الهوية الجامعة ما بين اللّغط والتوطين والإتفاقيات الإسرائيلية
الوقائع الاخبارية : نسيبه المقابلة
في الآوانة الأخيرة كثر اللّغط حول مصطلح الهوية الجامعة مما أثار الجدل بين جموع كبيره من المواطنين الأردنيين رافضينها بجميع الطرق والوسائل ووصفها بالجامحة والجانحة والجائحة .
ولكن يتمركز الهدف حول الهوية الوطنية الجامعة إلى الجمع بين كل المجموعات العرقية والدينية والثقافية واللغوية المختلفة معًا في أسرة واحدة ذات وعي وطني وانتماء واعتزاز ودون المساس بالهوية الاردنية الواحدة وتهدف إلى إزالة عدم المساواة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وتعزيز الوحدة والتضامن .
قال أستاذ العلوم السياسية د.وليد العويمر إن مَن طرح مفهوم الهوية الجامعة هو متواطئ مع المشروع الصهيوني لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، فمفهوم الهوية الجامعة كلمة حق أريد بها باطل من خلال محاولة طرح حلول للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني وتصوير أن هذا هو الحل الأمثل لإنهاء معاناة الفلسطينيين وسوف ينالوا حقوقهم في الأردن من خلال التعويضات الدولية؛ بالإضافة لمنحهم كافة الحقوق والحريات التي ينعم بها المواطنين الأردنيين، وبالتالي يصبحوا مواطنين لهم حقوق وعليهم واجبات .
ووضح أن الهدف الرئيسي والأساسي للهوية الجامعة هو لتوطين الفلسطينيين في الأردن، مقابل تعويضات مالية وتنازلت فلسطينية عن حق العودة وبالتالي اعتقد أن أي كلام حول عدم وجود علاقة بين مفهوم الهوية الجامعة والتوطين هو عاري عن الصحة تماماً، لأنه وبكل بساطه لا يمكن أن يصرح رئيس اللجنة الملكية للإصلاح السياسي أو النطق الإعلامي باسمها بشيء من هذا القبيل في هذا الوقت ولكن في المستقبل سوف يدخل موضوع التوطين بقوة ضمن تفسيرات وتأويلات مفهوم الهوية الجامعة .
وشدّد أن استخدام مثل هذه المصطلحات المستوردة والغريبة عن المجتمع الأردني لا شك أنها ملتبسة، بحيث تحدث نوع من الضياع والتوهان عن المعنى والهدف الحقيقي من طرح هذه المفاهيم .
نحن ننتقل بالدولة الأردنية نحو المئوية الثانية، فهل يعني الدخول بالمئوية الثانية أن نبدل من الثوابت والركائز الوطنية بحجة التطوير والتحديث والديمقراطية؟
وبالتالي فإن الالتباس والغموض الذي اكتنف مصطلح الهوية الجامعة هو السبب بكل هذا الرفض الشعبي لأنه يحمل في طياته اهداف مسمومة قد تؤثر وتغير شكل الدولة الأردنية في المرحلة المقبلة.
يجب أن نقر وبكل وضوح أن الأردن لا يعاني نهائياً وبأي شكل من الأشكال من الهويات الفرعية المنتشرة في الإقليم خصوصاً في العراق وسوريا ولبنان، فالأردن عبر تاريخه لديه هوية واضحة أساسها العروبة والإسلام .
وبالتالي الحديث عن الهوية الجامعة وما يحمله هذا المفهوم من غموض، يقودنا الى مراجعة الدستور الأردني والذي توافق عليه الأردنيون من شتى الأصول والمنابت والذي أكد على أن الأردنيين أمام القانون سواء لا تمييز بينهم بالحقوق والواجبات، فالأردنيون تعايشوا خلال المائة عام الماضية ضمن هذا النص ولم تطرح فكرة الهويات الفرعية بل إنها ذابت في ظل مواد الدستور الأردني، الذي منح كل من يحمل الجنسية الأردنية حقوقاً ورتب عليه واجبات دون تمييز على أساس العرق أو الجنس أو اللون أو الدين .
