ثروة الشباب وآلم الاحباط

الوقائع الاخبارية:بقلم: أ.د.يونس مقدادي
تُعول المجتمعات بأركانها السياسية والأقتصادية والاجتماعية على فئة الشباب كثروة بشرية فاعلة وكنز حقيقي تتغنى بها المجتمعات نحو العالم وأحد الأصول الاقتصادية والاجتماعية والفكرية، ولايقل أهمية عن باقي المقدرات والأصول حال إستثمارها في جميع القطاعات، وهذا يدلل على أهمية هذه الفئة لما تتمتع به عن غيرها من إمكانيات وقدرات في توجيه بوصلة المجتمع نحو البناء والتغيير للنهوض بشتئ مناحي الحياة للمجتمع وعلى مختلف الصُعد.

واليوم نسمع ونقرأ من خلال وسائل الأعلام العالمية ونتائج الدراسات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية والتي آشارت بوضوح بمدى أهمية هذه الثروة متمثلة بدور الشباب المتعلم والمثقف في الغالب في نهضة المجتمعات وتحقيق بما يسمى بالنقلة النوعية لتصبح تلك المجتمعات في مصاف الدول المتقدمة وتحرير مجتمعاتهم اقتصادياً من الفقر إلى قوة اقتصادية ذات نفوذ ، وقدراتهم الابداعية وتحويلها إلى إختراعات والتي نسمع عنها في ظل قدراتهم الفكرية وتوجهاتهم نحو التكنولوجيا والتعامل معها والأمثلة كثيرة التاريخية منها والحاضرة، ناهيك عن حضورهم الملحوظ في عالم السياسة والاقتصاد والتعليم وغيرها مما أسهم بمجمله تغيراً ومنعطفاً محسوساً في مسارات الحياة نحو التغيير والتطور المنشود.

أن العناية والاهتمام بالشباب وتطلعاتهم وطموحاتهم مكسباً حقيقي للجميع والوصاية بحقهم واجب وطني حرصاً من الجميع بالتوجه نحو البناء والتسابق نحو التطور وذلك من خلال توظيف واستثمار هذه الطاقات الخلاقة للخروج من العديد من مآزق الحياة وصعوباتها والتي أصبحت تنهال تبعاتها على الكثير من المجتمعات والمعروفة للجميع و غالبيتها تصب في عدم تهيئة الظروف المناسبة أمام الشباب وعدم إعطائهم حقهم الكافي بالدخول والمشاركة الفاعلة في ميادين الحياة المختلفة لا بل أن تجاهل الشباب أفرز ظاهرة قاتمة وتحولاً مليء بالإحباط والتشاؤم وزيادة في نسب الكبت النفسي والسلوك غير المرغوب فيه.

أن ما يمر به الشباب من تحديات وصعوبات في تحقيق طموحاتهم وآمالهم المستقبلية إذ يتطلب من الجميع جملة من المعالجات لتغير حالهم ومنها وضع خطط وطنية إستراتيجية تحمل في طياتها حلولاً جذرية وليس مؤقته لتفعيل دورهم الحقيقي لخوض معترك الحياة الميدانية في كافة مفاصلها، بحيث تتضمن حلولاً قد تخفف وتسمح لهم بالمشاركة الفاعلة ونقترح منها الالتزام التام بنظام التقاعد المعمول في القطاعين العام والخاص وعدم تجاوزه مهما كانت الحالات أو المسميات لفسح المجال أمام الشباب للعمل على ضخ دماء جديدة، وإنشاء صندوق مالي خاص بالشباب لدعم مشاريعهم المبتكرة الصغيرة ذات الجدوى، وسن قانون يلزم شركات القطاع الخاص كشريك إستراتيجي كبير لغايات التوظيف ومضمونه الربط ما بين عدد الموظفين برأسمال، وتوجيه الرأي العام أعلامياً لحث الشباب على العمل لاستثمار طاقاتهم وفقاً للفرص المتاحة مع التركيز على إزالة ثقافة العيب في كثير من المهن، وتعديل سياسات الحد الأدنى للأجور ونخص شركات القطاع الخاص بما يتوافق مع ظروف الحياة المعيشية ومتطلباتها، ودفع الشباب نحو المشاريع الصغيرة الريادية والتي تُعد من أهم القطاعات الاقتصادية في كثير دول العالم بدلاً من الوظيفة وغيرها من الحلول الممكن العمل بموجبها.

أن الإهتمام بحل مشاكل الشباب نحو استثمار هذه الثروة الهائلة من المفترض أن تكون من سلم الأولويات حال إذا تطلعنا بإخلاص نحو مستقبلٍ أفضل وذلك بتوفير فرص العمل وتوظيفهم لتكون هذه الثروة بمثابة المفتاح الحقيقي لإزالة الكثير من معوقات المجتمع وإذابة حالات الإحباط والتذمر لديهم والتي ستكون بالتالي نقطة تحول نحو التنمية المستدامة وذلك من خلال التشاركية التي نتطلع إليها ومن الجميع للمساهمة في حل مشاكل الشباب وتعزيز مكانتهم ودورهم الفاعل في بناء المجتمع عبر الأجيال وأن لا نبقى نتخندق بمقولة محدودية الفرص والموارد.