فيلم "ملاذكرد 1071".. معركة انتصر فيها ألب أرسلان وفتح الطريق أمام تأسيس تركيا

الوقائع الاخبارية : بمشهد ارتداء السلطان السلجوقي ألب أرسلان كفنه الأبيض، وخطبته الحماسية في الجيش التي أشعلت مشاعر الجهاد، بدأت أحداث فيلم "ملاذكرد 1071" الذي يصور وقائع معركة ملاذكرد بين السلاجقة والبيزنطيين حيث دارت رحاها عام 1071، وتعرضه حاليا دور السينما في تركيا.

وبانطلاق المعركة وهجوم أرسلان على مقدمة الجيش البيزنطي بهجومٍ سريع، وتقهقر قوات النخبة ووقوع الإمبراطور البيزنطي رومانوس ديوجينيس الرابع في الأسر، ثم العودة إلى كيفية تولية أرسلان الحكم واستتبابه وسط صراعات داخلية، استكمل الفيلم مشاهد على مدار 148 دقيقة، حظيت بتفاعل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي.

تأجيل التصوير
الفيلم من إخراج بلال كاليونجو وأوزغور بكار، وسيناريو كل من ألبر قولجم وبلال كاليونجو وأوزغور بكار.

النجم جنكيز جوكشون، ويسميه متابعوه "تورغوت" لحبهم الشديد لهذه الشخصية (تورغوت ألب) الذي ظهر في مسلسل قيامة أرطغرل، يؤدي شخصية "أرسلان" بالفيلم، بالإضافة لممثلين مشاهير أمثال ولدان أطاساور، خلوق بيس، جانر قورتاران.

واكتملت أعمال التصوير في 7 أسابيع، وهو من إنتاج هيئة الإذاعة والتلفزيون التركية "تي آر تي" (TRT) وشركة "2506 سينما". وكان من المقرر عرضه عام 2020 لكن تم التأجيل بسبب جائحة كورونا وإغلاق دور السينما.

ويروي الفيلم وقائع المعركة التي جرت في منطقة ملاذكرد بمحافظة موش شرق تركيا، حيث فتح انتصار السلاجقة بقيادة أرسلان، في هذه المعركة، الطريق أمام الأتراك للتقدم في آسيا الصغرى، التي باتت تعرف حاليا باسم تركيا، وشكل منعطفا تاريخيا في المنطقة.

وبحسب حديث المخرج فإن "هذه المعركة مهمة للغاية للأتراك". وقال إنهم أولوا تنفيذ الفيلم اهتماما كبيرا من الناحية الفنية واختيار الأزياء والديكور والأماكن المناسبة لتصوير المشاهد.

وأضاف "حرصنا على أن نعكس هذه المعركة لشعبنا بأفضل طريقة، وقد قام العديد من المتخصصين في التاريخ بعملية مراجعة دقيقة خلال الإعداد للفيلم".

تركيا وملاذكرد
وتحرص تركيا على تجسيد معاركها وتقديمها في أعمال درامية وسينمائية، فعلاوة على الفيلم، أنتجت مسلسلا بعنوان "صحوة السلاجقة: ألب أرسلان" يعرض حاليا على شاشة قناة "تي آر تي 1".

وبحسب رئيس بلدية موش، فقد تم عرض سيناريو الفيلم على الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الذي يهتم بإنتاج الأعمال الدرامية التي تحكي تاريخ تأسيس الدولة العثمانية أو تلك التي تعكس السياسة التركية.

وقال أردوغان -في تصريحات صحفية- إن الأجداد وضعوا من خلال انتصار "ملاذكرد" أسس حضارة مثّلت العدل والرحمة والسلام، مؤكدا أن الجمهورية التركية ثمرة مقاومة ملحمية ضد أقوى دول العالم، وقامت على أسس متينة وضعت مع انتصار "ملاذكرد".

وشدد الرئيس على أن تمسك الشعب التركي بهذه الأرض منذ نحو ألف عام، رغم جميع الهجمات الداخلية والخارجية، وهذا بفضل "روح ملاذكرد".

المعركة
في معركة ملاذكرد واجه جيش السلطان أرسلان، المكون من 50 ألف مقاتل، الجيش البيزنطي البالغ 200 ألف، وفي 26 أغسطس/آب 1071 وبعد أداء صلاة الجمعة مع جيشه، ارتدى ثوبا أبيض تعبيرا عن الكفن وقال "إذا مت، فليكن هذا الثوب كفني".

ثم قال قولته الشهيرة: نريد الانقضاض على العدو خلال هذه الساعات التي تلهج فيها مساجد المسلمين بالدعاء لنصرنا، فإذا انتصرنا في هذه المعركة فسنكون قد حققنا النتيجة المرجوة، وإذا هُزمنا فستكون الجنة مأوانا.

وتابع "اليوم، لا سلطان يأمر ولا جندي يؤمَر. سأقاتل معكم كواحد منكم. أولئك الذين يريدون أن يأتوا معي ليتبعوني، والذين لا يريدهم يمتلكون حرية العودة من حيث أتينا".

وفي السياق، ذكر محمد أويماك نائب رئيس مؤسسة الأدب والثقافة التركية أن خطاب أرسلان قبيل المعركة يدل على الروح الإيمانية المرتفعة التي تمتع بها السلطان، ومن كان معه من مقاتلين يوم ملاذكرد، وقد منحت هذه الدوافع العزيمة والإصرار على النصر.

وقال أويماك للجزيرة نت "في الحرب التي بدأت بعد صلاة الجمعة واستمرت حتى المساء، استخدم أرسلان التراجع الوهمي، وهو تكتيك تركي كلاسيكي، وتمكن من خلاله من إلحاق الهزيمة بالجيش البيزنطي".

ولفت إلى أن أحداث المعركة الدراماتيكية أعطت فرصة ممتازة للمخرج من أجل تقديم مشاهد قوية ومؤثرة خطفت انتباه المشاهد من بداية الفيلم حتى آخره.

من هو أرسلان؟
هو أحد أعظم حكام الدولة السلجوقية، تمكن من إلحاق الهزيمة بالجيش البيزنطي في معركة "ملاذكرد" وفتح أبواب الأناضول أمام الأتراك عام 1071، من خلال تصميمه وشجاعته وإيمانه وبعد نظره وإستراتيجياته الحربية التي طبقها.

إنه السلطان محمد ألب أرسلان، الذي تولى حكم الدولة السلجوقية عام 1064 خلفا لعمه طغرل بك، وتمكن بنجاح من توجيه الفتوحات التركية نحو الأناضول، وكان له ذلك في الـ 42 من عمره.

وتشير المصادر التاريخية إلى أن أرسلان كان شخصا مهيبا، وكان ذا سهم صائب، توفي عقب حملة شنها على سمرقند بعد عودته من معركة ملاذكرد.

ويقول الأديب والمؤرخ التركي أويماك إنه منذ عام 1064، عندما اعتلى السلطان أرسلان عرش الدولة السلجوقية، بدأ بتوجيه سياسات دولته نحو الغرب.

وأضاف "تمتع السلطان أرسلان بقدرات قيادية تسمح له باتخاذ القرارات الحاسمة والمفاجئة والسريعة، فهو مثال نادر على الشجاعة في التاريخ أن يقوم حاكم بالدخول في حرب قد تكون خاسرة بالمفهوم العسكري، فجيشه كان يتكون من 50 ألف مقاتل، فيما يفوقه جيش العدو بأربعة أضعاف".