مشاركون يعاينون محاور مؤتمر المجتمع الأردني في مئة عام "السياسية ،التعليمية، الاقتصادية، والاجتماعية"
الوقائع الإخبارية: أكد رئيس الوزراء السابق الدكتور فايز الطراونة في أولى جلسات المحور السياسي، ضمن مؤتمر "المجتمع الأردني في مئة عام"، الذي عُقد في الجامعة الأردنية اليوم، وأدارها الدكتور وليد المعاني، على أهمية دور الهاشميين في الحصول على الاستقلال والحفاظ عليه، بدءا من الشهيد المؤسس، مرورًا بالباني الحُسين بن طلال طيّب الله ثراه، ووصولًا إلى الملك المُعزّز عبد الله الثّاني أطال الله بعمره.
وأشار في ورقته "هل استطاع الأردن الحفاظ على استقلاليته؟" إلى ما أسماه الامتحانات التي شهدها الأردن بعد حصوله على الاستقلال عام 1946، وكان أوّلها حرب 1948، كما تحدث عن الأب الباني الملك حسين رحمه الله واهتمامه بالحفاظ على الاستقرار الداخلي والسلم الأهلي، وتعريب الجيش والتحديات السياسية والاقتصادية الناتجة عن إلغاء المعاهدة مع بريطانيا، ثم حرب 67، وبعدها موقف الأردن من الحرب العراقية-الإيرانية، وحرب الخليج ودعوته للحل السلمي تجاهها، ورفض المشاركة في كامب ديفيد.
وتناول الطراونة التحديات التي واجهها الأردن بعد تولي جلالة الملك عبد الله الثّاني المسؤوليّة، ومنها احتلال العراق وأفغانستان، ومحاولته لمنع حل عسكري للعراق، واستعادة الأراضي الأردنية في الباقورة والغمر، ورفض صفقة القرن.
وقال "إن الأردن لديه مجتمع ونسيج اجتماعي قوي ليس فيه تناقضات، بالإضافة إلى وجود قوات مسلحة تقف خلفه، وإن الأردن يؤمن بالحلول والطرق السلمية لحل النزاعات، ورسالة عمان التي أكدت على الصورة الحقيقية للإسلام، فجميع هذه العناصر ساهمت في الحفاظ على الاستقلالية التي ينعُم فيها البلد".
وتحدث العين الدكتور محمد المومني في ورقته" عناصر قوة الدولة في مئويتها الأولى" عن عناصر قوة الدولة الأردنية في مئويتها الأولى، وتتلخص في أربعة أركان: الأول؛ القيادة العقلانية الرشيدة حيث إنها قيادة تتميز بالتسامح وسعة الصدر والعقلانية والبراغماتية إضافة إلى الشورى. والثاني؛ مؤسسات مدنية وعسكرية محترفة وقادرة وذات كفاءة. أما الركن الثالث؛ فهو الإنسان الأردني المتعلم المثقف حيث أشار إلى أن نظام التعليم الأردني ليبرالي ولم يكن ذا توجه معين كالدول المجاورة مثلاً، ما أنتج مواطنًا متعلمًا وواعيًا. والركن الرابع؛ هو فلسفة حكم الدولة الأردنية والتي تتميز بأنها وسطيّة معتدلة متزنة، حافظ الأردنُّ من خلالها على الاتزان والاعتدال واستخدام اللغة الدبلوماسية التي تجنبنا العداوة والبغضاء.
أما كلمة رئيس الديوان الملكي السابق عدنان أبو عودة، فقد ألقاها الدكتور فيصل الرفوع نيابة عنه وتناولت "التأسيس، البناء، الاستكمال". وتناولت الورقة حقبة تأسيس الأردن والظروف المحيطة بفترة ما قبل التأسيس والأحداث التي أعقبت الحرب العالمية الأولى في ذلك الوقت، وتقسيم المنطقة من خلال معاهدة سايكس بيكو بين بريطانيا وفرنسا، ثم تشكيل إمارة شرق الأردن في 1921 بالاتفاق مع وزير المستعمرات البريطاني وينستون تشرشل، وصولًا إلى تشكُّل الدولة، ثم استقلال الأردن في عام 1946، ثم الأحداث التي تلت استقلال الأردن كتعريب الجيش العربي.
وقال إن موقع الأردن هو ما منحه مكانته السياسية إقليميا ودولياً، وقسَّم عمر الأردن إلى ثلاث مراحل: حقبة التأسيس في عهد جلالة الملك عبد الله الأول؛ حقبة البناء في ظل جلال الملك الحسين؛ وحقبة الاستكمال في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني. وتحدث عن فترة ما اسماه بفترة الفوضى في التاريخ العربي التي شهدت حروبًا وانقلاباتٍ عسكرية في سوريا ومصر والعراق واليمن ثم لبنان 1956-1962. وتطرّق إلى تأثير الحرب البادرة على المنطقة، وتأثُّر الأردن بعدوان 1967، ومساعدة المنظمات الفلسطينية والعمل الفدائي ضد الاحتلال الصهيوني تحت مظلة القوات المسلحة، وأحداث الخمسينات المفصلية كطرد الشيوعيين للمستعمر في فيتنام، والثورة الجزائرية،ثم عرّج على معركة الكرامة وطلب إسرائيل وقف القتال مرتين، ومنعطف كامب ديفيد 1978، الذي أعقبه قرار دعم مادي عربي لدول المواجهة وعدم التزام الدول به ما عدا المملكة العربية السعودية، ومن ثمَّ الأحوال الاقتصادية التي تأثرت سلبًا نتيجة الحروب وعدم استمرار الدعم المادي العربي، وتوقف الحكومة عن تسديد الديون الخارجية وتعويم الدينار، ثم رفع أسعار بعض السلع والغضب الشعبي والاضطرابات التي صاحبته، ثم السماح للأحزاب بالترشح، ثم الميثاق الوطني وعقد المؤتمر الوطني عام 1991.
