الحب على طريقة نتفليكس.. "عروستي" رومانسية المجمعات السكنية الفاخرة بمصر

الوقائع الاخبارية : بدأت منصة "نتفليكس" (Netflix) الإلكترونية عرض الفيلم المصري "عروستي" منذ 13 فبراير/شباط الجاري، وسريعا ما احتل الفيلم قائمة الأعلى مشاهدة كأي عمل عربي حديث آخر على المنصة، في ظل القلة النسبية لهذه الأعمال، ولكن هل يستحق الفيلم هذه المكانة حتى في منصة استهلاكية مثل نتفليكس؟

فيلم عروستي إنتاج عام 2021، وبطولة أحمد حاتم وجميلة عوض وصابرين ومروان يونس، وإخراج مصطفى البربري وتأليف محمد بكير، وحظي بعرض سينمائي قصير نسبيا وإيرادات تجاوزت 12 مليون جنيه مصري وفقا لموقع "السينما"، قبل أن يُزال من دور العرض، ثم يفاجئنا أبطاله بالإعلان عن عرضه على نتفليكس.

رومانسية المجمعات السكنية الفاخرة
تشبه حبكة فيلم عروستي عشرات الأفلام الرومانسية الكوميدية التي تم تقديمها منذ بداية السينما، حول الشاب والشابة الذي يعاني كل منهما من عدم قدرته إلى إيجاد نصفه الآخر، وبضغط من والدَي كل منهما يضطران لمحاولة الزواج التقليدي، الأمر الذي لا يفلح كذلك، حتى يتقابلا عن طريق الصدفة، وتبدأ قصة حب تنسج خيوطها بينهما.

لدينا هنا شريف (أحمد حاتم) ودليلة (جميلة عوض) شابان من طبقة غنية مرتفعة نسبيا يعيش كل منهما في منزل فخم بإحدى المجمعات السكنية الحديثة كل مع عائلته، لكل منهما حياة اجتماعية وعملية ناجحة للغاية.

وبسبب الإحباط العاطفي السابق يتشكك كل منهما في حقيقة مشاعر الآخر تجاهه في البداية، خاصة دليلة التي تصمم مجموعة من اختبارات الجدارة حتى تتأكد من مشاعر شريف.

والفقرة السابقة هي ملخص الفيلم بالكامل، فهو بالفعل لا يحمل أكثر من قصة بسيطة مكررة حول شاب وفتاة يلتقيان ويحبان بعضهما البعض، مع استعراض لكل الكليشيهات المكررة حول بدايات علاقة الحب التي بالتأكيد مرت على المتفرج في أفلام سابقة أو حتى في الأغاني المصورة بطريقة الفيديو.

وهكذا تتابع المشاهد حتى آخر 20 دقيقة من الفيلم، ثم يتذكر صُنّاعه أن أي فيلم سينمائي يحتاج إلى عقدة وذروة ونهاية، فيتم تلفيق أزمة بين البطلين تؤدي إلى الانفصال، ومن المفترض أن يظل المشاهد متلهفا ليرى كيف سيعود الحبيبان لبعضها البعض مرة أخرى؟

أول ما يلفت الانتباه في فيلم عروستي -بعد القصة المعتادة بالتأكيد- الصورة السينمائية الخاصة به واللامعة بشدة، والملونة بألوان براقة تشبه إلى حد كبير إعلانات المجمعات السكنية الفخمة التي تطالعنا على التلفاز خلال شهر رمضان، وتمتلئ بأشهر نجوم السينما والتلفزيون.

وبالفعل يتكون الفيلم مما يشبه مجموعة من الإعلانات المختلفة لذات المجمع السكني، نرى خلالها أجزاء مختلفة منه، ونادرا ما خرجت الكاميرا من هذه المناطق المنمقة، كما لو أن أحداث الفيلم تدور في جزيرة منعزلة وليست داخل القاهرة، وأن أبطاله لا يخرجون مما يُدعى في اللهجة المصرية الدراجة "الكمبوند".

أفلام نتفليكس والبلاد العربية البراقة
على الرغم من أن فيلم عروستي ليس إنتاج نتفلكيس مثل مسلسل "البحث عن علا" أو فيلم "أصحاب ولا أعز" أو "مدرسة الروابي"، لكن هناك رابطا مشتركا بين كل هذه الأعمال وهي الصورة اللامعة للمجتمعات العربية في هذه المسلسلات، كما لو أنه يجب إزالة أي آثار للقبح أو الفقر قبل عرض أي عمل عربي على هذه المنصة، على الرغم من وجود الكثير من الأعمال الواقعية من بلدان أخرى عليها.

ولا يقف الأمر عند مستوى الصورة، أو الديكورات، ولكن كذلك يمتد إلى نوعية القصص نفسها، والأزمات التي يقع فيها أبطالها، التي تقدم صورة ممسوخة عن العالم العربي، وهي مزيج من ممثلين يتكلمون باللهجات العربية المختلفة، وعقد وحبكات مكررة من أعمال أخرى موجودة بلغتها الأصلية على المنصة.

ففيلم عروستي على سبيل المثال مثل "البحث عن علا"؛ أبطاله لا يوجد لديهم مشاكل حقيقية، فكل أزمة صغيرة يمرون بها يتم حلها مباشرة في المشهد التالي، في ظل بيئة اجتماعية داعمة ومحبة، وآباء وأمهات خفيفي الظل، يحاولون مساعدة أبنائهم على طول الخط، ويعيش الجميع في بحبوحة مادية واضحة.

تحاول هذه الأعمال وضع نفسها في إطار "الأفلام المسلسلة الباعثة على الشعور بالراحة" (Feel Good Movies)، وهذه الأعمال لها قواعد شبه ثابتة، فهي تجمع بين الرومانسية والكوميديا، وفي بعض الأحيان يدخل بها الأكشن، وبالتأكيد نهايتها سعيدة بشكل ما، مع بطل وسيم وبطلة جميلة، ومهما تعقدت بهم الأمور يغلب على تعاملهم معها المرح.

ومن أشهر من قدم هذه الأفلام الممثل الأميركي توم هانكس بأفلام مثل "الساهر في سياتل" (Sleepless in Seattle) و"لديك بريد" (You’ve Got Mail) وغيرها، وتتميز هذه الأفلام والمسلسلات التي تنتمي لهذه الصيغة الدرامية بأنها مهما كانت خفيفة ومرحة إلا أن حبكتها تحمل عقدة حقيقية تحتاج إلى حلول صعبة وحواجز يجب على الأبطال اجتيازها ليصلوا إلى السعادة في النهاية.

وهنا يختلف الأمر عن الأمثلة العربية المذكورة هنا، التي نجد أن أبطالها لا يحتاجون إلى القيام بالتضحيات للفوز في النهاية، لأن كتّاب السيناريو لا يقدمون لهم أزمات حقيقية بالفعل، فتسير حياتهم من سهل إلى أسهل، فلا تصبح للنهاية السعيدة أي معنى بالنسبة للشخصيات أو المشاهد.

فيلم عروستي عمل يحاول إعادة الرومانسية الكوميدية للسينما مرة أخرى، لكن بأبطال محدودي الموهبة، وحبكة لا يمتلك صناعها الجدية الكافية لكتابة عقدة حقيقية وذروة وحل، فخرج في النهاية شبيها بمجموعة من الإعلانات التجارية التي تم نسجها على هيئة فيلم سينمائي.