الوقائع الاخبارية : خلال الأعوام القليلة الماضية، برزت دولة قطر كشريك اقتصادي رئيسي بالنسبة لأوكرانيا في منطقة الخليج العربي، وواحد من أكبر المهتمين بالاستثمار في السوق الأوكرانية بمجالاته المختلفة.

وقد عكست زيارات كبار المسؤولين المتبادلة حجم الاهتمام الثنائي بدفع العلاقات نحو مستويات أكثر تقدما، لاسيما وأن الزيارات شهدت توقيع عشرات الاتفاقيات في مجالات شتى، وخاصة الاقتصادية منها.

وتخص تلك المجالات الاستيراد والاستثمار المشترك في الصناعات الزراعية، الطاقة، السياحة، البنية التحتية، وكل ما يخدم هذه المجالات من قوانين ومذكرات تفاهم وإجراءات، كتلك المتعلقة بحركة الطيران البينية اليومية والخدمات الجوية، وإلغاء نظام تأشيرة الدخول بين البلدين، وتجنب الازدواج الضريبي.

وكان آخرها زيارة وفد بقيادة رئيس رابطة رجال الأعمال القطريين الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني، نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي.

نمو التبادل التجاري

وبحسب السفارة القطرية لدى أوكرانيا، بلغ حجم التبادل التجاري نحو 140 مليون دولار نهاية العام 2020، والذي لم يتجاوز 90 مليونا عام 2019.

وفي حديث مع الجزيرة نت، يعتبر السفير القطري، هادي الهاجري أن "إمكانيات التعاون أكبر بكثير، والفترة القادمة تبشر بمزيد من الخير والمنفعة للبلدين، فلدينا اليوم 38 اتفاقية ثنائية دخلت حيز التنفيذ، و13 اتفاقية قيد الدراسة".

ويشير الهاجري إلى أن معظم هذه الاتفاقيات وقعت بالدوحة، خلال زيارة الرئيس الأوكراني السابق بيترو بوروشينكو، في مارس/آذار 2018، وزيارة الرئيس الحالي، فولوديمير زيلينسكي، في أبريل/نيسان 2021، على رأس وفود عالية المستوى، إضافة إلى اجتماع اللجنة القطرية الأوكرانية المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والفني، في سبتمبر/أيلول الماضي.

بدوره، أكد إيهور جوفكفا، نائب مدير مكتب الرئيس الأوكراني، أن بلاده مستعدة لضمان الأمن الغذائي القطري بالكامل، وتصدير منتجات زراعية عالية الجودة إليها، إضافة إلى إمكانية توريد المنتجات الغذائية الأوكرانية إلى دول أخرى في المنطقة، من خلال الشبكة اللوجستية القطرية.

وشهد العام الجاري فتح أسواق قطر أمام مختلف المنتجات الأوكرانية الغذائية، بعد الحصول على الشهادات والتراخيص اللازمة، من لحوم وأجبان وألبان وعسل، كما تجري مناقشات حول إمكانية تزويد قطر بالقمح والزيوت.

وفي هذا الإطار أيضا، يلفت السفير الهاجري إلى افتتاح مركز أوكراني للكهرمان بالحي الثقافي "كتارا" في قطر، مشيرا إلى أن سبتمبر/أيلول الماضي شهد توقيع مذكرات تعاون مشتركة، بين وزارة السياسة الزراعية والأغذية بأوكرانيا من جهة، وشركتي "بلدنا" و"ودام" القطرية من جهة أخرى.

كييف - سبتمبر 2021 - لقاء جمع رئيس وزراء أوكرانيا دينيس شميهال مع علي بن أحمد الكواري وزير التجارة والصناعة في دولة قطر - موقع السفارة القطريةرئيس وزراء أوكرانيا دينيس شميهال (يمين) مع وزير التجارة والصناعة القطري علي بن أحمد الكواري (الصحافة القطرية)

قفزات استثمارية بالبنية التحتية وإذا كانت الأسواق محل اهتمام السكان والشركات الصغيرة والمتوسطة أكثر من غيرها، فإن الاستثمارات الضخمة تقع في دائرة اهتمام كبريات المؤسسات في كلا البلدين.

