"بنات صالح" يحصد أعلى المشاهدات.. هل اقتُبست أحداثه من مسلسل مصري؟
الوقائع الاخبارية : لم يحقّق أيّ مسلسل عراقي مشاهدة عالية أو حتى قبولا منذ مدة طويلة، لكن المسلسل الرمضاني "بنات صالح" كسر القاعدة، وحقّق نسبة مشاهدات عالية رغم شبهة اقتباسه من مسلسل مصري قديم "لا يا ابنتي العزيزة" من بطولة الممثل الراحل عبد المنعم مدبولي.
المسلسل من تأليف ندى عماد خليل، وإخراج المخرج السوري إياد نحاس، ويشارك في بطولته، إضافة إلى محمد هاشم وزهور علاء، كل من ستار خضير وبراء الزبيدي وشروق الحسن وإياد الطائي وفلاح إبراهيم وناظم زاهي ورضا طارش وبيداء رشيد وغيرهم.
وتدور أحداث مسلسل "بنات صالح" حول رجل يتّهم بجريمة قتل ويزج في السجن، وهو الممثل محمد هاشم، الذي يؤدّي دور "صالح"، لكن الأم فاتن (الممثلة زهور علاء) تخبر بناتها أن والدهن توفي بعد أن تحصلت على الطلاق منه، لتتزوّج من رجل ثري، ولكن بعد 20 عاما يخرج الأب من السجن، لتبدأ الأحداث الدرامية في معالجة الجريمة والبراءة والبحث عن عائلته.
تفاعل واسع
أمام هذا الصراع الاجتماعي، تفاعل الجمهور العراقي مع استمرار عرض الحلقات، حتى كاد يكون المسلسل الأول الذي تتم متابعته.
يقول بطل المسلسل الفنان محمد هاشم للجزيرة نت إن مسلسل "بنات صالح" يعدّ نقلة نوعية لمسيرته الفنية كونه أوّل بطولة مطلقة ومرحلة جديدة من الناحية العمرية لأداء دور الأب، ويضيف أن المسلسل "أثّر بشكل إيجابي وحقّق نجاحا كبيرا على مستوى الشارع ومواقع التواصل الاجتماعي، فقد زادت مشاهدته عن 150 مليون متابع"، ويشير إلى أنه لم يحقّق مشاهدة عراقية فحسب، بل "هو متابع بقوة في الكويت والسعودية والإمارات".
ويعود السبب، بحسب الفنان هاشم، إلى أن المسلسل "يعالج موضوعا إنسانيا واجتماعيا قريبا من الذائقة العراقية"، وعمّا قيل بأنه مقتبس من مسلسل مصري أكد أنه "لم يقتبس كون الأحداث الاجتماعية متشابهة سواء في العراق أو مصر، لكن السيناريو والمعالجة مختلفة جدا والنهاية مختلفة"، مستدركا "حتى لو كان مأخوذا عن المسلسل المصري فنحن قدمناه بحسّ وألم عراقي وبيئة عراقية".
جدل وتناص
لا يوجد شيء باتفاق كامل، ومسألة الفن تعد واحدة من أمور السجال والبحث عن المفارقات والسلبيات وما هو خارج البيئة العراقية. ومسلسل "بنات صالح" كان خارج المألوف العراقي، إذ حقّق النجاح ويتابعه الكثير بقلق عاطفي وحتى ببكاء كلما اشتد الصراع.
يقول الناقد العراقي حسين علي هارف إن المسلسل "تعرّض إلى آراء متباينة مثيرا جدلا في الأوساط الفنية وأوساط الجمهور، لكنه بغض النظر عما يمكن تسجيله من ملاحظات سلبية ومكامن خلل في السيناريو أو المعالجة الإخراجية، فلا يمكن تجاهل ما حظي به من اهتمام ونسبة مشاهدة من الجمهور العراقي الذي عبّر عن إعجابه واهتمامه واستمتاعه بهذا العمل".
ويرى هارف أن سرّ تميز المسلسل يأتي من قوة السيناريو والنص والمعالجة الإخراجية، فضلا عن حضور الممثلين الإبداعي.
وعن الاقتباس من مسلسل مصري، يقول الناقد إن "التناص الذي قد يكون تحقّق لا يقلّل من شأن ما حقّقه المسلسل الذي كان مقنعا كما يبدو"، موضحا أن "أجيالا كثيرة لا تتذكّر ولم تشهد المسلسل المصري القديم، لذا فالموضوع رهن طبيعة المعالجة الجديدة والتوظيف والإقناع".
واعتبر أن مسألة الاقتباس والتناص باتت تكتسب شرعيتها من عدم الوقوع في الاستنساخ المسطح غير المقنع والمفضوح.
صراع العاطفة
من جهته يرى الكاتب والروائي حسن عبد الرزاق أن واحدة من أهم أسباب نجاح المسلسل هو تعامله مع الواقع الاجتماعي الذي يحصل في العراق بعد الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، وهو ما يؤدّي إلى قبول المشاهدة على عكس المسلسلات الأخرى التي ضعف فيها الصراع الاجتماعي.
ويقول عبد الرزاق إن "المسلسلات ذات الطابع الاجتماعي العاطفي أكثر جذبا من سواها كونها تقترب من تفاصيل حياته الشخصية"، وهي "ليست ظرفية ولا ترتبط بأحداث زائلة"، ويرى أن المسلسل "من النمط الذي يقبل عليه المشاهد بلهفة لما فيه من ظلم يقع على الشخصية الرئيسية، وهو ما يدفع للتعاطف مع المظلوم وانتظار لحظة الانتصار".
وعن التقييم الفني للمسلسل، يرى الكاتب أنه "لا توجد مؤاخذة على مستوى الأداء رغم الميل إلى المبالغة في استخدام التعبير في الوجوه ولغة العيون بالذات خلال الكثير من المشاهد"، ويشير إلى أن من حسنات الإخراج مراعاة الجماليات البصرية التي تعد من أهم أسباب نجاح أيّ عمل فني، والتركّيز على رصانة الأداء وتقديم مشاهد رشيقة غير مترهلة رغم تكرار بعضها بصيغ مختلفة".
وعن الاقتباس من مسلسل مصري قديم، قال عبد الرزاق "كان لا بد من الإشارة إلى المصدر الأساسي الذي تم الاقتباس منه كونها مصادرة لجهود الآخرين، وهو ما يوحي بوجود خواء إبداعي وعدم القدرة على الابتكار".