ورأى العويمر أن الخلل في الطبقة السياسية بالأردن، وهي للأسف طبقة في معظمها مشبوهة ومرتبطة بأجندة خارجية، وهي للأسف كذلك تتولى مناصب سياسية وتفسح لها المنابر للحديث، ومن ثم بث سمومها لتحقيق اهداف شخصية أما مالية وإما مناصب سياسية، لاعتقادها وإيمانها الراسخ أن هذا المشروع هو الحل الوحيد لإنقاض الأردن من مشاكله، وان على الجميع القبول به لدخول المئوية بمفاهيم وفكر جديد يلغي الماضي ويحقق الاستقرار والازدهار للأردن .
وأشار إلى أن الخوف هو أن يمرر مفهوم الهوية الجامعة خلال هذه المرحلة ويصبح ضمن الأجندات السياسية والبرامج الحكومية للمرحلة المقبلة فندخل في دوامة التفسير والتأويل والتحليل ومن ثم ننصاع في النهاية ونقبل بتوطين الفلسطينيين وننسيهم حقهم بالعودة، ومن ثم يطال التوطين بعد ذلك السوريين واليمنيين والعراقيين، وبعدها تبدأ هذا الكتل الديموغرافية تتصارع مع بعضها البعض ومع المكون الشرق أردني .
ومن أجل حل المشكلة ننتقل كما في العراق ولبنان إلى نظام المحاصصة في المناصب السياسية والنيابية، وهذا الذي تسعى إليه إسرائيل وهو إضعاف الجبهة الداخلية في الأردن، مما يسهل السيطرة عليها وتوجيهها .
وأضاف العويمر أن طرح الهوية الجامعة لا شك أنه يصب في إضعاف الوصاية الهاشمية على المسجد الأقصى لان البداية بالتوطين وإلغاء حق العودة وبالتالي لم يعد للوصاية الهاشمية أي مبرر على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، فهي سلسلة تبدأ بنزع حق ثم يتوالى نزع بقية الحقوق تدريجياً .
وقال إن كثيراً من أعضاء اللجنة الملكية مارسوا دور الموظف الذي يتلقى التعليمات ومن ثم يعممها على بقة الدوائر دون أن يناقش أو يعلق أو يبدي رأيه، وهذا ما حصل للأسف مع كل من انبرى ودافع عن مفهوم الهوية الجامعة، حيث اعتبر أن دوره تنفيذي وإعلامي دون ان يكون لديه أدنى معرفة بمضمون مفهوم الهوية الجامعة .
ومن جهته وضحّ المحلل السياسي د.عامر السبايلة أن مسألة الهوية الجامعة هي مسألة شائكة جداً، خصوصاً في النموذج الأردني الذي يعاني من أزمة هوية مركبة، حيث أن الأردنيين حرموا بصورة ممنهجة من تشكيل هويتهم التاريخية، وتعرض موروثهم الثقافي والحضاري إلى تهميش كبير مما بدأ يُحدث ردات فعل واضحة ترغب في تجاوز ما حصل من قطع مع السياق التاريخي لتشكل الهوية الأردنية وتجاوزها عملية الاختزال في هويات ضيقة وغير قادرة على تلبية الحاجة بالشعور الى انتماء حقيقي لهوية ثقافية وحضارية.
وأكد أن المجتمع الأردني يعاني من أزمة هويات ناتجة عن إرث تاريخيوسياق تطور قاصر على فهم التطورات السياسية والحاجات المجتمعية، مُبيناً أن الأردن يملك عناصر مهمة جداً لبناء هوية وطنية قادرة على صهر كافة الإختلافات وتوحيدها وإعطاء شعور مهم بالقيمة العالية للإنتماء لهذا الإرث الحضاري والتاريخي من راوية تاريخية وشواهد حضارية وذاكرة مكانية الخ . . لكن كان هناك إصرار باختزال هذا التشكيل بحقبة سياسية معينة ولصالح مشروع معين .