وتحدث أيضًا عن فترة استكمال البناء في عهد جلال الملك عبد الله الثاني ودخول الأردن الحقبة الثالثة وهي استكمال عملية البناء والتطوير، وتركيز جلالته على الموروث التاريخي مُستكملًا ما ابتُدئ به منذ عهد الملك المؤسس والملك المشرع الملك طلال والملك الباني الحسين بن طلال. وأضاف بأنّ الأوراق النقاشية جاءت لتلخص حزمة المنظور المستقبلي لدولة دستورية يحكمها القانون والتعددية الحزبية.
وركزت الجلسة الثانية التي أدارها الدكتور عزمي محافظة على المحور التعليمي وتحدث فيها رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عدنان بدران عن إنجازات المئوية الأولى وتحديات المئوية الثانية في التعليم، وقال إن هناك تراكمات ناضجة عبر الممالك، وتحدث عن نجاح الأردن منذ تأسيسه في تحقيق أعجوبة في التعليم. وقد فصّل بأنّ التعليم في الأردنّ مر بأربع مراحل نذكرها بعنوان "التاءات الأربعة"؛ وهي:
مرحلة التأسيس وبدأت مع إنشاء مدرسة السلط ولجوء الكثير من الطلبة إليها والدراسة فيها، حيث كان التعليم المهنة الأكثر حظًا وقيمة.
التكوين: مرحلة تَشَكُّل الدّستور الذي جاء من مبادئ حقوق الإنسان، وكانت فيها بداية ظهور الجامعات.
التمكين: ويعود الفضلُ فيها للمغفور له الملك الحسين بن طلال، حيث بنى وأسس الجامعات والمدارس.
التعزيز: حيث وصل التعليم في هذه الفترة لمرحلة متقدمة، وقد بلغ فيها تعداد المدارس 8000 مدرسة وما يقارب المليونين و115 ألف طالب. ويعود الفضل فيها لجلالة الملك عبد الله الثاني.
وهذا يضعنا أمام نقطة مهمة وهي أن الأردن، وبالرغم من شح الموارد، فقد وصل لدرجات عليا في التعليم تضاهي البلدان الغنية والمتقدمة. وحثَّ بدران أصحاب القرار والمتخصصين على النظر في أهمية التحول من مجتمع ريعي لمجتمع إنتاجي وهذا ما لم نلاحظه خلال مسيرة التعليم الطويلة على حد وصفه.
وتابع بدران أن التعليم العالي بدأ مع وجود الجامعة الأردنية ومع نهاية المئوية الاولى أصبح لدينا 30 جامعة و45 كلية. وأشار بدران إلى أن اقتصاديات التعليم تعد في مرتبة عالية جدا ورفدت الدولة بأموال وميزانيات ضخمة، وأن القائل بغير ذلك ليس إلّا واهمًا، حتى بات بإمكاننا القول إن تطوير التعليم قد نجح وخدم الأردن ونهضتها.
وفي سياق حديثه عن تحديات التعليم في المئوية الثانية قال بدران إننا يجب أن ننتقل بالتعليم من الوضع الحالي للإنتاج وبناء الثروات، وإنه لا يجوز مع هذه البنية التعليمية الضخمة إلا أن ننتقل من الكم إلى الكيف، وأن مخرجات البحث العلمي يجب أن تتوجه لتنمية قطاعات الزراعة والصناعة والابتكار، والاستفادة من كُلّ ذلك في إنشاء شركات ناشئة من خريجينا وبناء حوكمة رشيدة. كما أكد على ضرورة الانتقال للاقتصاد المعرفي والرقمي وتحويل الموارد البشرية من البطالة لموارد ذكية ثرية وذلك لتتحقق أهداف التنمية المستدامة.
وتابع أنه برزت تشوهات في التعليم يجب أن نزيلها بالتركيز على احترام الاختلاف والحضارات الأخرى، وإعادة صناعة المدرسة والجامعة وتعديل أجور المعلم وإعطاء الجامعات مزيدًا من الاستقلالية.
بدوره تحدث وزير التربية والتعليم والتعليم العالي، وجيه عويس، أن جامعاتنا الحكومية طليعيّة في نشر الأبحاث العلمية في المجلات العملية العالمية، وأنّنا نلتقي في هذا الصرح لعرض مراحل تطور التعليم الجامعي في الأردن ليكون لدينا حافز لنبني على النجاح الذي تحقق. ولخص عويس أهم مراحل التعليم الجامعي في الأردن كالتالي:
(1962-1997)
الفترة الذهبية حيث ظلّ التعليم ملخّصًا في الجامعات الرسمية، ورغم كون البدايات في تلك الفترة متواضعة إلّا أنّ نجاحات كبيرة قد تحققت فيها، وذلك مع بداية تأسيس الجامعة الأردنية حيث اعتبر قرار إنشائها قرارًا استراتيجيًّا مهمًّا. كما نوّه أنّ تلك النجاحات تحقّقت في ظلّ تمويل الشعب للتعليم آنذاك.
