ربع قرن على اتفاقية الاتحاد الجمركي بين تركيا والاتحاد الأوروبي.. لماذا تصر أنقرة على تحديثها؟
الوقائع الاخبارية : في الذكرى الـ27 لتوقيع اتفاقية الاتحاد الجمركي المعمول بها منذ ربع قرن بين الاتحاد الأوروبي وتركيا تتواصل مساعي الأخيرة لتحديثها، فما قصة هذه الاتفاقية؟ ولماذا تطالب أنقرة بتحديثها؟ وما هي التحديثات المقترحة، إذ تعد تركيا الدولة الوحيدة في اتفاق الاتحاد الجمركي التي لا تملك عضوية في الاتحاد الأوروبي؟
الاتحاد الجمركي
"الاتحاد الجمركي" هي اتفاقية تتيح تداول سلع الدول الأطراف بحرية داخل منطقة جمركية واحدة خالية من جميع أنواع التعريفات الجمركية والضرائب المعادلة، ويطبق الطرفان نفس معدلات التعرفة الجمركية ونفس السياسات التجارية للواردات من البلدان المشاركة في الاتفاقية، وتعد هذه الاتفاقية نموذجا أكثر تقدما مقارنة بمناطق التجارة الحرة.
وعقب مفاوضات استمرت بين تركيا والاتحاد الأوروبي لمدة عامين وبموجب قرار اجتماع مجلس الشراكة في 5 مارس/آذار 1995 دخلت اتفاقية الاتحاد الجمركي بين تركيا والاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ في الأول من يناير/كانون الثاني 1996.
وبموجب الاتفاقية، ألغيت الرسوم الجمركية في تجارة السلع الصناعية، وأُلغي تقييد كميات البضائع، وبدأ تطبيق تعرفة جمركية مشتركة للدول الخارجية.
وكان من المقرر أن تكون الاتفاقية تطبيقا للمرحلة الانتقالية قبيل انضمام تركيا الكامل إلى الاتحاد الأوروبي، إلا أنه استمر تطبيقها لفترة أطول مما كان متوقعا، إذ إنها مستمرة منذ أكثر من 26 عاما، الأمر الذي يجعلها أقرب إلى نظام شراكة.
تحديث الاتفاقية
وتتكثف الاتصالات والجهود من أجل تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي بين تركيا والاتحاد الأوروبي، وخلال العام الماضي عقدت أنقرة عشرات اللقاءات مع مؤسسات الاتحاد المختلفة من أجل تحديث شروط الاتفاقية، بتوسيع قائمة السلع والمنتجات التي تضم حاليا المنتجات الصناعية والزراعية المصنعة فقط.
وفي حال تحديث شروط الاتفاقية وتوسيع نطاقها:
ستشمل المنتجات الزراعية والخدمات والمشتريات العامة، فضلا عن تطوير الامتيازات الزراعية بشكل متبادل.
ستتمكن تركيا من دخول الأسواق الداخلية للاتحاد بالكامل، والذي يعد أكبر تكتل تجاري في العالم، مما يسمح للبضائع والخدمات التركية جميعها بأن تتدفق إلى دول الاتحاد دون عوائق.
وبحسب الحكومة التركية، فإن اتفاقية الاتحاد الجمركي التي مضى وقت طويل على العمل بها تحوي العديد من المشاكل والعوائق، كما أنها غير مناسبة للظروف التجارية والاقتصادية للقرن الـ21، فضلا عن مساهمتها في النهوض بالعلاقات التجارية لمستويات متقدمة.
وقال وزير التجارة التركي محمد موش إن "عملية تحديث الاتحاد الجمركي ستحقق فوائد اقتصادية للجانبين من خلال تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين تركيا والاتحاد الأوروبي".
من جهته، أكد رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى تركيا السفير نيكولاس ماير لاندروت خلال اجتماع لغرفة تجارة أنقرة أن المباحثات التقنية بين المسؤولين الأتراك ونظرائهم لدى الاتحاد الأوروبي متواصلة بخصوص تحديث الاتفاقية، مشيرا إلى أن تركيا جزء مهم في السلسلة الصناعية الأوروبية.
بدورها، قالت بيرنا كوزباشي منسقة مجالس الأعمال التركية الأوروبية في مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية في تركيا لوكالة الأناضول إن "تناول مواضيع مثل الخدمات والمنتجات الزراعية والمشتريات العامة والرقمنة والطاقة الخضراء في مفاوضات تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي ستنقل هذه الاتفاقية إلى نقطة مختلفة تماما".
وشددت كوزباشي على أن تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي يأتي على رأس جدول أعمال المجلس الذي يسعى إلى تسهيل العمل في عالم الأعمال وتحقيق الربح المتبادل والمصالح التجارية للجانبين التركي والأوروبي.
مكاسب تحديث الاتفاقية
وفي السياق، ذكر متين أيرول أستاذ الاقتصاد والتمويل في جامعة أرتوكلو أنه من شأن التحديثات التي تطالب تركيا بإجرائها على اتفاقية الاتحاد الجمركي أن تلعب دورا مهما في تقليص العجز بالميزان التجاري بين تركيا ودول الاتحاد الأوروبي، إذ بلغت نسبة الصادرات إلى الواردات في التبادل التجاري بين الطرفين العام الماضي نحو 95.4%.
وقال للجزيرة نت "يوفر الاتحاد الأوروبي -الذي يضم سوقا استهلاكيا كبيرا وشفافا وحواجز تجارية أقل وتشريعات تجارية أكثر انفتاحا وبنى تحتية حديثة ومتطورة تتيح نقل المنتجات والخدمات بسرعة وأمان- فرصا ذهبية أمام الشركات والمصانع التركية العاملة بالتصنيع والتصدير".
ويعتبر الاتحاد الأوروبي ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة، إذ يبلغ الناتج المحلي الإجمالي 17.1 تريليون دولار، الأمر الذي يوفر فرصا لا حصر لها للشركات التركية العاملة في التصدير، وفقا لأيرول.
العلاقات التجارية
ومنذ بدء العمل باتفاقية الاتحاد الجمركي عام 1996 تزايد حجم التبادل التجاري بين تركيا ودول الاتحاد الأوروبي بشكل تدريجي، ومع مجيء حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم في تركيا عام 2002 اكتسب التبادل التجاري بين الجانبين زخما كبيرا وصل نهاية العام الماضي إلى نحو 143 مليار دولار.
و"في عام 2021 حققت تركيا رقما قياسيا في تاريخ الجمهورية بحجم صادرات بلغ 225.4 مليار دولار، ذهبت 41.3% منها إلى بلدان الاتحاد الأوروبي"، وفقا لتصريح بيرنا كوزباشي.
ويستمر الاتحاد الأوروبي في كونه الشريك التجاري الأهم لتركيا، إذ إنها تحتل المرتبة السادسة في ترتيب الدول المصدرة له بحصة بلغت 3.7% من إجمالي واردات دوله.
وبحسب أرقام عام 2020، بلغت ورادات تركيا من الاتحاد الأوروبي نحو 73 مليار دولار، أي ما نسبته 33.4% من إجمالي وارداتها التي بلغت 219 مليار دولار.