى الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه هو قائد المعركة من الجانب الأردني، وقد ضرب أروع الأمثلة في الشجاعة والثقة بالنصر من خلال مواقفه الميدانية المشرفة أثناء المعركة. وقال العرموطي إنّه ومن خلال مقابلاته حول معركة الكرامة فإنّ الهدف الرئيسي لهجوم العدو كان القضاء على المقاومة الفلسطينيةوتدمير بنية الجيش العربي واحتلال المنطقة التي تمتد من نهر الأردن حتى مرتفعات السلط وحتى مشارف عمان بحيث تصبح منطقة عازلة. وأضاف إلى ذلك هدف وضع عمان تحت الأمر الواقع وفرض شروط الوصاية والاستسلام والقضاء على الاقتصاد الأردني من خلال حرمانه من مناطق الأغوار الرافد الرئيسي للمنتجات الزراعية للأردن، وكذلك تحطيم المعنويات.
من جهة أخرى، دعا العرموطي في سياق الاحتفال بمئوية الأردنإلى أن تكون الكرامة حاضرة باعتبارها من أهم النقاط المضيئة خلال المئة عام الماضية على تأسيس المملكة. كما اقترح إعداد برامج احتفائية وجمع ذاكرة المعركة الشفوية من خلال تدوين كل الروايات من صدور الحفظة من أبطال جيشنا العربي من الذين خاضوا المعركة، نحو موسوعة شفوية لمعركة الكرامة، وكذلك عمل بانوراما للمعركة توضّح مسارها ومجرياتها ونتيجتها المشرّفة.
إعادة الثقة للإنسان العربي
وتحت عنوان «الكرامة وإعادة الثقة للإنسان العربي»، شارك الفريق المتقاعد فاضل علي فهيد السرحان بورقة عن بُعد، بتأكيده أنّ الكرامة جزء لا يتجزأ من الإنسان وولدت معه، فهي العزة والشموخ وعدم قبول الإهانة بأي شكلٍ كان ومن أي شخص أو جهة كانت، وهي ليست كلمة أو تعبيراً يمكن تعريفها أو وصفها، وإنما هي شعور وجداني لا يعلو عليه شعور آخر.
وتحت عنوان «الكرامة وإعادة الثقة للإنسان العربي»، شارك الفريق المتقاعد فاضل علي فهيد السرحان بورقة عن بُعد، بتأكيده أنّ الكرامة جزء لا يتجزأ من الإنسان وولدت معه، فهي العزة والشموخ وعدم قبول الإهانة بأي شكلٍ كان ومن أي شخص أو جهة كانت، وهي ليست كلمة أو تعبيراً يمكن تعريفها أو وصفها، وإنما هي شعور وجداني لا يعلو عليه شعور آخر.
وتحدث فهيد معتزاً بالذكرى الثالثة والخمسين لمعركة الكرامة التي جاءت بعد حرب حزيران 1967، التي هزم فيها العرب هزيمة قاسية حيث، وخلال أقل من أسبوع، دمرت جيوش عربية أو أجبرت على الانسحاب بعد أن احتلت إسرائيل أراضي لثلاث دول عربية هي الضفة الغربية وشبه جزيرة سيناء، وهضبة الجولان، فكانت بالإضافة إلى الخسارة الروحية والمعنوية والمادية ضربةً كبرى للكرامة العربية بمجملها.
ولفت فهيد إلى المقولة التي تعززت وانتشرت بشكل واسع وروجت لها إسرائيل بعد حربي 1948 – 1956 «العدوان الثلاثي على مصر» بأن جيشها «الجيش الإسرائيلي» لا يقهر، منوّهاً بأنّ الانتصارات الإسرائيلية ما كان لها أن تتحقق لو أحسن العرب الإعداد والاستعداد والتخطيط السليم وابتعدوا عن المزايدات والارتجال والصوت العالي والشعارات المضللة وهبّات الفزعة العشوائية في الوقت الضائع، خاصة أنهم يعرفون تمام المعرفة دعم الدول الغربية لإسرائيل وتزويدها بأحدث أنواع الأسلحة والمعدات التي تضمن لها التفوق عليهم.
وقال إنّ الأردن دخل حرب 1967 لأنه لم يكن أمامه خيار آخر رغم شكوكه في نتائجها منذ البداية، إلا أنه ما كان يوماً إلا مع العمل العربي المشترك رغم ظلم أشقائه له وتنكرهم لمتطلباته واحتياجاته.