(1987-1997)
مرحلة الوضع السياسي المضطرب في المنطقة وأثره على التعليم.
(1997-2016)
مرحلة الاختلالات ووضع الاستراتيجيات.
(2016-حتى الآن)
مرحلة الحلول المقترحة.
وأكد عويس على أن القبول في الجامعات يجب أن يُبنى على رغبة الطالب ومقدرته وليس على المعدل، أمّا المعدل فيجب أن يكون مدخلًا للجامعة لا للتخصص. وعن مواطن الاختلالات والأخطاء الاستراتيجية في التعليم ذكر عويس أنه مع تزايد الإقبال على التعليم وتوسع التعليم الجامعي ابتُدئ العمل ببرنامج الموازي، وتضاعفت على إثره أعداد الطلبة، ما وضعنا أمام مشاكل مستقبلية في أعداد الخريجين وارتفاع البطالة، ونتائج كارثية في نوعية التعليم، كما تخلت الحكومات المتعاقبة عن واجبها في الإشراف على التعليم مما اضطر الجامعات للجوء لبرنامج الموازي وقبول أعداد كبيرة من الطلبة لسد النفقات.
وطالب عويس الجامعات الخاصة أن تستخدم إيراداتها لتطوير مرفقاتها وأن تصل إلى مستوى أكاديمي رفيع يوازي الجامعات الحكومية، حيث نريد اليوم إيجاد توازن بين الجامعات الحكومية والخاصة من حيث الأعداد.
وأشار إلى أن سياسات القبول لم تُعدل، بحيث يحصل توجه للتعليم التقني، وعليه بات على الجامعات أن تتوجه لفتح كليات تقنية هادفة.
من جهتها عرضت وزيرة الثقافة هيفاء النجار مسيرة الأردن التعليمية وتأسيسها على مبادئ الوسطية والاعتدال والتنوير، وأكدت أن التعليم يُعدّ من أهم القطاعات التي تستوجب إعادة النظر فيه دائماً، كي نكون قادرين على مواكبة التسارعات المطردة في مناحي الحياة المختلفة، فالمدرسة، اليوم، لم تعد صفاً وكتاباً، إنما مجالًا حيًّا يتفاعل فيه الجميع، وهي مؤسسات تحول مجتمعي ثقافي لمساعدة الطلبة على تشكيل هوياتهم الفردية والجمعية، ومشغلٌ فني وحاضنة لكل الإبداعات المختلفة، ومنبر يتحاور من خلاله الطلبة بكل شفافية وجرأة، لكي يسيروا على طرق رسموها بأنفسهم ولم تُرسم لهم مسبقاً، وبهذا نبني مواطناً مسؤولاً منتمياً يستطيع أن يبني وطناً سقفه السماء.
وتابعت النجار قائلة إنّ علينا الاستثمار في فرصة التعلم عن بعد، وتحويلها لأداة تعلم جديدة تُستغلُّ خير استغلال. وكغيره من استراتيجيات التعليم، فإن تجربة "التعليم عن بعد" تحمل في طياتها إيجابيات وسلبيات، حيث أصبحت استمرارية التعليم في هذه المرحلة أكثر تحدياً للطلاب والمعلمين والمؤسسات التربوية، ولقد بات لزاماً علينا أن نعيد النظر في مشروعنا التربوي بشكل تكاملي وعقلاني وأخلاقي وروحاني وجمعي وتعددي، وأن يكون التعليم مبنياً على فهمنا لتحديات الواقع ومتطلبات المستقبل وتطوراته المتسارعة.
وتطرق وزير التنمية الاجتماعية الأسبق الدكتور عبد الله عويدات إلى مفهوم العولمة وأثرها على التعليم مؤكّدًا على وجود حاجة ملحة لفهم العلاقة بين العولمة والتربية، إذ إن أي تغيير في المعرفة سيؤدي إلى نتيجة إيجابية على العملية التربوية.
وشدّد عويدات على أن الجائحة جعلتنا نقفز قفزة سريعة في مجال التعليم، وهذا ما يجب استغلاله من حيث توفير الإمكانات والأدوات لتطوير التعليم بما يتناسب والتكنولوجيا الحديثة.
واستعرض خلال حديثه مسيرات مضيئة من إسهام المدارس قديمًا في رفد الوطن بالخبرات والقامات التعليمية.
وتناول نائب رئيس الوزراء الأسبق، وزير دولة لشؤون الاستثمار الدكتور جواد العناني في الجلسة الثالثة من المؤتمر، التي أدارها الدكتور راتب السعود بورقته "التنمية الاقتصادية الأردنية بين النظرية والتطبيق"، الآلية التي نشأ فيها مصطلح الاقتصاد منذ نشأة الدولة إلى يومنا هذا، مشيرا إلى أن كل القطاعات في الأردن تعد قطاعات اقتصادية؛ وأنه لا يوجد اقتصاد لا يُعدُّ سياسيا؛ ولكن الأمر المهم أن عملية ربط الاقتصاد بالسياسة يجب أن تكون من أجل خدمة المجتمع.
ولفت العناني خلال حديثه إلى أن المجتمع أصبح معقدَ التركيب لدرجة أنه لم يعد هناك قرارٌ حكوميٌّ مرضٍ للجميع، كما لم يعد هناك حلٌّ يسعد به الجميع، وكلما جرى العمل على إرضاء قطاع ما، جاء ذلك على حساب قطاع آخر، أو فئة معينة، وأن ما يجري ليس سوى أدوار تدوم لمدد معينة لا أكثر.
