6 متحورات ظهرت فيها.. هكذا تعاني أفريقيا بصمت من سلالات كورونا

الوقائع الاخبارية : قبل نحو 100عام اجتاح العالم مرض "الإنفلونزا"، وأصاب 30% من سكان الكرة الأرضية، وقتل بين 3% إلى 6% منهم. وحاليا يُقدّر أن فيروس كورونا أصاب 10% من سكان العالم، ولم ينتهِ بعد، بل ما زال يتطور وبعدوى أكثر سرعة وانتشارا رغم سباق التطعيم لمحاصرته والتقليل من آثاره، لا سيما في الدول الأكثر هشاشة وفقرا كبلدان أفريقيا.

كيف بدأت الجائحة في أفريقيا وإلى أين وصلت؟

انتشرت جائحة كورونا في جميع دول القارة الأفريقية لكن بدرجات متفاوتة، وظهرت معظم الحالات من غير أعراض لأسباب تتعلق بالتدابير المتخذة، والجوانب الديمغرافية، والعوامل المناخية والبيئية والوراثية، وأخرى متعلقة بالمناعة، وتفيد التقارير ذات الصلة أن 80% من حالات الإصابة لا تظهر عليها الأعراض.

تم الإبلاغ عن أول إصابة بكورونا في أفريقيا بمصر في 14 فبراير/شباط 2020، ثم في نيجيريا جنوبا. وتشير الإحصاءات إلى أن عدد الإصابات المبلغ عنها في القارة الأفريقية بلغ 9 ملايين و300 ألف حالة حتى الآن، وعدد الوفيات المبلغ عنه بلغ 226 ألف حالة.

وتأتي جنوب أفريقيا الأولى على مستوى القارة في عدد الإصابات والوفيات، بمتوسط 20 ألف إصابة و44 حالة وفاة يوميا، وبنحو 3 ملايين إصابة منذ بدء الجائحة. وتحلّ دولة سيشل في المرتبة الأخيرة، بأقل عدد من الإصابات بلغ 3.731 حالة.

وبوجه عام تُعدّ دول جنوب أفريقيا والمغرب وتونس وإثيوبيا وليبيا ومصر الأكثر إصابة على مستوى القارة.

كيف تعاملت أفريقيا مع الجائحة؟
تفاوتت استجابة الأفارقة في التعامل مع الفيروس، فقد كان الانتشار في بدايته بطيئا وآثاره غير مرئية، وبدأت الدول بتطبيق القواعد الملزمة للتخفيف من العدوى، في ظل مجتمعات قليلة القدرة على التعامل مع التدابير الصحية، وبعضها لا يؤمن بها.

ولجأت بعض الدول إلى الإغلاق الكامل مدة طويلة، خاصة تلك التي تعاني من ضعف القطاع الصحي، في حين فضّلت دول أخرى الإغلاق الجزئي. ولكن ظهور مآزق متصلة بشحّ الغذاء أطلق العنان للشعوب الأفريقية في رفض الالتزام بتدابير محاصرة الفيروس، هذا غير اعتقاد نسبة من الأفارقة بأن الفيروس خرافة ابتدعها الرجل الأبيض، ولن تُلحق أضرارا بهم.

ما طبيعة المتحورات التي تنتشر في أفريقيا؟
ظهر عدد من متحورات كورونا في العالم وسرعان ما وصلت إلى أفريقيا، فضلا عن متحور آخر اكتُشف في جنوب أفريقيا، وهي متحورات مثيرة للقلق لسرعة انتشار عدواها.

وحتى ديسمبر/كانون الأول 2021، أبلغت 22 دولة أفريقية عن المتحور الجديد (أوميكرون)، والمثير هو أنه كلما خفّت وطأة متحور ظهر آخر جديد (ألفا، وبيتا، وأخيرا أوميكرون) ومختلف عن الذي سبقه. وأبرز المتحورات المنتشرة في أفريقيا هي:

فيروس سارس (كوفيد 2) الأصلي، ينتشر في جميع الدول الأفريقية.