ورأى فهيد أنّ الذاكرة التاريخية مليئة بالدروس والعبر، خصوصاً ما له علاقة مباشرة جداً بمعركة الكرامة، فهو يشكل المرجعية الحقيقية لتسلسل الأحداث التي قادت إلى الكرامة– فبعد هزيمة 1967 وجد الأردن الذي لم يتعافَ بعد من زلزال الحرب وهول الخسارة التي مني بها بفقدانه الضفه الغربية إضافة الى خسارة جيشه لمعظم أسلحته ومعداته وتجهيزاته العسكرية، وجد نفسه مرة أخرى يقف وحيداً على أطول خط للمواجهة مع العدو الصهيوني ولا يملك سوى القليل من العدة والعتاد والكثير من الإيمان والإرادة والعزيمة الصلبة، فكان عليه أن يعتمد بعد الله على قوته الذاتية وعدم انتظار العون أو المساعدة من أي طرف آخر.
ويستمر التحدي ويبقى خط وقف إطلاق النار ساخناً ملتهباً تتبادل فيه القوات الأردنية والمقاتلون الفلسطينيون الذين وافق لهم الأردن بالبقاء على أرضه بعد حرب 1967 من جهة، والقوات الإسرائيلية من الجهة الأخرى، الاشتباكات على مدى الشهور التسعة التي أعقبت الحرب، حيث كانت القوات الأردنية تغطي عمليات المقاومة الفلسطينية وتدعمها رغم ردود الفعل العنيفة التي ترد بها إسرائيل على تلك العمليات والتي أسفرت عن خسائر كثيرة خاصة بين صفوف المدنيين في المدن والقرى الأردنية، وبشكل خاص منطقة غور الأردن التي اضطر سكانها إلى هجرها مما ألحق ضرراً كبيراً في القطاع الزراعي، ولم يكن ذلك ليؤثر على روح التصدي والقتال لدى القوات الأردنية.
وتحدث فهيد عن بلدة الكرامة الواقعة في الغور الأوسط والتي سميت بهذا الاسم من قبل المغفور له الملك عبد الله الأول ابن الحسين مؤسس المملكة الأردنية الهاشمية بعد أن أمر بتخصيصها للاجئين الفلسطينيين الذين هُجروا من ديارهم من قبل العدو الصهيوني عام 1948، وكانت تضم معسكراً للمقاتلين الفلسطينين من منظمة فتح، وقد استغلت إسرائيل ذلك لتبدأ حملة إعلامية غايتها إقناع الرأي العام في إسرائيل والغرب بأن هؤلاء المقاتلين يقومون بهجمات على القوات والمستعمرات الإسرائيلية غرب خط وقف إطلاق النار، تبع تلك الحملة حشود عسكرية إسرائيلية غرب نهر الأردن، حيث كانت الاستخبارات العسكرية الأردنية ترصد تلك الحشود وتنذر القوات المسلحة الأردنية باحتمالية الهجوم، خاصة أن تلك الحشود كانت تضم قوات مشاه ودروع ومدفعية كبيرة، توحي بأن الهدف سيكون احتلال أراض استراتيجية على المرتفعات الغربية للضفه الشرقية، وذلك لخلق واقع جديد ربما يتم التفاوض عليه فيما بعد حيث تطوى صفحة القضية الفلسطينية.
وتنفيذاً لمهمتها الموكولة لها قامت القوات الإسرائيلية بعدوانها على الضفة الشرقية، ففي الساعة الخامسة والنصف من صبيحة يوم الخميس 21/3/1968 بدأت القوات الإسرائيلية الهجوم على أربعة محاور وعلى جبهة عرضها يزيد على ثمانين كيلومتر تمتد من جنوب البحر الميت في غور الصافي وحتى منطقة جسر داميا على طريق عمان نابلس وبقوات ضخمة جداً لا تنسجم مع الهدف المعلن للعملية وهو القضاء على المقاومة الفلسطينية في بلدة الكرامة.