هذا وتحدث الخبير الاقتصادي "جون مولوت" عن مراحل تطور الاقتصاد الأردني وتأثره بالدول المحيطة، مشيرًا إلى أن الأردن يواجه تحديات كبيرة، فهي تعد ثاني أفقر دولة في المنطقة، كما إنّها بلد غير نفطي تتأثر بأسعار النفط، إضافة إلى ذلك فهي تشتهر بتخريج الكثيرِ من الجامعيين يفوق عددهم ٥٠ ألف خريج في وقت يُعتبر فيه اقتصادها غير قادر على استيعاب سوى ١٠٪ من هؤلاء الخريجين.
وقال مولوت إن أبرز المخاطر التي تهدد الاقتصاد الأردني تتمثل بضعف الجاذبية الاستثمارية وضعف المهارات وغياب الفنيين من الخريجين.
فيما تحدثت نائب رئيس مجلس الاستثمار خلود السقاف في ورقتها عن صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي ودوره في المساهمة بتحقيق التنمية الاقتصادية في الأردن بما ينعكس ورؤى جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين.
وأشارت إلى أن الصندوق أنشئ ليكون الجهة الاستثمارية المتخصصة التي تتولى إدارة الموجودات الاستثمارية للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي بمهنية، وحسب الأسس المتبعة في إدارة موجودات صناديق التقاعد والتأمينات الاجتماعية في العالم، مع تكييف ملائم لتلك الأسس مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي في الأردن.
وقالت السقاف إن فريق العمل القائم على إدارة صندوق الاستثمار يسعى نحو بناء مؤسسة استثمارية متخصصة ومتميزة تساعد على توظيف وإدارة أموال المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي بطريقة تتّسم بالكفاءة، لتعظيم عوائد الاستثمار ضمن درجات مخاطرة مقبولة، وفقاً للمعايير الدولية للاستثمار في الصناديق التقاعدية، ومعايير الإبلاغ المالي الدولية، بصورة تحكمها فيه أفضل أُسس الحوكمة الرشيدة في إدارة الاستثمار من حيث الإدارة والمسؤوليات والصلاحيات وآليات اتخاذ القرار الاستثماري الذي يصب في مصلحة منتفعي الضمان الاجتماعي.
وأوضحت كذلك أن الصندوق يعمل ضمن نظام متكامل من الإدارة والتوجيه والرقابة لضمان نوعية واستقلالية وسلامة القرار الاستثماري وتنفيذه، بما يخدم مصلحة المشتركين والمنتفعين من خدمات المؤسسة وبرامجها، منوهة بأن مجلس الاستثمار يخضع لرقابة مجلس إدارة مؤسسة الضمان، بحيث تُرفع تقارير دورية إليه حول أداء الصندوق.
وفي سياق متصل أبرز أستاذ علم الاجتماع ووزير الثقافة الأسبق الدكتور صبري اربيحات في الجلسة الرابعة من المؤتمر، التي أدارها الدكتور أحمد ماضي، في ورقته "محددات المراكز والأدوار والمكانات الاجتماعية وأوجه تغيرها خلال المئة عام الأولى من عمر الدولة الأردنية" نشوء الدولة الأردنية ودور القبائل آنذاك، وصولا إلى التحولات الجذرية التي حصلت عام 1942 لدخول نظام الكوتا، والنهضة الزراعية، والعمرانية والانفتاح على العالم.
وبيّن اربيحات الحالة الاقتصادية التي يشهدها الأردن، فقد بدأت بالخصخصة، ثم ظهرت فيما بعد ثقافة الاستحقاق مع غياب المعايير والعقلانية.
وعاين أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية الدكتور موسى شتيوي في ورقته "التحولات الطبقية في الأردن في مئة عام" العوامل التي أثّرت في تشكيل البنية الاجتماعية للمجتمع الأردني، التي كان أبرزها الهجرات القسرية التي شهدها الأردن خلال مئويته الأولى والتوسع جغرافيا وديموغرافيا.
وعرض أيضًا لطبيعة بعض التحوّلات التي شهدها المجتمع الأردني خلال المئة عام الماضية، منها نمط المعيشة الذي تحوّل مع تغير النظام الاقتصادي من إطار النمط الريفي والرعوي إلى النمط الحضري، والتحوّل في النظام الأسري والقرابة من الأسرة الممتدة إلى الأسرة النووية، ونمو دور المرأة خارج نطاق الأدوار التقليدية ليشمل الأدوار الحديثة في المجتمع، والتحولات التي طرأت على التركيبة الطبقية للمجتمع، حيث أصبح يتسم بتركيبة طبقية معقّدة، ما أدى إلى نمو الطبقة الوسطى بشكل ملموس.
وسرد الكاتب الصحفي إبراهيم غرايبة في ورقته "الرواية المنشئة والفكرة الجامعة" الحالة الأردنية والمكونات الأساسية للموارد وهي المكان أو التراب، بما يتضمنه ذلك من الماء والطاقة والزراعة والإنسان والمعرفة والمهارات، ورأس المال البشري والعمل والمهن، كما تعرّض للإنجاز والقصور في الحالة الأردنية في مجالات التعليم والصحة والتكامل الاجتماعي، ودور الدولة في التنمية.