وبالتالي كان لانحسار هذه المشاريع وعدم جدوى السياساتالمتبعة في السنوات الاخيرةتأثير كبير في شعور الكثيرين بحالة الإغتراب وبدء البحث في تفاصيل الماضي وتعظيم كثير من الأحداث والشخوص وهو أمر طبيعي جداً ولا يمكن مواجهته اليوم الا بإحتواء هذا الموروثوإحداث عملية الربط مع الماضي .
وشدّد السبايلة أنمصطلح الهوية الجامعة يفتقر إلى فهم حقيقي لمعنى الهوية وهو على العكس تماماً يفترض أن هناك قدر على فرض هوية على الناس وهو ما يتناقض مع الواقع، ففي الزمن الذي كانت الدول تتحكم بالرأي العام وتوجهه وتتحكم بعلية التعليم ومصدر المعلومة اليوم لا يمكن الإفتراض أن مثل هذه الأفكار يمكن أن تنجح على العكس تماماً قد تشكل مثل هذه الخطوات خطورة كبيرة على المجتمعات حيث تزيد من حالة الشك والتشكيك وتدفع بإتجاه تحزبات وانقسامات داخلية .
ولفّت أن الهوية هي شعور نتاج لعلاقة طويلة الأمد بين الانسان وبيئته ومجتمعه وموروثه الحضاري والثقافي وبالتالي الافتراض انه يمكن اسقاط كل هذه الأمور وفرض رؤية تفترض نمط معين وشكل محدد للهوية هو افتراض خاطئ جداً .
وأشار السبايلة إلى أن هناك خلط كبير في المنهج المتبع، فإذا كان الهدف هو سيادة القانون وإيقاف أي تغول علي القانون لصالح فئة علي أي فئة أخري فهذا يعني ان الموضوع اقرب ما يكون الى دور الدولة وقدرتها على تنفيذ القانون ودجوى سياساتها التنموية الخ، لهذا لا يمكن حل مثل هذه المشاكل عبر مسألة الهوية .
بدوره قال المحلل السياسي نسيم عنيزات إنه بعد مائة عام من عمر الدولة لا يجوز أن نتحدث عن الهوية الجامعة لأنها في الأصل أن تكون واحدة فلا يجوز أن يكون في الوطن الواحد أي هويات فرعية أو غيرها ... لا فأن الهوية واحدة دائماً لكل من ولد وعاش على أرض الأردن بغض النظر عن أي قضايا أخرى .
وأكد أن الهوية الواحدة تعني الولاء والأرتباط في الأرض والدولة بعادلتها وتقاليدها وموروثها الإجتماعي والثقافي وجغرافيتها وبالتالي المحافظة عليها والدفاع عنها وحمايتها من أي إعتداء أو تقسيم .
وأشار أن مصطلح الهوية واضح ولا لِبس فيه فالهوية الوطنية في كل أمّة هي الخصائص والسمات التي تتميز بها، وتترجم روح الإنتماء لدى أبنائها وبدونها تفقد الأمم كل معاني وجودها واستقرارها، بل يستوي وجودها من عدمه، وهناك عناصر للهوية الوطنيّة لا بد من توفرها، وقد يختلف بعضها من أمّة لأخرى .
وقال العنيزات إن الموقع الجغرافي من عناصرها، حيث إنّ من يشتركون فيها يضمّهم موقع جغرافي محدد التاريخ، وهو التاريخ المشترك الذي يربط من يشتركون في الهوية الوطنية الواحدة، والأحداث التي مرت بآبائهم وأجدادهم وأجداد أجدادهم بصفتهم الجماعيّة على هذه الأرض .
كما يربطهم كذلك رباط اقتصاديّ ونظام مالي وعملات واحد والعلم الواحد الرمز المعنويّ الذي يجمع كل أبناء الشعب الواحد والقضيّة الواحدة، وهو شيء مادي ملموس، له رسم وشكل محدد بألوان محددة، ولكنه يرمز إلى قيمة معنويّة، وهي الهوية الوطنية والانتماء للوطن .