وقد جاءت هذه القوات المجهزة تجهيزاً عالياً مدعومة بأسراب من الطائرات المقاتلة والمدفعية وقوات المظليين والقوات المحمولة بطائرات الهيلوكبتر، كما جاءت محشوة بشعور الصلف والغطرسة ونشوة النصر الذي حققته في حرب العام الماضي 1967، وفي اعتقاد قادتها وضباطها وأفرادها أنهم إنما هم ذاهبون في نزهة سياحية هدفها القتل والتدمير ومن ثم الرقص على أشلاء القتلى، ولم يكن يدور في خلدهم أنهم ذاهبون إلى جحيم لم يشهدوا له مثيلاً من قبل وهنا كانت صدمة المفاجأة حيث وقعوا في مستنقع نيران القوات الأردنية من كافة الأسلحة والصنوف التي تجلت عزيمتها وإرادتها وكفاءتها القتالية وحسن التنسيق ودقة الإصابة مما أوقع القوات المعتدية في الفخ والارتباك والفوضى التي عمت كافة المستويات، سيما بعد أن تكبدت خسائر جسيمة في الأرواح والمعدات. وحوالي الساعة 11:30 قبل الظهر طلب الجانب الإسرائيلي من الجانب الأردني وقف إطلاق النار الذي رفضه الملك الحسين بن طلال القائد الأعلى للقوات المسلحة قائلاً: لا وقف لإطلاق النار وهناك جندي إسرائيلي واحد على ضفة نهر الأردن الشرقية، مما زاد من ارتباك القادة الإسرائيليين وأخذوا يفكرون في طريقة للانسحاب بأقل الخسائر.
وتابع فهيد: لكنّ القتال استمر وبدأت ملاحقة القوات التي بدأت بالتراجع والانسحاب وإيقاع أكبر الخسائر في صفوفها وأخذ العدو يستعين بسلاحه الجوي لتغطية انسحاب قواته حيث يمكنه ذلك، وازداد ضغط القوات الأردنية حتى تم طرد العدو كلياً بحدود الساعة التاسعة والنصف ليلاً مخلفاً وراءه عدداً من القتلى والدبابات والمدرعات والآليات المختلفة المدمرة. وهي المرة الأولى التي تحدث للجيش الإسرائيلي. وقد قدرت خسائر العدو البشرية ب 250 قتيلاً و 450 جريحاً وبحدود مئة آلية مختلفة مدمرة أو مصابة تمكن العدو من إخلاء معظمها من أرض المعركة أثناء القتال، أما خسائر الجيش الأردني فكانت 87 شهيداً و 125 جريحاً وحوالي 40 آلية مدمرة أو مصابة وقد كنتُ أحد المصابين في المعركة.
هذه هي الكرامة التي أرادها الله أن تكون اسماً على مسمى، الكرامة التي شكلت مفصلاً تاريخياً في سجل الحروب العربية الإسرائيلية، الكرامة التي حطمت أسطورة الجيش الذي لا يقهر. هذه هي الكرامة التي أعادت الثقة إلى الإنسان العربي بأنه يمكن تحقيق النصر على إسرائيل.
وأضاف فهيد: هذه هي الكرامة التي نحتفل اليوم بذكراها الثالثة والخمسين، هذه هي الكرامة التي باسم شهدائها وجرحاها وكل من ساهم فيها نناشد الأمة ممثلة بقياداتها أن يبذلوا قصارى جهدهم لاستعادة كرامة أمتهم من خلال وقف الاقتتال والتقاتل فيما بينهم والتهجير والتدمير ووقف حرب الكراهية المذهبية والطائفية، فهل يسمعون النداء!.. نرجو الله. وأخيراً طوبى لشهداء الكرامة وشهداء الأردن على كل أرض وتحت كل سماء والعزة لله والمجد للأردن وقائده المفدى.
الاستبسال الأردني..
وتحدث اللواء المتقاعد حاكم طافور الخريشا المشارك في حرب 67 ومعركة الكرامة، التي وصفها بأنها معركة جيش لجيش، وكونها معركة الجيش الأردني، بل ومعركة الفصيلة والسرية، لافتاً إلى الخامسة والنصف من صباح 21 آذار 1968 كتاريخ مهم جاء بعد حرب عام 67 وآثاره النفسية، بما شهده من دفاع مستميت واستبسال واستشهاد عدد كبير على أسوار القدس، من واقع كونه أحد المصابين في تلك الحرب التي كانت معركة جوية والسلاح الحاسم فيها كان سلاح الجو، فكان أن انتهت بخسائر جمّة خاصةً للوحدات المدرعة.
وتحدث اللواء المتقاعد حاكم طافور الخريشا المشارك في حرب 67 ومعركة الكرامة، التي وصفها بأنها معركة جيش لجيش، وكونها معركة الجيش الأردني، بل ومعركة الفصيلة والسرية، لافتاً إلى الخامسة والنصف من صباح 21 آذار 1968 كتاريخ مهم جاء بعد حرب عام 67 وآثاره النفسية، بما شهده من دفاع مستميت واستبسال واستشهاد عدد كبير على أسوار القدس، من واقع كونه أحد المصابين في تلك الحرب التي كانت معركة جوية والسلاح الحاسم فيها كان سلاح الجو، فكان أن انتهت بخسائر جمّة خاصةً للوحدات المدرعة.