يذكر أن أعمال المؤتمر سوف تستأنف يومي الأربعاء والخميس المقبلين، حيث سيناقش خلال جلساته أبحاثا ودراسات رصينة متصلة بموضوع المؤتمر ومحاوره الرئيسية، بالإضافة إلى عدد من المقالات غير البحثية موزعة على 20 جلسة تتعلق بالمجتمع الأردني في المئة عام الماضية بأبعاده المختلفة، إضافة إلى المنجزات التي تحققت في تلك الفترة، والتحديات التي ما زالت قائمة، والدروس المستفادة من التجارب الماضية والحاضرة.
وسيعقد على هامش المؤتمر عدد من الموائد النقاشية في الكليات والمراكز حول قضايا مختلفة تشمل المرأة والصحة النفسية واللغة والتواصل.
وتناول الطراونة التحديات التي واجهها الأردن بعد تولي جلالة الملك عبد الله الثّاني المسؤوليّة، ومنها احتلال العراق وأفغانستان، ومحاولته لمنع حل عسكري للعراق، واستعادة الأراضي الأردنية في الباقورة والغمر، ورفض صفقة القرن.
وقال "إن الأردن لديه مجتمع ونسيج اجتماعي قوي ليس فيه تناقضات، بالإضافة إلى وجود قوات مسلحة تقف خلفه، وإن الأردن يؤمن بالحلول والطرق السلمية لحل النزاعات، ورسالة عمان التي أكدت على الصورة الحقيقية للإسلام، فجميع هذه العناصر ساهمت في الحفاظ على الاستقلالية التي ينعُم فيها البلد".
وتحدث العين الدكتور محمد المومني في ورقته" عناصر قوة الدولة في مئويتها الأولى" عن عناصر قوة الدولة الأردنية في مئويتها الأولى، وتتلخص في أربعة أركان: الأول؛ القيادة العقلانية الرشيدة حيث إنها قيادة تتميز بالتسامح وسعة الصدر والعقلانية والبراغماتية إضافة إلى الشورى. والثاني؛ مؤسسات مدنية وعسكرية محترفة وقادرة وذات كفاءة. أما الركن الثالث؛ فهو الإنسان الأردني المتعلم المثقف حيث أشار إلى أن نظام التعليم الأردني ليبرالي ولم يكن ذا توجه معين كالدول المجاورة مثلاً، ما أنتج مواطنًا متعلمًا وواعيًا. والركن الرابع؛ هو فلسفة حكم الدولة الأردنية والتي تتميز بأنها وسطيّة معتدلة متزنة، حافظ الأردنُّ من خلالها على الاتزان والاعتدال واستخدام اللغة الدبلوماسية التي تجنبنا العداوة والبغضاء.
أما كلمة رئيس الديوان الملكي السابق عدنان أبو عودة، فقد ألقاها الدكتور فيصل الرفوع نيابة عنه وتناولت "التأسيس، البناء، الاستكمال". وتناولت الورقة حقبة تأسيس الأردن والظروف المحيطة بفترة ما قبل التأسيس والأحداث التي أعقبت الحرب العالمية الأولى في ذلك الوقت، وتقسيم المنطقة من خلال معاهدة سايكس بيكو بين بريطانيا وفرنسا، ثم تشكيل إمارة شرق الأردن في 1921 بالاتفاق مع وزير المستعمرات البريطاني وينستون تشرشل، وصولًا إلى تشكُّل الدولة، ثم استقلال الأردن في عام 1946، ثم الأحداث التي تلت استقلال الأردن كتعريب الجيش العربي.
وقال إن موقع الأردن هو ما منحه مكانته السياسية إقليميا ودولياً، وقسَّم عمر الأردن إلى ثلاث مراحل: حقبة التأسيس في عهد جلالة الملك عبد الله الأول؛ حقبة البناء في ظل جلال الملك الحسين؛ وحقبة الاستكمال في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني. وتحدث عن فترة ما اسماه بفترة الفوضى في التاريخ العربي التي شهدت حروبًا وانقلاباتٍ عسكرية في سوريا ومصر والعراق واليمن ثم لبنان 1956-1962. وتطرّق إلى تأثير الحرب البادرة على المنطقة، وتأثُّر الأردن بعدوان 1967، ومساعدة المنظمات الفلسطينية والعمل الفدائي ضد الاحتلال الصهيوني تحت مظلة القوات المسلحة، وأحداث الخمسينات المفصلية كطرد الشيوعيين للمستعمر في فيتنام، والثورة الجزائرية،ثم عرّج على معركة الكرامة وطلب إسرائيل وقف القتال مرتين، ومنعطف كامب ديفيد 1978، الذي أعقبه قرار دعم مادي عربي لدول المواجهة وعدم التزام الدول به ما عدا المملكة العربية السعودية، ومن ثمَّ الأحوال الاقتصادية التي تأثرت سلبًا نتيجة الحروب وعدم استمرار الدعم المادي العربي، وتوقف الحكومة عن تسديد الديون الخارجية وتعويم الدينار، ثم رفع أسعار بعض السلع والغضب الشعبي والاضطرابات التي صاحبته، ثم السماح للأحزاب بالترشح، ثم الميثاق الوطني وعقد المؤتمر الوطني عام 1991.