ولفّت إلى أن أبناء الهوية الوطنية الواحدة يشتركون بالحقوق ذاتها، كحق التعليم والتعبير عن الرأي والحياة بكرامة وعزة على أرضهم، والملكية والبناء فوق أرضهم والعمل، وغير ذلك من الحقوق التي تجسد معاني الهويّة الوطنية .
وأضاف أن الواجبات الفرديّة والجماعية هي التي يتعين على المجموع الوطني القيام بها، إمّا بصفة الفردية، كالأفراد في كل مجال عمله وتخصصه ونشاطه، وإمّا بصفتهم الجماعية، وذلك مثل ما يتعين على المؤسسات القيام به نحو مواطنيها، وفق آليات محددة .
وهنا علينا ان ندرك ان التعامل يجب ان يكون على أساس المواطنة في الحقوق والواجبات ضمن مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص للجميع التي تخلق الانتماء والولاء للدولة وهذا لا يعني التخلي عن الهوية الوطنية لأي شخص، خاصةً إننا في الأردن نعيش ضمن مكون وطني وأخر فلسطيني الذي لا يجوز له أن يتخلى عن هويته الفلسطينية وقضيته العادلة التي تجمعنا وتوحدنا جميعا .
ورأى العنيزات أنه في حال التخلي عن هويته - وهنا لا اقصد المواطنة - فإنه سيخدم الإحتلال الإسرائيلي الذي يسعى إلى يهودية الدولة وشطب مصطلح اللاجئين من القاموس الأممي؛ لذلك فإن تخلينهم عن هويته سيسهل المهمة أمام الإسرائيلين ويساعدها على التعنت بعدم إقامة الدولتين وأحلام السلام تحت هذه الذرية .
وأعرب أن العائلة الهاشمية لها اسمها ومكانتها الدينية عبر التاريخ منذ بدء الرسالة المحمدية جذورها راسخة بمكانتها الدينية والتاريخية؛ كما أنهم وجدوا على الأرض الأردنية منذ نشأة الدولة عام 1921 عندما نشأة إمارة شرق الأردن بعد الثورة العربية الكبرى التي قام بها المؤسس عبدالله الأول واستمروا في حكم البلاد وبناءها ونهضتها الى وقتنا هذا . . لذلك لا يجوز الحديث عن هوية النظام بإعتباره مؤسس وباني الدولة الأردنية منذ نشأتها إلى وقتنا الحالي .
فيما قال دكتور العلوم السياسية د.مأمون العياصره إن مصطلح الهوية الجامعه لا يُغازل إسرائيل بقدر ما هو موجه للداخل الأردني ولإستحقاقات التسوية النهائية للقضية الفلسطينية؛ لافتاً أنه ليس بالضرورة أن يكون ضد التطوين، لأن مسألة العودة محسومة بالعدم ف اي تسوية قادمة .
وأكد أن مصطلح الهوية الجامعة شديد الإلتباس وزاد الأمور غموضاً وتساؤلات مشروعه عن الهدف والمغزى من وراء طرحه ف هذا الوقت الحساس؛ مُبيناً أنه لا يوجد ارتباط ما بين الهوية الجامعة ومسألة الوصاية الهاشمية ع المقدسات، فهذا الأمر يقع في بُعد تاريخي وديني متوارث منذ فترة طويلة وأقرته اتفاقية السلام مع اسرائيل .
وفي هذا السياق قال العياصره إن الخلل في الطبقة السياسية، لأنهم يتغاضوا عن بديهات الأمور وأهمها عدم التلاعب أو المساس بالهوية الوطنية الأصيلة والتي تعتبر خط أحمر يجب عدم الإقتراب منها بتأويل هنا أو تعديل هناك، لأن البعض منهم ينظر للوطن كحقيبة سفر وليس وطن وعنوان ووجدان وروح وهوية .