وقال إنّ احتلال مرتفعات السلط وناعور كان هدفاً للعدو لكي يبعدوا الجيش والعمليات عن منطقة الأغوار تمهيداً للضغط والتفاوض لمصلحتهم، متحدثاً عن تفاصيل المعركة، وشهادته عليها بصفته كان مساعدقائد سرية دبابات آنذاك.
وتحدث طافور عن مدى العنجهيّة والتعنت التي اتصف بها الجيش الإسرائيلي، بدليل مخالفته لكلّ مبادئ الحرب من المفاجأة والأمن، وهو ما يؤكد الاستخفاف والغرور بالنصر السابق لمعركة الكرامة التي كانت نصراً في وقته بعد حرب 67.
وتحدث عن المحاور والمقتربات الثلاثة وتوزيع السرايا، أريحا جسر الأمير عبدالله سويمة ناعور، أريحا جسر الملك حسين وادي شعيب، جسر الأمير محمد داميا المثلث المصري مثلث العارضة، عارضاً للاحتكاك الحاصل بين الطرفين، والحشود الإسرائيليّة لآلياتها ومدرعاتها على جسر الأمير محمد داميا في الشمال وجسر الملك حسين في الوسط وجسر سويمة الأمير عبدالله في الجنوب.
وأكّد طافور أنّ الدروع كانت السلاح الحاسم في المعركة، وتحدث عن بطولات فردية واستبسالات وتدمير للقوات الإسرائيلية في أكثر من مكان، وعن الانسحاب الإسرائيلي واشتراط الملك حسين ألا يتوقف إطلاق النار بوجود جندي إسرائيلي في شرق النهر.
كما تحدث عن الجرحى بأسمائهم والشهداء كذلك، ومجريات المعركة وبطولات الجيش والفصائل، وتضحية الشباب وإقدامهم الكبير.
وأشاد طافور باستبسال الجيش الأردني أمام عنجهية العدو وغروره، مؤكداً المعنوية العالية لدينا من واقع شهادات العدو نفسه.
وقال: بالرغم من القلق الذي انتابنا بداية المعركة إلا أنّ الاستبسال وارتفاع المعنوية كان سببين أكيدين من أسباب النصر.
المعنوية وإعادة التنظيم
وقدّم العميد المتقاعد أمين بنيّه المحيسن شهادةً على مجريات المعركة من واقع كونه ضابط استخبارات بكتيبة الدبابات الثالثة.
وقدّم العميد المتقاعد أمين بنيّه المحيسن شهادةً على مجريات المعركة من واقع كونه ضابط استخبارات بكتيبة الدبابات الثالثة.
وقال إنّ معركة الكرامة بدأت جذورها من آخر يوم في معركة 67 عندما وصل اليهود إلى أريحا، ورأى العسكريون الإسرائيليون أنّ هذه الأرض لا تصلح للدفاع عن إسرائيل، ولا بد من احتلال المرتفعات الشرقية، بينما رأى السياسيّون أنه لا بد من التوقف عند هذه النقطة.
وتحدث عن العمل على إعادة التنظيم والاهتمام بالمعنوية من الجانب الأردني بعد حرب 67، وكانت الأوامر أن يتم الرد على النار بالمثل تحت أيّ ظرف، في حين كانت الفترة ما بين 67 ومعركة الكرامة تسعة أشهر، وهي فترة إعداد متعب وجاد ومُضنٍ أمام ما حصل، خصوصاً بعد الخسائر التي تكبدها الجيش.
وفصّل المحيسن في حديثه عن الاشتباك المستمر بين الطرفين الأردني والإسرائيلي والاحتكاك الحاصل، معتقداً أن أحد الاشتباكات كان سبب المعركة بعد أن عملت سرية دبابات في لواء حطين في بداية صبيحة٩/ ١١ /١٩٦٧معركة مع جنود العدو الذين اعتادوا على سلوكيات معروفة أمام قطاعاتنا الأمامية ضمن روتينهم اليومي، فاحتلوا المواقع الأمامية على النهر بـ ٦ دبابات، ورموا الأهداف غرب النهر واشتعلت الواجهة بالاشتباكات واستمرت المعركة إلى ظهر ذلك اليوم، وتكبد الإسرائيليون خسائر كبيرة أمام إبداع المدفعية، عندئذٍ صحّت نظرية العسكريين بأنّ هذه البلاد لا تصلح للدفاع عن إسرائيل، فكانت النية احتلال المرتفعات الشرقية.
