جدل حول تصريح عمل أبناء الأردنيات
الوقائع الاخبارية: خلّفت تصريحات إعلامية متناقضة حول إجراء تعديلات على قانون العمل تساؤلات حول عدم الإعلان عنها حتى الآن، مثلما تثير مخاوف بشأن تعديلات كانت سمحت لأبناء الأردنيات بالعمل سابقا فيما منعته عن أبناء قطاع غزة.
وكان الحديث عن هذه التعديلات جاء على لسان رئيس لجنة العمل النيابية وبعض أعضائها، غير أنه لم يتم الإفصاح عنها بشكل رسمي، سيما أن اللجنة أصدرت بيانا صحفيا اكتفت فيه بالإعلان عن إقرارها مشروع قانون معدل لقانون العمل لسنة 2021، من دون ان تبين ملامح هذه التعديلات.
وكانت المادة الأبرز التي تم تداولها في الاعلام جاءت عبر تصريح نشره المرصد العمالي الاردني على لسان النائب أسماء رواحنة، التي اكدت انه تم التراجع عن تعديل على المادة 12 من قانون العمل للعام 2019 يقضي بإعفاء أبناء الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين من استصدار تصريح عمل، وهو ما فنده تصريح إعلامي اخر لرئيس اللجنة حسين الحراسيس، الذي نفى هذا الامر، مؤكدا انه لم يتم إجراء اي تعديل على هذه المادة، وما زال ابناء الاردنيات معفيين من استصدار تصريح عمل، مع إشارته إلى أن ابناء قطاع غزة هم المقصودين بضرورة استصدار تصاريح عمل مع إعفائهم من دفع الرسوم.
وأعاد هذا الأمر الى الذاكرة ما حصل عام 2019 عندما وافق مجلس النواب على مقترح بإعفاء كل من أبناء الاردنيات وابناء غزة من استصدار تصاريح عمل، لكن لجنتي "العمل” و”القانونية” في مجلس الاعيان لم توافق على هذا التعديل، بل حصرت السماح بأبناء الأردنيات، ورفضته لأبناء غزة، وبذلك تم تعديل المادة في قانون العمل ذلك الوقت، حيث تم اعفاء ابناء الاردنيات من استصدار تصاريح عمل، واعفاء ابناء غزة من رسوم استصدار تصاريح العمل فقط.
وأكد الحراسيس لـ”الغد” انه لم يحصل أي تعديل على المادة 12، مبينا ان تعديلات أخرى تم اجراؤها على القانون، مثل الغاء المادة 69 منه التي تنص على: "يصدر وزير العمل قرارا بعد استطلاع رأي الجهات الرسمية المختصة يحدد فيه الصناعات والأعمال التي يحظر تشغيل النساء فيها، وكذلك الأوقات التي لا يجوز تشغيل النساء فيها والحالات المستثناة منها”.
وقال إن النسخة النهائية من القانون سيتم اصدارها قريبا، مع تأكيده أنها "نسخة توافقية صدرت بعد الاستماع لكافة وجهات النظر والآراء حول القانون”.
وأعاد تجدد الحديث عن المادة 12 إلى الساحة الجدل السابق حولها، ففي حين يؤكد خبراء ان تعديل المادة منذ عامين بالنسبة لابناء الاردنيات كان "أمرا جيدا، لكنه يجب ان يشمل ابناء غزة أيضا”، كما لفتوا الى ضرورة تعديل قرار وزير العمل المتعلق بالمهن المغلقة أمام غير الأردنيين، بما يستثني أبناء الأردنيات وأبناء قطاع غزة من هذا القرار.
مدير بيت العمال للدراسات حمادة أبو نجمة يؤكد أنه ينبغي ان يتم تعديل قرار إغلاق بعض المهن وشمول أبناء الأردنيات وأبناء غزة من العمل فيها وحصرها بالأردنيين فقط، مشيرا إلى أن "روح القانون تستلزم تعديل القرار، بحيث تفتح المهن المغلقة أمام هذه الشريحة”.
أما الناشطة في قضايا حقوق الإنسان المحامية هالة عاهد فترى أن الإعفاء من تصاريح العمل لأبناء الاردنيات شكل "نقطة إيجابية لجهة الاعتراف بان لهم مركزا قانونيا مختلفا عن العمال الأجانب أو الوافدين، مستدركة: "لكن هذا التعديل غير كاف لجهة الاعترف لهم بالحقوق الاقتصادية في المجمل، إذ كان ينبغي تعديل الفقرات اللاحقة في المادة ذاتها، بحيث يشار صراحة إلى حقهم بالعمل في أي وظيفة كانت، وفي أي من القطاعات بلا قيود أو إغلاق، وعدم معاقبة أصحاب العمل الذين يقومون بتشغيل أبناء أردنيات تحديدا في المهن المغلقة”.