في الآوانة الأخيرة كثر اللّغط حول مصطلح الهوية الجامعة مما أثار الجدل بين جموع كبيره من المواطنين الأردنيين رافضينها بجميع الطرق والوسائل ووصفها بالجامحة والجانحة والجائحة .
ولكن يتمركز الهدف حول الهوية الوطنية الجامعة إلى الجمع بين كل المجموعات العرقية والدينية والثقافية واللغوية المختلفة معًا في أسرة واحدة ذات وعي وطني وانتماء واعتزاز ودون المساس بالهوية الاردنية الواحدة وتهدف إلى إزالة عدم المساواة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وتعزيز الوحدة والتضامن .
قال أستاذ العلوم السياسية د.وليد العويمر إن مَن طرح مفهوم الهوية الجامعة هو متواطئ مع المشروع الصهيوني لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، فمفهوم الهوية الجامعة كلمة حق أريد بها باطل من خلال محاولة طرح حلول للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني وتصوير أن هذا هو الحل الأمثل لإنهاء معاناة الفلسطينيين وسوف ينالوا حقوقهم في الأردن من خلال التعويضات الدولية؛ بالإضافة لمنحهم كافة الحقوق والحريات التي ينعم بها المواطنين الأردنيين، وبالتالي يصبحوا مواطنين لهم حقوق وعليهم واجبات .
ووضح أن الهدف الرئيسي والأساسي للهوية الجامعة هو لتوطين الفلسطينيين في الأردن، مقابل تعويضات مالية وتنازلت فلسطينية عن حق العودة وبالتالي اعتقد أن أي كلام حول عدم وجود علاقة بين مفهوم الهوية الجامعة والتوطين هو عاري عن الصحة تماماً، لأنه وبكل بساطه لا يمكن أن يصرح رئيس اللجنة الملكية للإصلاح السياسي أو النطق الإعلامي باسمها بشيء من هذا القبيل في هذا الوقت ولكن في المستقبل سوف يدخل موضوع التوطين بقوة ضمن تفسيرات وتأويلات مفهوم الهوية الجامعة .
وشدّد أن استخدام مثل هذه المصطلحات المستوردة والغريبة عن المجتمع الأردني لا شك أنها ملتبسة، بحيث تحدث نوع من الضياع والتوهان عن المعنى والهدف الحقيقي من طرح هذه المفاهيم .
نحن ننتقل بالدولة الأردنية نحو المئوية الثانية، فهل يعني الدخول بالمئوية الثانية أن نبدل من الثوابت والركائز الوطنية بحجة التطوير والتحديث والديمقراطية؟
وبالتالي فإن الالتباس والغموض الذي اكتنف مصطلح الهوية الجامعة هو السبب بكل هذا الرفض الشعبي لأنه يحمل في طياته اهداف مسمومة قد تؤثر وتغير شكل الدولة الأردنية في المرحلة المقبلة.
يجب أن نقر وبكل وضوح أن الأردن لا يعاني نهائياً وبأي شكل من الأشكال من الهويات الفرعية المنتشرة في الإقليم خصوصاً في العراق وسوريا ولبنان، فالأردن عبر تاريخه لديه هوية واضحة أساسها العروبة والإسلام .
وبالتالي الحديث عن الهوية الجامعة وما يحمله هذا المفهوم من غموض، يقودنا الى مراجعة الدستور الأردني والذي توافق عليه الأردنيون من شتى الأصول والمنابت والذي أكد على أن الأردنيين أمام القانون سواء لا تمييز بينهم بالحقوق والواجبات، فالأردنيون تعايشوا خلال المائة عام الماضية ضمن هذا النص ولم تطرح فكرة الهويات الفرعية بل إنها ذابت في ظل مواد الدستور الأردني، الذي منح كل من يحمل الجنسية الأردنية حقوقاً ورتب عليه واجبات دون تمييز على أساس العرق أو الجنس أو اللون أو الدين .