وقال إنّ إسرائيل بدأت بالتخطيط من شهر ١١ / ١٩٦٧ إلى أن استكملوا الحشد في ١٩–٢٠ / ٣ / ١٩٦٨ متحدثاً عن ساعة الصفر التي بدأت ٥:٣٠ صباح ٢١ آذار والهجوم الرئيسي على جسر الملك حسين في الشونة والهجوم الثانوي على داميا والهجوم المساند على محور ناعور سويمه.
كما تحدث عن البطولات الفردية والاشتباكات وتأخر الطيران الإسرائيلي وإيقاع خسائر فادحة في الطرف الإسرائيلي. وشرح المحيسن عن مجريات المعركة بحديثه عن ضابط استخبارات- كتيبة المشاه ١٤، حيث تمّ الوصول إلى سيارة قائد سرية من الجيش الإسرائيلي الذي تكبد الخسائر خلال المعركة، وتم الحصول منها على خارطة لعمليات العدو مرسوم عليها منطقة بخط أحمر ممنوع رمايتها، وبعد التحليل تبين أن المنطقة كانت غرب صويلح، وكانت الخطة أن تكون فيها قوات إسرائيلية بالإنزال في ساعة من ساعات المعركة، وكانت هناك توصية بعدم ضرب هذه المنطقة، فهدف الإسرائيليين كان عمان.
وساق حديثاً عن مفهوم المعنوية ونظرة الجندي الإسرائيلي للمعركة فيما بعد وتحليله لها كذكرى سيئة له، بسبب عدم توقعه أن يجد فيها كلّ هذه المقاومة.
نقاشات وتوصيات
وفي ختام الندوة، تحدث العميد المتقاعد محمد أبو عواد عن أهمية توضيح الصّورة للأجيال والتصدّي لكل من يحاول تشويه هذه الصورة، عارضاً لكتاب ألّفه عن الكرامة وضمّنه من عايشوها وشاركوا فيها، مؤكّداً المعنى الإيجابي لمديرية التوجيه المعنوي في هذا الأمر وفي قراءة الأحداث بعين واثقة وذكيّة كعمل وطني إيجابي تتوارثه الأجيال. وقال إنّ أهداف إسرائيل وتصريحات سياسيّيها كانت في أن تكون الأردن وطناً بديلاً بعد المعركة بنزعة عدوانية. وتحدث أبو عواد عن دور الجيش العربي الأردني في دعم القضية الفلسطينية ومساندتها، وأورد شهادات لقيادات فدائية أكّدت أن المعركة هي معركة دروع ومدفعية. وعرض أبو عواد لما تضمّنه كتابه من بطولات فردية وجماعية على مستوى الفصيل والسرية والقرارات الصائبة للقيادة لانعدام الاتصالات في وقت حرج، وأكّد دور القوات المسلحة الأردنية في كلّ الأحداث المهمة وعملهم بروح الفريق والثقة والإصرار وحكمة القيادة والحنكة السياسية للقيادة والجندي الأردني، والبناء المؤسسي للمؤسسة العسكرية الأردنية، وكلّ ذلك بشعور قوي من المسؤوليّة التاريخية الأردنية عن فلسطين.
وفي ختام الندوة، تحدث العميد المتقاعد محمد أبو عواد عن أهمية توضيح الصّورة للأجيال والتصدّي لكل من يحاول تشويه هذه الصورة، عارضاً لكتاب ألّفه عن الكرامة وضمّنه من عايشوها وشاركوا فيها، مؤكّداً المعنى الإيجابي لمديرية التوجيه المعنوي في هذا الأمر وفي قراءة الأحداث بعين واثقة وذكيّة كعمل وطني إيجابي تتوارثه الأجيال. وقال إنّ أهداف إسرائيل وتصريحات سياسيّيها كانت في أن تكون الأردن وطناً بديلاً بعد المعركة بنزعة عدوانية. وتحدث أبو عواد عن دور الجيش العربي الأردني في دعم القضية الفلسطينية ومساندتها، وأورد شهادات لقيادات فدائية أكّدت أن المعركة هي معركة دروع ومدفعية. وعرض أبو عواد لما تضمّنه كتابه من بطولات فردية وجماعية على مستوى الفصيل والسرية والقرارات الصائبة للقيادة لانعدام الاتصالات في وقت حرج، وأكّد دور القوات المسلحة الأردنية في كلّ الأحداث المهمة وعملهم بروح الفريق والثقة والإصرار وحكمة القيادة والحنكة السياسية للقيادة والجندي الأردني، والبناء المؤسسي للمؤسسة العسكرية الأردنية، وكلّ ذلك بشعور قوي من المسؤوليّة التاريخية الأردنية عن فلسطين.
