سيدي عمر.. فيلم فلسطيني يجسد قصة معتقل أمضى نصف حياته بسجون الاحتلال
الوقائع الاخبارية : مداهمة للمنازل في جنح الظلام واعتقالات وتحقيق، يجسدها الفيلم الفلسطيني "سيدي عمر"، الذي يحكي القصة الحقيقية للأسير الفلسطيني الستيني عمر صالح البرغوثي، المعروف فلسطينيا بــ"أبو عاصف البرغوثي".
عاش البرغوثي 18 عاما داخل المعتقل أسيرا إداريا، أي أنه معتقل دون تهمة واضحة، وبوجود ملف أمني سري لا يريد الاحتلال كشفه، وذلك من أصل 30 عاما أمضاها في السجن، وختم حياته باستشهاد نجله صالح، الذي رد عليه شقيقه عاصم بعملية فدائية قتل فيها جنودا إسرائيليين.
عنفوان الفلسطيني
يمتد الفيلم على مدار 50 دقيقة، وشارك فيه قرابة 18 ممثلا فلسطينيا، و15 فنيا، وصور في جنين ونابلس وقراها وسجن جنيد التابع للشرطة الفلسطينية، ليحاكي المعتقلات الإسرائيلية.
ويعرض الفيلم، الذي كتب قصته والسيناريو الكاتب الفلسطيني وليد الهودلي، سيرة مناضل وقائد فلسطيني هو عمر البرغوثي، على مدار 6 عقود من حياته وهو مشتبك مع المحتل قضى نصفها أسيرا، بالرغم من التنكيل والاعتقال والملاحقة.
وتظهر تجليات الفيلم من خلال مشاهد إجرامية يمارسها الاحتلال بشكل دائم ويعرفها الفلسطيني جيدا، ولكن تم توثيقها بمشاهد حية تؤثر في كل من يتابعها.
مشاهد مؤلمة
ويظهر خلال الفيلم مداهمة المنازل ليلا، واقتحام مستشفى واعتقال مريض ومشاهد الزنازين، وموائد رمضان التي يغيب عنها الأعزاء والأحباب لعشرات السنوات، وتظهر الزوايا المظلمة من الحياة الفلسطينية في ظل الاحتلال الذي يريدهم قطيعا يسوقه كيفما يشاء، ويد عاملة رخيصة تعمل لخدمته.
ويقول الهودلي للجزيرة نت، إن هناك 3 رسائل لفيلم "سيدي عمر"، الأولى للشارع الفلسطيني بوجوب الصمود والتحدي والعنفوان في وجه المحتل.
والرسالة الثانية للمحتل، الذي يذكره الفيلم بعواقب الظلم والعدوان، والثالثة للمجتمع الدولي، الذي يجب أن يعرف أن الفلسطيني ضحية، ولكن بروح إنسانية عالية، وفق الهودلي.
أراد كاتب القصة أن يعرّف المشاهد قدر الشهداء، والعنفوان الفلسطيني العالي الذي يجسده الأسرى، في مواجهة عدو يصوره الفيلم بأنه مجرم وسادي، وكيف حقق البرغوثي الانتصار -ولو معنويا- بعدما نفذ نجله عاصم عملية ثأر لدم أخيه الشهيد صالح.
وكأن عمر البرغوثي، وجد حريته بين حبساته الأولى التي كانت معظمها دون تهم، والأخيرة التي تم التحقيق معه فيها عن شهادة نجله، في الوقت الذي كان نجله الآخر عاصم ينفذ عملية فدائية، قبل وفاة بطل الفيلم متأثرا بفيروس كورونا.
فرح الهودلي عندما رأى مشاهدي الفيلم من أهل بطل القصة في العرض التجريبي، يخرجون بدموع منهمرة وحزن شديد، إذ فتح لهم جروحا وآلاما خاصة مع مشاهد استشهاد صالح، وامتزج ذلك مع شعورهم بالعز والفخر بنشوة انتصار أبو عاصف.
قيمة فنية ووطنية
ويقول مخرج الفيلم الفلسطيني بشار النجار، إن نص القصة كان له قيمة فنية ووطنية عالية، واحتاج للتحضير تحت ظروف إنتاجية صعبة، لأن الإنتاج السينمائي الفلسطيني يعاني من شح في الموارد بشكل كبير.
كان صعبا حصر تفاصيل حياة مناضل لمدة 60 عاما في 50 دقيقة، وفق النجار، لذلك تم اختيار أبرز المحطات، فالتفاصيل الموجودة يمكن جعلها مسلسلا من 30 حلقة على الأقل. فصاحب القصة أسير ووالد شهيد ومن ثم والد أسير فدائي، وضحى بحياته في سبيل قضيته.
عمل المخرج النجار على إظهار خطوط درامية لخدمة قصة الفيلم، الذي تم إنجاز تصويره ومونتاجه في 30 يوما، بمساعدة الأمن الفلسطيني الذي قدم اللباس العسكري والسلاح لنقل تفاصيل الفيلم وفق السيناريو الموضوع.
محتوى نقي
ويرى النجار في حديثه للجزيرة نت، أن الشعب الفلسطيني مليء بالقامات الوطنية التي تستحق أن تطرح قصصهم في الأفلام والمسلسلات والكتب، خاصة مع وجود تهميش ممنهج للقضية الوطنية الفلسطينية، في ظل عدم الاهتمام الرسمي بهذه الرسائل التي تُطرح في الأعمال الفنية.
ويسعى النجار إلى إنجاز أعمال فنية متواصلة وغير منقطعة، للفت انتباه الفضائيات العربية والأجنبية إلى المحتوى الفلسطيني، للارتقاء بمستوى الدراما والسينما الفلسطينيتين، في ظل وجود أعمال مشوهة لا تمتّ للمجتمع الفلسطيني بصلة.
ولأن هذا النوع من الأعمال الدرامية تصف البيئة الفلسطينية النقية، وتخلق وعيا للمشاهد، وتساعده على الأقل في خلق انتصار نفسي على محتليه، كان لا بد من تكرار مثل هذه الأعمال الفنية والتثقيفية، وفق النجار.