ورأى العويمر أن الخلل في الطبقة السياسية بالأردن، وهي للأسف طبقة في معظمها مشبوهة ومرتبطة بأجندة خارجية، وهي للأسف كذلك تتولى مناصب سياسية وتفسح لها المنابر للحديث، ومن ثم بث سمومها لتحقيق اهداف شخصية أما مالية وإما مناصب سياسية، لاعتقادها وإيمانها الراسخ أن هذا المشروع هو الحل الوحيد لإنقاض الأردن من مشاكله، وان على الجميع القبول به لدخول المئوية بمفاهيم وفكر جديد يلغي الماضي ويحقق الاستقرار والازدهار للأردن .
وأشار إلى أن الخوف هو أن يمرر مفهوم الهوية الجامعة خلال هذه المرحلة ويصبح ضمن الأجندات السياسية والبرامج الحكومية للمرحلة المقبلة فندخل في دوامة التفسير والتأويل والتحليل ومن ثم ننصاع في النهاية ونقبل بتوطين الفلسطينيين وننسيهم حقهم بالعودة، ومن ثم يطال التوطين بعد ذلك السوريين واليمنيين والعراقيين، وبعدها تبدأ هذا الكتل الديموغرافية تتصارع مع بعضها البعض ومع المكون الشرق أردني .
ومن أجل حل المشكلة ننتقل كما في العراق ولبنان إلى نظام المحاصصة في المناصب السياسية والنيابية، وهذا الذي تسعى إليه إسرائيل وهو إضعاف الجبهة الداخلية في الأردن، مما يسهل السيطرة عليها وتوجيهها .
وأضاف العويمر أن طرح الهوية الجامعة لا شك أنه يصب في إضعاف الوصاية الهاشمية على المسجد الأقصى لان البداية بالتوطين وإلغاء حق العودة وبالتالي لم يعد للوصاية الهاشمية أي مبرر على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، فهي سلسلة تبدأ بنزع حق ثم يتوالى نزع بقية الحقوق تدريجياً .
وقال إن كثيراً من أعضاء اللجنة الملكية مارسوا دور الموظف الذي يتلقى التعليمات ومن ثم يعممها على بقة الدوائر دون أن يناقش أو يعلق أو يبدي رأيه، وهذا ما حصل للأسف مع كل من انبرى ودافع عن مفهوم الهوية الجامعة، حيث اعتبر أن دوره تنفيذي وإعلامي دون ان يكون لديه أدنى معرفة بمضمون مفهوم الهوية الجامعة .
ومن جهته وضحّ المحلل السياسي د.عامر السبايلة أن مسألة الهوية الجامعة هي مسألة شائكة جداً، خصوصاً في النموذج الأردني الذي يعاني من أزمة هوية مركبة، حيث أن الأردنيين حرموا بصورة ممنهجة من تشكيل هويتهم التاريخية، وتعرض موروثهم الثقافي والحضاري إلى تهميش كبير مما بدأ يُحدث ردات فعل واضحة ترغب في تجاوز ما حصل من قطع مع السياق التاريخي لتشكل الهوية الأردنية وتجاوزها عملية الاختزال في هويات ضيقة وغير قادرة على تلبية الحاجة بالشعور الى انتماء حقيقي لهوية ثقافية وحضارية.
وأكد أن المجتمع الأردني يعاني من أزمة هويات ناتجة عن إرث تاريخيوسياق تطور قاصر على فهم التطورات السياسية والحاجات المجتمعية، مُبيناً أن الأردن يملك عناصر مهمة جداً لبناء هوية وطنية قادرة على صهر كافة الإختلافات وتوحيدها وإعطاء شعور مهم بالقيمة العالية للإنتماء لهذا الإرث الحضاري والتاريخي من راوية تاريخية وشواهد حضارية وذاكرة مكانية الخ . . لكن كان هناك إصرار باختزال هذا التشكيل بحقبة سياسية معينة ولصالح مشروع معين .
