تكرار البرامج الأكاديمية ومعدلات البطالة

الوقائع الاخبارية:بقلم: أ.د.يونس مقدادي

يلاحظ المتابعين للشأن الأكاديمي في الجامعات الأردنية بتسابق ملحوظ بتقدمها بطلبات فتح برامج أكاديمية جديدة وهذا حق مكتسب للجامعات في ظل رؤيتها الأكاديمية والاستراتيجية للإيفاء بسد إحتياجات السوق المحلي والأقليمي من الكوادر المؤهلة والمسلحة معرفياً ومهاراتياً وتطبيقياً وخاصةٍ في ظل التغير الملحوظ في إتجاهات سوق العمل نحو التخصصات التطبيقية والتقنية وغيرها والتي أصبحت ماسة وبشكلٍ مستعجل.

ولكن وبالرغم من ذلك لا زلنا نعاني من ارتفاع معدلات البطالة السنوية في أعداد الخريجين الكبيرة ومن كافة الدرجات العلمية والدليل على ذلك ما أشار اليه ديوان الخدمة المدنية مراراً بإن الكثير من التخصصات قد أصبحت راكدة، والسبب الحقيقي بإعتقادنا هو السماح لغالبية الجامعات الحكومية والخاصة بإستحداث نفس البرامج ونخشى بإن نرتكب نفس الخطأ دون النظر للعواقب المتوقعة في ظل ضخامة أعداد الخريجين المتوقعة ومحدودية فرص العمل المتاحة لهم محلياً وأقليمياً وبالتالي يصعب على الجميع إيجاد الحلول للخروج من مأزق البطالة.

قد نتفق جميعاً مع الاتجاه نحو إستحداث برامج جديدة وحديثة ولكن أن تكون بشكلٍ مدروس وبدقة وفقاً لخطط استراتيجية متوسطة وطويلة المدى لسد حاجة السوق المحلي بقطاعاته المختلفة مع الأخذ بعين الأعتبار الأعداد المطلوبة من الخريجين للفترة القادمة بدلاً من فتح عملية الإستحداث وبشكلٍ واسع لبرامج تحمل نفس الأسم والهدف أو ما شابه مما يقودنا بالتالي لإرتكاب نفس الأخطاء التي حصلت في السنوات الماضية والتي كانت نتائجها الكم الكبير من الخريجين العاطلين عن العمل.

إن أصل العلاقة التشاركية بين مؤسسات التعليم الجامعي وسوق العمل وغايتها هو توفير فرص العمل للخريجين، بإعتبار عملية التوظيف مسؤولية جميع الشركاء للحد من نسبة البطالة المتزايدة والتي أصبحت حديث ومعاناة الجميع. وعليه نرى بإن هناك العديد من المعالجات ومعروفة لدى المعنيين والمختصين وذوي الخبرة والتي تتمثل بالتركيز على التخطيط الاستراتيجي للتعليم الجامعي بالإعتماد على الدراسات الميدانية لقطاعات سوق العمل بغرض تحديد اعداد وانواع البرامج الأكاديمية المطلوبة، ووضع ضوابط وقيود محكمة لإستحداث برامج أكاديمية جديدة، وتوجيه الجامعات نحو برامج تتميز بها عملاً بما يسمى بالميزة التنافسية وليس التسابق نحو التماثل بالبرامج، وبناء جسور التقارب بين قطاعات سوق العمل والجامعات وإحتياجاته لتمكين الجامعات من غلق الفجوة بينهما لرفد أعداد من الخريجين ضمن الطاقة الاستعابية العامة لسوق العمل المحلي على الأقل مع العلم بإن الأسواق الأقليمية قد أصبحت مشبعة بحكم عدد جامعاتها الكبير.

نتطلع جميعاً وبشكلٍ مسؤول بالعمل على تنظيم عملية استحداث البرامج الأكاديمية في اطار مدروس ومنظم ضمن رؤى إستراتيجية حرصاً من الجميع كشركاء للحد من معدلات البطالة وأن نحذر من الوقوع بنفس الخطأ بما يسمى بالبطالة المقنعة، ونحن نفتخر بوجود قامات أكاديمية صاحبة خبرة واسعة ممن هم في موقع المسؤولية في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ومؤسساتها وفي جامعاتنا الأردنية وجميعهم على قدر من المسؤولية وبتطلعاتهم نحو بناء مستقبلٍ زاهر لمسيرة التعليم الجامعي وللخريجين ليسود الرخاء بإبعاده الأقتصادية، والاجتماعية، والشخصية، والنفسية ولصالح الجميع والمستقبل الذي تتطلع اليه الأجيال القادمة.