عقب الحرب الروسية الأوكرانية.. إيران تشكو زيادة تهريب الخبز والقمح إلى دول الجوار
الوقائع الاخبارية : في مشاهد غير معهودة في بلد سبق أن أعلن تحقيقه الاكتفاء الذاتي في إنتاج القمح، شهدت بعض المدن الإيرانية في المدة الماضية لا سيما في المحافظات الحدودية طوابير طويلة أمام المخابز للحصول على خبز بأسعار تبلغ 3 أضعاف سعره الرسمي، بعد أن اعتاد المواطن اقتناءه رخيصا طوال عقود.
وتوالت الأنباء الواردة عن نفاد الخبز في محافظات سيستان وبلوشستان (جنوب شرق) وخراسان الرضوية (شمال شرق) وأردبيل وأذربيجان الشرقية (شمال غرب) وصولا إلى محافظة كردستان (غرب)، وتزامنت مع نشر تقارير عن إلقاء القبض على شاحنات كانت تهرّب هذه المادة الغذائية إلى خارج البلاد.
وما إن كشف علي شريعتي، عضو مجلس إدارة الغرفة الإيرانية للتجارة والصناعة، عن وجود عملية منظمة لتهريب الخبز عبر شاحنات من مدينة زابل بمحافظة سيستان وبلوشستان الإيرانية إلى ولاية نيمروز الأفغانية، أعلنت الشرطة الإيرانية توقيف 4 شاحنات كانت تهرّب أكثر من 86 طنا من القمح في محافظة زنجان وسط البلاد، في حين نقلت الصحافة الإيرانية تقارير عن توقيف شحنات أخرى من الخبز والقمح المهرب.
عصابات تهريب
رسميا، وجّهت السلطات الرسمية أصابع الاتهام إلى عصابات التهريب، وتحدثت على لسان علي رضا شاه ميرزائي معاون شؤون التجارة والخدمات في وزارة الصناعة والتجارة أن الطريقة الحالية لتوزيع الدعم الحكومي من أجل توفير السلع الأساسية تصبّ في مصلحة فئة محددة تقوم بسرقة القمح والخبز الرخيص من موائد عامة الشعب.
من جانبه، أوضح رئيس جمعية الصناعات الغذائية الإيرانية محمد رضا مرتضوي أن معدل استهلاك السلع المدعومة من قبل الحكومة -لا سيما الخبز- في المحافظات الحدودية مرتفع جدا مقارنة مع المحافظات الأخرى التي تتناسب معها في عدد السكان، متهما جهات داخلية متنفذة بمساعدة عصابات التهريب.
ويحذر مراقبون في إيران من أن استمرار تهريب القمح والخبز إلى الخارج، إلى جانب تصدير مشتقات القمح المدعوم من قبل الحكومة مثل المعكرونة سيعرض البلاد لأزمة في تأمين القمح، لا سيما في ظل ارتفاع سعره عالميا عقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.
التحدي القديم
من ناحيته، يرى رئيس تحرير الشؤون الاقتصادية بوكالة "مهر" محمد حسين سيف اللهي أن ظاهرة تهريب القمح للخارج ليست جديدة في إيران بسبب الأسعار المرتفعة وراء الحدود، إلا أن الحرب الروسية الأوكرانية والخشية من النقص الحاد بمخزون القمح لدى العديد من الدول رفعت الأسعار إلى أضعاف الثمن المخصص للقمح في الداخل الإيراني.
ورأى سيف اللهي -في حديثه للجزيرة نت- أن معالجة أزمة الخبز بحاجة إلى عزم الحكومة لقطع الطريق على تهريب القمح والخبز من جهة، والحيلولة دون سرقة الدعم الحكومي المقدم للسلع الأساسية من جهة أخرى.
وأوضح أن العديد من مواطني دول الجوار بالقرب من الحدود الإيرانية اعتادوا شراء حاجاتهم اليومية من الأسواق الإيرانية القريبة منهم؛ وذلك يعني أن جزءا لا بأس به من الدعم الحكومي على السلع الأساسية لا يصل إلى مائدة المواطن الإيراني، وعليه ينبغي تحرير أسعار السلع الأساسية في الأسواق الحدودية.
وأشار رئيس تحرير الشؤون الاقتصادية بوكالة "مهر" الإيرانية إلى أن جزءا آخر من القمح التي تستورده الحكومة بالعملة المرجحة (الدولار يعادل 42 ألف ريال إيراني) يخرج من البلاد عبر تصدير المعكرونة والكعك والحلويات بأسعار أقل من ثمن شرائه من الخارج.
وشدد على ضرورة تعديل السياسة التجارية في البلاد لمنع تصدير السلع المنتجة بالمواد الأولية المدعومة من قبل الحكومة، ورأى في تحرير أسعار المواد الغذائية في البلاد حلًّا للحد من ظاهرة تهريب المواد الغذائية للخارج عبر شتى الطرق، على أن يتم تسديد الدعم الحكومي إلى المواطن مباشرة.
تأمين القمح للمواطن الإيراني
وكانت إيران قد استوردت أكثر من 7 ملايين طن من القمح، إلى جانب إنتاج البلاد الذي يبلغ نحو 9 ملايين طن في العام الإيراني الماضي (انتهى 20 مارس/آذار الماضي)، وفق المتحدث باسم مصلحة الجمارك الإيرانية روح الله لطيفي.
وأوضح لطيفي، للجزيرة نت، أن الحكومة الإيرانية رفعت تسعيرة كل كيلوغرام من القمح الداخلي بنسبة 50% في الفترة الماضية، وتشتري كل كيلوغرام بقيمة 115 ألف ريال (2.72 دولار) من المزارع الإيراني في العام الجاري، ليتناسب والسعر العالمي للقمح ويمنع تهريبه للخارج.
ومع استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا باعتبارهما أكبر منتجي القمح على مستوى العالم، وتناقص مخزون القمح في العديد من دول العالم، الذي أدى إلى ارتفاع أسعار هذه المادة الغذائية، تواصل إيران استيراد حاجاتها من القمح عبر العملة المرجحة، وفق المتحدث باسم مصلحة الجمارك الإيرانية.
وأوضح لطيفي أنه لا خشية على تأمين القمح للمواطن الإيراني في ضوء الكميات المتوفرة منه في البلاد، مؤكدا أن الحكومة الإيرانية تستهدف رفع إنتاج القمح في البلاد في العام الحالي رغم أزمة شحّ المياه التي تعاني منها في السنوات الماضية.