كما ناقش اللواء المتقاعد عودة شديفات أهمية النصر، عارضاً للرواية الناصعة من كلّ من حاكى هذه المعركة بوقائعها ودلائلها ومعانيها وطبيعة أرضها، وبروز البطولات الفردية والمعنويات وعودة الثقة للجندي الأردني بالرغم من أنّ السلاح الذي معه هو نفس سلاح حرب 67، لكن الثقة والتعاون والمحبة والغيرة كانت سبباً كبيراً في هذا النصر في ظلّ متابعة القيادة لكل ما يحصل.
ولفت شديفات إلى أسماء الشهداء ومجريات المعركة وخنادقها والأثر الذي تركته حول البطولات الفردية والجماعية وكسر الغرور الإسرائيلي، وهذه الدروس يجب أن يستقيها أبناؤنا وشبابنا. وأوصى شديفات بألا تغيب هذه الرواية الصادقة عن مناهجنا، معرباً عن أسفه لوجود من يعمد إلى تغيير الرواية برواية غير حقيقيّة لما حدث من بطولات. وتحدث العقيد المتقاعد د.محمد مقابلة عن مفهوم العقيدة الاستراتيجيّة كموضوع لا يجوز مطلقاً العبث به، وقال إنّ الركن الأول من هذه العقيدة هو معرفة العدو وتحديد اتجاهه، وحذّر من أنّ أي محاولة للعبث بعقيدة هذا الجيش هي عبث وتخريب فكري، وقال إنّ العقيدة العسكرية تمثّلت بأنقى صورها لدى الجندي الأردني، مؤكداً دور المتقاعدين العسكريين في هذا الأمر. فالجيش بالعاملين من أفراده ومتقاعديه هم أساس استقرار هذا البلد والحفاظ على أمنه وعقيدته. وأكّد المؤرخ عمر العرموطي أهمية معركة الكرامة كمعركة فاصلة في التاريخ العسكري في الصراع العربي الإسرائيلي، داعياً إلى تعاون كلّ الجهات ذات العلاقة كوزارة الثقافة ومديرية التوجيه المعنوي في الاحتفاء بهذه المعركة في ظلّ احتفاليّة مهمة هي دخول الأردن بوابة المئوية الثانية بعد مرور مئة عام على التأسيس، مؤكّداً أنّ المعركة هي معركة جيش لجيش وهي معركة الجيش الأردني، وهو ما حصل عليه من قيادات شاركت وكانت على قرب ومتابعة لهذه المعركة الخالدة عبر التاريخ.
ونبّه اللواء المتقاعد حاكم طافور الخريشا إلى ضرورة الرد بالرواية الأردنية الحقيقيّة للمعركة ومجرياتها وتكثيف هذه الرواية من أكثر من مصدر، عارضاً لبطولات الشهداء واعتزاز ذويهم وثقتهم بدور الجيش وصورته الناصعة على المستوى العربي، وقال الخريشا إنّ ذوي الشهداء لهم واجب كبير علينا في تكريم أبنائهم من خلال استضافتهم والحديث معهم والاعتزاز بروح المعنوية التي غرسوها فيهم فاندفعوا واثقين بالنصر وهم تأخذهم الغيرة على الأرض ضاربين أروع الأمثلة في هذه المعركة المشرفة التي أثبتت للجميع تحطيم أسطورة الجيش الذي لا يقهر.
وقال العميد المتقاعد أمين بنية المحيسن إنّ من الدروس والعبر المستقاة من معركة الكرامة أن نعزز الثقة في الأجيال وأن نقرأ المجريات بعين تحليلية لمعرفة دور القطاعات والتجهيزات وقطع طريق العدو ودباباته، مشيداً بيوم الكرامة الذي كان رهاناً قوياً على الصمود أمام تهديد متعدد، ولهذا فتهيئة الشعب والوطن بأكمله كقوة رديفة للجيش هي أمر مهم وضروري يستفاد من معركة الكرامة.