روبن هود الرقمي.. كيف دافعت أنونيموس عن أوكرانيا في الحرب السيبرانية الأخيرة؟
الوقائع الاخبارية : أعلن حساب شهير على تويتر باسم "أنونيموس" (Anonymous) منذ أكثر من 3 أسابيع أن مجموعة الناشطين الغامضة تشن "حربا إلكترونية" ضد روسيا.
ومنذ ذلك الحين، أعلن الحساب -الذي يضم أكثر من 7.9 ملايين متابع- مسؤوليته عن تعطيل مواقع الحكومة الروسية والأخبار والشركات وتسريب البيانات من كيانات مثل "روشكومنادزور" (Roskomnadzor)، الوكالة الفدرالية المسؤولة عن فرض رقابة على وسائل الإعلام الروسية.
لكن هل أي من هذه الادعاءات صحيح؟
يبدو كذلك، كما يقول جيريمايا فاولر، المؤسس المشارك لشركة الأمن السيبراني "سيكيوريتي ديسكافري" (Security Discovery) الذي عمل مع باحثين في شركة "ويبسايت بلانت" (Website Planet) على الويب لمحاولة التحقق من ادعاءات المجموعة.
وكتب فاولر في تقرير يلخص النتائج "لقد أثبتت أنونيموس أنها مجموعة قادرة جدا على اختراق بعض الأهداف عالية القيمة والسجلات وقواعد البيانات في الاتحاد الروسي".
قواعد البيانات المخترقة
وقال فاولر إنه من بين 100 قاعدة بيانات روسية تم تحليلها، تم اختراق 92 منها.
وكانت المعلومات في القائمة ترجع إلى تجار التجزئة ومقدمي الإنترنت الروس والمواقع الحكومية الدولية، بما في ذلك "كومنولث" الدول المستقلة، أو رابطة الدول المستقلة، وهي منظمة مكونة من روسيا ودول سوفياتية سابقة أخرى تم إنشاؤها في عام 1991 بعد سقوط الاتحاد السوفياتي.
واحتوت قاعدة بيانات أخرى مخترقة على أكثر من 270 ألف اسم وعنوان بريد إلكتروني.
وقال فاولر "نعلم حقيقة أن المتسللين اكتشفوا وربما وصلوا إلى هذه الأنظمة.. لكن لا نعرف ما إذا تم تنزيل البيانات أو ما الذي يخطط المتسللون لفعله بهذه المعلومات".
وأضاف أن قواعد البيانات الأخرى تحتوي على معلومات أمنية وكلمات مرور داخلية و"عدد كبير جدا" من المفاتيح السرية، والتي تفتح البيانات المشفرة.
وفيما يتعلق بما إذا كان هذا من عمل أنونيموس، قال فاولر إنه اتبع ادعاءات أنونيموس "والجدول الزمني يتطابق تماما مع ما ذكروه"، على حد قوله.
البث التلفزيوني والمواقع الإلكترونية المخترقة
وزعم حساب تويتر، المسمى "يور آنون نيوز" (Your Anon News)، أنه اخترق محطات التلفزيون الحكومية الروسية، وأنه عطّل مواقع إلكترونية لمنظمات ووكالات إعلامية روسية كبرى، مثل شركة الطاقة "غازبروم" (Gazprom) ووكالة الأنباء "روسيا اليوم" (RT) التي ترعاها الدولة.
وقال فاولر "أقرت العديد من هذه الوكالات بأنها تعرضت للهجوم"، ووصف هجمات رفض الخدمة التي تهدف إلى تعطيل مواقع الويب عن طريق إغراقها بالمرور بأنها "سهلة للغاية".
تم إغلاق هذه المواقع والعديد من المواقع الأخرى في الأسابيع الأخيرة، ولكن قيل إنها مستهدفة أيضا من قبل مجموعات أخرى، بما في ذلك حوالي 310 آلاف متطوع رقمي اشتركوا في حساب "تليغرام" تحت مسمى "جيش تكنولوجيا المعلومات في أوكرانيا".
ادعاءات كاذبة
وقال فاولر إنه لم يجد أي حالات بالغت فيها أنونيموس في ادعاءاتها، مشيرا إلى أن مجموعة أنونيموس، تكرس نفسها أكثر لـ"القضايا" العالمية أكثر من النشاطات السيئة السمعة التي ترتبط عادة بقراصنة الإنترنت.
بدوره، يقول لوتيم فينكلشتاين رئيس استخبارات التهديدات والأبحاث في شركة الأمن السيبراني "تشيك بوينت سوفتواير تكنولوجيز" (Check Point Software Technologies) إن الادعاءات الكاذبة تحدث مع مجموعات قرصنة ناشطة أخرى.
فقد زعمت جماعة موالية لأوكرانيا في الأسابيع الأخيرة، أنها خرقت مفاعلا نوويا روسيا، وقالت جماعة موالية لروسيا إنها أغلقت موقع أنونيموس على الإنترنت. وخلصت تشيك بوينت إلى أن كلا الادعاءات كاذبة.
وقال فينكلشتاين إن المجموعات تقدم ادعاءات كاذبة عن طريق نشر معلومات قديمة أو متاحة للجمهور لكسب الشهرة.
روبن هود السيبراني
قال بول دي سوزا، مؤسس مبادرة منتدى الأمن السيبراني غير الربحي، إن المتسللين الذين يقومون بأنشطة هجومية شبيهة بالحرب السيبرانية من دون سلطة حكومية ينخرطون في أعمال إجرامية.
وعلى الرغم من ذلك، يشجع العديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي جهود أنونيموس، حيث تتلقى المجموعة العديد من مشاركات الإعجابات ورسائل الدعم.
وقال فاولر "إنهم يشبهون روبن هود الإلكتروني تقريبا، عندما يتعلق الأمر بالقضايا التي يهتم بها الناس حقا، والتي لا يمكن لأي شخص آخر فعل أي شيء بشأنها"، وتابع "تريد العمل الآن، وتريد العدالة الآن، وأعتقد أن مجموعات مثل أنونيموس والناشطين في مجال القرصنة الإلكترونية يمنحون الناس هذا الرضا الفوري".
من جهتها، قالت ماريان بيلي، شريكة الأمن السيبراني في شركة "غايد هاوس" (Guidehouse) الاستشارية والمسؤولة التنفيذية السابقة للأمن السيبراني في وكالة الأمن القومي الأميركية، إن العديد من مجموعات نشطاء القرصنة لديها قيم قوية. وقالت إن النشاط السيبراني وسيلة منخفضة التكلفة بالنسبة لهم للتأثير على الإجراءات الحكومية والشركات.
ووصفت بيلي هذه الاختراقات بأنها "طريقة الاحتجاج في القرن الـ21″، ومع ذلك، فإن تشجيعهم على هذه الأعمال يمكن أن يكون خطيرا في "ضباب الحرب"، على حد قولها.
وقالت إن الحرب الإلكترونية يمكن أن تكون أرخص وأسهل وأكثر فاعلية وأسهل في الإنكار من الحرب العسكرية التقليدية، وأنها ستزداد بمرور الوقت.
وأضافت "مع وجود المزيد من الأجهزة المتصلة بهذا النظام البيئي الرقمي العالمي، تستمر فرصة التأثير في التوسع.. ستُستخدم بلا شك في كثير من الأحيان في النزاعات المستقبلية".