وتحدث أيضًا عن فترة استكمال البناء في عهد جلال الملك عبد الله الثاني ودخول الأردن الحقبة الثالثة وهي استكمال عملية البناء والتطوير، وتركيز جلالته على الموروث التاريخي مُستكملًا ما ابتُدئ به منذ عهد الملك المؤسس والملك المشرع الملك طلال والملك الباني الحسين بن طلال. وأضاف بأنّ الأوراق النقاشية جاءت لتلخص حزمة المنظور المستقبلي لدولة دستورية يحكمها القانون والتعددية الحزبية.
وركزت الجلسة الثانية التي أدارها الدكتور عزمي محافظة على المحور التعليمي وتحدث فيها رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عدنان بدران عن إنجازات المئوية الأولى وتحديات المئوية الثانية في التعليم، وقال إن هناك تراكمات ناضجة عبر الممالك، وتحدث عن نجاح الأردن منذ تأسيسه في تحقيق أعجوبة في التعليم. وقد فصّل بأنّ التعليم في الأردنّ مر بأربع مراحل نذكرها بعنوان "التاءات الأربعة"؛ وهي:
مرحلة التأسيس وبدأت مع إنشاء مدرسة السلط ولجوء الكثير من الطلبة إليها والدراسة فيها، حيث كان التعليم المهنة الأكثر حظًا وقيمة.
التكوين: مرحلة تَشَكُّل الدّستور الذي جاء من مبادئ حقوق الإنسان، وكانت فيها بداية ظهور الجامعات.
التمكين: ويعود الفضلُ فيها للمغفور له الملك الحسين بن طلال، حيث بنى وأسس الجامعات والمدارس.
التعزيز: حيث وصل التعليم في هذه الفترة لمرحلة متقدمة، وقد بلغ فيها تعداد المدارس 8000 مدرسة وما يقارب المليونين و115 ألف طالب. ويعود الفضل فيها لجلالة الملك عبد الله الثاني.
وهذا يضعنا أمام نقطة مهمة وهي أن الأردن، وبالرغم من شح الموارد، فقد وصل لدرجات عليا في التعليم تضاهي البلدان الغنية والمتقدمة. وحثَّ بدران أصحاب القرار والمتخصصين على النظر في أهمية التحول من مجتمع ريعي لمجتمع إنتاجي وهذا ما لم نلاحظه خلال مسيرة التعليم الطويلة على حد وصفه.
وتابع بدران أن التعليم العالي بدأ مع وجود الجامعة الأردنية ومع نهاية المئوية الاولى أصبح لدينا 30 جامعة و45 كلية. وأشار بدران إلى أن اقتصاديات التعليم تعد في مرتبة عالية جدا ورفدت الدولة بأموال وميزانيات ضخمة، وأن القائل بغير ذلك ليس إلّا واهمًا، حتى بات بإمكاننا القول إن تطوير التعليم قد نجح وخدم الأردن ونهضتها.
وفي سياق حديثه عن تحديات التعليم في المئوية الثانية قال بدران إننا يجب أن ننتقل بالتعليم من الوضع الحالي للإنتاج وبناء الثروات، وإنه لا يجوز مع هذه البنية التعليمية الضخمة إلا أن ننتقل من الكم إلى الكيف، وأن مخرجات البحث العلمي يجب أن تتوجه لتنمية قطاعات الزراعة والصناعة والابتكار، والاستفادة من كُلّ ذلك في إنشاء شركات ناشئة من خريجينا وبناء حوكمة رشيدة. كما أكد على ضرورة الانتقال للاقتصاد المعرفي والرقمي وتحويل الموارد البشرية من البطالة لموارد ذكية ثرية وذلك لتتحقق أهداف التنمية المستدامة.
وتابع أنه برزت تشوهات في التعليم يجب أن نزيلها بالتركيز على احترام الاختلاف والحضارات الأخرى، وإعادة صناعة المدرسة والجامعة وتعديل أجور المعلم وإعطاء الجامعات مزيدًا من الاستقلالية.
بدوره تحدث وزير التربية والتعليم والتعليم العالي، وجيه عويس، أن جامعاتنا الحكومية طليعيّة في نشر الأبحاث العلمية في المجلات العملية العالمية، وأنّنا نلتقي في هذا الصرح لعرض مراحل تطور التعليم الجامعي في الأردن ليكون لدينا حافز لنبني على النجاح الذي تحقق. ولخص عويس أهم مراحل التعليم الجامعي في الأردن كالتالي:
(1962-1997)
الفترة الذهبية حيث ظلّ التعليم ملخّصًا في الجامعات الرسمية، ورغم كون البدايات في تلك الفترة متواضعة إلّا أنّ نجاحات كبيرة قد تحققت فيها، وذلك مع بداية تأسيس الجامعة الأردنية حيث اعتبر قرار إنشائها قرارًا استراتيجيًّا مهمًّا. كما نوّه أنّ تلك النجاحات تحقّقت في ظلّ تمويل الشعب للتعليم آنذاك.
(1987-1997)
مرحلة الوضع السياسي المضطرب في المنطقة وأثره على التعليم.
(1997-2016)
مرحلة الاختلالات ووضع الاستراتيجيات.
(2016-حتى الآن)
مرحلة الحلول المقترحة.
