هل تورطت فيسبوك في الفوضى الأمريكية؟

الوقائع الاخبارية: بعد أيام قليلة من اقتحام متمردين مبنى الكونجرس في 6 يناير الماضي، قللت مسؤولة في فيسبوك من دور شركتها فيما حدث.

لكن مستندات فيسبوك الداخلية أشارت لخلاف ذلك، ورسمت صورة لشركة كانت في الواقع غير مستعدة لمواجهة استخدام منصتها من قبل حركة كـ"أوقفوا السرقة" (ستوب ذا ستيل)، والتي تشكلت في أعقاب إعلان نتائج الانتخابات الأمريكية من قبل مؤيدي ترامب واستخدمت فيسبوك لتنظيم أنشطتها التي امتزجت بأعمال عنف بحسب سي إن إن.

وأطلت شيريل ساندبرج، كبير مسؤولي العمليات في فيسبوك في مقابلة مع رويترز عقب اقتحام الكابيتول (مبنى الكونجرس الأمريكي) قائلة: "نعلم أن هذا تم تنظيمه عبر الإنترنت"، مشيرة إلى أن فيسبوك أزال أي شيء كان يتحدث عن عنف محتمل في فترة وقوع الاقتحام.

لكن المسؤولة أردفت تقول "تطبيقنا لم يكن مثاليا أبدا، لذا أنا متأكدة من أنه لا تزال هناك أشياء على فيسبوك فعلها. أعتقد أن هذه الأحداث تم تنظيمها إلى حد كبير على المنصات التي لا تتمتع بقدراتنا على إيقاف الكراهية ولا تتبع معاييرنا ولا تتمتع بشفافية"، في محاولة منها لإبعاد الاتهامات عن شركتها.

إلا أن مستندات قدمتها الموظفة السابقة في فيسبوك فرانسيس هوغن كان لها رأي آخر، حيث أبلغت تلك الموظفة عن مخالفات فيسبوك كدليل لدعم الإفصاحات التي قدمتها إلى لجنة الأوراق المالية والبورصات، حيث قدم مستشارها القانوني صيغة منقحة من تلك المستندات إلى الكونجرس، وتم الحصول على نسخ منقحة من تلك الصيغة من قبل كونسورتيوم من 17 وكالة أنباء أمريكية، بما في ذلك شبكة سي إن إن.

وزعمت هوغن بموجب تلك المستندات أن "فيسبوك ضلل المستثمرين والجمهور بشأن دوره في إدامة المعلومات المضللة والتطرف العنيف فيما يتعلق بانتخابات 2020 وانتفاضة 6 يناير".

ونفى فيسبوك حينها فرضية استنتاجات هوغن، وقال إن هوغن لديها وثائق منتقاة بعناية لتقديم صورة غير عادلة للشركة.

وفي هذا الإطار قال آندي ستون المتحدث باسم فيسبوك "تقع المسؤولية عن أعمال العنف التي وقعت في 6 يناير على عاتق أولئك الذين هاجموا مبنى الكابيتول ومن شجعهم، لقد اتخذنا خطوات للحد من المحتوى الذي سعى إلى نزع الشرعية عن الانتخابات".

وأضاف: "بعد اندلاع أعمال العنف في مبنى الكابيتول ورأينا محاولات مستمرة لتنظيم أحداث للطعن في نتائج الانتخابات الرئاسية، أزلنا المحتوى بعبارة "أوقفوا السرقة" بموجب سياسة تنسيق الضرر وأوقفنا ترامب عن منصتنا".

ومن بين عشرات الآلاف من صفحات الوثائق التي قدمتها هوغن، هناك تحليل داخلي لكيفية انتشار حركات مثل أوقفوا السرقة وغيرها على فيسبوك، من بينها تحليل عما حدث حينها ذكر "كان الوقت صعبا للغاية لمعرفة ما إذا كان ما نراه عبارة عن جهد منسق لنزع الشرعية عن الانتخابات، أو ما إذا كانت محمية بحرية التعبير من قبل المستخدمين الذين كانوا خائفين ومرتبكين ويستحقون تعاطفنا".

وأفاد التحليل: "لكن الإدراك المتأخر يجعل الأمر أكثر أهمية أن ننظر إلى الوراء لمعرفة ما في وسعنا فعله بشأن نمو حركات نزع الشرعية عن الانتخابات التي نمت ونشرت المؤامرة وساعدت في التحريض على تمرد الكابيتول ".

ووجد التحليل أن السياسات والإجراءات المطبقة على فيسبوك لم تكن على مستوى مهمة إبطاء النمو التصاعدي لحركة أوقفوا السرقة فضلا عن إيقافها. فعلى سبيل المثال لاحظ أولئك الذين يقفون وراء التحليل أن فيسبوك تعامل مع كل جزء من المحتوى وشخص أو مجموعة ضمن أوقفوا السرقة بشكل فردي، وليس كجزء من الكل، وهو ما أدى لنتائج وخيمة.

ويقول التحليل أيضا إن مجموعات حزب "أوقفوا السرقة" و "حزب باتريوت" قامت بتضخيم وتطبيع المعلومات المضللة والكراهية العنيفة بطريقة نزع الشرعية عن انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة، بطريقة أدت إلى إلحاق ضرر بالمعايير التي تقوم عليها الديمقراطية".

ومع ذلك، يشير التحليل إلى أنه بمجرد أن رأى فيسبوك نتائج حركة أوقفوا السرقة في السادس من يناير وقام باتخاذ إجراء لمواجهة هذا الأمر، فإنه كان قادرا على نشر الإجراءات التي أعاقت نمو كل من المجموعات التي تماثلها مثل حزب باتريوت.

وبدأت هوغن في جمع الأدلة حول الشركة قبل أن تغادر في نهاية المطاف عملاق التكنولوجيا في مايو الماضي، واستخدمت هاتفها لالتقاط صور لشاشة جهاز الكمبيوتر الخاص بها.

وبينما كان التمرد جاريا في واشنطن كان فيسبوك يحاول التعامل مع الموقف، واستطاعت هوغن التقاط صور لتوثيق استجابة الشركة.

وتحدثت مقالات نشرتها صحيفتا "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست"، الجمعة الماضية، عن دور "فيسبوك" في الاستقطاب الحاد للحياة السياسية في الولايات المتحدة.

وبعد أيام من عملية الاقتراع أبلغ محلل، على سبيل المثال، زملاءه بأن 10 في المائة من المحتويات السياسية التي شاهدها المستخدمون الأمريكيون للمنصة كانت رسائل تؤكد أن الانتخابات مزورة، حسب صحيفة "نيويورك تايمز".

وأطلق هذه الشائعة الرئيس السابق دونالد ترامب ولم يقدم أي دليل على صحتها، ومن ثم غذت غضب عدد كبير من المحافظين والمؤمنين بنظرية المؤامرة، والذي بلغ ذروته مع أعمال الشغب التي ارتكبت أثناء اقتحام مبنى الكابيتول في السادس من يناير.

وكان مناصرو ترامب في ذاك اليوم اقتحموا الكونجرس أثناء جلسة المصادقة على فوز منافسه الديمقراطي جو بايدن. وقُتل خمسة أشخاص خلال الهجوم أو بعد وقت قليل منه.