لماذا يموت لاعبو كرة القدم فجأة في الملاعب؟

الوقائع الاخبارية : شهدت ملاعب كرة القدم وفاة العديد من اللاعبين بشكل مفاجئ بسبب ما عرف بـ"متلازمة الموت المفاجئ"، ما يثير تساؤلات عن أسباب هذه الظاهرة وفرص اكتشاف الحالات مبكرا من أجل إنقاذ المصابين.

وذكر تقرير لموقع "أميغو كوراثون" (amigocorazon) الإسباني أن عالم كرة القدم أعلن حالة الحداد سنة 2016 بعد وفاة كل من باتريك إيكينغ وبرناردو ريبيرو في أرض الملعب بسبب قصور في القلب.

وأوضح الموقع أن العالم استحضر حينها حالات وفاة مشابهة لما حدث مع اللاعبَين الشابين، ولعل واحدة من أكثر الحوادث التي نتذكرها هي وفاة الكاميروني مارك فيفيان فوي عام 2003 خلال مباراة في كأس القارات ضد منتخب كولومبيا.

وبيّن الموقع أن لاعبين آخرين توفوا بنفس الطريقة مثل الإسباني أنتونيو بويرتا عام 2007، والمجري ميكلوس فيهر عام 2004، إضافة إلى الإيطالي بييرماريو موروسيني عام 2012، والبلجيكي غريغوري ميرتنز أو القبرصي ميشاليس مايكل، من بين حالات أخرى.

ووفق الموقع؛ فقد عانى بعض لاعبي كرة القدم من متلازمة الموت المفاجئ، وهو مصطلح شامل لعدد من الحالات التي تسبب السكتة القلبية لدى الشباب، وعادة ما تكون الخصائص التي تؤدي إلى هذه الحالات أكثر حدة عندما تقترن بتمارين بدنية مكثفة.

وأوصى الدكتور نوربرتو ديباغ، الرائد في التدريب على الإنعاش القلبي الرئوي والوقاية من الموت المفاجئ في فرق كرة القدم، بأن "التوعية هي الوقاية".

ولفت الموقع إلى أن هذا الطبيب أجرى منذ عام 2005 دورات سنوية مع الفريق الأول لنادي أتلتيكو أتلانتا الأرجنتيني، الكيان الوحيد في العالم الذي يتلقى فيه جميع لاعبي كرة القدم المحترفين معلومات حول كيفية التصرف في مواجهة المواقف الصعبة في ميدان اللعب.

تجربة ناجحة
وكانت التجربة ناجحة للغاية لدرجة أن أندية مثل كيلميس البرازيلي ولانوس الأرجنتيني قررت استدعاء الدكتور ديباغ من أجل إعادة تقديم هذه الفصول مع لاعبيها، ويتمثّل الهدف من هذه الدورات في أن يكون لدى أبطال اللعبة أنفسهم معرفة أساسية وحاسمة في نفس الوقت للمضي قدما بسرعة إذا تعرض أحد الزملاء لحدث قلبي على أرض الملعب.

وكما أوضح الدكتور ديباغ؛ في إطار دورة الإنعاش القلبي الرئوي المفتوحة للمجتمع، والتي عقدت في مقر فريق فيلا كريسبو أن "الموت المفاجئ في الرياضة هو حدث غير متوقع، يحدث فجأة، في مجال يفترض أنه صحي، ويحدث هذا الأمر بسبب قصور القلب في 90% من الحالات، ويحدث هذا بدون إصابة سابقة".

ونقل الموقع عن الدكتورة هيلاري جونز، الخبيرة بهذا الموضوع في إنجلترا، قولها إن "ممارسة الرياضات القوية يمكن أن تكشف عن إصابة كامنة لم يقع تشخيصها"، مشيرة إلى أنه "عندما نرى شخصا مصابا بنزيف تحت العنكبوتية (في الدماغ)، أو سكتة دماغية مفاجئة في الملعب؛ نصاب بحالة صدمة، كما هو الحال عندما يعاني شخص ما من سكتة قلبية. هذه الأحداث ليست شائعة؛ خاصة في صفوف الرياضيين، لكنها ليست نادرة أيضا".

وتابع الموقع مع جونز التي قالت إنه في المملكة المتحدة يموت 12 شابا دون سن 35 عاما كل أسبوع بسبب أمراض القلب غير المشخصة، لكن واحد فقط من كل 45 ألف رياضي سيعاني من مثل هذه الوفاة.

هل يمكن منع ذلك؟
ويعود الموقع لتصريحات الطبيب نوربرتو ديباغ، حيث قال "يمكن منع الموت المفاجئ، لكن لا يمكن تجنبه"، موضحا أنه منذ عام 2004، تطلب الفيفا 3 نقاط لمنح تصريح طبي للاعب محترف: فحص طبي متسق قبل المنافسة يتمثل في استجواب تظهر فيه الأعراض والتاريخ العائلي، وفحص طبي للقلب، وتخطيط كهربائي للقلب، وإذا كان الأخير غير طبيعي أو يسجل أي تغيير؛ يمكن للهيئات المعنية اختيار إجراء تخطيط صدى القلب أو اختبارات الإجهاد أو الخضوع لكاميرا "أشعة غاما" لتعميق التشخيص.

ويرى تشاندان ديفيردي، طبيب القلب الذي يعمل في مستشفى جامعة إيموري الأميركية، أنه "في الدوري الإنجليزي الممتاز، على سبيل المثال، يجب أن يخضع جميع اللاعبين الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و18 عاما من الأندية الأعضاء لفحص أمراض القلب ثم الخضوع للمتابعة في وقت مبكر من حياتهم المهنية قدر الإمكان، وفي أسرع وقت ممكن فضلا عن إجراء المزيد من الفحوصات أخرى إذا أظهرت الفحوصات الطبية السنوية نتائج تستدعي المزيد من الفحص".

وينوه الموقع إلى أنه على الرغم من وجود العديد من حالات الموت المفاجئ في السنوات الأخيرة؛ إلا أنه كانت هناك أيضا حالات مشجعة توضح كيف أصبح جهاز إزالة الرجفان الخارجي الآلي عنصرا أساسيا في التعامل مع المواقف الحرجة؛ ففي عام 2010، تعرض لاعب ميغيل غارسيا سالامانكا لأزمة قلبية على أرض الملعب وتمكن من استعادة نشاطه بفضل الإجراءات السريعة للأطباء، وحدث الشيء نفسه مع الكونغولي فابريس موامبا لاعب بولتون الإنجليزي، عندما أصيب بنوبة قلبية أثناء مباراة لفريقه في عام 2012، واضطر كلا اللاعبين إلى ترك النشاط الاحترافي، لكن تم إنقاذ حياتهما.

ويختتم الموقع التقرير مع قول ديباغ "في غضون 4 دقائق من حدوث السكتة؛ هناك فرصة بنسبة 75 إلى 80% لإنقاذ الشخص. ومقابل كل دقيقة ضائعة؛ هناك فرصة أقل بنسبة 10% وفرصة لحدوث تلف في الدماغ. من المهم إجراء الإنعاش القلبي الرئوي في أسرع وقت ممكن، وهذا هو السبب في أنه من المهم للاعبين والحكام معرفة من هم الأقرب منهم وكذلك المدربين، وحاملي النقالات الذين يحملون المصابين".