وأكد عويس على أن القبول في الجامعات يجب أن يُبنى على رغبة الطالب ومقدرته وليس على المعدل، أمّا المعدل فيجب أن يكون مدخلًا للجامعة لا للتخصص. وعن مواطن الاختلالات والأخطاء الاستراتيجية في التعليم ذكر عويس أنه مع تزايد الإقبال على التعليم وتوسع التعليم الجامعي ابتُدئ العمل ببرنامج الموازي، وتضاعفت على إثره أعداد الطلبة، ما وضعنا أمام مشاكل مستقبلية في أعداد الخريجين وارتفاع البطالة، ونتائج كارثية في نوعية التعليم، كما تخلت الحكومات المتعاقبة عن واجبها في الإشراف على التعليم مما اضطر الجامعات للجوء لبرنامج الموازي وقبول أعداد كبيرة من الطلبة لسد النفقات.
وطالب عويس الجامعات الخاصة أن تستخدم إيراداتها لتطوير مرفقاتها وأن تصل إلى مستوى أكاديمي رفيع يوازي الجامعات الحكومية، حيث نريد اليوم إيجاد توازن بين الجامعات الحكومية والخاصة من حيث الأعداد.
وأشار إلى أن سياسات القبول لم تُعدل، بحيث يحصل توجه للتعليم التقني، وعليه بات على الجامعات أن تتوجه لفتح كليات تقنية هادفة.
من جهتها عرضت وزيرة الثقافة هيفاء النجار مسيرة الأردن التعليمية وتأسيسها على مبادئ الوسطية والاعتدال والتنوير، وأكدت أن التعليم يُعدّ من أهم القطاعات التي تستوجب إعادة النظر فيه دائماً، كي نكون قادرين على مواكبة التسارعات المطردة في مناحي الحياة المختلفة، فالمدرسة، اليوم، لم تعد صفاً وكتاباً، إنما مجالًا حيًّا يتفاعل فيه الجميع، وهي مؤسسات تحول مجتمعي ثقافي لمساعدة الطلبة على تشكيل هوياتهم الفردية والجمعية، ومشغلٌ فني وحاضنة لكل الإبداعات المختلفة، ومنبر يتحاور من خلاله الطلبة بكل شفافية وجرأة، لكي يسيروا على طرق رسموها بأنفسهم ولم تُرسم لهم مسبقاً، وبهذا نبني مواطناً مسؤولاً منتمياً يستطيع أن يبني وطناً سقفه السماء.
وتابعت النجار قائلة إنّ علينا الاستثمار في فرصة التعلم عن بعد، وتحويلها لأداة تعلم جديدة تُستغلُّ خير استغلال. وكغيره من استراتيجيات التعليم، فإن تجربة "التعليم عن بعد" تحمل في طياتها إيجابيات وسلبيات، حيث أصبحت استمرارية التعليم في هذه المرحلة أكثر تحدياً للطلاب والمعلمين والمؤسسات التربوية، ولقد بات لزاماً علينا أن نعيد النظر في مشروعنا التربوي بشكل تكاملي وعقلاني وأخلاقي وروحاني وجمعي وتعددي، وأن يكون التعليم مبنياً على فهمنا لتحديات الواقع ومتطلبات المستقبل وتطوراته المتسارعة.
وتطرق وزير التنمية الاجتماعية الأسبق الدكتور عبد الله عويدات إلى مفهوم العولمة وأثرها على التعليم مؤكّدًا على وجود حاجة ملحة لفهم العلاقة بين العولمة والتربية، إذ إن أي تغيير في المعرفة سيؤدي إلى نتيجة إيجابية على العملية التربوية.
وشدّد عويدات على أن الجائحة جعلتنا نقفز قفزة سريعة في مجال التعليم، وهذا ما يجب استغلاله من حيث توفير الإمكانات والأدوات لتطوير التعليم بما يتناسب والتكنولوجيا الحديثة.
واستعرض خلال حديثه مسيرات مضيئة من إسهام المدارس قديمًا في رفد الوطن بالخبرات والقامات التعليمية.
وتناول نائب رئيس الوزراء الأسبق، وزير دولة لشؤون الاستثمار الدكتور جواد العناني في الجلسة الثالثة من المؤتمر، التي أدارها الدكتور راتب السعود بورقته "التنمية الاقتصادية الأردنية بين النظرية والتطبيق"، الآلية التي نشأ فيها مصطلح الاقتصاد منذ نشأة الدولة إلى يومنا هذا، مشيرا إلى أن كل القطاعات في الأردن تعد قطاعات اقتصادية؛ وأنه لا يوجد اقتصاد لا يُعدُّ سياسيا؛ ولكن الأمر المهم أن عملية ربط الاقتصاد بالسياسة يجب أن تكون من أجل خدمة المجتمع.
ولفت العناني خلال حديثه إلى أن المجتمع أصبح معقدَ التركيب لدرجة أنه لم يعد هناك قرارٌ حكوميٌّ مرضٍ للجميع، كما لم يعد هناك حلٌّ يسعد به الجميع، وكلما جرى العمل على إرضاء قطاع ما، جاء ذلك على حساب قطاع آخر، أو فئة معينة، وأن ما يجري ليس سوى أدوار تدوم لمدد معينة لا أكثر.
هذا وتحدث الخبير الاقتصادي "جون مولوت" عن مراحل تطور الاقتصاد الأردني وتأثره بالدول المحيطة، مشيرًا إلى أن الأردن يواجه تحديات كبيرة، فهي تعد ثاني أفقر دولة في المنطقة، كما إنّها بلد غير نفطي تتأثر بأسعار النفط، إضافة إلى ذلك فهي تشتهر بتخريج الكثيرِ من الجامعيين يفوق عددهم ٥٠ ألف خريج في وقت يُعتبر فيه اقتصادها غير قادر على استيعاب سوى ١٠٪ من هؤلاء الخريجين.
