بعد "باتمان".. هل نشاهد عالما موازيا من أفلام الأبطال الخارقين الأكثر جدية؟
الوقائع الاخبارية : كان العالم ينتظر على أحر من الجمر فيلم "باتمان" (The Batman)، من إخراج مات ريفز، متوقعا رؤية مختلفة لشخصية البطل الخارق المقنع الأكثر شهرة وجدّية، بخاصة بعد التقديم الشديد التواضع الذي قدمه المخرج زاك سنايدر مع الممثل بن أفليك في أفلام "عالم دي سي السينمائي الممتد" (DCEU)، وأتى الفيلم الجديد من بطولة روبرت باتينسون ليثبت أنه يستحق كل هذا الانتظار.
فكل من الإخراج وأسلوب التناول والتمثيل والموسيقى التصويرية استطاع إثارة إعجاب الجمهور والنقاد، وحقق الفيلم إيرادات قدرها 603 ملايين دولار حتى الآن، مع تقييم على موقع "الطماطم الفاسدة" (Rotten Tomatoes ) بلغ 85%، وفي الوقت ذاته فتح هذا النجاح الكبير بابًا لبدء عالم سينمائي مواز جديد لأفلام "دي سي" (DC).
عالم دي سي السينمائي الجديد
في الألفية الجديدة، ومع انتشار فكرة العوالم السينمائية الممتدة مثل "عالم مارفيل السينمائي" (MCU) دخلت شركة "دي سي" -التابعة لـ"وارنر براذرز" وصاحبة حقوق الكثير من شخصيات الأبطال الخارقين الشهيرة مثل باتمان وسوبرمان- الساحة السينمائية بسلسلة من الأفلام بدأتها بـ"الرجل الحديدي" (Man Of Steel) عام 2013.
ولكن على عكس النجاحات الكبيرة التي حصدتها مارفيل في كل خطوة ومع كل فيلم جديد، كانت أفلام "دي سي" متذبذبة المستوى، ولم يتلق الجمهور أغلبها بوجه حسن، وعانت من الارتباك وسوء الإدارة، وأصبح أداؤها لغزًا كبيرًا، فكيف تلاقي شركة الإنتاج الكبيرة صاحبة أهم شخصيات الأبطال الخارقين، والقادرة على استقطاب أهم النجوم، هذه الإخفاقات المتكررة؟
جزء كبير من هذا الفشل يرجع إلى محاولة أفلام "دي سي" مسخ شخصياتها لتتلاءم مع أسلوب أفلام مارفيل، بإضفاء طابع من الخفة والحيوية لا يوجد في الأساس في بناء شخصيات مظلمة مثل باتمان أو تعاني من أزمة وجودية مثل "سبايدرمان"، فكانت النتيجة غير مرضية سواء لمحبّي أفلام الأبطال الخارقين، أو للقاعدة العريضة من معجبي شخصيات "دي سي".
جوكر وبداية جديدة
ظهر هذا بوضوح عام 2019 مع فيلم "جوكر" (Joker)، من إخراج تود فيليبس، الذي عُدّ واحدا من أفضل أفلام الأبطال الخارقين، ومن أهم أعمال هذا العام، وفاز بطله واكين فينكس بجائزتي أوسكار لأفضل ممثل في دور رئيسي، وأفضل ممثل من مهرجان فينيسيا السينمائي، وقدم صورة شديدة القتامة لمدينة غوثام، لكن في عصر سابق لباتمان، وبداية مع شخصية جوكر الأناركي الشهير الذي من المفترض أن تتقاطع دروبه في المستقبل مع الرجل الوطواط.
أسهم هذا النجاح الكبير في التفكير بإعادة إطلاق "دي سي" لشخصية باتمان، مع ممثل جديد ورؤية إخراجية مختلفة، ومن هنا بدأ مشروع مات ريفز، واختيار روبرت باتينسون. ومع رغبة المخرج في حرية إبداعية أكبر، طلب الابتعاد بأحداث الفيلم وطبيعته عن عالم دي سي السينمائي الممتد، وقدم فيلمًا أقرب ما يكون إلى عالم جوكر الفيلمي، وانغمس في الطبيعة المعقدة لشخصية الرجل الوطواط، مع أكثر من شخصية أيقونية من هذا العالم المقتبس من القصص المصورة، مثل "ريدلر رجل الألغاز"، و"البنغوين" أو الرجل البطريق، لكن قبل نهاية الفيلم ظهرت بالصوت فقط شخصية أخرى شهيرة جدا هي جوكر، وذلك جعل كثيرين يتساءلون: هل نحن بصدد مزج بين فيلمي جوكر وباتمان؟
عوالم فنية متداخلة
في الحقيقة الإجابة نعم ولا! فقد أُعلن بالفعل عن جزأين قادمين من أفلام باتمان مع الممثل ذاته والمخرج ذاته، في حين يعدّ العمل ثلاثية جديدة لشخصية الرجل الوطواط منفصلة عن عالم دي سي السينمائي الممتد، وفي الوقت ذاته سيُفرد مسلسل لشخصية "ذا بنغوين/الرجل البطريق" التي لاقت نجاحًا كبيرًا في الفيلم السينمائي بعدما قدمها الممثل كولن فاريل، ليصنع كل ذلك ما يشبه عالمًا فنيًّا موازيًا مثل مشروع مارفيل ومسلسلاته المتعددة الجديدة، ولكن بشكل أكثر جدية وقتامة ويتلاءم مع طبيعة شخصيات قصص دي سي المصورة.
ولكن هذا العالم لن يتقاطع مع فيلم جوكر، من إخراج تود فيليبس وبطولة واكين فينكس، وكان هذا واضحًا باختيار الممثل باري كوجان ليقدم صوت وظل جوكر في نهاية فيلم "باتمان"، الشخصية التي ظلت غامضة حتى أعلن المخرج لاحقًا أنه بالفعل جوكر، وأنه سيكون جزءا من عالم باتمان القادم من إخراجه.
جوكر هذا العالم مظهره مستلهم أكثر من القصص المصورة، بالشعر المرفوع إلى الأعلى والوجه المغضن بعيدًا عن المظهر الذي اختاره تود فيليبس لجوكر فيلمه الأقرب إلى الطبيعية ولم يضع مكياجه الشهير سوى مع قرب النهاية.
وأعلنت "وارنر" عن استمرار العالمين السينمائيين لأفلامها بشكل متواز لا يتقاطع، لكن ذلك لم يحل بعد لغز الممثل الجديد الآتي ليقدم دور باتمان في العالم السينمائي الممتد الذي يحمل شخصيات مثل وندر وومان وسوبرمان، وقد أعلن الممثل بن أفليك أنه لن يعود لهذا الدور، فمن يكون إذن باتمان عالم دي سي الأصلي القادم؟