إربد عاصمة الثقافة العربية.. بانوراما الحدث وقبلة المثقفين

تستحق إربد، كل جميل، فهي المدينة الرشيقة والعتيقة، التي تحاكي التاريخ منذ آلاف السنين، وهي التي زرعت في الوجدان الإنساني حكايات سطرها التاريخ، منذ بدء التكوين، إلى وقتنا الراهن.. فكم من الحضارات سادت ثم بادت، وسادت ثم بادت بشكل متتابع دونما انقطاع..

إربد الآن، تدخل مربع النهوض من جديد، وتدخل في مارثون الثقافة بعد أن أعادت تموضعها بين المدن العربية، بشكل يليق بمدينة الحالمين.. وإربد، بكل أناقة حضورها المكاني القديم، ورشاقة تاريخها العتيق، وبعدها الإنساني الحامل للقيم النبيلة، لم تتفاجأ من تتويجها عاصمة للثقافة العربية، بين اشقائها المدن الأردنية والعربية، بقدر ما كان خبر التتويج استحقاق مكاني وتاريخي وثقافي ووجداني، وهي التي _أي المدينة_ نالت شرف الحضور التاريخي عبر محطات كثيرة وعصور عدة..

لكن.. ما الذي تريده المدينة الآن، بعد هذا التتويج العربي بترشيح من منظمة الأمم المتحدة للتراث؟

لنتحدث بصراحة، ونحن على أبواب الاحتفالية ببتويج المدينة، الذي من المؤمل أن يكون في شهر آيار المقبل، وبتزامن مع احتفالية المملكة بعيد الاستقلال.. الاحتفال بعاصمة الثقافة لا يكفي أن نتقدم بمشاريع «ثقافية» تتعلق بمعرض للأثواب المطرزة على أهميتها، ولا يكفي أن تقام امسيات الشعر والقصة والرواية والفن التشكيلي على أهمية كل ما ذكر..

عملياً، الاحتفالية العابرة المحددة بوقت زمني لا يتعدى أيام، غير كافية لأن تترك بصمة في تاريخ المدينة..

لنتحدث بصراحة.. تتحمل كافة الجهات الرسمية المعنية، والمؤسسات الربحية في المحافظة، وبلدية إربد الكبرى، المسؤولية الجمعية للنهوض بالمدينة، والعمل ضمن احتفالية عاصمة الثقافة العربية، بشكل تعاوني ومخطط، وليس على نظام «الفزعات» بقصد إعادة الجانب الوجداني والمكاني والتراثي، بعد أن فقدت المدينة الكثير من مقومات حضورها وخصوصاً وسط المدينة العتيقة، الذي أزيل منه مبان تراثية، كان يتوجب على البلدية شراء تلك البيوت من مالكيها للمحافظة عليها، كجزء من إرث المدينة واستثمارها بما يتفق مع تاريخها لاغراض تحاكي إرث المدينة..

لنتحدث بصراحة.. منزل المرحوم المجاهد علي خلقي الشرايري استملكته البلدية بقصد تحويله إلى متحف لكن الإهمال واليتم ما زالا يحومان بالمكان.. بيت النابلسي ليس أكثر من دائرة حكومية.. بيت جمعة العطار ما زالت حجارته ونوافذه تضع «اليد ع الخد».

وكثير من مشروعات تحدثت عنها البلدية لكن، مجرد تنظير وكلام وحبر على ورق..!

لنتحدث بصراحة.. مشاريع ثقافية قدمت إلى المكتب التنفيذي للعاصمة الثقافية، في غالبيتها مشاريع عابرة ومدتها ساعات أو ٣ أيام وتنتهي دون اثر او بصمة..

لنتحدث بصراحة.. لندع المشروعات المحكومة بمصالح ضيقة جانبا، ولنوسع دائرة التوثيق لمدينة اربد التي نحتفي ببتويجها عاصمة للثقافة العربية..

لنتحدث بصراحة وانتماء لمدينة عانت من ظلم ذوي القربى.. إربد تحتاج إلى (بانوراما) قرية تراثية على أطراف المدينة، تحكي عن إرثها وتاريخها ونضالها وثقافتها وبيادرها، وقمحها.. ما تحتاجه المدينة أن «نمسح الدمع عن خديها»، ونعيد ألقها المفقود.. والأمر لا يحتاج إلى عصاً سحرية، بقدر ما تحتاج المدينة إلى قرار من قبل ذوي القربى حتى نرفع الظلم عن كاهلها والدمع عن خديها..!