وأضافت عاهد أن المشكلة أمام أبناء الأردنيات ليست برسوم تصاريح العمل أو باستصدارها فقط، بل وبالدرجة الأولى، حرمانهم من العمل في قطاعات واسعة، وترك الأمر لقرار الوزير، وفي هذا إنكار لحقهم الأصيل بالعمل”.
وفيما يتعلق بأبناء غزة وإلزامهم باستصدار تصاريح عمل وإعفائهم فقط من الرسوم، لفتت مديرة جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان لندا كلش، الى ضرورة التزام الأردن بقرارات جامعة الدول العربية التي أكدت وجوب معاملة اللاجئ الفلسطيني كمعاملة المواطن و/أو على الاقل معاملته كمعاملة مواطني الدول التي يحمل وثيقة سفرها وتحديدا في الإقامة والتنقل والعمل”.
وانتقدت كلش عدم التزام الحكومة باستصدار نظام خاص يعفي أبناء غزة المقيمين إقامة دائمة على أراضي المملكة من تصاريح العمل ورسومها، رغم وعودها قبل حوالي عامين بذلك، على لسان وزير العمل السابق سمير مراد.
وبينت أنه عند مناقشة تعديلات قانون العمل في البرلمان العام 2019 "وعد الوزير مراد بذلك عندما رفض مجلس الأعيان تعديلا على إحدى مواد قانون العمل، وافق عليها النواب، تعفي أبناء قطاع غزة من تصاريح العمل، في حين اقتصر التعديل على إعفاء أبناء الأردنيات المتزوجات من غير أردني من الحصول على تصريح”.
وأوضحت أن ابناء غزة "لم يحضروا إلى الأردن للعمل بمحض إرادتهم، ولا يستطيعون المغادرة والعودة إلى بلادهم وقتما يريدون، ومع ذلك يتم حرمانهم من العمل في مئات الوظائف التي يتم تصنيفها بالوظائف المغلقة”.
وأشارت الى أنهم يجدون أنفسهم "مضطرين للعمل في القطاع غير المنظم، الذي لا يتمتع بأي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية التي تقتصر على المهن المغلقة عليهم، مثل المهن الإدارية والمكتبية والهندسية والطبية والتعليمية، وهم محرومون، إضافة الى ذلك، من العمل في المؤسسات والشركات الكبيرة”.
ولفتت الى أن أبناء غزة وحملة جوازات السفر المؤقتة لم يكونوا يحتاجون إلى تصاريح عمل قبل العام 2012، لكن ديوان التشريع والرأي أصدر في العام نفسه رأيا يؤيد شرط حصولهم على تصاريح عمل، مشيرة إلى أنهم "رغم أنهم يحصلون على شهادات علمية في القطاعات كافة، إلا أن سوق العمل المتاح محدود للغاية، حيث يتم التعامل مع هؤلاء العمال باعتبارهم مهاجرين أو (وافدين)، ولذلك يصبحون فريسة سهلة لانتهاك حقوقهم العمالية”.
وأضافت: "مع بداية العام 2016، أصبحت إمكانية الالتحاق بسوق العمل أكثر صعوبة، بسبب بصدور قرار عن وزارة العمل يجبر أبناء قطاع غزة العاملين والراغبين بالعمل على استصدار تصاريح عمل، ورافقه قرار صدر عن وزارة التربية والتعليم يمنعهم من العمل في المدارس الخاصة، استنادا إلى قرار كانت أصدرته الوزارة العام 2015 ولم يتم تطبيقه حينها، لكنها عادت لتطالب بتطبيقه”.
وقالت: "على أرض الواقع ما تزال سياسة التغاضي من قبل بعض أصحاب الأعمال وبعض موظفي وزارة العمل قائمة، ما يوقع الآلاف من الغزيين أمام المزاجية في التعامل معهم، بحيث لا يعرفون الطريقة التي يتم من خلالها الدخول إلى سوق العمل، وهذا ينطبق أيضا على الفلسطينيين المقيمين في الأردن ولديهم جوازات سفر أردنية من دون أرقام وطنية، وينطبق كذلك على أبناء الأردنيات، الأمر الذي يدفع إلى ضرورة المطالبة بإلغاء قرار وزارة العمل الذي صدر بداية العام 2016، الذي يطالب الغزيين والفلسطينيين المقيمين في الأردن بقامات دائمة باستصدار تصاريح عمل”.