وبالتالي كان لانحسار هذه المشاريع وعدم جدوى السياساتالمتبعة في السنوات الاخيرةتأثير كبير في شعور الكثيرين بحالة الإغتراب وبدء البحث في تفاصيل الماضي وتعظيم كثير من الأحداث والشخوص وهو أمر طبيعي جداً ولا يمكن مواجهته اليوم الا بإحتواء هذا الموروثوإحداث عملية الربط مع الماضي .
وشدّد السبايلة أنمصطلح الهوية الجامعة يفتقر إلى فهم حقيقي لمعنى الهوية وهو على العكس تماماً يفترض أن هناك قدر على فرض هوية على الناس وهو ما يتناقض مع الواقع، ففي الزمن الذي كانت الدول تتحكم بالرأي العام وتوجهه وتتحكم بعلية التعليم ومصدر المعلومة اليوم لا يمكن الإفتراض أن مثل هذه الأفكار يمكن أن تنجح على العكس تماماً قد تشكل مثل هذه الخطوات خطورة كبيرة على المجتمعات حيث تزيد من حالة الشك والتشكيك وتدفع بإتجاه تحزبات وانقسامات داخلية .
ولفّت أن الهوية هي شعور نتاج لعلاقة طويلة الأمد بين الانسان وبيئته ومجتمعه وموروثه الحضاري والثقافي وبالتالي الافتراض انه يمكن اسقاط كل هذه الأمور وفرض رؤية تفترض نمط معين وشكل محدد للهوية هو افتراض خاطئ جداً .
وأشار السبايلة إلى أن هناك خلط كبير في المنهج المتبع، فإذا كان الهدف هو سيادة القانون وإيقاف أي تغول علي القانون لصالح فئة علي أي فئة أخري فهذا يعني ان الموضوع اقرب ما يكون الى دور الدولة وقدرتها على تنفيذ القانون ودجوى سياساتها التنموية الخ، لهذا لا يمكن حل مثل هذه المشاكل عبر مسألة الهوية .
بدوره قال المحلل السياسي نسيم عنيزات إنه بعد مائة عام من عمر الدولة لا يجوز أن نتحدث عن الهوية الجامعة لأنها في الأصل أن تكون واحدة فلا يجوز أن يكون في الوطن الواحد أي هويات فرعية أو غيرها ... لا فأن الهوية واحدة دائماً لكل من ولد وعاش على أرض الأردن بغض النظر عن أي قضايا أخرى .
وأكد أن الهوية الواحدة تعني الولاء والأرتباط في الأرض والدولة بعادلتها وتقاليدها وموروثها الإجتماعي والثقافي وجغرافيتها وبالتالي المحافظة عليها والدفاع عنها وحمايتها من أي إعتداء أو تقسيم .
وأشار أن مصطلح الهوية واضح ولا لِبس فيه فالهوية الوطنية في كل أمّة هي الخصائص والسمات التي تتميز بها، وتترجم روح الإنتماء لدى أبنائها وبدونها تفقد الأمم كل معاني وجودها واستقرارها، بل يستوي وجودها من عدمه، وهناك عناصر للهوية الوطنيّة لا بد من توفرها، وقد يختلف بعضها من أمّة لأخرى .
وقال العنيزات إن الموقع الجغرافي من عناصرها، حيث إنّ من يشتركون فيها يضمّهم موقع جغرافي محدد التاريخ، وهو التاريخ المشترك الذي يربط من يشتركون في الهوية الوطنية الواحدة، والأحداث التي مرت بآبائهم وأجدادهم وأجداد أجدادهم بصفتهم الجماعيّة على هذه الأرض .
كما يربطهم كذلك رباط اقتصاديّ ونظام مالي وعملات واحد والعلم الواحد الرمز المعنويّ الذي يجمع كل أبناء الشعب الواحد والقضيّة الواحدة، وهو شيء مادي ملموس، له رسم وشكل محدد بألوان محددة، ولكنه يرمز إلى قيمة معنويّة، وهي الهوية الوطنية والانتماء للوطن .