ويتحدث الجانبان بفخر عن تحقيق "قفزات كبيرة" في الاستثمارات المتبادلة خلال العامين الماضيين، لاسيما في مجالات الطاقة والبنية التحتية.

ويعود السفير الهاجري، في هذا السياق، فيشير إلى أضخم هذه الاستثمارات، وهو عقد الامتياز لمدة 35 عاما (حتى عام 2056) والذي بموجبه تستثمر شركة "كيوتيرمنلز" (QTerminals) القطرية نحو 140 مليون دولار في تطوير ميناء "أولفيا" بمدينة ميكولايف، مع تخصيص 3.5 ملايين من هذا المبلغ لترميم البنية التحتية المحلية بالمدينة.

وخلال زيارته الرسمية إلى الدوحة بداية أبريل/نيسان الماضي، أعرب الرئيس زيلينسكي عن اهتمام بلاده بالاستثمار أكثر في مشاريع البنية التحتية لمونديال قطر 2022. وفي هذا الإطار، كان سفير أوكرانيا السابق لدى الدوحة، يفهين ميكيتينكو، قد صرح أن 50% من قضبان الحديد التي استخدمت في بناء ملاعب المونديال "أوكرانية المنشأ".

استثمارات الطاقة

وإلى جانب البنية التحتية، تولي قطر اهتماما كبيرا باستثمارات الطاقة في أوكرانيا، وتهتم الأخيرة بمسألة الحصول على الغاز القطري.

بهذا الصدد، يشير السفير الهاجري إلى أن "نبراس" القطرية للطاقة وسعت خارطة استثماراتها إلى سوق الطاقة الأوكراني عام 2021، من خلال اتفاقية شراكة في 6 مشاريع لتوليد الكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية، ولهذه الشركة القطرية فيها حصة الأغلبية.

وقد أعلن ماكسيم نيمتشينوف نائب وزير الطاقة الأوكراني أن بلاده تجري مفاوضات مع الدوحة حول توريدات الغاز المسال عبر بولندا، وتذليل الصعوبات التي تعرقل هذا الأمر.

هادي بن ناصر الهاجري - سفير دولة قطر لدى أوكرانيا - موقع السفارة القطريةسفير قطر لدى أوكرانيا هادي الهاجري: الفترة القادمة تبشر بمزيد من الخير والمنفعة للبلدين (الصحافة القطرية)

بوابة رئيسية

ويرى كثيرون أن قطر تشكل بوابة رئيسية لدخول أوكرانيا أسواق الخليج ودول المنطقة، و"طوق نجاة" لاقتصادها المتعثر بسبب الأزمات.

تقول فيكتوريا موفتشان المحللة الاقتصادية للجزيرة نت "بعد تصاعد التوترات مع موسكو وإغلاق الحدود الروسية أمام الصادرات الأوكرانية، تحولت اهتمامات المصدرين إلى دول أوروبا وتركيا والدول العربية، وخاصة الخليجية منها".

وتضيف أن التعاون الاقتصادي مع هذه الدول تطور سريعا، ويبدو أن غنى أوكرانيا بالإمكانيات والفرص غير المستثمرة، وغنى قطر بالغاز ووسائل النقل اللوجستية، وكذلك خطوات كييف في مجالات الإصلاح وتسهيل عمليات التصدير والاستيراد، صنعت أجواء من الثقة، وفتحت آفاقا أوسع للتعاون على المستويين الثنائي والإقليمي.

وتشير المحللة الاقتصادية أيضا إلى اهتمام كبير مماثل تبديه شركات سعودية وإماراتية، كشركة "سالك" السعودية، التي دخلت بقوة سوق الاستثمار بأوكرانيا، في مجالات زراعة وإنتاج القمح والحبوب.