وقال مولوت إن أبرز المخاطر التي تهدد الاقتصاد الأردني تتمثل بضعف الجاذبية الاستثمارية وضعف المهارات وغياب الفنيين من الخريجين.
فيما تحدثت نائب رئيس مجلس الاستثمار خلود السقاف في ورقتها عن صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي ودوره في المساهمة بتحقيق التنمية الاقتصادية في الأردن بما ينعكس ورؤى جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين.
وأشارت إلى أن الصندوق أنشئ ليكون الجهة الاستثمارية المتخصصة التي تتولى إدارة الموجودات الاستثمارية للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي بمهنية، وحسب الأسس المتبعة في إدارة موجودات صناديق التقاعد والتأمينات الاجتماعية في العالم، مع تكييف ملائم لتلك الأسس مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي في الأردن.
وقالت السقاف إن فريق العمل القائم على إدارة صندوق الاستثمار يسعى نحو بناء مؤسسة استثمارية متخصصة ومتميزة تساعد على توظيف وإدارة أموال المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي بطريقة تتّسم بالكفاءة، لتعظيم عوائد الاستثمار ضمن درجات مخاطرة مقبولة، وفقاً للمعايير الدولية للاستثمار في الصناديق التقاعدية، ومعايير الإبلاغ المالي الدولية، بصورة تحكمها فيه أفضل أُسس الحوكمة الرشيدة في إدارة الاستثمار من حيث الإدارة والمسؤوليات والصلاحيات وآليات اتخاذ القرار الاستثماري الذي يصب في مصلحة منتفعي الضمان الاجتماعي.
وأوضحت كذلك أن الصندوق يعمل ضمن نظام متكامل من الإدارة والتوجيه والرقابة لضمان نوعية واستقلالية وسلامة القرار الاستثماري وتنفيذه، بما يخدم مصلحة المشتركين والمنتفعين من خدمات المؤسسة وبرامجها، منوهة بأن مجلس الاستثمار يخضع لرقابة مجلس إدارة مؤسسة الضمان، بحيث تُرفع تقارير دورية إليه حول أداء الصندوق.
وفي سياق متصل أبرز أستاذ علم الاجتماع ووزير الثقافة الأسبق الدكتور صبري اربيحات في الجلسة الرابعة من المؤتمر، التي أدارها الدكتور أحمد ماضي، في ورقته "محددات المراكز والأدوار والمكانات الاجتماعية وأوجه تغيرها خلال المئة عام الأولى من عمر الدولة الأردنية" نشوء الدولة الأردنية ودور القبائل آنذاك، وصولا إلى التحولات الجذرية التي حصلت عام 1942 لدخول نظام الكوتا، والنهضة الزراعية، والعمرانية والانفتاح على العالم.
وبيّن اربيحات الحالة الاقتصادية التي يشهدها الأردن، فقد بدأت بالخصخصة، ثم ظهرت فيما بعد ثقافة الاستحقاق مع غياب المعايير والعقلانية.
وعاين أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية الدكتور موسى شتيوي في ورقته "التحولات الطبقية في الأردن في مئة عام" العوامل التي أثّرت في تشكيل البنية الاجتماعية للمجتمع الأردني، التي كان أبرزها الهجرات القسرية التي شهدها الأردن خلال مئويته الأولى والتوسع جغرافيا وديموغرافيا.
وعرض أيضًا لطبيعة بعض التحوّلات التي شهدها المجتمع الأردني خلال المئة عام الماضية، منها نمط المعيشة الذي تحوّل مع تغير النظام الاقتصادي من إطار النمط الريفي والرعوي إلى النمط الحضري، والتحوّل في النظام الأسري والقرابة من الأسرة الممتدة إلى الأسرة النووية، ونمو دور المرأة خارج نطاق الأدوار التقليدية ليشمل الأدوار الحديثة في المجتمع، والتحولات التي طرأت على التركيبة الطبقية للمجتمع، حيث أصبح يتسم بتركيبة طبقية معقّدة، ما أدى إلى نمو الطبقة الوسطى بشكل ملموس.
وسرد الكاتب الصحفي إبراهيم غرايبة في ورقته "الرواية المنشئة والفكرة الجامعة" الحالة الأردنية والمكونات الأساسية للموارد وهي المكان أو التراب، بما يتضمنه ذلك من الماء والطاقة والزراعة والإنسان والمعرفة والمهارات، ورأس المال البشري والعمل والمهن، كما تعرّض للإنجاز والقصور في الحالة الأردنية في مجالات التعليم والصحة والتكامل الاجتماعي، ودور الدولة في التنمية.
يذكر أن أعمال المؤتمر سوف تستأنف يومي الأربعاء والخميس المقبلين، حيث سيناقش خلال جلساته أبحاثا ودراسات رصينة متصلة بموضوع المؤتمر ومحاوره الرئيسية، بالإضافة إلى عدد من المقالات غير البحثية موزعة على 20 جلسة تتعلق بالمجتمع الأردني في المئة عام الماضية بأبعاده المختلفة، إضافة إلى المنجزات التي تحققت في تلك الفترة، والتحديات التي ما زالت قائمة، والدروس المستفادة من التجارب الماضية والحاضرة.
وسيعقد على هامش المؤتمر عدد من الموائد النقاشية في الكليات والمراكز حول قضايا مختلفة تشمل المرأة والصحة النفسية واللغة والتواصل.