ولفّت إلى أن أبناء الهوية الوطنية الواحدة يشتركون بالحقوق ذاتها، كحق التعليم والتعبير عن الرأي والحياة بكرامة وعزة على أرضهم، والملكية والبناء فوق أرضهم والعمل، وغير ذلك من الحقوق التي تجسد معاني الهويّة الوطنية .
وأضاف أن الواجبات الفرديّة والجماعية هي التي يتعين على المجموع الوطني القيام بها، إمّا بصفة الفردية، كالأفراد في كل مجال عمله وتخصصه ونشاطه، وإمّا بصفتهم الجماعية، وذلك مثل ما يتعين على المؤسسات القيام به نحو مواطنيها، وفق آليات محددة .
وهنا علينا ان ندرك ان التعامل يجب ان يكون على أساس المواطنة في الحقوق والواجبات ضمن مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص للجميع التي تخلق الانتماء والولاء للدولة وهذا لا يعني التخلي عن الهوية الوطنية لأي شخص، خاصةً إننا في الأردن نعيش ضمن مكون وطني وأخر فلسطيني الذي لا يجوز له أن يتخلى عن هويته الفلسطينية وقضيته العادلة التي تجمعنا وتوحدنا جميعا .
ورأى العنيزات أنه في حال التخلي عن هويته - وهنا لا اقصد المواطنة - فإنه سيخدم الإحتلال الإسرائيلي الذي يسعى إلى يهودية الدولة وشطب مصطلح اللاجئين من القاموس الأممي؛ لذلك فإن تخلينهم عن هويته سيسهل المهمة أمام الإسرائيلين ويساعدها على التعنت بعدم إقامة الدولتين وأحلام السلام تحت هذه الذرية .
وأعرب أن العائلة الهاشمية لها اسمها ومكانتها الدينية عبر التاريخ منذ بدء الرسالة المحمدية جذورها راسخة بمكانتها الدينية والتاريخية؛ كما أنهم وجدوا على الأرض الأردنية منذ نشأة الدولة عام 1921 عندما نشأة إمارة شرق الأردن بعد الثورة العربية الكبرى التي قام بها المؤسس عبدالله الأول واستمروا في حكم البلاد وبناءها ونهضتها الى وقتنا هذا . . لذلك لا يجوز الحديث عن هوية النظام بإعتباره مؤسس وباني الدولة الأردنية منذ نشأتها إلى وقتنا الحالي .
فيما قال دكتور العلوم السياسية د.مأمون العياصره إن مصطلح الهوية الجامعه لا يُغازل إسرائيل بقدر ما هو موجه للداخل الأردني ولإستحقاقات التسوية النهائية للقضية الفلسطينية؛ لافتاً أنه ليس بالضرورة أن يكون ضد التطوين، لأن مسألة العودة محسومة بالعدم ف اي تسوية قادمة .
وأكد أن مصطلح الهوية الجامعة شديد الإلتباس وزاد الأمور غموضاً وتساؤلات مشروعه عن الهدف والمغزى من وراء طرحه ف هذا الوقت الحساس؛ مُبيناً أنه لا يوجد ارتباط ما بين الهوية الجامعة ومسألة الوصاية الهاشمية ع المقدسات، فهذا الأمر يقع في بُعد تاريخي وديني متوارث منذ فترة طويلة وأقرته اتفاقية السلام مع اسرائيل .
وفي هذا السياق قال العياصره إن الخلل في الطبقة السياسية، لأنهم يتغاضوا عن بديهات الأمور وأهمها عدم التلاعب أو المساس بالهوية الوطنية الأصيلة والتي تعتبر خط أحمر يجب عدم الإقتراب منها بتأويل هنا أو تعديل هناك، لأن البعض منهم ينظر للوطن كحقيبة سفر وليس وطن وعنوان ووجدان وروح وهوية .