السلالة البريطانية، وتزيد على فيروس كورونا الأصلي بنسبة 50% في قابلية الانتقال، وتنتشر في منطقة جنوب الصحراء والغرب الأفريقي، وبدرجة أقل في شمال القارة.

السلالة الجنوب أفريقية (B 1.351)، وتتميز بزيادة القابلية في الانتقال بنسبة 50%، وتنتشر في جنوب خط الاستواء وغرب القارة، وبنسبة قليلة في شمالها.

السلالة الهندية، وتنتشر في جنوب خط الاستواء، وبدرجة أقل في غرب القارة وشمالها.
السلالة النيجيرية والتنزانية والكاميرونية، ما زالت الدراسات تجرى عليها لتحديد سماتها.

كشف واقع التطعيم بلقاحات كورونا في أفريقيا عن أوضاع مأساوية بسبب تسابق الدول المقتدرة ماليا إلى احتكارها، تاركة الدول الفقيرة وشعوبها نهبا للموت، لا سيما في هذه القارة.

وتظهر التقارير أن كل اللقاحات المنتشرة في أفريقيا هي ذاتها التي استُخدمت في أنحاء العالم، لكن دول هذه القارة تعدّ أقل بكثير من المتوسط العالمي، من حيث توفر اللقاحات، وبواقع (20 جرعة لكل ألف شخص).

ويبلغ المتوسط عالميا 227 جرعة لكل ألف شخص، وهو خلل واضح سبّبه غياب العدالة في توزيع اللقاحات، حيث تراوح النسب من 0% في 6 بلدان أفريقية إلى 66% في بعض البلدان على قلّتها، مثل دولة السيشل وهي الدولة الأكثر تلقيحا في أفريقيا.

ويعتمد الجزء الأكبر من القارة على التبرعات من آلية مشاركة اللقاحات (كوفاكس)، فضلا عن التبرعات من الصين والهند والولايات المتحدة الأميركية.

ولعل أبرز ما توصف به حالة التطعيم في أفريقيا هو البطء بسبب عدم توفر اللقاحات أصلا، وعدم قدرة الدول الأفريقية على شرائها لمواطنيها، ويرى الأفارقة ذلك ظلما فادحا لهم، فمتوسط التطعيم في أفريقيا لا يتجاوز 2.5% وهو مؤشر كاف للكشف عن وضع القارة وبؤس حالها.

ما تداعيات المتحورات على الشعوب الفقيرة؟
وفقا لتقارير المنظمات الدولية، فإنه على الرغم من انخفاض عدد الإصابات والوفيات بأفريقيا مقارنة بالدول الأوروبية والآسيوية، فإن ما يمكن أن يتمخض عن الجائحة يعدّ صادما ومخيفا، وربما يترك آثارا كارثية على الدول التي تعاني اختلالات بنيوية في الجوانب الاقتصادية، مثل:

أزمات في الأمن الغذائي خاصة تلك التي تعاني من فجوات سابقة، مثل النيجر ومالي وبوركينا فاسو، أو تلك التي تعتمد على توريد الغذاء من الخارج مثل موريتانيا وليبيريا وسيراليون وغامبيا. وسيؤدي هذا إلى ارتفاع عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، فبينما كان عددهم في 2019 نحو 135 مليون شخص، يُتوقع أن يبلغ 300 مليون بنهاية 2021، وهي نسبة كبيرة ومؤثرة.

فقدان أعداد كبيرة من الموظفين وصغار رجال العمال لأعمالهم لضعف الطلب المحلي.
زيادة التضخم وارتفاع الأسعار بسبب الذعر وحالة عدم اليقين.
ازدياد موجات الهجرة نتيجة لتردّي الأوضاع الاقتصادية جراء تأثيرات الجائحة.
ويصعب حصر تأثيرات الجائحة على أفريقيا، ويكفي أن حكوماتها هرولت إلى دائنيها لإعادة جدولة ديونها للتخفيف من وطأة جائحة كورونا التي كشفت عن هشاشة القارة، وضعف بنيانها الاجتماعي والاقتصادي والإداري.